- الإعلانات -

- الإعلانات -

تونس تائهة بين القصرين.. تعديل حكومي يعمق صراع “الرئاستين”

أقل من 5 شهور كانت كافية لكشف جولات الحرب الدائرة بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس رئيسي الجمهورية والحكومة وفروعها.

حرب بدأت تتبين ملامح الصراع فيها منذ أول أيام عمل فريق رئيس الوزراء هشام المشيشي لكن رائحتها فاحت بشكل كبير. المشيشي الذي اختاره رئيس الجمهورية قيس سعيد وفق قاعدة “الشخص الأنسب” لشغل الخطة أعلن العصيان مباشرة بعد أداء اليمين واختار الارتماء في براثن حركة النهضة الإخوانية وحلفائها.ظن رئيس الحكومة أن الارتماء في حضن الإخوان سيمكنه من البقاء في الحكم وأعلى مواقع السلطة، على حد تعبير الأحزاب المعارضة وبالخصوص التيار الديمقراطي وحركة الشعب القومية.
ووصف متابعون المسار الذي وصلت إليه العلاقة بين الرئيس التونسي من جهة ورئيس حكومته وحلفائه السياسيين (حزب النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس ) بمسار اللاعودة، وهو مسار تفجرت فيها أوجه التناحر الحاد بين أركان السلطة في دولة تعيش حالة من الاحتقان الشعبي المتواصل.
وكان “قصف ” الرئيس التونسي جليًا خلال اجتماع مجلس الأمن القومي، الاثنين، معتبرا أن التعديل الحكومي الذي سيطرحه المشيشي لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور.
تعديل تضمن 11 حقيبة وزارية منها (الداخلية والعدل)، وإقصاء كل الوزراء المحسوبين على قصر قرطاج.
وانتقد سعيد التركيبة الجديدة التي طرحها المشيشي، قائلا: “من تعلقت به شبهات فساد لن يؤدي اليمين أمامي”، موضحا أن الحكومة أجهضت عددا من المبادرات التي طرحها لإنقاذ الوضع.الرئيس قال أيضا إن دستور 2014 أعد على المقاس في إشارة جلية إلى حركة الإخوان التي كانت تسيطر على المجلس التأسيسي، مؤكدا في علاقة بالتعديل الوزاري المقترح أن رئيس مجلس نواب الشعب كان عليه توجيه الرسالة إلى الرئيس أي إليه لتبليغه وهو ما لم يحدث، نافيا أن يكون تم إعلامه بنية التعديل.معارضة برلمانية
كتل برلمانية عبرت عن رفضها للتعديل الحكومي ونيتها الثلاثاء عدم التصويت على الوزراء الجدد.
وتتمثل هذه الكتل في كل من حزب تحيا تونس (11 مقعدا)، والكتلة الديمقراطية (38 مقعدا)، وكتلة الإصلاح (16 مقعدا) وكتلة الدستوري الحر (16 مقعدا) وعدد من النواب المستقلين.
نقد الكتل المعارضة للتعديل الحكومي نبع من وجود شبهات فساد وتضارب مصالح لوزير الصحة المقترح الهادي الخيري وسفيان بن تونس وزير الطاقة.
وفي هذا الاتجاه طالبت منظمة أنا يقظ (المختصة في مكافحة الفساد)، في بيان لها، البرلمان بعدم التصويت على الحكومة ورفض الأسماء المقترحة لوجود شبهات فساد كبيرة تحوم حولهم.
ومهما كانت مآلات هذا التعديل فإن العديد من المراقبين يرون بأن الأزمة السياسية ستتسع دائرتها بين قصري قرطاج (الرئاسة) والقصبة (الحكومة)، وسيؤثر ذلك حتمًا على المنظومة الاقتصادية المنهارة والأزمة الاجتماعية التي دفعت 10 محافظات إلى الخروج للشارع للاحتجاج على ارتفاع نسب البطالة (18% من مجموع السكان).
واعتبرت رئيسة الدستوري الدستوري عبير موسي بأن المشيشي ارتهن في قراره للإخوان، وأن حزبها لن يصوت على تعديلاته الحكومية ولا مقترحاته البرلمانية.
موسي أكدت في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن رئيس الحكومة الحالي استجاب لابتزاز الإخوان، معتبرة أن الحل الوحيد للبلاد هو “كنس” المنظومة الإخوانية بكل فروعها، والتي عبثت بمصالح التونسيين، على حد رأيها.
وعلى ضوء هذه الجلسة تخوض 26 منظمة حقوقية اليوم تحركًا ميدانيًا أمام البرلمان للمطالبة بسحب الثقة من رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي ومحاسبته على مجموعة الجرائم التي ارتكبها طيلة 10 سنوات المتعلقة بمساندته للإرهاب والتورط في عمليات الاغتيال السياسي التي عرفتها البلاد.ويبدو أن المشهد التونسي بلغ مراحل متقلبة، سيفتح البلاد على أكثر من جبهة صراع بين مختلف الفرقاء السياسيين، وسيجعل من صوت الشارع حاسما في توجيه البوصلة السياسية، على حد رأي أكثر من مراقب للمرحلة السياسية التي تعرفها البلاد.

المصدر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد