انتخابات فرنسا.. لماذا برلين قلقة رغم هزيمة اليمين المتطرف؟ – DW – 2024/7/10
تنفست برلين الصعداء وكان هناك ارتياح بعد ظهور نتيجة الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة. وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية، شتيفن هيبشترايت بحذر: يسود “شيء من الارتياح، لأن الأشياء التي كان يُخشى حدوثها لم تحدث”. وكان المستشار الألماني أولاف شولتس قد أعرب عن قلقه من تشكيل حكومة يقودها التجمع الوطني اليميني المتطرف. لكن هذا القلق من اليمين قد تبدد الآن على الأقل في برلين. تصدرت الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية نتائج الجولة الثانية للانتخابات وخلفها تحالف الرئيس ماكرون ثم التجمع الوطني اليميني المتطرف الذي كان قد تصدر الجولة الأولى للانتخابات. وقال كيفن كونرت، الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب المستشار شولتس، في حوار مع القناة الألمانية الثانية (ZDF): لقدانزاح هم كبير “عن قلوب كثيرين، وقلبي أيضا”. وغردت الرئيسة المشاركة لحزب الخضر، ريكاردا لانغ قائلة “شكرا فرنسا/ Merci France” مع وسم ثلاثة قلوب بألوان العلم الفرنسي. عدم ارتياح واضح على وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس ورزائه غابريال أتالصورة من: Ludovic Marin/AP/picture alliance ميلانشون “مناهض لألمانيا بكل معنى الكلمة” لكن رغم هزيمة اليمين، ليست هناك فرحة حقيقية في ألمانيا، حيث هناك قلق كبير من أن يكون اسم رئيس الوزراء الفرنسي القادم، جان لوك ميلانشون. فمؤسس حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف، أكبر أحزاب التحالف اليساري، أعلن عنأحقيته برئاسة الحكومة الجديدة. وحذر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، ميشائيل روت النائب عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، من أن يضطلع ميلانشون بدور مهم في السياسة الفرنسية، وقال في حوار مع صحيفة “تاغس شبيغل” إن “ميلانشون مناهض لألمانيا بكل معنى الكلمة. إنه لا يختلف كثيرا عن السيدة لوبان في خطاباته المناهضة لألمانيا وأوروبا…ليس هناك سبب للثقة بميلانشون. إنه أيديولوجي مناهض لأوروبا ومتهور”. لكن في كل الأحوال يحتاج التحالف اليساري أي الجبهة الشعبية الجديدة، لشريك ليستطيع تشكيل الحكومة، لأنه لا يتمتع بالأغلبية المطلقة في البرلمان. جان لوك ميلانشون زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف من يعتبر من كبار مناهضي ألمانيا في فرنساصورة من: Thomas Padilla/AP Photo/picture alliance هل هناك خطر حدوث أزمة ديون سيادية أوروبية جديدة؟ وبالإضافة إلى ذلك هناك مخاوف في ألمانيا، من التراجع عن جهود الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن ضبط الميزانية. فمثل التجمع الوطني اليميني المتطرف، يريد التحالف اليساري أيضا التراجع عن إصلاحات ماكرون لنظام التقاعد، وهذا لوحده سيكلف ميزانية الدولة كثيرا. “والآن تعاني فرنسا من مشاكل مالية، ولديها ديون مرتفعة للغاية” قالت رونجا كامبين، الباحثة الخبيرة في الشؤون الفرنسية في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمن في برلين، في حوارها مع DW قبل الانتخابات الفرنسية. وهذا يهدد بحدوث أزمة ديون سيادية أوروبية جديدة كما حصل قبل 15 عاما. ومن شأن هذا أن يخلق مشكلة لألمانيا أيضا لأنها مسؤولة عن دول اليورو الأخرى أيضا. وكان التحالف اليساري قد أعلن عن سلسلة كاملة من الإجراءات المكلفة في حالة تشكيله الحكومة: فبالإضافة إلى التراجع عن إصلاح نظام التقاعد، على سبيل المثال يريد تجميد أسعار الطاقة والغذاء، وزيادة مساعدات الإسكان وتوسيع نطاق الخدمات العامة. وهذا يمكن أن يكلف ما مجموعه 125 مليار يورو في أول عامين. ومن الآن هناك عجز في الميزانية الفرنسية لا يتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي. وربما ليس لدى ميلانشون، المعارض المعروف للاتحاد الأوروبي، أي فكرة واضحة عن قواعد العجز في الاتحاد الأوروبي، لأنه يدرك أيضاً أن فرنسا، باعتبارها الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، هي أكبر من أن يُسمح بإفلاسها، فهي ببساطة أكثر أهمية من أن يتم التخلي عنها. حينها سيطلب من ألمانيا، باعتبارها صاحبة أقوى اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، أن تتدخل بتقديم الضمانات. وسيكون هذا أمرا حساسا سياسيا وماليا بالنسبة للحكومة الألمانية، التي هي نفسها تواجه أكبر المشاكل في وضع ميزانية تتوافق مع المعايير الدستورية. بدل الوضوح هناك “ضباب كثيف فقط” في فرنسا لكن الصعوبات المتوقعة في تشكيل حكومة جديدة في فرنسا تعتبر مشكلة بالنسبة لألمانيا، لأنها تؤدي إلى حالة من عدم اليقين. ودعا ماكرون إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد الأداء الضعيف لمعسكره الحكومي ونجاح حزب التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية من أجل خلق “وضوح”. لكن ما حدث هو العكس، كما يقول جايل سليمان من معهد أودوكسا الفرنسي للاستطلاعات “الآن نجد أنفسنا في حالة من عدم اليقين التام – في ضباب كثيف جدا”. ويمكن للمجموعات الرئيسية الثلاثة في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) أن تعرقل بعضها البعض وتغرق الدولة شديدة الاستقطاب في أزمة سياسية. وتحالف اليسار معاد لمعسكر ماكرون ومنقسم داخليا أيضا، وميلانشون غير مرحب به من قبل الأطراف الأخرى في التحالف. ولم يكن الاتفاق على مرشح مشترك لمنصب رئيس الوزراء ممكنا. ويتعين على أي حكومة ائتلافية بين “الجبهة الشعبية الجديدة”، التي يميل جزء منها إلى اليسار الراديكالي، ومعسكر ماكرون الليبرالي، أن تجمع بين مواقف لا تكاد تكون متوافقة. وهناك أيضا التناقض مع الرئيس ماكرون نفسه، الذي لا يزال في منصبه. وهذا يعني أن سياسة أوروبية ألمانية فرنسية طموحة غير ممكنة عمليا. هل تصبح مارين لوبان رئيسة فرنسا القادمة بعد ماكرون؟صورة من: Jerome Domine/abaca/picture alliance كابوس برلين.. الانتخابات الرئاسية 2027 ويفكر الساسة في برلين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة عام 2027، التي لا يسمح لماكرون بالمشاركة فيها بعد ولايتين. وقد صرحت مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف بعد الانتخابات بأن فوز حزبها، التجمع الوطني “قد تأجل فقط”. وإذا خيبت الحكومة القادمة آمال الفرنسيين، فإن ذلك سيعزز حظوظ مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية عام 2027 ويمكن أن تصبح رئيسة فرنسا بعد ماكرون. وحينها “ستكون لدنيا أوروبا مختلفة تماما” حسب رأي خبيرة الشؤون الفرنسية، رونجا كامبين. بيد أنّ خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي واليورو، لم يعد واردا بالنسبة إلى مارين لوبان، فإنها تعلمت من إخفاقاتها السابقة أيضا. وفي كل الأحوال سيكون ذلك بمثابة كابوس للحكومة الألمانية في برلين والنهاية المؤقتة للشراكة الألمانية الفرنسية بشكلها المعتاد. وفي حين أن هذه الفكرة لا تزال مجرد تكهنات، يجب على الساسة في برلين منذ الآن الاستعداد لمزيد من عدم اليقين في التعاون مع باريس. أعده للعربية: عارف جابو أبرز الشخصيات في المشهد السياسي الفرنسي بعد الانتخاباتفوز اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية المبكرة، شكل مفاجأة كبيرة بعد تصدر اليمين المتطرف في الجولة الأولى. في هذه الجولة المصورة نتعرف على أبرز الشخصيات التي ستلعب دورا في السياسة الفرنسية القادمة. صورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Imagesإيمانويل ماكرونإيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون (47 عاما) رئيس فرنسا منذ عام 2017. كان عضوا في الحزب الاشتراكي وتولى حقيبة وزارة الاقتصاد في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند. في نيسان 2016 ترك الحزب الاشتراكي وأسس حزب الجمهورية إلى الأمام، وهو حزب وسطي ليبرالي، في عام 2022 أصبح اسمه حزب النهضة. صورة من: Eliot Blondet/abaca/picture alliance تولى غابريال أتال (35 عاما) رئاسة وزراء فرنسا في يناير 2024 ويعتبر أصغر شخص في تاريخ البلاد يتولى هذا المنصب. كان بين عامي 2020 و2022 ناطقا باسم الحكومة، ثم تولى حقيبة وزارة التعليم الوطني والشباب من يوليو/ تموز 2023 حتى تعيينه رئيسا للوزراء. بعد الانتخابات التشريعية المبكرة 2024 التي حل فيها حزبه ثانيا قدم استقالته، لكن ماكرون رفض الاستقالة وطلب منه الاستمرار في منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة.صورة من: Blondet Eliot/Abaca/IMAGOجان لوك ميلانشونزعيم حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف، جان لوك ميلانشون (73 عاما) يتمتع بخبرة سياسية طويلة ويعد واحدا من أكثر الساسة الفرنسيين إثارة للجدل. تزعم ميلانشون الجبهة الشعبية الجديدة لقوى اليسار التي احتلت المركز الأول في الانتخابات التشريعية المبكرة 2024. قبل تأسيس حزبه عام 2016 كان عضوا في الحزب الاشتراكي وكان وزيرا للتعليم وترشح للرئاسة في انتخابات 2012 و2017 و2022. صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images مارين لوبان (56 عاما) المحامية السابقة تعتبر زعيمة التيار اليميني المتطرف، تولت رئاسة حزب الجبهة الوطنية من والدها عام 2011 ثم غيرت اسم الحزب إلى التجمع الوطني عام 2018. ترشحت للانتخابات الرئاسية أعوام 2012 و2017 و2022 حيث حلت في المركز الثاني خلف ماكرون. تصدر حزبها الجولة الأولى للانتخابات التشريعية، لكنه أخفق في الجولة الثانية ليحتل المركز الثالث.صورة من: Yves Herman/REUTERSجوردان بارديلاكان اسم الشاب جوردان بارديلا (28 عاما) رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الأكثر تداولا لتولي رئاسة وزراء فرنسا بعد الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المبكرة 2014، حيث تصدر حزبه نتائجها. لكن بعد هزيمة حزبه في الجولة الثانية لم يعد اسمه يذكر. لكن سيبقى لحزبه دور وتأثير كبير في البرلمان.صورة من: Julien de Rosa/AFPفرانسوا أولاندالرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند (70 عاما) الزعيم السابق للحزب الاشتراكي، عاد إلى واجهة المشهد السياسي بعد ترشحه للانتخابات التشريعية 2024 وفوزه ضمن قائمة الجبهة الشعبية الجديدة على مرشحي التجمع الوطني وحزب “الجمهوريون” في دائرته الانتخابية. صحيح أنه ليس مرشحا لرئاسة الحكومة، لكن من المتوقع أن يكون له دور في السياسة الفرنسية وخاصة الخارجية.صورة من: Reuters/Laurent Dubruleزعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور (55 عاما) كان له دور واضح في تأسيس الجبهة الشعبية الجديدة وأول شخص يتحدث باسمها في المناظرات الانتخابية. تولى قيادة الحزب عام 2018 ويتمتع بخبرة سياسية جيدة إذ تولى بعض المناصب السياسية. ويعد هذا المحامي السابق من مرشحي اليسار البارزين لرئاسة الحكومة القادمة.صورة من: Aurelien Morissard/AP/picture allianceمارين تونديليردعت زعيمة الخضر مارين تونديلير (37 عاما) في وقت مبكر إلى تأسيس جبهة يسارية وطنية ضد اليمين المتطرف. وبرزت كصوت قوي في حملة الجبهة الشعبية الجديدة خلال هذه الانتخابات التشريعية. وهي معروفة بانتقادها الحاد لتحالف ماكرون وتقول إنه شبيه باليمين المتطرف. تولت قيادة حزب الخضر في أواخر عام 2022.صورة من: Abdul Saboor/REUTERSتولى فابيان روسيل (55 عاما) قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي عام 2018 بعد انتخابه نائب في البرلمان عام 2017. لكنه فقد مقعده في الانتخابات المبكرة 2024 لصالح مرشح من التجمع الوطني اليميني المتطرف. لم يكن حضوره لافتا خلال الحملات الانتخابية للجبهة الشعبية الجديدة، لكن هذا الصحافي السابق سيبقى على رأس الحزب الشيوعي الفرنسي.صورة من: Andrea Savorani Neri/NurPhoto/picture allianceتولى إريك سيوتي (59 عاما) زعامة حزب “الجمهوريون” اليميني المحافظ آواخر عام 2022. وقد أثار جدلا في الحزب بدعوته إلى إقامة تحالف مع التجمع الوطني اليميني المتطرف، وهو ما أثار انقساما في الحزب وغضب المكتب السياسي الذي طرده من الحزب، لكن القضاء أبطل قرار الطرد. صورة من: Eric Gaillard/REUTERSرافائيل غلوكسمانيرى بعض المراقبين أن رافائيل غلوكسمان (44 عاما) النائب في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي، من المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة الفرنسية القادمة بعد فوز الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية. وصرح قبل الانتخابات أن الشيء المهم هو “التغلب” على التجمع الوطني، وأن السبيل الوحيد إلى ذلك هو “وحدة اليسار”. وهو صحافي سابق وكان مستشار للشؤون الخارجية والأوروبية للرئيس الجورجي السابق ميخائيل سكاشفيلي.صورة من: Coust Laurent/ABACA/IMAGOالزعيم العمالي المعتدل لوران بيرغر (55 عاما) رئيس نقابة (سي أف تي دي CFDT) يعبر زعيما نقابيا بارزا وكان له دور بارز في توجيه الإضرابات التي شهدتها فرنسا بعد الإصلاحات في قطاع السكك الحديدية، وكان بيرغر من الداعين لإنهاء الإضرابات وقال “العمل النقابي ليس مجرد إضرابات”. وهو معروف بمناهضته للتجمع الوطني اليميني المتطرف.صورة من: JULIEN DE ROSA/AFP
#انتخابات #فرنسا. #لماذا #برلين #قلقة #رغم #هزيمة #اليمين #المتطرف
تابعوا Tunisactus على Google News