- الإعلانات -

- الإعلانات -

المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومعالجة الفقر والبطالة! | كتاب عمون

لا اعرف حقيقة لماذا “مشاريعهم الصغيرة” تنجح، ومشاريعنا الصغيرة لا تنجح!!! لا اريد ان أقول تفشل، لانني لا أؤمن بالفشل، وخاصة لنا تجارب عديدة بعدم النجاح على المستوى الاقتصادي والاستثماري والزراعي، ولا اريد ان اتحدث عن جوانب أخرى خاصة المجال التعليمي والصحي لان هذين الجانبين الأساس في تقدم الأمم والشعوب، فما دامت صحتنا بخير وتعليمنا يجاري التقدم العلمي والحضاري، فكافة الأمور الأخرى لا خوف عليها، فالأصل الصحة والتعليم. اطل عليما معالي الصديق المهندس سمير الحباشنة أبو الفهد بمقال منشور في صحيفة الراي الغراء ووكالة عمون الإخبارية الرائدة والمتميزة برئيس تحريرها ومحرريها وادارتها بمقال بعنوان: “التعاونيات… سبيلنا لنجاح المشاريع الصغيرة “. الامر الذي اخذني للحديث عن هذا الموضوع الحيوي والهام لإنعاش الاقتصاد الأردني الذي يعاني من تضخم وكساد. وكان لي تجربة واطلاع على تجربة العديد من الدول، وحاولت من خلال عملي الدبلوماسي في وزارة الخارجية التركيز على الاستفادة من تجارب هذه الدول في موضوع المنشأت الصغيرة والمتوسطة. كثيراً ما يتحدث المسؤولون سواء في الأردن او الدول الأخرى عن أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في التنمية وفي معالجة الفقر والبطالة، ورفد العاطلين عن العمل بعوائد مالية تجنبهم العوز أو البحث عن وظائف في القطاع العام، الذي ينوء بأحمال من الموظفين الزائدين عن الحاجة الفعلية، وهو أمر ينسحب أيضاً على القطاع الخاص.وفكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة فكرة رائدة وحيوية، وفي حال نجاحها فإن الأسر المعتمدة على صندوق المعونة الوطنية، يمكن لها أن تستقل مالياً أو على الأقل تحقق مداخيل تساعدها على مجابهة متطلبات الحياة المعيشية، وخاصة في ضؤ الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار. فقد تم تصنيف الأردن في المعايير الدولية بأنه من أغلى البلدان، مقارنةً بدول المنطقة، بحيث أن 90% من الأجور والرواتب تقريباً تقل عن 500 دينار، أي أنها بالكاد تغطي الحد الأدنى من متطلبات الحياة الأساسية.وبالعودة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فإن تقييم التجربة الأردنية بهذا الحقل مع الأسف، لم تكن موفقة ولم تعط ما هو مأمول منها، بل العكس فإن مردودها كان سلبياً.وتعود بي الذكرى لشهر نيسان ٢٠١٤ حيث استقبلت عمان وبمبادرة من غرفة صناعة الاردن انعقاد مؤتمراً اقليمياً هاماُ حول المشاريع الصغيرة و المتوسطة وبالتعاون مع اتحاد الصناعات الدنماركية و المعهد العربي للتخطيط و بمشاركة واسعة على المستوى المحلي و الاقليمي و الدولي . حيث ضم المؤتمر 230 مشاركاُ يمثلون أبرز المنظمات العربية والعالمية والمحلية التي تعنى بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، ويمثلون نحو 20 دولة عربية ودولية منها السعودية، الامارات، تونس، مصر، الجزائر، السودان، لبنان، عُمان، الكويت، البحرين، الدنمارك، إيطاليا، وبريطانيا.وجاء عقد هذا المؤتمر الهام بهدف خلق منبر للحوار حول الدور الهام الذي تلعبه غرف الصناعة والتجارة ومنظمات الأعمال من اجل دعم وازدهار المنشأت الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. و الخروج باستراتيجية واضحة لعمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال ما طرحه المشاركون على المستوى المحلي و الاقليمي و الدولي من خلال المحاور الغنية و التي طرحت على جدول اعمال المؤتمر و الذي استغرق يومين كاملين . وتضمن جدول الاعمال المحاور الرئيسية التالية:• المنشآت الصغيرة والمتوسطة• النموّ والتحديات• تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة• معالجة التحديات الرئيسية والخدمات غير التمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة• التمكين والإبداع و الطريق نحو المستقبلومن منطلق تعزيز الاقتصاد الاردني فقد اولت غرف الصناعة والتجارة في تلك الفقرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة اهتماما خاصاُ من خلال عقد هذا المؤتمر في عمان بهدف فتح افاق جديدة من خلال منظومة من الخدمات التمكينية المبتكرة والفعالة، لما لغرفتي صناعة الاردن وتجارة الاردن و القطاعات الاقتصادية الاردنية الداعمة بفرعيها الصناعي و التجاري والمشاركين في هذا المؤتمر الهام الدور الهام في رسم السياسات وعملية صنع القرارات العملية والمفيدة نحو تحقيق مصلحة الاقتصاد الوطني من خلال تطور المنشآت الصغيرة والمتوسطة و نجاحها .وكما هو معلوم في اقتصاديات الدول فان المنشأت الصغيرة والمتوسطة تعتبر العمود الفقري للقطاع الخاص والعامل الاساسي لخلق فرص العمل والإبداع ومحاربة الفقر والبطالة والرافد الرئيسي للاقتصاد الوطني والدخل القومي وانعكاس ذلك على التنمية الاقتصادية المستدامة وخاصة في القطاعين الصناعي والتجاري. الا ان هذه المنشأت تواجه بعض العقبات والتحديات وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بعكس التطور الكبير الحاصل في مجال المنشأت الصغيرة والمتوسطة في الدول الاوروبية وخاصة في اوروبا ودول الامريكيتين والدول الاسيوية. وقد أدركت العديد من الدول اهمية دعم المنشأت الصغيرة والمتوسطة ومن ضمنها الاردن اهمية عقد المؤتمرات الاقليمية والدولية بهدف التحاور والتشاور وتبادل التجارب والخبرات في هذا المجال.وقد عقد قبل سنوات الاجتماع والمنتدى السنوي العاشر للشبكة الدولية للمؤسسات الداعمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الايطالية في ابو ظبي بالتعاون مع صندوق خليفة لتنمية المشاريع الاقتصادية .كما عقد في بنفس الفترة في جامعة الملك عبد العزيز في مدينة الرياض المؤتمر العلمي الثاني لكلية الاقتصاد والإدارة تحت عنوان “الاقتصاد الوطني التحديات والطموحات” بدعم المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة مع ضرورة استخدام منهجيات وأدوات نظم المعلومات الإدارية لتفعيل أدائها الداخلي والخارجي من خلال الربط المعلوماتي والتكنولوجي بين رضا عملائها وتوقعاتهم وكفاءة منظومة الأداء الداخلي، إضافة إلى توفير قاعدة بيانات خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتصنيفها تبعاً لطبيعة نشاطها ورأس مالها وعدد العاملين فيها.ودعت توصيات المؤتمر في تلك الفترة الى الخطوات التالية: • إيجاد مناخ مؤسسي يدعم الإبداع والتطوير المستمر بما ينعكس على القدرة التنافسية وجودة الأداء من خلال تفهم مدى تأثير أداء الموردين على إنتاجية الصناعات وتحقيق استراتيجياتها.• تنويع القاعدة الإنتاجية وتطوير دور الدولة في النشاط الاقتصادي.• تشجيع ريادة الأعمال مع تطوير بيئة إحصائية ومعلوماتية داعمة لتحقيق مفاهيم التنمية المستدامة.• فتح تخصصات في الجامعات تتلاءم وسوق العمل مع التوسع في التدريب لتزويد الخريجين بالمهارات المطلوبة.• توفير قاعدة معلومات حديثة للقوة العاملة تشمل التصنيفات والتفريعات الأساسية مما يتيح ربط مخرجات منظومة التعليم والتدريب بمتطلبات سوق العمل وبما يلائم خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.• تبني استراتيجية لمجتمع قائم على المعرفة من خلال إعادة هيكلة جميع مراحل التعليم لتعزيز بناء القدرة الذاتية في البحث والتطوير التقني والابتكار للنهوض بالاقتصاد المبني على المعرفة.• تعزيز دور الجامعات في منظومة الأبحاث والابتكار والتطوير التقني والعمل على إيجاد شراكات مع القطاع الخاص لتحويل الأبحاث والابتكارات إلى مشاريع اقتصادية تزيد من القيمة المضافة المعرفية في الاقتصاد الوطني.• تبني السياسات الكفيلة بإعداد القادة في القطاع الخاص وقطاع التعليم العالي من خلال نشر مستوى عالٍ من المعرفة للوصول بالاقتصاد الوطني إلى مستويات عالية من الكفاءة.• تغيير ثقافة المؤسسات في القطاع الخاص والعمل على إيجاد نظام فعال لتقييم الموظفين بالإضافة إلى إعادة تقييم البرامج التدريبية وإتاحة الفرصة للتعلم والتدريب وربط التعليم بالتدريب.وكنت أتمنى حقيقة ان يتم الاطلاع على تجارب الدول الأخرى الرائدة في مجال المنشأت الصغيرة والمتوسطة بهدف الاستفادة من خبرتها في هذا المجال ، مثل التجربة الإيطالية و السويسرية و الفرنسية و الاماراتية و السعودية و دول أخرى بخصوص دعم المنشأت الصغيرة و المتوسطة .وقد اجريت العديد من الدراسات و الابحاث بخصوص المنشأت الصغيرة و المتوسطة في العديد من دول العالم من ضمنها الاردن و التي استعرضت واقع هذه المنشأت والاحتياجات التمويلية لها ومصادر التمويل المتاحة وانواعه والمعيقات و العقبات و التشريعات التي تعترضها, وكيفية المحافظة على نمائها و استدامتها و تحولها من صغيرة الى متوسطة و من متوسطة الى كبيرة و من منشأه محلية الى شركة اقليمية ومن شركة اقليمية الى شركة دولية.وفي دراسة اجراها مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية حول المعيقات امام المنشأت الصغيرة والمتوسطة، تم التوصل للنتائج التالية: • تعتبر البنوك والمؤسسات المصرفية والتمويلية المصدر الرئيسي لتمويل هذه المنشآت نظراً للانتشار الجغرافي ووفر الموارد المالية والخبرات المتميزة التي تتمتع بها.• من ابرز المعيقات التي تحد من قدرة هذه المنشآت على الاقتراض اضافة الى ان سعر الفائدة على القروض و خاصة التجارية كونها مرتفعة جداً و خاصة مقارنة بسعر الفائدة على الوديعة حيث يتجاوز سعر الفائدة للاقتراض حوالي 10% بينما سعر الفائدة على الوديعة لا يتجاوز 3% مما يعني ان هامش سعر الفائدة مرتفع جداً .وحسب دراسة سابقة لغرفة صناعة الاردن جاء فيها ان نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصل إلى 90% من مجموع المنشآت، مما يجعلها مكوّناً حيوياً للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية، والتي تساهم بالدخل القومي بشكل كبير وتقوم بتوظيف عدد كبير من العاملين , و إن هذه الحقائق يجب أن تعمل على تشجيع الجهات ذات العلاقة لتوحيد الجهود لتحسين مستوى الدعم الموجه نحو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بهدف تمكينها من الاضطلاع بدورها و مسؤولياتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية كمحركات للتغيير .وتضيف الدراسة أن هنالك اعداد هائلة من المنشأت الصغيرة والمتوسطة، و لكن تكمن المشكلة في ان هذه المنشأت سرعان ما تنكمش و تتقلص، الى درجة انها تختفي – هذا باعتقادي في بلدنا الأردن و في بلدان عربية أخرى، و لكن في بلدان اخري عشت حقيقة تجربتها مثل ايطاليا و فرنسا و سويسرا و بريطانيا و اسبانيا و استراليا وتشيلي والامارات العربية المتحدة شاهدت ان هذه المنشأت الصغيرة و المتوسطة وخاصة التي تنشئها عائلات تكبر و تنمو و تصبح مصدر جذب اقتصادي و عامل مؤثر في التنمية الاقتصادية و الدخل القومي . فعلي سبيل المثال شركة فيات الايطالية والعديد من دور الازياء والموضة والصناعات الجلدية.تشير بعض الدراسات ان ٥٪فقط من الشركات الصغيرة و المتوسطة (العائلية ) في عالمنا العربي تستمر حتى الجيل الخامس حيث تبدأ بعد الجيل الثاني والجيل الثالث الصراعات الخفية والعلنية بين أفراد العائلة الواحدة في ظل تعدد الزوجات وارتفاع عدد الأخوة غير الأشقاء وأبناء العم والتدخلات التي تنشأ بين الزوجات وزوجات الأبناء وازواج البنات والتي عاده ما تساهم في تفكيك كيان الأسرة ومطالبه كل فرد من العائلة بالانفصال والحصول على حصه من هذه الشركة في ظل عدم وجود بناء مؤسسي لهذه الشركات وعدم تطبيق مبادئ الحوكمه اضافه الى عدم التخطيط الاستراتيجي لانتقال السلطة من المسؤولين الحاليين الى مسؤولي المستقبل وعدم الاتفاق حول اهميه استمراريه هذه الشركة باعتبارها مرتبطة باسم العائلة وتحافظ على المكانة الاجتماعية والماليه لجميع أفرادها . وقد عشنا تجارب في الأردن معروفة من هذا القبيل لا مجال لذكرها. و يعود هذه السبب الى غياب وجود ميثاق عائلي فعال للشركات كما هو الحال في العديد من الدول المتقدمة.وحقيقة في الدول المتقدمة غالباُ يوجد دستور او ميثاق مكتوب ينال موافقه افراد العائلة ويصبح هذا الدستور المرجعية الرئيسية لضمان استمراريه هذه المؤسسات او الشركات او المشاريع واستقرارها ونموها وتطورها واتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تتعلق بمستقبل الشركات وادارتها واختيار مجالس ادارتها والشركاء والمساهمين وتوزيع الارباح وما الى ذلك من امور مؤسسية من خلال استقطاب الكفاءات اخذين بعين الاعتبار مصلحة هذه المنشأت بالدرجة الاولى بعيداُ عن العواطف والمصالح الشخصية. و خاصة ان الاردن يتمتع ببيئة امنية واستثمارية وبيئة جاذبة للاستثمار، و ان الحكومة الاردنية بتوجيهات جلالة الملك حفظه الله قد اعلنت مراراُ و تكراراُ عن منح التسهيلات اللازمة و الضرورية للمنشأت الصغيرة و المتوسطة و خاصة الدور الهام و الحيوي و الداعم في ازالة اية عقبات امام انشاء واقامة منشأت صغيرة ومتوسطة , اضافة الى الترحيب بمشاريع استثمارية متنوعة تنعكس بشكل ايجابي و مثمر على المستثمر و على القطاعات الاقتصادية في المملكة .و لا بد هنا في هذا المجال الإشادة بدور جلالة الملكة رانيا العبدالله حفظها الله في دعمها الدائم للمشاريع الصغيرة و المتوسطة للعديد من المشاريع التي تقوم بها الفتيات و النساء الاردنيات.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد