- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

«أرزة تشرين» فيلم يستعيد انتفاضة اللبنانيين عبر الفن البديل والفنانين سليم صعب: صوّرت كواحد من الثوار وقدمت الثورة كما عشتها فشعر المشاهد بأنه جزء منها | القدس العربي

بيروت ـ «القدس العربي»: من دون استئذان تعيدنا مشاهدة الفيلم الوثائقي «أرزة تشرين» إلى الأسابيع الأولى لانتفاضة الشعب اللبناني في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وللحظات ينقلنا الفيلم إلى ما مضى، يدغدغ فينا الأمل، ويقصي عنا الجحيم الذي انحدرنا إليه كمواطنين. نسعد بروح التضامن والاندفاع والتصميم بهدف التغيير، وبتلك الصورة البهية التي تمكّن مخرج «أرزة تشرين» سليم صعب من إلتقاطها لشتى مراحل الانتفاضة، وخاصة في المظاهرات الليلة.

اختار سليم صعب التوجه إلى مجموعة من المبدعين في فن الغرافيتي، والراب، والغناء والرقص وغيرهم ليدون شهاداتهم في فيلمه الوثائقي. وصف هؤلاء طموحهم بغاية الدقة، وما يرغبونه من تلك الانتفاضة. هم ليسوا من أهل السياسة المحنكين، عبّروا بمشاعر وطنية وإنسانية نقية. كمثل قول أحدهم: «اليوم خلصت الحرب الأهلية من عقولنا وقلوبنا». أو أن يستنكر آخر بلداً يعطي مواطنيه بين «6 و12 ساعة كهرباء في اليوم». وأن تصرخ أخرى «مش راح ندفع حق الدين».
هكذا حفّز فيلم «أرزة تشرين» في لحظات نوستالجيا لزمن ليس ببعيد كثيراً، لكنه لا يقارن بالحالي. فالحرب الأهلية كانت قريبة في أكثر من موقعة. ونحن في صفر كهرباء منذ أيام. والمنظومة الفاسدة تسعى بشتى الطرق لتمرير قانون الكابيتال كونترول وتحميل الدين للناس. في الواقع نحن ننحدر من قعر إلى آخر أكثر عمقاً.
«أرزة تشرين» إلى جانب كونه فيلماً يوثّق لحظات مشرقة من تاريخنا، ومشغول بروية بعيداً عن أي حشو، فقد أعاد فتح المواجع، بدون أن يكون مخرجه مسؤولاً، بالطبع. فيلم جال على العديد من المهرجانات العربية والدولية منذ انطلاقه في نهايات 2020 وفي نيسان/ابريل الماضي عُرض في متحف سرسق في بيروت لأول مرة.
مع المخرج سليم صعب هذا الحوار:
○ سجلت الكاميرا مشاهد مشرقة في البلد خلال انتفاضة تشرين. متى رصدت الحراك في الشارع وكيف خطر لك فيلم «أرزة تشرين»؟
•كنت في زيارة عائلية قبل أيام من إندلاع الثورة. بدأ الحراك وكنت مع الناس في الشارع. في اليوم الثاني راودني حدْس بأننا حيال ثورة مستمرة وبأنها ستكون تاريخية فحملت الكاميرا ورحت أصور الشعارات التي انتشرت في كل مكان. وبما أني أركز في عملي كصحافي على الفن البديل من هيب هوب، وغرافيتي، رحت أصور الفنانين المنتشرين في وسط بيروت وهم يعبرون عن آرائهم رسماً أو كتابة ضد السلطة الحاكمة. ومن ثمّ قررت تصويرهم وتسجيل آرائهم بحيث يكون عملي هذا فيلماً للمستقبل. لاحقاً وجدت الفرصة مؤاتية لتسجيل مزيد من الآراء، فوسّعت مروحة الحوارات لتشمل نماذج مختلفة مشاركة في الثورة، من ثوّار ومجتمع مدني وصحافيين مستقلين. تركزت حركة الكاميرا على ساحات رياض الصلح، والشهداء، والرينغ والمصرف المركزي. هكذا ولدت فكرة الفيلم وتواصل التصوير من الصباح إلى المساء وعلى مدى أربعة أشهر. ويمكن تأريخ مرحلة التصوير من 18 تشرين الأول/اكتوبر 2019 وإلى نهاية كانون الثاني/نوفمبر 2020.
○ كشاب وفنان كم قرأت الأمل بالتغيير في عيون من افترشوا وسط البلد ومن خلال حواراتك معهم؟
•قرأت وشعرت بالأمل المطلق، وبأننا مقبلون على التغيير. أفضى لهذه المشاعر الواثقة، التضامن والتكاتف والخروج من عقلية الطوائف التي أدت للتقسيم والتفرقة. عشنا في موج هادر من الأمل بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية وإسقاط النظام الفاسد. ما شاهدته كان بنظري تاريخياً، فما من أحد نزل إلى الشارع بهدف دعم زعيم ما، وهذا كان مفرحاً جداً وسيدخل التاريخ. ورغم الانكفاء من الشارع روح الثورة ما تزال موجودة بين الناس.
○ هل خطر لك ولو للحظة أننا سنعود إلى هذا التقهقر المريع؟
•طبعاً لا. وليس صحيحاً أن يُحمّل البعض الإنهيار الذي حصل للثورة. بل أن الأزمة أفضت إلى الثورة. كنت أدرك أن تحقيق المطالب لن يكون بين ليلة وضحاها، لكني لم أتوقع حالنا في لبنان كما هو الآن.
○ مهنياً تميز الفيلم بصورته الجميلة وخلوه من المشاهد المحشورة. كم اشتغلت على المونتاج للوصول إلى هذه الحصيلة؟
•كما سبق القول أني صوّرت يومياً وعلى مدى أربعة أشهر، وقد يصل حجم الفيديوهات إلى 80 ساعة. تحدثت مع 60 شخصاً تقريباً، وكان الإختيار بينهم ضرورياً. كنت أحتاج لتضمين الفيلم أقوى تعبير وصور ومشاهد. استغرق المونتاج وقتاً، ولأن كورونا داهمتنا مع حجر قاسي جداً لأربعة أشهر في فرنسا، فقد أوليت المونتاج كل وقتي. لكني خلال التصوير كنت أدرك أن هذا المشهد وليس ذاك سيكون ضمن الفيلم، لذلك لم تكن المهمة صعبة بل دقيقة.
○ كنت حيال اختيارات يمكن وصفها بالنخبوية كالرسامين والمغنين والصحافيين والراقصين والراقصات. لماذا غاب الناس العاديون؟
•الفنانون من مغني هيب هوب ورسّامي غرافيتي هم من الناس العاديين برأي. بدأت الفيلم وبمخيلتي تدور فكرة أنه سيكون فيلماً عن دور الفنانين في الثورة. ولاحقاً وجدت أن الفرصة لا تفوّت، ومن الضروري تصوير كافة الفئات وهذا ما كان. التصوير كان عفوياً للغاية.
○ ما هو موقفك من ردة فعل المشاهدين في متحف سرسق بعد عرض الفيلم لأول مرّة في لبنان؟
•أعتبرها ردة فعل إيجابية جداً. الفيلم ذكّرهم بالثورة وبأيام الوحدة بين المواطنين. وكان إجماع بأن اللبنانيين يمتلكون قدرة الثورة بوجه النظام عندما يقررون. وإجماع على عظمة تلك الثورة.
○ بما أننا ابتعدنا بالزمن نسبياً عن انتفاضة 17 تشرين فهل تحوّل الفيلم إلى نوع من النوستالجيا؟
•لكن الثورة موجودة وضروري أن نتكلّم عنها. روح الثورة لا تزال يقظة في بال المجتمع المدني. أفهم جيداً أن الناس محبطون، وفي الوقت نفسه أقدم ما شاهدت كمخرج خلال الأسابيع المتتالية التي كانت فيها الثورة تشغل الجميع. ببساطة تامة عشت ثورة 17 تشرين كما هي في الفيلم.
○ يشكل «أزرة تشرين» وثيقة سينمائية موضوعية تؤرخ لمرحلة مهمة من حياة لبنان. هل سيعرض على نطاق واسع علّه يعيد الحماس للناس؟
•لست أدري إن كان سيؤدي إلى تلك الفعالية بين الناس. ما أعرفه أن كافة مشاهدي الفيلم رحبوا به، وشجعوني لعرضه دائماً كي يشجع الناس للنزول إلى الشارع مجدداً. لست أدري إن كان هذا سيحصل فعلاً لكني اعتقد أن الإنفجار سيعود وستكون الناس في الشارع مجدداً، وهم لن يستكينوا للعيش بدون كهرباء، ومحروقات وبظل غلاء فاحش. وما حدث للمركب على شاطئ طرابلس مؤخراً مؤسف ويختصر حالنا.
○ هل قابلت بعض الشخصيات التي شكّلت عصب الفيلم من زمن قريب؟ وكيف وجدت أحوالهم؟
•بالتأكيد. بعضهم حضر العرض في متحف سرسق وقالوا ذكرتنا بالثورة «وعا شوي راح نرجع ع الشارع». الآخرون من الذين ظهروا في الفيلم شاهدوه عبر اللينك وكانوا معجبين به.
○ «مش رح ندفع حق الدين» شعار أساسي أطلقته حناجر الشباب حتى بُحت. يبدو أن الكابيتال كونترول سيشرّع سلب الناس باستثناء السارقين. هل تتوقع أن تعود بالكاميرا إلى بيروت قريباً؟
•واضح تماماً أن مشروع قانون الكابيتال كونترول سرقة للناس ويطلب الشرعية من مجلس النواب، وليس للدفاع عنهم. لهذا أرى الناس في الشارع آجلاً أم عاجلاً. مع العلم أن الناس ينزلون إلى الشارع إنما ليس كما في ثورة تشرين. ذو ضحايا انفجار الرابع من آب/اغسطس لهم حراكهم المتواصل، وكذلك جمعية المودعين. وسيأتي اليوم الذي ينزل فيه الجميع كما حصل تماماً في 17 تشرين.
○ كيف تلقى المتابعون في المهرجانات العربية والدولية الفيلم؟
•بإيجابية كبرى. المهتمون بلبنان والراغبون بمعرفة تفاصيل عن ثورة 17 تشرين كثر، وهم وجدوا الفيلم يجيب على أسئلتهم. صوّرت الفيلم كواحد من الثوّار في الساحات، لهذا وجد المشاهد نفسه وكأنه فعلاً في قلب الثورة. رغبت كمخرج بتقديم الثورة كما عشتها، وذلك كي يشعر المشاهد أنه فرد منها. لهذا أكثرت من الـ«كلوز أب» على وجوه الناس، ولهذا صوّرت عيونهم. اخترت التصوير بروحية المنغمس في الثورة.
○ لك قبل «أرزة تشرين» فيلمان وثائقيان فماذا عنهما؟
•صحيح. أحدهما عنوانه «قوية» سنة 2018 ويُظهر المرأة العربية في فن الشارع والغرافيتي. جرى تصوير هذا الفيلم في لبنان، والكويت، والسعودية، وتونس. وقد سبقه فيلم «بيروت ستريت» وهو يتناول ثقافة الهيب هوب في لبنان. وثقافة الهيب هوب تجمع الراب، والغرافيتي، والدي جي والرقص وكان ذلك سنة 2017.
○ وماذا تعد للمستقبل؟
•أعمل لإنجاز فيلم جديد عن الأمل. فالأمل لا يزال موجوداً في لبنان. لقدت باشرت التصوير مع فنانين وسواهم.
○ لماذا أنت منحاز للفنانين هم عصب أفلامك؟
•كنت على مدى 15 سنة رابر باللغة الفرنسية، وصدر لي أكثر من سي دي في فرنسا. وعلى مدى تسع سنوات قدمت عبر إذاعة مونت كارلو الدولية برنامجاً عن الهيب هوب والثقافة البديلة. كما أكتب عن هذا الفن في عدد من المطبوعات الفرنسية. أرى للفن دوراً مهماً في الثورات، ويمكن للفن أن يخيف الأنظمة أحياناً. ففي ثورة 25 يناير في مصر اعتقل النظام العديد من الفنانين. الفن ليس سطحياً في حركة التغيير. الفنانون في ثورة لبنان كانوا يجددون حيويتها عندما كانت تتراجع قليلاً سواء في الموسيقى أو الغرافيتي. في رأيي أن الناس ستعود مجدداً إلى الشارع.

- الإعلانات -

#أرزة #تشرين #فيلم #يستعيد #انتفاضة #اللبنانيين #عبر #الفن #البديل #والفنانين #سليم #صعب #صورت #كواحد #من #الثوار #وقدمت #الثورة #كما #عشتها #فشعر #المشاهد #بأنه #جزء #منها #القدس #العربي

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد