- الإعلانات -

- الإعلانات -

أخر الأخبار /

ليس “الاختيار” مجرّد مسلسلٍ تلفزيوني، وإنما “ملحمةٌ وطنيةٌ، نرى فيها ونتابع ونشاهد كفاح شعبٍ أبدع من أجل أن يرى المصريون معنى كلمة وطن والتضحية في سبيله”. وهو عملٌ “أخّاذ”، و”يرتقي بالشخصية المصرية في أبهى تجلياتها”.. كاتب هذا الكلام، وكثيرٍ مثله، الروائي المصري، المعيّن عضوا في مجلس النواب، يوسف القعيد، الذي كان يشاهد كل حلقةٍ من “الاختيار 3” مرّتين في الليلة الواحدة، على ما أخبر قرّاء مقالتيه (نعم اثنتين)، في صحيفة الأهرام. نشر الأولى بعد العشر الأوائل من حلقات المسلسل، وطالب فيها بجزء رابع وخامس وسادس منه. وتعفّف في الثانية عن ذكر اسم “الرئيس الإخواني”، لأنه لا يحبّ أن يدوّن اسمَه. وأخبرنا فيها بأن الممثلين الذين أدّوا أدوار “أهل الشرّ” في المسلسل كانوا يقومون بعملٍ لم يحبّوا القيام به “ولكنها المهنة هي التي تحكُم في النهاية”.
تقرأ مقالتيْ صاحب “يحدُث في مصر الآن”، فتشيعُ فيك أسئلةٌ لا عدّ لها عمّا يجعل مثقفا، كان طليعيا وتقدّميا (ناصريّا إلى حد ما) في أزمنةٍ مضت، كاتب رواياتٍ وقصصٍ لبعضها سويةٌ طيبة، يصل إلى هذا المستوى من الكتابة. له أن يبغُض الإخوان المسلمين، وأن يُعجبَه مسلسل تلفزيوني، مقادير الدعائية فيه تُشهر نفسَها بنفسها، ولكن ما الذي يدعوه إلى أن يسترخص قلمَه إلى هذه المنزلة من التزلّف والذيلية. عجيبة العجائب من كاتبٍ يكتب القصة والرواية منذ أزيد من خمسين عاما يرى “صدقا إنسانيا” في مسلسل “الاختيار”. أسأل عمّا يجعل كاتبا في الثامنة والسبعين من عمره (متّعه الله بالصحة)، أبدع في غير روايةٍ أصدرها، يُسرف في بعثرة مفردات المديح الفائض لشخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان في وسعه أن “يعتدل”، إنْ لم يكن من أجل احترامه نفسَه، فمن أجل أن “يُقنع” قارئه بشيءٍ مما يكتب عن “خطر الجماعة الشيطانية”، (و”ليس الإرهابية فقط”، بتعبيره)، وعن الحكمة والاقتدار والبصيرة والرؤية في السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما أبلغَنا في المقالتيْن عن هذه كلها (وغيرها) في هذا الرئيس. .. ويكتُب صاحب هذه السطور عن يوسف القعيد، وفيه أسىً وأسف، فله  لقاءاتٌ طيبةٌ وودودةٌ بالرجل، أولها في القاهرة قبل 37 عاما.
أما مديرة مكتب “نيويورك تايمز” في القاهرة، فيفيان يي (Vivian Yee)، فتكتب تقريرا عن أجواء “الاختيار 3″، وما يحفّ به من قضايا موصولةٍ براهن مصر تحت حكم السيسي، الرئيس الذي تصفه  بأنه الذي حوّل مصر من بلدٍ يتسامح مع بعض الجدل السياسي والانتقاد الفني إلى بلدٍ يفرض الخوفُ فيه الصمت. وتنقلُ عن “مطّلعين” قولهم عن إرسال حلقات المسلسلات والبرامج التي تُنتجها شركة إنتاج تلفزيوني ودرامي، مملوكة لأجهزة الأمن المصرية الحكومية، إلى المسؤولين في هذه الأجهزة. وتستفيض الكاتبة في شرح المعلوم لدينا (ولدى يوسف القعيد؟) لقرّاء الصحيفة الأميركية الأشهر، عن السيطرة المركزية على وسائل الإعلام في مصر، وتحكّم هذه الشركة (أهدتنا هذا العام 14 مسلسلا رمضانيا ناضجا وجيدا، بحسب القعيد الذي ربما أخطأ في عدّه هذه “الهدايا”) في المنتجين والممثلين والكتّاب. وتُخبر الصحفية المجتهدة عن الشركة هذه بما يعرفُه كثيرون، أنها سيطرت على عدة شركات إنتاج وقنوات تلفزيونية، وأبعدت شركاتٍ أخرى عن العمل. 
عندما تكتب فيفيان إن محمد مرسي، في عام حكمه مصر، كان مثيرا للانقسام بشدّة، تكتب أيضا إن “الاختيار 3” يصوّره، وشخصياتٍ أخرى في جماعة الإخوان المسلمين، “متآمرين ماهرين”، تترافق حركاتُهم مع موسيقى توحي بما يُنذر بالسوء. والبادي في تقريرها أنه يسخر من مزج الحقيقة بالخيال في هذا العمل التلفزيوني، ويؤشّر إلى تناقضٍ فيه، بين بعض ما اشتمل عليه ومرويات الحكومة نفسها (قضية عبد المنعم أبو الفتوح مثالا). وأهم ما يخلص إليه قارئ “نيويورك تايمز” أن الدراما التلفزيونية سلاح بيد السلطة في مصر (بتعبير بلال فضل كما تنقل كاتبة التقرير عنه)، وينطبع في أفهامه ما يفعله “الرئيس السلطوي” (بتعبير الكاتبة) في قطاع الإنتاج الدرامي في مصر.
كتبت فيفيان يي، الصيف الماضي، تقريرا مثيرا ومهما عن جلستها، وزملاء لها، مع قيس سعيّد في تونس. وهنا، تختار لتقريرها عن “الاختيار” عنوانه “في الدراما التليفزيونية الرمضانية في مصر، الرئيس هو البطل”، تقرأه فيصير مضيعةً للوقت أن تقرأ ليوسف القعيد إن الصورة الذهنية الراسخة للرئيس السيسي في خياله تؤكّد له في كل لحظة أن مصر بخير.

بتاريخ:  2022-05-03

قراءه الخبر
من المصدر

#أخر #الأخبار

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد