- الإعلانات -

- الإعلانات -

التونسيون يقيّمون حصيلة سنة منذ اتخاذ الإجراءات الاستثنائية | خالد هدوي

تونس – انقضت سنة كاملة على الإجراءات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو 2021، وانتهت بمقتضاها سيطرة المنظومة السابقة بقيادة حركة النهضة الإسلامية على مفاصل الدولة والتحكم في المشهد السياسي، وطرحت معها أسئلة جديدة بشأن تقييم المحصّلة السياسية للرئيس سعيّد، فضلا عن الإنجازات التي حقّقها مرورا بعدّة مطبات ومحطات صعبة.

وكان الرئيس سعيد، الذي انتخب في أواخر عام 2019، قد تولّى كامل السلطات التنفيذية والتشريعية في الخامس والعشرين من يوليو 2021، وأقال رئيس الحكومة وعلّق نشاط البرلمان قبل أن يحلّه في مارس الماضي.

كما أعلن قيس سعيد في الثالث عشر من ديسمبر 2021 عن خارطة طريق تنتهي بإجراء انتخابات تشريعية في السابع عشر من ديسمبر 2022، بعد مسار ينطلق باستشارة إلكترونية ويختتم بالمصادقة على دستور جديد للبلاد. ونشر الرئيس سعيد في التاسع من يوليو الجاري نسخة معدلة من الدستور الجديد بعد أن نشر نسخة أولى في الثلاثين من يونيو الماضي.

محمد ذويب: أهم مكسب حققه سعيّد هو تجاوز الحالة الصحية الكارثية

ومرّت تونس منذ الخامس والعشرين من يوليو 2021 بمحطات سياسية عديدة مثيرة للجدل والانقسام الداخلي بين أطراف مؤّيدة لتلك الإجراءات وأخرى معارضة لها، كما اختلفت تقييمات المرحلة بين من يرى أنها مقبولة بالنظر إلى التوتر السياسي الذي شهدته البلاد، ومن يشكّك في صحّة المسار ووجاهته.

وشملت حصيلة الإنجازات الجوانب السياسية والاجتماعية والصحية، حيث عمل قيس سعيّد على توفير كل الإمكانات لتجاوز الأزمة الصحيّة تبعا للانتشار الواسع لفايروس كورونا، فضلا عن تصحيح المسار السياسي وفتْح ملفات مسكوت عنها في السابق وكانت توجهها الولاءات والانتماءات الحزبية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب “أهم مكسب حققه قيس سعيّد بعد الخامس والعشرين من يوليو هو تجاوز الحالة الصحية الكارثية التي كانت عليها البلاد، حيث كان التونسيون يموتون بالمئات يوميا بسبب وباء كورونا، وسط لا مبالاة حكومة هشام المشيشي والبرلمان”.

وأضاف لـ”العرب”، “من ناحية أخرى نجح قيس سعيّد وحكومته في تخطي عقبات المعارضة والمواصلة في تنفيذ الخارطة السياسية التي رسمها منذ مدة، ونجحت الحكومة أيضا في تحسين الوضع الأمني للتونسيين والمحافظة على استقرار البلاد في وضع عالمي مرتبك، وخاصة أن ذلك جاء عقب أزمة كورونا والحرب في أوكرانيا، ولكن على الحكومة المزيد من العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين، وهذا ممكن قياسا على إمكانيات البلاد، خاصة أن الموسم السياحي واعد والموسم الزراعي يبشر بكل خير”.

وأردف ذويب “عموما يمثل الاستفتاء على الدستور الجديد نقطة فاصلة في إبراز مدى رضى التونسيين عن قيس سعيّد وحكومته وعن مسار الخامس والعشرين من يوليو برمته، وأعتقد أنهم هم الأقدر على تقييم هذه المرحلة التي يعيشونها”.

وأكدت أطراف فاعلة في المشهد السياسي أن الرئيس سعيّد يحاول بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021 نزع سيطرة المنظومة السابقة على مفاصل الدولة وخصوصا في مجالي القضاء والأمن، إلى جانب فتح ملفات شبهات فساد مالي وإداري تتعلق بمسؤولين سياسيين وأحزاب وجمعيات.

وقالت الناشطة السياسية فاطمة المسدي “في العشرية الماضية تمكّن الإخوان من المسك بكل دواليب الدولة، وهناك فساد مالي وإداري فضلا عن تعبئة المؤسسات العمومية بالولاءات التي جعلت الاقتصاد التونسي يعاني”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “منذ الخامس والعشرين من يوليو 2021 شرع الرئيس سعيد في إجراء إصلاحات، استهلت بإصلاح القضاء وإحداث المجلس الأعلى للقضاء، علاوة على عزل عدد من القضاة، ثم نظّم حملات تلقيح وجلب التلاقيح ضد وباء كورونا”.

سعيد يسلك طريق واحد
سعيد يسلك طريق واحد

وتابعت المسدي “سياسيّا، فتح الرئيس سعيّد العديد من الملفات التي كان مسكوتا عنها، منها ملف الجهاز السري لحركة النهضة الذي تطرقت إليه وزيرة العدل، علاوة على ملف جمعية نماء. كما اتخذ خطوات سياسية أخرى من ضمنها حلّ البرلمان، وهناك توجّه نحو تطهير وزارة الداخلية عبر فتح عدة ملفات، آخرها القبض على لزهر لونغو (مسؤول سابق في المخابرات التونسية)”.

واستطردت الناشطة السياسية “قيس سعيد عمل على حماية المحاصيل الزراعية وكذلك الإنتاج الوطني من الفوسفات وعدة فروع اقتصادية أخرى، والدستور الجديد سيمنحه صلاحيات أكبر من أجل أن يحقّق أهداف برنامجه وتحصين مقومات الدولة المدنية”.

وساندت أطراف متابعة للشأن السياسي إجراءات قيس سعيّد التي جنبت البلاد صراعا سياسيا محتدما وكرست سلطة الرئيس، مع بعض المؤاخذات حول عدد من الملفات تتعلق أساسا بدواليب تسيير القضاء والنظر في ملفات القضاة.

وأفاد المحامي والوزير السابق حاتم العشّي بأنه “بعد إعلان إجراءات الخامس والعشرين من يوليو نزل الناس إلى الشارع تعبيرا عن فرحتهم بذلك، وتلك الإجراءات كرّست سلطة رئيس الجمهورية ولم تُرض بعض الأطراف التي من بينها من ساندوا الحدث”.

حاتم العشّي: لا بدّ أن تتجاوز نسبة النجاح في الاستفتاء الـ50 في المئة

وقال في تصريح لـ”العرب”، “الرئيس حدّد خارطة طريق في ديسمبر الماضي، وأعلن عن تنظيم استشارة إلكترونية واستفتاء ثم انتخابات، وكان قد قرر حلّ البرلمان بعدما جمّد نشاطه سابقا”، مستدركا ” كان المفروض النظر في تركيبة المجلس الأعلى للقضاء عوض حلّه والنّظر كذلك في ملفات الإعفاءات التي طالت عددا من القضاة”.

وأشار حاتم العشّي إلى أنه “لا بدّ أن تتجاوز نسبة نجاح الاستفتاء على الدستور الجديد الـ50 في المئة، وهذا مرتبط بالمشاركة المكثفة”.

وأعلنت قوى سياسية تأييدها لمشروع الدستور الجديد، مؤكّدة أنه تضمن مكاسب عديدة مقارنة بدستور 2014، وتعتبر أنه مع بقية الإجراءات الاستثنائية تصحيح لمسار ثورة يناير 2011.

ودعت أحزاب حركة الشعب والتحالف من أجل تونس وتونس إلى الأمام والتيار الشعبي التونسيين إلى التصويت بـ”نعم”.

وبالموازاة مع ذلك أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية بالبلاد) بيانا شرح فيه موقفه من الدستور المقترح، كما قررت هيئته التنفيذية “ترك حرّية التصويت للهياكل النقابية وكافّة العمّال”، مشيرا إلى أن صيغة الدستور المقترح “تكرس سلطات واسعة للرئيس وتقلص في المقابل دور المؤسسات الأخرى”.

في المقابل ترفض أحزاب وشخصيات سياسية معارضة توجهات قيس سعيّد، وسط دعوات تحث على مقاطعة الاستفتاء المنتظر، وتقول الأصوات المعارضة إن مشروع الدستور الجديد تضمن عددا من البنود يسعى من خلالها الرئيس سعيد إلى التأسيس لحكم الفرد وإعادة نظام الاستبداد.

ودعت أحزاب معارضة -على غرار حزب حركة النهضة وجبهة الخلاص الوطني (تكتل لمجموعة من الأحزاب والمنظّمات)- إلى مقاطعة الاستفتاء.

وأعلنت41 جمعية ومنظمة حقوقية في تونس تأسيس “الائتلاف المدني من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة” الرافض للإجراءات الاستثنائية ولاسيما الاستفتاء المرتقب على مسودة مشروع دستور جديد.

#التونسيون #يقيمون #حصيلة #سنة #منذ #اتخاذ #الإجراءات #الاستثنائية #خالد #هدوي

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد