ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 6 أعوام يهدد الدول ذات الاقتصادات الأضعف

منذ ساعتين

حجم الخط

نيويورك – ب أ: تتسابق حكومات دول العالم من أجل الحصول على التطعيم المضاد لفيروس كورونا، ولكن حكومات الدول ذات الاقتصادات الضعيفة تواجه في الوقت نفسه تحدٍ آخر هو تأمين السلع الغذائية الأساسية، التي ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من ستة أعوام، بدءً من فول الصويا إلى زيت النخيل، بسبب ارتفاع الطلب من جانب الصين، وضعف سلاسل التوريد، وظروف الطقس السيئة.وتحذر بعض البنوك من أن العالم يتجه نحو «دورة عملاقة» لارتفاع أسعار السلع، مما يلقي مزيداً من الضغوط على المستهلكين المتضررين أصلاً من الركود الناجم عن تفشي وباء كورونا، ومن انخفاض قيمة العملة في بعض الأماكن.فقد اندلعت احتجاجات في السودان منذ مطلع العام، في حين ساهمت المخاوف بشأن تأمين السلع الغذائية في حدوث نزاعات في لبنان وتونس. أما في الهند، فقد ثار المزارعون ضد الجهود الحكومية المبذولة من أجل خفض الأسعار.من ناحية أخرى، فرضت روسيا والأرجنتين قيوداً على نقل شحنات المحاصيل الخاصة بهما، بهدف تخفيض الأسعار داخل البلاد.وحتى الدول الغنية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، تفكر في تحديد سقف مقبول لأسعار بعض الأغذية.يقول كولين هندريكس، الزميل البارز في «معهد بيترسون للاقتصاد الدولي»، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، أن «هذه القفزات في الأسعار تؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وذلك ليس فقط لأنها تسبب الكثير من المصاعب بالنسبة للمجتمعات والأسر، ولكن أيضا لأن هناك توقعا بأن الحكومة سوف تقوم بشيء حيال ذلك». ويضيف أن «التداعيات سوف تستمر لفترة أطول وسوف تتجاوز فترة تفشي الوباء.»وكما هو الحال دائما، فإن التأثير يأتي بصورة غير متناسبة. ففي الدول الغربية الغنية، قد يكون الأمر مجرد مسألة استبدال العلامة التجارية للمنتج. أما في الدول الاكثر فقراً، فمن الممكن أن يعني الفرق الاختيار ما بين إرسال الطفل للتعلم في المدرسة أو إخراجه منها بهدف كسب المال.ومع ذلك، فإن الدول من الفئة الأعلى، أي ذات الدخل المتوسط، فهي التي قد تشهد حدوث أكبر تداعيات حول العالم. وبعضها من أكثر أماكن العالم اكتظاظا بالسكان، وتشكل تكلفة المواد الغذائية الحصة الأكبر من سلة أسعار المستهلك. كما أنها تمثل الدول التي تتعرض الحكومات فيها لضغط أكبر لكي تتصرف.ففي البرازيل ذات الضغط الشعبوي، يبرز أكبر اقتصادات أمريكا اللاتينية بين الأسواق الناشئة، وذلك لأنها شهدت تسجيل أسرع زيادة في أسعار المواد الغذائية خلال العام الماضي بالمقارنة بالتضخم الكلي بسبب التراجع المستمر في قيمة العملة، حسب ما ذكرته «أوكسفورد أيكونوميكس ليميتد» وهي شركة متخصصة عالميا في مجال التنبؤ والتحليل الكمي في مجال الأعمال.وفي الوقت نفسه، تتراجع شعبية الرئيس اليميني الشعبوي غاير بولسونارو، إلى ما هو أقرب لأدنى مستوياتها القياسية، وهو يحاول إيجاد طرق جديدة من أجل تهدئة الناخبين.وفي التاسع عشر من الشهر الماضي، قام بولسونارو بإقالة رئيس شركة النفط المملوكة للدولة، بصورة مفاجئة، بعد خلاف بشأن أسعار الوقود.كما أنه يمارس ضغوطاً على البرلمان من أجل الحصول على مجموعة جديدة من المساعدات من أجل الفقراء، لمساعدتهم على مواجهة أزمة فيروس كورونا، وذلك بعد انتهاء المساعدات النقدية في شهر ديسمبر/كانون أول الماضي.وتكمن المشكلة في أن تلك المساعدات النقدية أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية، حسب ماريا أندريا لاميراس، وهي باحثة في معهد «ايبيا» لأبحاث الاقتصاد. فقد قفزت أسعار الأرز بنسبة 76 في المئة في العام الماضي، بينما ارتفعت أسعار الحليب واللحوم بنسبة تزيد على 20 في المئة.وقالت لاميراس «الحكومة قامت بتوزيع الأموال على السكان أصحاب أعلى نسب للإنفاق على المواد الغذائية».وتهدد تكلفة تأمين التغذية الاساسية بتوسيع فجوة عدم المساواة في دولة تعاني بالفعل من أكبر فجوة دخل في المنطقة، وهو الوضع الذي تفاقم بسبب تفشي الوباء.وحتى في حال عادت المساعدات، فإن الدفعات الشهرية ستكون أقل وستصل إلى عدد أقل من المواطنين، مما سوف يحد من نطاقها في تخفيف الفقر المدقع.أما في روسيا، فإن الدروس المستخلصة على مر التاريخ بشأن أحداث ارتفاع الأسعار والأرفف الخاوية في المتاجر عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، مازالت حية لدى الكثير من المواطنين الروس.وفي ظل تراجع شعبيته إلى أدنى مستواياتها بسبب الاحتجاجات المطالبة بالإفراج عن زعيم المعارضة المسجون حاليا، أليكسي نافالني، يشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقلق حيال التأثير السياسي المترتب على ارتفاع أسعار السلع الغذائية.وفي نيجيريا، شكّلت العاصفة الهوجاء المتعلقة بارتفاع أسعار السلع الغذائية في الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا، أكثر من نصف مؤشر التضخم في البلاد، وارتفعت الاسعار في يناير/كانون ثاني الماضي بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 12 عاما.وتنفق الأسرة النيجيرية المتوسطة أكثر من 50 في المئة من دخلها على الغذاء. وتضيف تكاليف الغذاء إلى أزمة تحديات الأمن الغذائي التي ظلت تطارد نيجيريا طوال فترة تفشي وباء كورونا.أما في تركيا، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 18 في المئة في يناير، بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام السابق، مع تسجيل قفزات حادة في أسعار السلع الأساسية من الحبوب إلى الخضروات.وقد أمر الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، بفتح تحقيق بشأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية.وفي حين ارتفعت أسعار المواد الغذائية الرئيسية بوتيرة أبطأ خلال الأسابيع الأخيرة في الهند، مازال الغذاء يأتي في قلب التوترات السياسية التي تهيمن على الهند. وقد تصاعدت احتجاجات المزارعين بسبب تحرك حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، من أجل تحرير سوق المحاصيل. ويخشى المزارعون من أن يؤدي القانون الجديد إلى خفض الأسعار.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد