- الإعلانات -

- الإعلانات -

احتجاجات تونس: هل أقنعت خطابات حكومة المشيشي الشباب الغاضب؟

قبل 7 ساعةصدر الصورة، Getty Imagesالتعليق على الصورة، تتواصل الاضطرابات في تونس بين مسيرات احتجاجية ومواجهات بين الشرطة ومواطنين غاضبين. ويسعى المسؤولون إلى تهدئة الأوضاع بخطابات بدا أنها تأتي بعكس ما أريد منها.ألقى رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي مساء الثلاثاء خطابا قال فيه إنه “يتفهم مطالب الشباب التونسي”، وذلك بعد أيام من اضطرابات شهدتها شوارع مدن تونسية مختلفة، تحولت في أحيان كثيرة إلى مواجهات بين قوات الشرطة والمحتجين، فكيف كان رد فعل التونسيين؟خطاب رئيس الحكومةخطاب المشيشي جاء بعد أربع ليال من الاحتجاجات والمواجهات بين الشرطة وشباب، اعتقل منهم ما يزيد عن 600 قالت السلطات إن أغلبهم قصّر، واتهمتهم بإحداث الشغب والاعتداء على ممتلكات الغير وعلى أفراد قوات الأمن.وتحولت المواجهات يوم الثلاثاء قبل خطاب رئيس الحكومة إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، حيث خرج محتجون نهارا يطالبون بإطلاق سراح المعتقلين في الأيام السابقة، وينادون بضمان حق التظاهر، رافعين شعار “الشارع ملك الشعب”.وتفاعلا مع ما يحدث في الشارع قال المشيشي في خطابه: “صوتكم مسموع وغضبكم مشروع … لكن الفوضى مرفوضة وسنتصدى لها بقوة القانون وبوحدة الدولة”.خطاب المشيشي وإن بدا للبعض رصينا متوازنا، فقد رآه آخرون فارغا من كل محتوى مفيد.البعض رأى فيه نسخا لخطاب بن علي الشهير “فهمتكم”، والذي كان آخر ما قاله الرئيس السابق قبل أن يجبره الغضب الشعبي على مغادرة البلاد، في يوم يحتفل فيه الآن بذكرى الثورة. ويتزامن الخطاب الذي يعترف بمشروعية الاحتجاجات مع استخدام للقوة في مواجهتها، ومع اعتقال أكثر من 600 شخص خلالها.الانتقادات التي وجهت للمشيشي لم تقتصر على فحوى الخطاب وإنما طالت شكله أيضا.قرأ المشيشي الخطاب من ورقة وُضعت أمامه، فكان مستوى التواصل بينه وبين المتلقين ضعيفا، ولم يحظوا بنظرات مباشرة من مخاطبهم إلا قليلا.وملأت الأخطاء اللغوية أيضا خطاب رئيس الحكومة، الذي قرر أن يخاطب الشباب بلغة عربية فصحى.تصريح وزير الدفاعالاحتجاجات والمواجهات التي تحدث في البلاد منذ أيام كانت موضوع جلسه البرلمان التونسي يوم الأربعاء، والتي حضر فيها أعضاء من الحكومة طرحوا رؤيتهم للوضع وأجابوا على أسئلة النواب.وكان من بينهم وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي، الذي وصف ما يحدث بـ”أزمة سوف تمر”. كما أشار إلى “توفر معلومات حول إمكانية استغلال عناصر إرهابية لعمليات الشغب”.ويواجه مثل هذا التصريح عادة بموجة من التشكيك والاتهام للسلطات باستغلال ما يصفونه بـ”فزاعة الإرهاب”، لتحجيم التحركات الاحتجاجية وتبرير التعامل مع المتظاهرين بالقوة .كان من المفترض أن يخفف تصريح وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي حدة الغضب ويساعد السلطات في تهدئة الأوضاع، لكنه حوّل الغضب نحو شخص الوزير، الذي واجه اتهاما بتغذية النزعة الجهوية، وزرع التفرقة بين أبناء الوطن الواحد.الوزير قال إن التحركات التي تشهدها مناطق الساحل على غير العادة يشارك فيها “عدد لا بأس به من ضيوف الساحل والوافدين من المناطق الأخرى، الذين فقدوا مواطن الشغل خاصة في قطاع السياحة”. هذا التصريح ضرب على وتر شرخ اجتماعي عميق في بنية الشعب التونسي: التمييز والتمايز بين بعض مدن الساحل والجهات الداخلية. والذي لا ينقطع الحديث عنه منذ عهد بورقيبة. إذ تحتكر بعض كبرى مدن الشمال والساحل أغلب مواطن الشغل والمرافق التعليمية والترفيهية الكبرى، بينما تعتبر مناطق الداخل في أغلب الأحيان مناجم موارد طبيعية وبشرية لا يعود عليها الكثير من ريع ما تقدمه لاقتصاد البلاد. ويخلق ذلك فرقا شاسعا بين قسمي البلاد، بدءا بالبنية التحتية وصولا إلى تقسيمات اجتماعية أنثروبولوجية أكثر تعقيدا. اعتذر الوزير عن تعبيره هذا بعد غضب بعض النواب الحاضرين في الجلسة وسحبه باسم الحكومة.ما الذي يحدث في تونس؟ هذا السؤال لا تطرحه فقط وسائل الإعلام أو المتابعون للشأن التونسي من خارجها، بل التونسيون أنفسهم. هل ما يحدث “ثورة جديدة” أو “ثورة تصحيح مسار” أو “ثورة جياع”؟ مسميات تصبغ على التحركات طابعا منظما واضح المعالم والمطالب، ويؤمن بها البعض. والبعض يرى أن المواجهات الليلية بين شباب، منهم أطفال أحيانا، وبين قوات الشرطة تعد “فوضى”، هدفها “التخريب” وتحدي القانون والسلطة بشكل “عشوائي”، وتستغلها أفراد وكيانات سياسية “لتحقيق مآرب شخصية” ويستمتع فيها البعض “بمغامرة” المواجهة مع الشرطة. ومنهم من يحصر أسبابها في رفض إجراءات الإغلاق التي أعلنت السلطات فرضها لمحاولة الحد من انتشار فيروس كورونا، لما يسببه الإغلاق من تبعات تزيد حدة الأزمة الاقتصادية وتردي القدرة المعيشية.بينما يقف بين الطرفين من ينادي بتأطير التحركات التي ليس لها هدف محدد وواضح، وتحويل مسارها إلى حراك اجتماعي شعبي منظم “يجبر السلطة على الإنصات لمطالبه ويرغمها على التجاوب والحوار كخطوة أولى”.ومهما كان المسمى، أو الصيغة التنظيمية، فإن ما يحدث من مواجهات بين الشباب وقوات الأمن، كاشف لغضب هذه الفئة، التي عجزت عن تحقيق ما حلمت به منذ سنوات وآمنت بأنه بات قريب المنال في “تونس الثورة”.
المصدر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد