- الإعلانات -

- الإعلانات -

الجزائر أنفقت 2.6 مليار دولار لربطه بنيجيريا.. ما أهمية الطريق العابر للصحراء الأفريقية؟ | جزائر

الطريق العابر للصحراء يعد أكبر مشروع مهيكل في أفريقيا ويربط 6 بلدان موزعة على 3 من المجموعات الاقتصادية الثماني للقارةفي عام 1962، حيث سادت الروح الثورية ضد الاستعمار وسمت أشواق الوحدة بين بلدان القارة الأفريقية، شكّلت الجزائر ونيجيريا، وتونس، ومالي والنيجر وتشاد “لجنة ربط الطريق العابر للصحراء”، وكان يسمى حينها “طريق الوحدة الأفريقية”، على مسافة 9900 كيلومتر.
ولظروف سياسية واقتصادية عاشتها دول المجموعة، ظل المشروع يتقدم ببطء على مدار 6 عقود كاملة، قبل أن يتحرك بقوة من جانب الجزائر خلال العشريّتَين الأخيرتين بفضل البحبوحة المالية النفطية.
وأعلنت الجزائر مؤخرا عن استلام الطريق في يونيو/حزيران الجاري، حيث يمثل الشق الرابط بينها وبين لاغوس العمود الفقري للمشروع بمسافة 4500 كيلومتر، مرورا بالنيجر.
وكشفت الحكومة الجزائرية، والتي أنفقت على حصتها 2.6 مليار دولار، أن الطريق سيكون مضاعفا بخط أنابيب تسمح بتصدير الغاز النيجيري عبر موانئ الجزائر نحو أوروبا خصيصا، ونحو سائر دول العالم بصفة عامة، هذا بالإضافة إلى إنجاز خط للألياف البصرية يربطها بنيجيريا، مع تحويله تدريجيا إلى طريق سيار.
وبالنسبة لأجزاء المشروع عبر أراضي البلدان الخمسة الأخرى، فهي بطول 295 كيلومترا في تونس، و1688 كيلومترا في مالي، و2597 كيلومترا في النيجر، و1299 كيلومترا في نيجيريا، و643 كيلومترا في تشاد.
وبذلك يعتبر الطريق العابر للصحراء أكبر مشروع مهيكل في أفريقيا، يربط 6 بلدان موزعة على 3 من المجموعات الاقتصادية الثماني للقارة، تراهن من خلاله على مضاعفة المبادلات التجارية برا وتخفيض تكاليف النقل، بحسب خبراء.
ويتوقع الخبراء أن يفتح آفاقا جديدة لكل من تشاد ومالي والنيجر لولوج الموانئ التونسية والجزائرية بإمكانيات كبيرة، خاصة مع التشغيل القريب لميناء الحمدانية في الجزائر.
المشروع يفتح آفاقا لكل من تشاد ومالي والنيجر لولوج الموانئ التونسية والجزائرية (الجزيرة)شريان اقتصادي
وعن أهميته لدول المجموعة، أكد رضا تير، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو أعلى هيئة حكومية استشارية تتبع لرئاسة الجمهورية في الجزائر، أن “الطريق العابر للصحراء مشروع جيوإستراتيجي سيجعل من بلادنا البوابة الشمالية الرئيسية نحو السوق الأفريقية مستقبلا، خاصة بعد استكمال إنجاز مشروع الميناء العملاق التي ستنطلق به الأشغال قريبا بمنطقة شرشال”.
كما وصف الطريق في محوره الرئيسي بين العاصمة الجزائرية ولاغوس، بمثابة المشروع الحلم، من أجل تحقيق الاندماج الإقليمي والتكامل الاقتصادي، ولا سيما بين دول المغرب العربي ومنطقة الساحل وتجمّع دول غرب أفريقيا، في ظل تحديات تهدد أمن واستقرار الإقليم.
ومن أجل ذلك تسعى الجزائر، يضيف رئيس المجلس، إلى ترقية هذا الطريق من مجرد منشأة طُرقية إلى شريان اقتصادي حقيقي، خاصة مع دخول اتفاقية التبادل الحر بين الدول الأفريقية حيز التنفيذ، بعدما صادق عليها مجلس الوزراء برئاسة عبدالمجيد تبون خلال شهر مايو/أيار الماضي.
