إقالة وزير الداخلية التونسي تمهد لتعديل وزاري أوسع |
تونس- أقال رئيس الحكومة التونسية، الثلاثاء، وزير الداخلية توفيق شرف الدين، المقرب من الرئيس قيس سعيد، في خطوة تظهر عمق الصراع بين رأسي السلطة في البلاد.
وقال بيان مقتضب لرئاسة الحكومة إن “رئيس الحكومة هشام المشيشي قرر إعفاء وزير الداخلية على أن يتولى السيد رئيس الحكومة الإشراف على الوزارة بالنيابة في انتظار تعيين وزير داخلية”، دون أن يكشف أسباب الإقالة.
وعبرت أحزاب سياسية عن رفضها تعيين المحامي السابق توفيق شرف الدين وزيرا للداخلية في حكومة المشيشي خلال تشكيلها في أواخر أغسطس الفائت، واعتبرت أنه من المقربين من الرئيس قيس سعيّد وساعده في حملته الانتخابية.
غازي الشواشي: المشيشي رضخ لابتزازات الترويكا الحاكمة
ودعت أحزاب سياسية مؤيدة لحكومة التكنوقراط -من بينها حزب قلب تونس- مؤخرا إلى إحداث تعديلات في الفريق الحكومي. ويرى متابعون أن الإقالة تأتي كاستجابة للضغوط التي تقف وراءها الترويكا الحاكمة في البلد (قلب تونس – حركة النهضة – ائتلاف الكرامة).
وتضغط الترويكا الحاكمة من أجل إجراء تعديل وزاري يُستبعد فيه وزراء محسوبون على الرئيس خاصة في الوزارات السيادية، وتعزيز الفريق الحكومي بوزراء مدعومين من الأحزاب الحاكمة.
وأفاد الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، بأنه “في ظرف ثلاثة أشهر نجد إقالة لثلاثة وزراء ووزيرا في السجن، في وقت تمر فيه البلاد بجائحة واحتقان اجتماعي وإرهاب يتربص بنا”.
وأضاف الشواشي في تصريح لـ”العرب” أن “المشيشي يعلم أن وزير الداخلية قريب من الرئيس وسيضع نفسه في إحراج مع الرئيس سعيّد”، متسائلا “هل تشاور معه الرئيس أم لا؟”.
ولم يستبعد الشواشي أن تدخل هذه الخطوة في إطار تصفية حسابات بإقالة وزراء محسوبين على الرئيس، وحسب رأيه من شأن هذا الإعفاء أن يعمق الصراع بين رأسي السلطة ويزيد من إضعاف رئيس الحكومة تجاه حزامه السياسي بعد أن رضخ لابتزازات الأحزاب الحاكمة”.
ووصف القيادي بالتيار الديمقراطي ما حدث بـ”رسالة سلبية للخارج بما أنها لا تستطيع أن تضمن استقرارا حكوميا، وخطوة من شأنها أن تضاعف التحديات والمتاعب”.
وتعيش تونس منذ أشهر أزمة سياسية غير معلنة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بسبب التحالفات السياسية، لكن الإقالة ستجعل على الأرجح الصراع معلنا بين الجانبين، وقد تؤدي إلى محاولات لإسقاط الحكومة.
ومن المتوقع أن يجري رئيس الحكومة في الفترة المقبلة تعديلا وزاريا جزئيا وسط مطالبات من الأحزاب التي تدعمه بإدخال وجوه سياسية في الحكومة، وهو ما ترفضه أحزاب المعارضة والرئاسة.
أحزاب سياسية مؤيدة لحكومة التكنوقراط دعت مؤخرا إلى إحداث تعديلات في الفريق الحكومي
وتضم حكومة المشيشي التي اختارها حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب السياسية 25 وزيرا و3 كتّاب دولة، وتتعرض لانتقادات حادة بسبب تواصل التجاذب السياسي والصورة السيئة للبرلمان على وقع تدني الخطاب بين الأحزاب، فيما لم تتمكن الحكومة من صياغة حلول جديدة للضائقة الاقتصادية والاجتماعية.
وإقالة وزير الداخلية هي الثالثة في حكومة المشيشي، وتأتي بعد إعفاء وتوقيف وزير البيئة مصطفى العروي في ديسمبر الفائت إثر شبهات فساد في ملف النفايات الآتية من إيطاليا، وإقالة وزير الثقافة وليد الزيدي المحسوب على الرئيس قيس سعيّد في أكتوبر. وتتزامن الإقالة مع أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية حادة.
وتعيش الطبقة السياسية تجاذبات وانقسامات منذ الانتخابات النيابية في 2019، بينما يتزايد التوتر الاجتماعي جرّاء تداعيات أزمة وباء كوفيد – 19 على الاقتصاد التونسي.
وتعيش بعض المحافظات الداخلية المهمشة اضطرابات اجتماعية، وقرر الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) تنفيذ إضراب عام في محافظة قفصة (وسط) الخميس للمطالبة بالتنمية وبسبب عدم إيفاء السلطات بوعود أطلقتها الحكومات السابقة. كما من المزمع أن ينفذ في صفاقس -ثاني أهم أكبر المحافظات- إضراب عام في 12 يناير الجاري.