نهضة الفن التشكيلي السعودي في 45 عملاً تخلّدها الذاكرة
شهد تاريخ الفن التشكيلي السعودي موجة واعدة بدأت في خمسينات القرن الماضي، وأتاحت للفنانين فرصاً مبكرة ومختلفة، يستعيدها معرض «من حولهم» الذي يُفتتح الأحد في الرياض، للإضاءة على هذا الإرث العريق، عبر 45 عملاً فنياً خالداً في الذاكرة، تشكّلت على مدى 3 عقود، من عام 1959 حتى 1989.
المعرض الذي ينظّمه «معهد مسك للفنون»، يُظهر هذه المرحلة الغنية التي شكّلت معالم الفن التشكيلي السعودي، بما تشمله من منح لبعثات خارجية بغرض دراسة الفنون والتربية الفنية، إلى إنشاء معهد التربية الفنية عام 1965، ونمو دعم الرئاسة العامة لرعاية الشباب بقيادة الأمير فيصل بن فهد عام 1983، مروراً بولادة مجموعات فنية، مثل «بيت الفن السعودي» عام 1979، و«أصدقاء الفن» في دول «مجلس التعاون الخليجي» عام 1985، وغيرها من فرص صنعت بداية جديدة للتعبير الفني في البلاد.
يسرد المعرض بدايات هذه النهضة بمشاركة نحو 20 فناناً من رواد الفن التشكيلي السعودي، هم: عبد العزيز الحمّاد، عبد الجبار اليحيى، عبد الحليم رضوي، عبد الحميد البقشي، عبد الله الشيخ، عبد الله الشلتي، عبد الله حمّاس، عبد الرحمن السليمان، عبد الستار الموسى، أحمد فلمبان، علي الرزيزاء، فؤاد مغربل، محمد المنيف، محمد الرصيص، محمد السليم، سعد المسعري، صفية بن زقر، طه الصبان، ويوسف جاها.
من أعمال عبد الرحمن السليمان (حساب الفنان)
السليمان: تحية للجيلَيْن الأول والثاني من الفنانين
يوضح الفنان التشكيلي عبد الرحمن السليمان لـ«الشرق الأوسط»، أنّ المعرض هو الأول من نوعه بما يحتويه من كثافة فنية وأسماء عريقة في تاريخ الفن التشكيلي السعودي، ممن يمثّلون الجيلَيْن الأول والثاني من الفنانين، مضيفاً: «كثيرون منهم يملكون صفة ريادية على مستويين؛ الأسبقية أو التجديد الفني، ضمن مجموعة أعمال منتقاة بعناية».
ويشير إلى أنّ الأعمال المُشارِكة تمثّل المراحل الفنية الأولى: «الفكرة رائدة، وقد بذل (معهد مسك للفنون) جهداً في عرض أعمال، بعضها مُستعار من جهات أو أفراد. المعرض خطوة مهمة للبحث في كنوز الفنانين وإنتاجاتهم المبكرة».
عبد الله حمّاس ورحلة تتجاوز نصف القرن (حساب الفنان)
حمّاس ورحلة 65 عاماً مع الفن
من جهته، يتحدّث الفنان التشكيلي عبد الله حمّاس لـ«الشرق الأوسط» عن بداياته قبل نحو 65 عاماً، قائلاً: «أقمتُ معرضي الأول في الرياض قبل 51 سنة، وبعده 39 معرضاً فردياً حول العالم». وعن حضوره في «من حولهم»، يوضح أنه يشارك بمجموعة مختارة من عملين، أنجزهما في المرحلة الزيتية على الورق، يعودان إلى عام 1988.
بسؤاله عن أبرز محطات رحلته الطويلة، يجيب: «المرحلة الحالية هي الأهم، بدعم الفن التشكيلي من أعلى الهرم بالبلاد، ممثَّلاً بالملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان. هذا هو العصر الذهبي للفن في المملكة، وسعيد أنَّ الله مدَّني بالعمر لمعايشته».
المنيف: استعادة لتاريخ الفنان
أما التشكيلي محمد المنيف، فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «المعرض استعادة لتاريخ الفنان، يجسّد القيمة الفنية للأعمال المعروضة»، مشيراً إلى أنّ مشاركته تأتي بعمل واحد من مقتنيات إحدى صالات العرض الشهيرة في الرياض، وإنتاج فترة الثمانينات.
عن بداياته، يتابع: «منذ وعيي، أشعلت كتب أخي المدرسية المصوَّرة شرارة الموهبة في داخلي. تبعت ذلك مراحل الدراسة وما تحقّق في معهد التربية الفنية في السبعينات، حين تلقينا أبجديات العمل التشكيلي الحقيقية على أيدي فنانين عرب درَّسوا في المعهد».
يكمل رحلة ذكرياته بالتأكيد على أنّ كل ما مرَّ به ترك أثراً في داخله، بما يشمل تنفيذ الأعمال أو التدريس أو العمل الإداري في صالة الأمير فيصل بن فهد لـ13 عاماً، إلى رئاسة جمعية التشكيليين لـ10 أعوام، وتحريره صفحات الفن التشكيلي طوال 40 عاماً في جريدة «الجزيرة»، وغير ذلك من تمثيل محلّي وعربي للفن التشكيلي.
اللوحة الشهيرة لصفية بن زقر «الزبون» تعود إلى عام 1969 (حساب الفنانة)
علاقة الفنان بمحيطه الحيّ
معرض «من حولهم» المستمرّ حتى 7 مارس (آذار) 2024، يعبّر اسمه عما استلهمه الفنانون من محيطاتهم، لجهة مناظرها الطبيعية ومناطقها الحضرية وعمارتها التقليدية، إلى مسار العلاقات البشرية وسط تأثير التنوّع البيئي والثقافي والاجتماعي، بأساليب تُبيّن رؤيتهم لمحيطاتهم تلك وشدّة تأثرهم بها، وتطرُق أبواب مخيلاتنا للتأمل في أوجه التعدّد والاختلاف لبعض المظاهر في المملكة.
من هنا، يحتفي المعرض بسردهم البصري للفن السعودي الذي لا يزال في طور التجلّي، في حين يعبّر فريق «معهد مسك للفنون» عن امتنانه للفنانين ومقتني المجموعات ومُلّاك الأرشيفات من أُسر وكيانات وأفراد، لدورهم في صون هذه الأعمال النادرة وإتاحتها لتكون شاهداً على المسار الفني السعودي وإرثه العريق.
#نهضة #الفن #التشكيلي #السعودي #في #عملا #تخلدها #الذاكرة
تابعوا Tunisactus على Google News