تونس تراهن على الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة التنمية الاقتصادية | سناء عدوني
تونس – تعتزم وكالة النهوض بالصناعة والتجديد تنظيم مسابقة للمخترعين في منطقة حوض المتوسط في 18 – 20 فبراير الجاري، لتوفير فرصة غير مسبوقة لتبادل الأفكار بين المخترعين التونسيين والأجانب وعرض ابتكاراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال الرئيس المدير العام للوكالة عمر بوزوادة في مقابلة خاصة مع “العرب” إن اللجنة التي شكلتها المؤسسة استقبلت طلبات كثيرة للمشاركة في المسابقة وهي حاليا بصدد تحديد القائمة وفق معايير حددتها منظمة الأمم المتحدة بشأن أهمية الاستثمار والاختراع ومدى مراعاته للتنمية المستدامة والمحافظة على البيئة وكل شروط الاقتصادالأخضر.
وأضاف أنه ”سيتم إسناد تسع جوائز قيمة للمخترعين بنحو 10 آلاف دينار للأول من كل شريحة (حوالي 3.55 ألف دولار)”، مشيرا إلى أن التظاهرة “تهدف إلى التوعية بمزايا الذكاء الاصطناعي ومعرفة حجم دور تونس عبر عرض خبراتها في هذا المجال”.
وتابع ”أنه من الضروري مراعاة الصناعة الصديقة للبيئة لأن الإنسان يستوفي حصته السنوية من موارد الأرض في كل عام منذ شهر يوليو ليعيش باقي الأشهر الخمسة، الأمر الذي يفرض عليه تغيير مشاريعه بالمحافظة على الاستمرارية وإيجاد موارد جديدة من الطاقة الشمسية وتشجيع الابتكار فيها”.
وأشار بوزوادة إلى أن “تونس حققت نتائج إيجابية على مستوى تخلصها من الوسائل التقليدية، وتسجل أرقاما مهمة على مستوى الملكية الصناعية والفكرية، لكن عليها تكثيف الجهود لبلوغ الصناعة الذكية بالعمل على التوعية بقيمتها وتنمية مواردها البشرية في مجالات الابتكار والاختراع”.
وبخصوص دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في الصناعة المحلية قال بوزوادة إن “نسبة تتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة من المؤسسات التونسية تستعمل الذكاء الاصطناعي وسيتم عرضها كنماذج خلال التظاهرة، إضافة إلى عرض تحقيق عالمي يكشف الحجم الحقيقي للذكاء الاصطناعي في الشركات المحلية”.
تشكيل لجنة لإزالة عراقيل البيروقراطية عن طريق رواد الأعمال وتسهيل منح الرخص وإصلاح قانون الاستثمار
واعتبر أن النسبة ليست ضئيلة لكنها لا تزال بعيدة عن متطلبات مواكبة الثورة الصناعية الرابعة ومقتضيات الصناعة، وهو ما دفع الوكالة إلى العمل على نشر الوعي بقيمة الذكاء الاصطناعي في مرحلة أولى، قبل دخول الثورة الصناعية الرابعة التي تحتاج إلى سنوات من العمل، مؤكدا أن تونس في الطريق الصحيح.
ويشهد العالم اشتداد المنافسة على مواكبة الثورة الصناعية الرابعة التي تشكل ثورة على قيم تعزيز الكفاءة والوفرة، بعد استنزاف إمكانات الثورة الصناعية الثالثة، من أجل تأسيس مقاربة جديدة شاملة تهدف إلى تحقيق اقتصاد أخضر وصناعة صديقة للبيئة للتقليل من انبعاث الغازات المضرة بمستقبل الأرض.
وتقتدي دول شمال أفريقيا -وخاصة تونس- بتجارب عمالقة الصناعة مثل ألمانيا والصين واليابان التي وضعت في أكبر معرض للتكنولوجيا في فرانكفورت أسس بناء الصناعة الذكية على قواعد الرقمنة للتقليل من كلفة الإنتاج وحماية البيئة.
وشدد بوزوادة على أن تونس واكبت الثورة الصناعية الثالثة وهي تعمل على الانخراط في نسق الثورة الصناعية الرابعة بالتعاون بين مختلف الفاعلين فيها والشراكة بين القطاع العام والخاص ومواكبة الهياكل المهنية”.
وحول حضور الصناعات التونسية في مجالات النسيج والطاقة البديلة في التظاهرة التي شارك فيها رجال أعمال تونسيون بين 26 و28 يناير الماضي، أكد بوزوادة أن ذلك كان ”فرصة لتطوير الحضور التونسي والنهوض بالإنتاج المحلي والتعريف بمزاياه من خلال الترويج والدعاية واستقطاب الأسواق والجهات المانحة، التي تبحث عن مصنعين وفق الشروط التقنية والمسؤولية الاجتماعية”.
التشجيع على المبادرة والابتكار
وأشار إلى أن ”عضوية تونس في شبكة مؤسسات الاتحاد الأوروبي مكنتها من الترويج لمؤسساتها في القارة الأوروبية وفي بقية حوض البحر المتوسط وأفريقيا بمشاركة خمسة تونسيين في التظاهرة”.
وشدد مدير وكالة النهوض بالصناعة على ”ضرورة انخراط تونس ضمن الشبكات الأورومتوسطية، خصوصا بعد تحقيقها لقيمة مضافة على مستوى فرص العمل بدخول مهن جديدة في ميادين واعدة مثل صناعة مكونات الطائرات والنسيج والأدوية، التي تمثل رافدا للقطاع الصناعي الذي ارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي التونسيإلى 17 في المئة”.
لكن بوزوادة أشار إلى أن عام 2019 كان صعبا على تونس اقتصاديا مثل بقية العالم، حيث شهد تباطؤا في الإنتاج وأزمات انعكست على أداء الاقتصاد العالمي.
وأشار إلى أن الاستثمارات العالمية تراجعت في العام الماضي بنسبة 13 في المئة، في حين لم تتراجع في تونس سوى بنسبة 7 في المئة فقط.
وأرجع سبب ذلك إلى “ارتفاع نوايا الاستثمارات المصرح بها بنسبة 34 في المئة في العام الماضي، في حين ارتفعت الاستثمارات في صناعات الجلود بنسبة 4 في المئة رغم تراجع قيمة اليورو خلال العام الماضي”.
وأقر بوزوادة بأن السوق الموازية تأخذ حصة كبيرة من السوق الرسمية في تونس خصوصا بسبب غزو السلع الجزائرية والتركية وتجارة الملابس المستعملة. وأوضح أن “قانون عام 95 حدد نسبة دنيا معينة لتجارة الملابس المستعملة ومنع تجارة الملابس الداخلية والأحذية، غير أنها لا تزال موجودة في الأسواق”.
وشدد على تكثيف آليات مراقبة السوق للتصدي للسلع المهربة ومواصلة توعية المستهلك بمخاطرها في كل الأوقات، دون انتظار مناسبات معينة كشهر رمضان والعودة المدرسية وغيرهما من المواسم التي تنتعش فيها السلع المهربة.
عمر بوزوادة: تونس تسجل أرقاما مهمة في الملكية الفكرية والصناعية
وتلقى السلع المهربة إقبالا كبيرا في تونس رغم انعدام أبسط شروط السلامة والمراقبة الصحية فيها، جراء تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين الأمر الذي يؤدي إلى إنعاش السوق الموازية على حساب السوق الرسمية.
ودعا بوزوادة إلى خفض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، مؤكدا أنه “سيتم العمل على ذلك لمحاولة استيعاب السوق الموازية داخل التجارة الرسمية وحث المهربين على دفع رسوم جمركية أقل وتجنب المخاطر المحيطة بالتهريب كالتعرض للمداهمة من قبل جهاز الجمارك”.
وأوضح أن “هناك إستراتيجية دولية تسير عليها تونس تنص على خفض الضرائب على المنتجات وصولا إلى إلغاء كل الرسوم على التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي”.
وأكد أن “تونس تراجع بصفة مستمرة قوانين الاستثمار للتخلص من كل العراقيل وأنها بدأت مؤخرا بتشكيل لجنة توافقات وطنية لمنح الامتيازات الضريبية للمؤسسات الصناعية في الجهات الداخلية للمستثمرين المحليين والأجانب”.
وأوضح بوزوادة أن “اللجنة ستبت في التراخيص بجميع أنواعها لتجاوز كل ما يعرقل تنفيذ المشاريع وتسهيل المهام الإدارية أمام رواد الأعمال مثل تغيير تصنيف الأراضي، حيث تؤول المهمة إلى اللجنة المذكورة لتُصدر آليًّا الترخيص للمستثمر دون حاجة للرجوع إلى أي مؤسسات إدارية”.
وكشف أن اللجنة عالجت أحد أكبر العوائق التي تواجه المستثمرين والمتمثل في إيداع نحو 30 في المئة من رأسمال الشركة في البنوك بعد تحقيق 3 بالمئة من إيرادات الاستثمار.
وقال بوزوادة إن اللجنة تواصل دراسة جميع المشاكل لإزالتها نهائيا، مؤكدا أن “المستثمر يمكنه حاليا تنفيذ مشروعه في ظرف 48 ساعة فقط”.
وأشار أيضا إلى أنه ”تم التخلي نهائيا على الفصل القانوني الذي ينص على أنه لا يحق لإدارة حيازة وثيقة إدارية موجودة على ذمة إدارة أخرى حيث أصدرت هذه اللجنة قرارا يقضي بالحصول على جميع الوثائق وإتمام كل الإجراءات في ما بينها دون طلب أي شيء من صاحبالمشروع”.
الصورة من المصدر : alarab.co.uk
مصدر المقال : alarab.co.uk