الأمير هشام: مستقبل الديمقراطية في العالم العربي رهين بتونس والشعبويون ينتهون بدون شعب ويتحولون إلى سلاطين

لندن- “القدس العربي”: بعد منع السلطات التونسية الأمير هشام العلوي من دخول البلاد، الخميس الماضي، للمشاركة في ندوة من تنظيم لوموند دبلوماتيك حول “المغرب العربي في زمن الشعوبية”، شارك اليوم السبت عن بعد بفضل برنامج “زووم”، مبرزا أن أخطر ما يعيشه العالم العربي هو ظهور “شعبويين بدون شعب ويصبحون سلاطين”.
في هذا الصدد، أبرز الأمير هشام أن الثورة التونسية كانت مثالا على انتقال ديمقراطي سلمي في العالم العربي، إذ لم يتم تسجيل عمليات انتقام ومحاكمة بل كان الهدف هو “التطلع إلى مزيد من الحرية والكرامة”.
وتناول الأمير هشام بالتحليل مفهوم الثورة المضادة في سياقها التاريخي حتى ظهرت في العالم العربي لمناهضة الربيع العربي والانتقال نحو الديمقراطية، مؤكدا أن الثورة المضادة انبثقت من نخب النظام القديم وغيرها من بقايا النظام الاستبدادي الذي هيمن لأجيال.
وأوضح أن “الثورة المضادة” خلقت قوى سياسية عمدت إلى تعطيل الانتفاضات. كما أضيف عنصر آخر إلى تعطيل الربيع العربي وهو موقف بعض القوى الغربية وعلى رأسها فرنسا في البدء. وعلى الرغم من وعي الغرب بأن الربيع العربي ليس انتفاضات معزولة فقد تخوف من وصول الإسلاميين الى الحكم وليس ضد الديمقراطية، وتوجس من خسارة الكثير إذا وقعت قطيعة كما حدث مع الثورة الإيرانية سنة 1979. وقد غذى الاستشراق القائل بعدم تقبل المسلمين للديمقراطية دورا في هذا الشأن. واستغلت قوى عربية هذا التطور لتشن الثورة المضادة بقيادة الرياض وأبوظبي، على حد تعبيره.
ويشير الأمير هشام إلى أنه “تبلورت طبوغرافية سياسية إقليمية جديدة بسبب الصورة المضادة، تتمظهر في ثلاثة مظاهر. أولاً، سعت الحملة المعادية للربيع العربي إلى فصل فلسطين عن السياسة الإقليمية، وبالتالي التمهيد لما سيصبح لاحقا بالتطبيع مع إسرائيل الذي تجسده اليوم اتفاقيات أبراهام”، ثم “ثانيا، ربطت الثورة المضادة الإسلام السني، الذي جسدته جماعة الإخوان المسلمين، بالتهديد الوهمي المتمثل في التوسع الشيعي. لذلك أدخلت عنصراً طائفيا في الخطاب الإقليمي. وأخيرا، نشرت الموجة المضادة للثورة أشكالًا جديدة من المراقبة العابرة للحدود الوطنية بالتجسس الرقمي في جميع أنحاء المنطقة، في محاولة لترهيب وإسكات جميع أشكال المعارضة”.

سعت الحملة المعادية للربيع العربي إلى فصل فلسطين عن السياسة الإقليمية، وبالتالي التمهيد لما سيصبح لاحقا بالتطبيع مع إسرائيل

وبعد انتقاله إلى معالجة الأنظمة للربيع العربي من خلال العنف مثلما حدث في مصر، أو التوافق النسبي القائم على المناورة في المغرب، وغياب الربيع العربي في الجزائر بسبب تداعيات الحرب الأهلية غير المعلنة وإن كان قد جاء مـتأخرا في الحراك خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فقد شكلت تونس لاحقا حالة خاصة بعد نجاح الثورة المضادة في ضرب ثورة الياسمين. ويقول في هذا الصدد “رأينا الثورة المضادة تظهر هنا في تونس، في صيغة شعبوية أدت إلى تراجع الديمقراطية. هذا يمثل تحديا خطيرا، سواء من حيث نوعية التهديد الشعبوي أو صحة ومسار الديمقراطية التونسية. كان هذا هو البلد الوحيد في العالم العربي الذي شهد انفراجا ديمقراطيا خلال الربيع العربي. غير أنه بدأ يسجل تراجعا بسبب الاستياء الشعبي من ممارسات غير مناسبة للحكومات المنتخبة المتعاقبة على مدى العقد الماضي، وهو استياء بلغ ذروته الآن بصعود الحكومة الحالية. أعطت هذه الإحباطات تفويضا مفتوحا للشخصيات السياسية التي تتبنى الشعبوية”.
وتابع في وصف شعبوية الرئيس قيس سعيد بأن “خطر الشعبوية التي تواجه تونس والدول الأخرى اليوم مختلفا. الشعبوية هي أيديولوجية تمجد نوعا معينا من السلطة. إنها عمودية البناء متجسدة في شخصية معينة، فهي تتمحور حول القادة الكاريزماتيين الذين يدعون أنهم يجسدون إرادة الجماهير. شعبوية تركز على النخبة وتغازل المجتمع بوعود استعادة أمجاد الماضي”.
وبعد شرح عميق لأنماط الشعبوية التي يشهدها العالم خلال السنوات الأخيرة سواء في العالم العربي أو دول مثل الولايات المتحدة مع الرئيس السابق دونالد ترامب، وتقديم النماذج التي يراهن عليها مستبدون مثل النموذج الصيني والروسي، يؤكد الأمير هشام أن العالم يشهد معركة ضد الشعبوية التي تستفيد من المؤسسات للوصول الى السلطة ثم لا تحترم هذه المؤسسات اعتقادا منها أن الحق بجانبها. ويحذّر من أن كل فراغ سياسي تسعى الشعبوية الى السيطرة عليه، ويستخلص أن “تاريخيا، الشعبوية تأخذ مسارها. وفي نهاية المطاف، ينتهي بنا الأمر بوجود شعبويين بدون الشعب. وهنا يكمن الخطر. إذا حاول الحكام المستبدون الاستمرار في السلطة على الرغم من فقدان الدعم الشعبي، فإنهم يصبحون سلاطين”.

تونس الآن هي في طليعة العالم العربي ويمكنها أن تجعل الكفة تميل إلى الديمقراطية على وجه التحديد لأنها في قلب المعركة ضد ما هو استبدادي

يبرز الأمير هشام أن العالم يناضل من أجل الديمقراطية في وجه موجة الشعبوية، مشيرا إلى ” هناك عاملاً آخر أكثر أهمية يحدد مستقبل الديمقراطية العربية. هذا العامل هو تونس وتطورها السياسي المستمر. اللحظة الحالية فرصة تاريخية. في السابق، لم تكن تونس تعتبر دولة قوية من شأنها أن تؤثر على التوازن بين معظم الدول العربية الأخرى. كان عدد سكانها واقتصادها صغيرين، وكانت دبلوماسيتها تميل إلى دعم الإجماع العربي. لكن تونس الآن هي في طليعة العالم العربي ويمكنها أن تجعل الكفة تميل إلى الديمقراطية على وجه التحديد لأنها في قلب المعركة ضد ما هو استبدادي”.

#الأمير #هشام #مستقبل #الديمقراطية #في #العالم #العربي #رهين #بتونس #والشعبويون #ينتهون #بدون #شعب #ويتحولون #إلى #سلاطين

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد