الاحتفاظ بنفوذ في أفريقيا وتأجيج الخلاف بين بلدان المغرب وأوروبا “رهان كبير” بالنسبة لأردوغان
نشرت في: 23/12/2020 – 15:41
وصف المؤرخ بيير فرمرين المتخصص في بلدان شمال أفريقيا في جامعة باريس-1، النفوذ التركي في ليبيا بأنه اقتصادي وسياسي وعسكري وتجاري، وفي تونس سياسي ودبلوماسي وتجاري وثقافي وديني، أما في الجزائر “فالأمر تجاري وثقافي”. وقال إنه بالنسبة للرئيس رجب طيب أردوغان، فإن “الاحتفاظ بنفوذ في أفريقيا وتأجيج الخلافات بين المغرب العربي وأوروبا، وفرنسا خصوصا، رهان كبير”.
قال المؤرخ بيير فرمرين المتخصص في بلدان شمال أفريقيا في جامعة باريس-1، في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية، إن تأثير تركيا في المنطقة يتزايد منذ الربيع العربي في 2011، موضحا أن أنقرة أصبحت “النموذج” الناجح لحركة “الإخوان المسلمون” المدفوع بسياسة الرئيس رجب طيب أردوغان لإحياء الامبراطورية العثمانية.ما هو وزن ورهان النفوذ التركي في المغرب العربي؟إنه “يتزايد” بسرعة منذ بضع سنوات وإن لم تكن الاتصالات معلنة دائما. في ليبيا، النفوذ اقتصادي وسياسي وعسكري وتجاري وقريبا نفطي. فالوصاية على الحكومة والمجموعات المسلحة والسياسية لجماعة “الإخوان المسلمون” في طرابلس قوية منذ أن أنقذتها تركيا عسكريا. وفي تونس، النفوذ سياسي ودبلوماسي وتجاري وثقافي وديني، وهو تدخل يثير استياء الكثير من التونسيين.أما في الجزائر فالأمر تجاري وثقافي، كما يبدو لي. نلاحظ أن أردوغان يتحدث عن جرائم جسيمة لفرنسا من خلال تضخيمها إلى أقصى حد، لذا فهو يلعب وتر العداء لفرنسا.وفي المغرب، هناك نموذج تركي تم نسيانه قليلا اليوم، باستثناء ما يتعلق بالتحالف بين التيار الديني المحافظ ورجال الأعمال، وهو أيضا حلم الحكم التكنوقراطي الاستبدادي والفعال.وبالنسبة لأردوغان، الاحتفاظ بنفوذ في أفريقيا وتأجيج الخلافات بين المغرب العربي وأوروبا، وفرنسا خصوصا، رهان كبير.وهذا أحد أسباب إهانة أردوغان للرئيس الفرنسي. فهو يريد أن يظهر كمدافع عن المسلمين والإسلام، وأن يجذب نحوه تعاطف المغرب العربي. منذ متى وكيف يتجلى هذا النفوذ، لا سيما “القوة الناعمة”؟ هل تمتلك أنقرة الوسائل لترسيخ مكانتها كشريك رئيسي لدول المغرب العربي على حساب الفاعلين التقليديين مثل فرنسا؟من الواضح أن هذا مرتبط بالسياسة الإمبريالية لأردوغان المبنية على إحياء العهد العثماني والقومية الإسلامية. وبدأ الأمر فعليا في 2011 في زمن “الربيع العربي” ، عندما اتضح أن تركيا أصبحت نموذجا وقائدا لـ”الإخوان المسلمون”.وفي 2020 ، تسارع النفوذ التركي بشكل مفاجئ وأصبح مباشرا مع التدخل في ليبيا، الأمر الذي يضع الجنود والمرتزقة الأتراك على خط تماس مع الجزائر وتونس.لكن نفوذها يعتمد بشكل كبير على القضايا الوطنية في كل بلد، والمعارضون لهذا التأثير موجودون في كل مكان.في ليبيا، أصبح وجود تركيا لا مفر منه، إنها “القوة الخشنة”. أما في باقي دول المغرب العربي، قد تكون “القوة ناعمة”، لكن مع وجود أسلحة اقتصادية ضخمة. فهي تهتم بالمال والأعمال لأسباب اقتصادية وسياسية في وقت واحد.لكن نظرا لانخفاض الناتج الداخلي، ليس لدى تركيا قدرة كبيرة على الاستثمار، لا سيما بالمقارنة مع ألمانيا ودول الخليج.لكن المشكلة تكمن في الوضع المأساوي في المنطقة المغاربية بعد قرابة عام من انتشار وباء كوفيد-19.فالوضع في هذه البلدان والاقتصادات ضعيفة لدرجة أنها يمكن أن تقبل أي عرض يقدم لها، خاصة فيما يتعلق بالتبادل التجاري والتمويل وما إلى ذلك.في المقابل، تبدو أوروبا منكفئة وقد أضعفتها أزمة كوفيد والأزمة الاقتصادية التي بدأت تظهر. لذلك من الواضح أن لدى تركيا فرصا يجب اغتنامها من أجل صناعاتها ومصارفها. بمعزل عن هذا، كيف نفسر جاذبية الخطاب التركي لدى الشباب المغاربي؟ بعد جمال عبد الناصر وصدام حسين وياسر عرفات وحسن نصر الله ومعمر القذافي وبشار الأسد، هناك الآن شخصية متوسطية أخرى تقدم نفسها كمدافع عن المسلمين والمهاجرين والسوريين… إلخ. إنها أردوغان.إنه نجاح معتبر لا يتوافق مع تأثير عميق خارج شبكات “الإخوان المسلمون” والإسلاميين بشكل عام.فلا أحد يتحدث التركية في المنطقة المغاربية، لكن يمكن الاعتماد على الشبكات التركية لتسويق نفسها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة والوجود الفعلي في تلك الدول.وفي منطقة تعاني من أزمة شديدة مع ملايين الشباب المغاربيين الذين لا أمل لديهم، يغذي سماع زعيم مسلم يقف في وجه أوروبا ويستفزها ويشن الحروب، روح الانتقام والانتماء الإسلامي. فرانس24/ أ ف ب