- الإعلانات -
مهندسة بحرينية: الفن الإسلامي سقط سهوا من غير قصد

- الإعلانات -
كتبت زينب إسماعيل:
قالت المهندسة البحرينية غادة السيد إن فهم الفن الإسلامي سقط سهوا من غير قصد، في الوقت الذي تحدثت عن هندسة المساجد الإسلامية وتصاميمها في ظل الحاجة الملحة إلى زيارة دور العبادة خلال وقت الجائحة.
كيف تتعاملون مع المساحات الروحانية في بيوت العبادة؟
اذا استثنينا المتطلبات الأساسية لتصميم قاعة الصلاة في المساجد بشكل عام، وهي ثوابت لا تتغير.. فإننا نتعاطى مع كيفية خلق انسجام بين العمارة الخارجية والتصميم الداخلي مع الأخذ في الاعتبار هاجس التناسق بين المواد المختارة لخدمة قدسية المكان وتصميم فراغ يقدم للمتعبد تجربة روحانية. جمال الفن الإسلامي في هويته وتنوعه، وفي الوقت نفسه بتنوع المناطق والأمم التي تأثرت به أنتجت منظومة فنية ثرية متنوعة ومميزة بهويتها الإسلامية مع الاحتفاظ بأصولها الإقليمية، وهذا يجعل المعالجة الهندسية مفتوحة على مصراعيها.
ما الذي يميز التصميم للمساجد الإسلامية عن بقية دور العبادة في الديانات المختلفة؟
هناك عناصر معينة تميز العمارة الإسلامية دون غيرها، وهي عناصر أساسية لتحديد هوية المساجد عن دور العبادة في الأديان الأخرى. أهمها أن المساجد أعادت إلى الإنسان أهميته بعدما كانت كل أدوات العمارة في الأديان الأخرى تحاول تصغيره. إذا عدنا إلى الأصول فإنه يجب أن نقف عند أساسيات التصميم الداخلي الإسلامي، وهي الخط المستقيم الأفقي في المساحة وهو نظام هندسي دقيق لاصطفاف المصلين.
الصحن وخطوطه منتظمة بإحكام تعكس نظرية المساواة في الإسلام عبر انتظام المصلين المتراصين جهة القبلة، محاط برواق معمد لتسهيل انتقال الصوت.
المحراب -وهو ما يتصدر الصحن ونقطة محورية للمصلين- لا يحتوي أي تمثال أو صورة. أما السقف المزين بالقبة الدائرية الشكل كونية الإحساس مرتفعة واسعة تتوسط قاعة الصلاة فله دلالات فنية وروحانية يعتبرها المعلمون (اسم يطلق على المعماري في عصر المعمار الإسلامي الذهبي) النقطة التي توحد الوجود الحسي واللاحسي لعظمة الخالق، بالإضافة إلى وجود المنبر في الجامع، وهو المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة. أما بالنسبة للجزء المعماري العمودي الوحيد في المسجد فهو المنارة أو المئذنة للدعوة إلى الصلاة سابقا أو للإشارة إلى تحديد مكان المسجد في المنطقة حاليا. هذه الخصائص الأساسية تم اختزالها وتطويرها بحسب حجم المسجد ومنطقته وإمكانيات إنشائه.
ما رأيكم في أسلوب تشييد دور العبادة في الوقت الراهن؟
الأذواق مسألة نسبية ولا يمكن إلغاء أي تصميم أو تهميشه مهما كان التنفيذ، طالما أنه يتبع أساسيات تصميم المساجد. بمعنى أن هناك دور عبادة تمنينا لو كان لنا دور في تصميمها الداخلي بطبيعة الحال.
إن ما يميز تصاميمنا هو الفلسفة التي نبني عليها خيارات الانسجام بأن دور العبادة هي بيوت الرحمن يلجأ إليها العابد للتأمل. عندما تتعامل مع الفراغ على أنه وعاء احتواء للعابد بحيث تبدو العلاقة بين العابد والمكان علاقة إيمانية روحانية في نظام يحترم ذوق المصلين عبر انسجام اللون والمساحة والضوء من دون إشارات إلى كتابات للآيات القرآنية على الجدار.
اختيار الأدوات والمواد يعتمد على التشييد العام لأبعاد المسجد، ويعتمد اختيار الأرضيات على نوعية السجاد وألوانه. أما نقوش الأسقف فتتناغم مع المحراب كنقطة الارتكاز نحو تصميم متكامل للمساحة المتاحة للمسجد.
ما هو مستقبل دور العبادة؟
إن مساحة التجديد والحداثة في دور العبادة متاحة بشكل كبير من خلال التكنولوجيا الحديثة. أرى مستقبلا ثلاثي الأبعاد لدور عبادة تأخذ مكانتها التاريخية مستندة على أرضية من المعرفة والبحث في العلوم الإنسانية والشرع والفقه والفلسفة. ستفتح دور العبادة كمدارس مثلما كانت سابقا لعلوم الاجتماع والفلك والرياضيات. كما ستقدم الألواح الذكية المتضمنة للعلوم الدينية والإنسانية والمراجع العلمية، فضلا عن تواصل العلماء في كل المجالات من خلال الشاشات الذكية.
هل يمكن أن يقاس الفن الإسلامي بمقاييس الفنون العالمية؟ ولماذا؟
هناك معايير خاصة للفن الإسلامي لا تنطبق عليها المقاييس السائدة مما أدى الى الإساءة في فهم الفن الإسلامي والزخرفة من قبل الشرق والغرب. الفنان المعاصر أو التشكيلي ينظر إليه على أنه تكرار وتزيين فني أجوف رغم أن ظاهرة التكرار من قوانين الطبيعة الخفية كتكرار الأوراق على الأغصان وتكرار الليل والنهار، وهو إشارة إلى النمو والتجدد في الحياة. بمعنى أن الفن الإسلامي تجريدي قبل أن تبدأ المدرسة التجريدية بالظهور إلى النور في بدايات القرن 19. نستخلص أن الفن الإسلامي هو فن التأمل والتفاعل ينمي البصر ويطور البصيرة للنظر إلى ما هو أعمق.
وبحسب الباحثين والمؤرخين العرب مثل د. عفيف البهنسي وسمير الصايغ فإن مراحل تاريخنا الفني الحديث مبسترة ومهجنة تتالت منذ بداية القرن العشرين، وهي نتاج لأسباب تاريخية وفكرية أدت إلى إهمالنا للفن الإسلامي وجهلنا به، وتقويمه كامن في الاختلاف بين القيم السائدة الحديثة منها والمنحدرة من الفهم للفن عامة وبين القيم الفلسفية والجمالية والروحانية للفن الإسلامي.
ما هي العقبات الرئيسية التي تحول دون إدخال الفن الإسلامي كجزء من منهج التربية الإسلامية؟
بما أن الفن يعكس المجتمع الذي ينشأ منه، فإن طابع ذلك المجتمع ينعكس في تعليم الفن. الفن نشاط يتأثر بسياق المجتمع، وتدعمه منظمات تعليمية مختلفة مثل المتاحف والجامعات والمدارس.. في هذا، الفن الإسلامي لا يختلف. ولذلك، أصبح من الضروري إعادة صياغة للدراسات الإسلامية لإدخال الفن الإسلامي أكاديميا. إن إدراك كل هذا الإبداع سقط سهوا عن نظامنا التعليمي في الخليج العربي، ويتضح ذلك من خلال تعليمنا الإسلامي الذي يقتصر بشكل رئيسي على نمطية التلقين الفقهي والشرعي وإهمال غير مقصود ربما للجانب الإبداعي والفلسفي في هذا الموروث.
#مهندسة #بحرينية #الفن #الإسلامي #سقط #سهوا #من #غير #قصد
تابعوا Tunisactus على Google News
- الإعلانات -