استعراض عسكري بالجزائر: الخسائر لا تحد من سيطرة الجيش |

الجزائر- تنظم الجزائر استعراضا عسكريا ضخما احتفاء بالذكرى الستين لعيد الاستقلال المصادف للخامس من يوليو، وهو الأول من نوعه منذ نحو أربعة عقود، في خطوة قال مراقبون إن الهدف منها استعادة الجيش لمكانة مفقودة ولعقيدة عسكرية انتصارية يراد إحياؤها للتغطية على خسائر دبلوماسية وإقليمية للجزائر وإظهار أنها لا تحدّ من سيطرة الجيش على الأمور.

وأشار المراقبون إلى أن الاستعراض الذي يتم الإعداد له على نطاق واسع ليظهر في صورة ضخمة هدفه إقناع الجزائريين بأن النظام لا يزال قويا، وأن العزلة الخارجية التي وضع نفسه فيها لم تؤثر عليه، لافتين إلى أن مؤسسة الجيش لا تريد أن يتسلل إلى الجزائريين أي شك في قدرتها على إحكام قبضتها على البلاد.

وعكست نقاشات في بعض وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي قلقا في الشارع الجزائري من المغامرات الرسمية التي زادت من أعداد خصوم الجزائر في محيطها الإقليمي؛ بدءا من المغرب وفرنسا، مرورا بتونس وليبيا، ووصولا إلى إسبانيا. وهي مغامرات قد تجعل البلاد في مواجهة مع أوروبا في الوقت الذي تكون فيه الجزائر في أمس الحاجة إلى استعادة حضورها الإقليمي ما يساعدها على بيع كميات أكبر من النفط والغاز وتحصيل عائدات إضافية للخروج من أزمتها الاقتصادية.

~ إبعاد كل مصادر التشويش عن حلم تبون للمرور إلى ولاية رئاسية ثانية ينتظر أن يكون الجيش داعمها الأول

وشرعت الجزائر منذ الفاتح من يوليو في إغلاق بري وجوي جزئي للعاصمة، تحسبا لتنظيم استعراض عسكري ضخم بمناسبة ستينية الاستقلال، وهي الاحتفالية التي يراد لها أن تكون فاصلا بين مرحلتين سياسيتين في البلاد، حيث كانت السلطة السابقة للرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة تضفي على الذكرى طابعا مدنيا، بينما تعمل السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون على استعادة أمجاد المؤسسة العسكرية في إدارة الشأن العام.

وينتظر أن تستغل السلطة فرصة هذه الاحتفالية للإعلان عن قرارات مهمة تتصل بالشأن الداخلي، خاصة فيما يتعلق بمشروع لمّ الشمل الذي أعلن عنه منذ عدة أشهر في البلاد، بغية إرساء جبهة داخلية متماسكة واستقطاب رموز وشخصيات سياسية معارضة للنظام، فضلا عن الإعلان عن حركة داخل المؤسسة العسكرية، تسربت منها ترقية قائد أركان الجيش الحالي سعيد شنقريحة إلى رتبة فريق أول.

ويحمل الاستعراض العسكري، الذي عاد لأول مرة منذ 1985، عدة دلالات ورسائل تتمحور حول عودة المؤسسة العسكرية بقوة إلى إدارة الشأن العام واستعادة العقيدة الانتصارية للخطاب السياسي القائم، رغم الإخفاقات المسجلة على المستويات الدبلوماسية والإقليمية والاقتصادية والاجتماعية.
وتبعا لمخطط حركة المركبات المعلن عنه منذ يومين، والمتعلق بغلق المدخل الرئيسي للعاصمة من الناحية الشرقية، بداية من الفاتح من يوليو، وحظر حركة الطيران المدني في سماء العاصمة يوم الثلاثاء القادم، فإن وسائل الإعلام المحلية والحكومية شرعت في بث حملة دعائية لاحتفالية الستينية وبرنامج الاستعراض العسكري الضخم الذي سينقل إلى الرأي العام عبر مختلف وسائل الإعلام.

وتستعد السلطة لإحياء الاستعراض العسكري -الذي كان تقليدا سنويا خلال العقود الماضية- من أجل أن تمرّر إلى الرأي العام الداخلي رسائل تتغنى بالانتصارات وتربط ذلك بمنجزات السلطة في الداخل، فضلا عن تجسيد حالة التناغم والانسجام بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية لدحض أحاديث الصراعات بين أجنحة السلطة.

وينتظر أن تكون الحركة الواسعة في صفوف الجيش ومراسيم تخرج الدفعات العسكرية من مختلف المدارس والمعاهد أحد وجوه الاحتفالية الضخمة التي من المزمع أن تتوج بتأكيد التماسك بين شقّيْ السلطة -الشق العسكري والشق المدني (قيادة الأركان ورئاسة الجمهورية)- وإبعاد كل مصادر التشويش الداخلي عن حلم الرئيس تبون للمرور إلى ولاية رئاسية ثانية، والتي ينتظر أن يكون الجيش داعمها الأول، خاصة وأن الرجل الأول في المؤسسة العسكرية ينتظر ترقيته إلى أعلى رتبة.

~ ينتظر أن تستغل السلطة فرصة هذه الاحتفالية للإعلان عن قرارات مهمة تتصل بالشأن الداخلي

وكانت السلطة قد أعلنت في مجلس الوزراء عن رصد 30 مليون دولار لتنظيم احتفالية ستينية الاستقلال، بكل أبعادها، خاصة في ظل الظروف الإقليمية الصعبة التي تعيشها المنطقة، ولذلك ستكون المؤسسة العسكرية هي المشرف الأول على الاحتفالية بكل تفاصيلها الاستعراضية والبشرية واللوجيستية في البر والبحر والجو.

ومنذ انتخاب تبون رئيسا للجزائر في نهاية 2019 لوحظ تعاظم دور الجيش في إدارة الشأن العام، وصارت خطابات الرجل الأول في المؤسسة الفريق سعيد شنقريحة ونصوص مجلة الجيش (لسان حال المؤسسة) تتناول مختلف القطاعات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية والأيديولوجية. كما لم يتوان قائد الجيش في إبراز الدور الفاعل للمؤسسة العسكرية في الدولة استنادا إلى نص تشريعي ورد في الدستور الأخير، بينما تطالب المعارضة بعدم خروج الجيش عن مهامه الطبيعية كبقية جيوش العالم، وترك المجال السياسي والمدني للسياسيين والمدنيين.

وتأتي الاحتفالية الضخمة لستينية الاستقلال في أجواء تخيم عليها حالة من التشنج وتوتر العلاقات بين الجزائر ومحيطها الإقليمي والدولي، حيث دخلت منذ أشهر في مشادات ومناكفات مع بعض مكونات هذا المحيط كلفتها إخفاقات دبلوماسية وسياسية كان آخرها الاعتراض على شغل دبلوماسيها ووزير خارجيتها السابق صبري بوقادوم منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا.

#استعراض #عسكري #بالجزائر #الخسائر #لا #تحد #من #سيطرة #الجيش

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد