- الإعلانات -

- الإعلانات -

أي علاقة بين الدولة والمجتمع؟

نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، فرع تونس، اليوم الثلاثاء، بالتعاون مع مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية ندوة بمناسبة قرب مرور عشر سنوات على الثورة، تحت شعار “الثورة التونسية: أي علاقة بين الدولة والمجتمع”، بحضور رئيس البرلمان راشد الغنوشي والرئيس السابق للمجلس التأسيسي (النواب حاليا) مصطفى بن جعفر والعديد من الشخصيات السياسية والباحثين.وقال الغنوشي في مداخلته إن “السؤال حول ماذا تغير بعد الثورة يحيلنا إلى الحديث عن الثورة التي حصلت في لحظة فارقة في تاريخ تونس، لحظة بلغ فيها التناقض حده، وهو تغيير عبر عن ذكاء الشعب لأن التكاليف التي دفعت مقارنة بتجارب الربيع العربي تعتبر ضئيلة”، مبينا أنه “رغم كل التضحيات التي قدمت والتي لا ينكرها أحد إلا أن الثمن كان زهيدا”.وأضاف أنه رغم مطالب حل البرلمان حاليا إلا أن عديد الفئات استفادت من الثورة ومن حرية التعبير وبالتالي يحق للتونسيين الاحتفال بثورتهم، مشدداً على أن “هذه الذكرى العاشرة ستكون فرصة للترحم على شهداء الثورة، وتمني الشفاء للجرحى منهم”. وبين أنه “ليس من السهل العيش وسط مناخ إقليمي متقلب ومتغير، ولكن يجب الاحتفاظ بشعلة الثورة، فالتونسيون ليسوا مهددين بالأمن بل سيكونون مهددين بغيابه”، مشيرا إلى أن “هناك حاجة للدولة وهي الراعية للشعب وتركض وراء المجتمع لإرضائه”.ولفت الغنوشي إلى أن “تونس عرفت انتخابات نزيهة ومطلوب اليوم استكمال المسار وإرساء المحكمة الدستورية”، قبل أن يضيف: “هناك اتجاه نحو اللامركزية وكلما جدت صعوبات كلما زادت الحاجة وتعالت المطالب والأصوات المطالبة بالتنمية”.ونبه إلى أنه “لا يجب التركيز على طبيعة النظام بل على الخلل لأن عدم اللجوء إلى نظام برلماني كامل وهذا الخلط هو الذي خلق صعوبات في السلطة، فهناك ثمن يدفع للعقلية التوافقية”.

الأستاذ راشد الغنوشي: بعد عشر سنوات من تاريخ الثورة وبعد ست مناسبات انتخابية كبرى، نحتاج ان نفكر مع وبروح تشاركية في موضوع الانتخاب وما يمكن ان يُطرح حولها من أسئلة تمس النزاهة والشفافية وسبل ادارتها بكل حيادية وموضوعية pic.twitter.com/9YUTkYU0BY
— Rached Ghannouchi (@R_Ghannouchi) January 12, 2021

وبين الغنوشي أن تونس تحتاج اليوم إلى تطوير النظام الانتخابي، لكنه لفت إلى أن العلاقة بين الدولة والمجتمع لا تزال في حالة تشكل، مضيفا أن الثورة التونسية حررت الشعب وجعلت عديد الفئات المهمشة تطمح إلى مزيد من الحقوق والتنمية. ومضى قائلا: “رغم الشعبوية والحديث عن إحباط، وحنين البعض للماضي، ورغم محاولات إدانة البرلمان ومؤسسات الحكم إلا أنها شعبويات تدل على أنه لا يزال هناك بون شاسع بين ما أنجز وما سينجز، صحيح أن ما تحقق ليس مثاليا ولكن المطلوب مزيد من الديمقراطية وليس الإنقاص منها، فالدولة تكون قوية بالتزامها بالحقوق وقربها من الناس”.

وفي تصريح لـ”العربي الجديد” على هامش الندوة، قال الغنوشي إن “الثورة التونسية سلمية، وقد تمكن التونسيون من المحافظة عليها بعد 10 سنوات”، مضيفا: “إننا مقبلون على عشرية جديدة والثورة توفر الظروف للبناء وتحقيق التنمية والمطالب الاقتصادية والاجتماعية”. من جهته، قال رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية، رفيق عبد السلام، إن “العديد من الأسئلة تطرح حول دور الدولة وعلاقتها بالمجتمع ومجالات تدخلها”، مشيرا إلى أن “الدولة كيان راسخ تكونت منذ عدة قرون وقد اتسع حضور الدولة، ولكن هناك شعورا لدى التونسيين اليوم بأنها أصيبت بالوهن والضعف”.وأوضح أن من “مظاهر ذلك صعود الاحتجاجات والإضرابات والاستخفاف بالدولة ولكن رغم مخاوف النخبة فإن دولة ما بعد الثورة هي بصدد تصحيح علاقتها بالمجتمع”.

وفي تصريح لـ “العربي الجديد” أكد عبد السلام أنه “يمكن القول إن التجربة التونسية بعد مضي 10 أعوام على الثورة حققت مكاسب”، مشيرا إلى أن “المنجزات كانت على الصعيد السياسي وإنجاز دستور للبلاد ولكن لا بد من أن يرافق الانتقال تطور على المستوى التنموي والاقتصادي والاجتماعي ولكن عموما التجربة التونسية في مسارها الصحيح”. وبين أن “العلاقة بصدد التصحيح رغم ارتفاع سقف المطالب والاحتجاجات”، لافتا إلى أن “الثقافة السياسية لدى النخبة لم تتطور بنفس المسافة فهناك هوة بين وعي النخبة والممارسة والدولة”.

بدوره، يرى الرئيس السابق للمجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، أن “الاحتفاء بمرور 10 أعوام على الثورة يبعث على الاعتزاز بالثورة مقارنة بما حصل في عديد الدول التي مرت بنفس التجربة وأنه رغم كل ما يثار من صعوبات وتعثرات فإنه يمكن اعتبار أن الشعب التونسي، بنخبته ونقابييه وسياسييه، تمكن من تجاوز الأزمات التي كانت تهدد الانتقال الديمقراطي وتهدد صعوبة التجربة الديمقراطية”.وشدد على أن “عملية تجاوزها كشفت قدرة التونسيين على التفاوض، وهناك خصوصية تونسية فريدة جعلت التجربة التونسية صامدة”.وأفاد بأن “هناك مناخا عاما يبعث على الحيرة عموما فالثورة قامت من أجل الكرامة ولكن هذه الكرامة يتم السعي لتجسيدها، فبعد نشوة الثورة فإن عديد النخب ظنت أن كل المشاكل ستحل سريعا وأنه سيتم تقليص التفاوت بين الجهات، وهي طموحات عالية جدا ولكن كل التجارب التاريخية تؤكد أن المسار طويل وأنه لا يجب الاستسلام”.وبين أن “السؤال اليوم هو هل كان بالإمكان أفضل مما تحقق؟ والإجابة نعم على مستوى ترتيب البيت وإصلاح العملية الانتخابية والقانون الانتخابي والذي كان يجب أن يتم منذ 2014”.  إلى ذلك، أكد رئيس المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس، مهدي مبروك أن “الدولة لم يكن ينظر إليها على أنها ركن استقرار بل كخصم حيث تتالت الاحتجاجات والمطالب إلى أن بلغ السجال حد التوتر”، مضيفا أن الوضع يقتضي استعادة التوازن بعيدا عن منطق الدولة المستبدة، وأن مصطلح الدولة يثير الكثير من الجدل، إذ لا يمكن للدولة أن تواصل سياسة المقايضات لأن هذا لا يليق بالثورة.وبين مبروك في تصريح لـ “العربي الجديد” أن “العلاقة بين الدولة والمجتمع هي علاقة مركبة ولكن يمكن تبين بعض ملامح هذه العلاقة وهي ضعف الدولة وتعنت المجتمع وهناك تصورات مبالغ فيها وكأن الدولة تملك عصا سحرية لحل جميع المشكلات”.وتابع أن “الإحساس بالمظلومية وتر العلاقة بين الدولة والمجتمع وكلما بدت الدولة غير قادرة على إيجاد حلول فكانت تتنازل أحيانا لصالح المجتمع، ويحاول المجتمع افتكاك بعض صلاحيات الدولة ومن هنا يكمن الخطر فتفشل الدولة”. 

بدوره، قال الباحث والمحلل السياسي عبد اللطيف الهرماسي إن “تدخل الدولة في المجتمع الاجتماعي خلق لها أعداء وكان على الدولة منذ الثمانينيات إقرار تعديلات تعزز دورها التنموي، فهناك منظومة زبائنية تشكلت وكانت وراء سياستها الاستئصالية، وهو ما خلق حالة من الهشاشة والهامشية للشباب وأدى إلى الثورة التونسية”.ولاحظ أن التونسيين وإن لم يكونوا مهيئين للثورة ولكن بفرار الرئيس الراحل زين العابدين بن علي تفجرت عديد المطالب ونادى الشباب بالتشغيل منذ 2011 والجهات بالتنمية.

المصدر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد