- الإعلانات -

- الإعلانات -

الباحث التونسي “غازي معلى” لـ«الحل نت»: «الربيع العربي فشل في مواجهة التطرف وإفريقيا تحت رحمة الجهاديين»

علي ناجي

«تنتشر المجموعات الجهادية بكثافة، من السواحل الإفريقية على المحيط الأطلسي، وصولاً إلى دول البحر الأحمر، وخاصة #الصومال، وإذا نجحت هذه المجموعات بتوحيد أنفسها، في كيان تنظمي متماسك، فسيكون العالم بأسره أمام خطر، لا قبل له بمواجهته».
بهذا التحذير المتشائم يحاول “غازي معلى”، الباحث التونسي المختص بالجماعات المتشددة والشؤون المغاربية، تلخيص الأوضاع في القارة السمراء.
انتشار المجموعات الإرهابية في المنطقة ليس مجرد ظاهرة أمنية أو ميدانية، بل هو نتيجة لفشل عمليات التحديث والعلمنة في الدول الإسلامية، بحسب الآراء والتحليلات التي ينشرها الباحث التونسي في كثير من المنابر الإعلامية، ومادام هذا الفشل مستمراً، فستبقى هذه الدول المُنتج الأساسي لمتطرفين، يهددون الأمن والسلم العالميين، وقد نقل هؤلاء المتطرفون نشاطاتهم مؤخراً من #أفغانستان وسوريا والعراق والدول المغاربية إلى مناطق الصحراء الكبرى وجنوبها في إفريقيا.
موقع «الحل نت» التقى “معلى” لمزيد من الاطلاع على وجهات نظره حول الموضوع، ومعرفة تفاصيل آخر نشاطات التطرف الإسلامي في إفريقيا، والسؤال عن السبب الذي يجعل من بلده #تونس، رغم انفتاحه وعلمانيته، والنجاح النسبي للتغيير الديمقراطي فيه، مصدراً لتصدير الجهاديين والمتطرفين إلى سوريا والعراق وفرنسا وغيرها من الدول.
 
الدول المغاربية مصنعٌ للتطرف
يحاول “معلى” الإجابة على السؤال الأخير بالقول: «تونس والجزائر توفران البيئة الأكثر مناسبة لتوليد الإرهابيين على الصعيد العالمي، وهذه حالة مستمرة، نشهدها منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، لأسباب عديدة، أبرزها فشل دول الاستقلال، التي قامت على إرث دموي للاستعمار الفرنسي، وهشاشة الثقافة الدينية بالمنطقة، ما يجعل شباب الدولتين، أكثر من غيرهم، عرضةً للأيديولوجيات المتطرفة».
وأضاف: «التحقت #ليبيا حديثاً بركب التطرف، واحتلت موقعاً ومركزاً متقدماً في تصدير الجهاديين، نظراً لوضعها الأمني غير المستقر».
وبشأن العمليات الإرهابية، التي يقوم بها مهاجرون من أصول مغاربية في أوروبا، وسعي #فرنسا بالتحديد للتصدي للمد الإسلاموي، يعتقد الخبير التونسي أن «الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينتهج سياسة متخبّطة في مواجهته للتطرف»، معتبراً أن «الفشل الفرنسي في مواجهة التطرف الإسلامي عميق ومتجذّر، ومن أهم مظاهره انتشار أنماط التدين الإسلامي المحافظ، والمنعزل عن المجتمع الفرنسي، خاصةً في الأحياء، التي تحوي نسبة عالية من المهاجرين المغاربة؛ وفي السجون، التي أصبحت مفرخة لتحويل الشباب المسلمين الجانحين إلى متطرفين».
مشيراً إلى أن «الطرح الفرنكفوني للعلمانية يساعد على نشوء التطرف الديني في البلدان المغاربية، وجالياتها في فرنسا»، عازياً ذلك إلى أن «المنظومة الفكرية والعقائدية والاجتماعية للمجتمعات المغاربية لم تتقبّل بعد النظرية الفرنسية في فصل الدين عن الدولة، مما ساهم بانتشار الدعوات الاسلامية المتطرفة، واستقطاب الشباب المغاربي إلى التنظيمات الجهادية».
 
فشل الربيع العربي
وعن أسباب عدم تقبّل كثير من المجتمعات العربية للقيم العلمانية والحداثية، يؤكد الخبير التونسي أن «العلمانية والحداثة أمران بعيدا المنال حالياً، مادامت الدول تصرّ على دعم المدارس والمؤسسات الدينية التقليدية، مثل الأزهر في #مصر ومرجعية #النجف بالعراق، فهذه المؤسسات تسيطر على المجتمع اجتماعيا وأيديولوجياً، وتؤسس لحالة من المد الديني، الذي يقف حائلاً ضد التحديث والعلمنة».
متابعاً حديثه بالقول: «التديّن اصبح بديلاً عن الهوية الوطنية، والإحساس بالانتماء للوطن، في كثير من الدول»، معتبراً «نشاط الإخوان المسلمين في مصر وتونس (حركة النهضة)، والفصائل الشيعية بالعراق، خير مثال عن ذلك».
ويعود “معلى” للماضي القريب، مؤكداً أن «الربيع العربي، الذي انطلق عام 2011، بيّن عمق الأزمة الفكرية والحضارية للمجتمعات العربية، فبدلاً من الانتقال إلى أنظمة ديمقراطية، استطاعت الجماعات الإسلامية الفوز بالانتخابات، في الدول التي أسقطت أنظمتها، مثل مصر، التي حكمها #الإخوان_المسلمون، وتونس التي تحوز فيها “حركة النهضة” على أغلبية برلمانية». معتقداً أن «تجارب الربيع العربي أثبت فشلها، وبعد كل التضحيات نرى مصر مثلاً تحكمها اليوم المؤسسة العسكرية».
وشدد على أن «الانتفاضات العربية ساهمت في بروز ظاهرتين: الأولى تحصيل ما يسمى بـ”الإسلاميين المعتدلين”، وخاصة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، مكاسب سياسية، منها الوصول إلى الحكم؛ وثانيها تطوّر نشاط المتطرفين، وتعزيز محاولتهم لتكوين دولة الخلافة الإسلامية، التي نجحت مؤقتاً في العراق وسوريا، ويتم إعادة إحيائها اليوم في إفريقيا».
 
هلال التطرف الإفريقي
وبالحديث عن إحياء حلم الخلافة في إفريقيا يؤكد الباحث التونسي أن «الإرهابيين، سواء كانوا من تنظيم #القاعدة أو داعش، يتجمّعون الآن في دول الساحل والصحراء الافريقية، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو»، محذّراً  من «تشكيل هلال متطرف، يربط بين “بوكو حرام” في #نيجيريا، والتنظيمات المتطرفة في التشاد والصومال من جهة؛ والمجموعات الجهادية في جنوب المغرب العربي وموريتانيا من جهة أخرى».
متابعاً: «في هذه الحالة سيتشكّل محور جهادي ضخم، يصل بين سواحل الأطلسي في غرب القارة، وسوحل البحر الأحمر في شرقها، وسيكون هذا أكبر تكتّل إرهابي في التاريخ، حائزٌ على كل الإمكانيات لتهديد الأمن العالمي. واليوم يجدّد المجاهدون تنظيماتهم، المكوّنة من المهاجرين والسكان الأصليين لإفريقيا، تحت مسميات وأهداف متعددة، ويتّبعون تكتيكياً مختلفاً من منطقة لأخرى».
 
تجارب مختلفة في الجزائر والسودان
إلا أن “معلى” لا يكتفي برسم صورة سوداوية للواقع العربي والإفريقي، فهو يتحدث عن ظواهر أخرى تدعو للتفاؤل: «عندما يبتعد الشباب العربي عن التنظيمات الإسلامية، تظهر تجارب وتصورات غير متوقعة للحراك الشعبي، ونتائج مغايره عن السابق»، مشيداً بـ«تجربة الاحتجاجات في #السودان والجزائر، التي حدثت بعد عشر سنوات من الربيع العربي».
ويعتبر الباحث التونسي أن ما حصل في الجزائر والسودان «دليلٌ على أن هناك دينامكية للتغيير لدى الشعوب العربية، بعيداً عن الأيديولوجيا الإسلامية، وربما تلعب هذه الديناميكية دوراً مهماً في إبعاد خطر الإرهاب والتطرف».

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد