احتجاجات في درنة تطالب بمحاسبة مسؤولين.. وتضاؤل آمال العثور على ناجين
احتج المئات في مدينة درنة بشرق ليبيا، الاثنين، تعبيرا عن غضبهم من السلطات، واقتحم متظاهرون منزل عميد بلدية المدينة السابق عبد المنعم الغيثي وقاموا بإحراقه، فيما لاتزال العائلات في المدينة تنتظر معرفة مصير المفقودين.
وطالب المحتجون بمحاسبة المسؤولين بعد أسبوع من مقتل الآلاف من سكان المدينة في سيول وفيضانات أتت على أحياء بأكملها، بمن فيهم رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، وذلك خلال المظاهرة أمام مسجد الصحابة بينما وقف البعض أعلى المسجد أمام قبته الذهبية التي تعد أحد معالم درنة.
وهتف المحتجون مطالبين برحيل صالح وتحقيق الوحدة الوطنية في بلد ممزق سياسيا بسبب الصراع والفوضى منذ ما يزيد عن عشر سنوات.
ويمثل احتجاج اليوم الاثنين أول مظاهرة كبيرة منذ وقوع السيول الجارفة والفيضانات التي اجتاحت درنة على أثر انهيار سدين خلال عاصفة قوية.
ولم يتحدد بعد العدد الإجمالي للقتلى، إذ لا يزال الآلاف في عداد المفقودين. وظهر تفاوت كبير في الأعداد التي أعلنها مسؤولون لكن منظمة الصحة العالمية أكدت حتى الآن وفاة 3922.
وتوقّعت وكالات تابعة للأمم المتحدة ومسؤولون ليبيون ارتفاع حصيلة القتلى. وقال الهلال الأحمر الليبي إنه أنشأ منصة لتسجيل المفقودين، داعيا السكان إلى تقديم معلومات عمن فُقد أثرهم.
وتقع درنة في شرق ليبيا الواقع تحت سيطرة القائد العسكري خليفة حفتر والذي تشرف عليه حكومة تشكلت بالتوازي مع الإدارة المعترف بها دوليا في طرابلس في الغرب.
وبعد أسبوع من كارثة فيضانات وسيول ضربت المدينة، لا تزال العائلات تحاول استيعاب حجم الخسائر الإنسانية والمادية الفادحة للكارثة ويعتصرها الحزن على من راحوا من أحبائهم بينما تطاردهم الهواجس بشأن مصير المفقودين المجهول.
وتحول وسط درنة إلى أرض قاحلة، وتنتشر الكلاب الضالة بين أكوام الحطام الموحلة التي كانت يوما من الأيام بنايات ومنازل. وتقف بعض المباني الأخرى بالكاد في مشهد غريب مستندة على طوابق أرضية دمرتها المياه تقريبا.
وقبل أسبوع، انهار سدان في المدينة تحت وطأة عاصفة عاتية وأمطار غزيرة مما أطلق سيلا ضخما من المياه صوب وادي نهر موسمي جاف يمر عبر وسط المدينة التي يقطنها نحو 120 ألف نسمة.
تضاؤل الآمال
ولم تفقد السلطات بعد الأمل في العثور على أحياء. وقال عثمان عبد الجليل وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا لرويترز عبر الهاتف إن آمال العثور على ناجين تتضاءل بشدة لكنه أكد أن جهود البحث ستتواصل للعثور على أي ناجين.
وأضاف أن الجهود تتركز حاليا على إنقاد أي ناج وانتشال الجثث من تحت الحطام ومن البحر أيضا بمشاركة العديد من الغطاسين وفرق الإنقاذ المتخصصة من دول أخرى.
والاثنين، سدت سيارات الإسعاف والشاحنات، التي تحمل الغذاء والماء والحفاضات والحشايا وغيرها من الإمدادات، الطرق المؤدية إلى درنة.
ورش رجال يرتدون ملابس بيضاء واقية من المواد الخطرة مطهرات ومواد للتعقيم من مضخات مثبته على شاحنات، وأخرى محمولة على الظهر حيث تأمل السلطات أن يساهم ذلك في منع انتشار الأمراض.
وقال المركز الليبي لمكافحة الأمراض في رسالة وجهها إلى السكان، “حرصا على سلامتكم، يمنع استخدام أو شرب المياه من الشبكة المحلية، لأنها ملوثة بمياه الفيضانات”.
وقال أكبر القطاني مدير إدارة البيئة في بنغازي إنهم يعقمون الشوارع والمساجد والملاجئ التي يقبع فيها المشردون من الكارثة وثلاجات الموتى والشوارع المنكوبة والجثث.
وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة خيرية: “أزمة الفيضانات تركت آلاف الأشخاص في منطقة درنة دون مياه شرب نظيفة وآمنة، مما يشكل تهديدا وشيكا على صحتهم وسلامتهم”.
وأضافت “المياه الملوثة يمكن أن تؤدي إلى انتشار الأمراض التي تنقلها المياه، مما يعرض الفئات الضعيفة من السكان، خاصة النساء والأطفال، لخطر متزايد”.
وأرسلت دول غربية ودول من المنطقة فرق إنقاذ ومستشفيات متنقلة. ولقي خمسة من عمال الإنقاذ اليونانيين، بينهم ثلاثة من أفراد القوات المسلحة، مصرعهم في حادث سيارة أمس الأحد.
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إن “فرقا من تسع وكالات تابعة للأمم المتحدة انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية على الأرض (في درنة ومدن أخرى) لتقديم المساعدات والدعم للمتضررين”.
وفي ميناء درنة، كان فريقا الإغاثة الليبي والإماراتي ينسّقان جهودهما من أجل انتشال جثث من البحر، وفق صحفية من وكالة فرانس برس في المكان.
وقال قائد الفريق الإماراتي “يُمنع منعًا باتًا مسك أي جثة أو فتح السيارات المغمورة تحت المياه” التي توجد فيها جثث على ما يبدو.
وأوضح أن مهمة اليوم تكمن في الغطس والبحث عن أي أجسام بشرية أو غير بشرية تحت المياه وربطها بحبال من بعيد للتمكن من سحبها بدون لمسها.
في الوقت نفسه، تعمل فرق غوص تركية وروسية على محاولة العثور على جثث في أماكن مختلفة من الميناء، حيث صبّت السيول الجارفة مع كل ما حملته في طريقها.
وتعرقلت جهود التعافي بسبب الفوضى في ليبيا، التي تحولت إلى دولة فاشلة منذ الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي في عام 2011 بدعم من حلف شمال الأطلسي.
وأعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن وكالاتها تعمل على تفادي انتشار الأمراض في مدينة درنة الليبية المنكوبة.
وقالت المنظمة الدولية إن مسؤولي وكالات الإغاثة “يساورهم القلق بشأن خطر تفشي الأمراض، خصوصا بسبب المياه الملوثة وغياب مستلزمات النظافة الصحية”.
أزمة مدمرة
وفي المدينة، شوهدت، الاثنين، جرافات وعمال يحاولون إزالة الوحول من باحة مسجد وسط رائحة كريهة، وفق ما أفادت مراسلة في وكالة فرانس برس.
ويتم يوميًا انتشال عشرات الجثث المطمورة تحت أنقاض الأحياء المدمرة أو التي جرفها البحر ودفنها في مشهد مروع.
وأعلنت حكومة طرابلس مباشرة العمل لبناء “جسر مؤقت” فوق الوادي الذي يعبر درنة، بعدما انقطعت الطرق بين ضفتي المدينة منذ جرفت الأمواج الجسور التي كانت تربطهما.
في الأثناء، يتوالى وصول المساعدات الدولية، وذكرت وسائل إعلام مصرية رسمية أن حاملة طائرات هليكوبتر مصرية ستكون بمثابة مستشفى ميداني وصلت الأحد إلى شرق ليبيا، وعلى متنها فرق إغاثة وإنقاذ.
والاثنين، أعلنت فرنسا التي نشرت مستشفى ميدانيا وأرسلت عمال إنقاذ إلى درنة، أنها ستخصص أيضا “4 ملايين يورو للأمم المتحدة للمساعدات الطارئة وإعادة الإعمار في ليبيا”.
وأعلن الاتحاد الأوروبي من جهته صرف 5,2 مليون يورو للمساعدات الإنسانية في ليبيا.
#احتجاجات #في #درنة #تطالب #بمحاسبة #مسؤولين. #وتضاؤل #آمال #العثور #على #ناجين
تابعوا Tunisactus على Google News