آليات التعاون
كشف المسؤول الجزائري في تصريح للجزيرة نت أن بلاده حثت سفراء الدول المعنية، خلال شهر مارس/آذار الماضي، على ضرورة الإسراع في وضع اتفاقية إستراتيجية تحدد آلية التعاون ونظام لإدارة مستدامة مشتركة لهذا المشروع الحيوي.
وركز على ضرورة إنشاء منتدى اقتصادي ومجلس أعمال مختلط يجمع سنويا رجال الأعمال والقادة السياسيين للدول الست، من أجل التطرق للقضايا الاقتصادية والتجارية الرئيسية في المنطقة، بغرض تعزيز التشاور والتعاون فيما بينها، بخصوص التحديات والرهانات التي تواجهها المنطقة.
وأوضح أن الطريق سيُربط قريبا بطريق الحرير الصيني عبر ميناء شرشال الجزائري، والذي يعد من المحطات الرئيسة ضمن مبادرة الحزام، ما يجعله مستقبلا منطقة عبور للسلع الأوروبية الموجهة نحو السوق الأفريقية، باعتبار أن النقل البري يعد أقل تكلفة من البحري للوصول إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، على حد تعبيره.
المسؤول الحكومي رضا تير أوضح أن الطريق سيُربط قريبا بطريق الحرير الصيني عبر ميناء شرشال الجزائري (الجزيرة)مشروع سياسي
من جهة أخرى، يرى محمد حميدوش، الخبير لدى البنك الدولي، أن فكرة الطريق العابر للصحراء سياسية بالدرجة الأولى أكثر مما هي اقتصادية، بهدف فك العزلة عن دول الساحل وتعزيز التجارة بين شمال وجنوب الصحراء، حيث تمثل هذه الدول الست 27% من الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية بمجموع 25% من سكانها.
لكن سيبقى من الضروري إنشاء أنظمة قانونية خاصة بهذه الدول، حصرها في قانون التجارة الدولية والضرائب والرسوم الجمركية، وأنظمة أمنية للمسافرين وبضائعهم عبر كل الطريق، بما في ذلك تدفقات الهجرة، كما يقول حميدوش.
أما ضمان التسيير المستدام للطريق، بحسب الخبير، فيمكن أن تحتويه هيئة الإدارة وطريقة التمويل، وينجر عنهما مؤسسة ذات طابع اقتصادي وتغطية أشغال الصيانة والتسيير من طرف أصحاب المركبات، مع متوسط سعر لكل كيلومتر (ما يعادل تقريبا 7 سنتات -من الدولار- للمركبات الخفيفة، مقارنة بـ21 سنتا للمركبة الثقيلة).
ويقترح توجيه المبلغ المحصّل بما يمثل 12% للخدمات و19% للجباية و35% لتحديث الشبكة و10% كأرباح، والبقية هي ضمن الاستغلال.
وفي حال استمرار تمويل الطريق إداريا، أي عن طريق الضرائب بشكل غير مباشر، ويكون مجانيا للمقيمين وللأجانب العابرين، فإن تكلفته، والكلام للخبير حميدوش، تعادل لكل مواطن جزائري 65 دولارا أميركيا لإنجازه، بالإضافة إلى 50 دولارا سنويا لإدارته، أو 240 دولارا كضريبة لكل مؤسسة اقتصادية مستخدمة أو غير مستخدمة للطريق، مع العلم أن المعايير المعروفة هو أن يتم تمويل شبكة الطرق بنسبة 20% بواسطة المركبات الأجنبية.
وبما أن الطابع السياسي هو الذي يسيطر في إدارة الطريق، بسبب غياب المعرفة الحقيقية لأسواق التجارة الخارجية لهذه الدول، فإن الجزائر قد تراهن على تسييره وصيانته من خلال الجباية.
وبالتالي عندما تتحسن المداخيل البترولية تتم صيانة الطريق، وفي حالة العكس أو بروز أولويات أخرى للإنفاق فمآله الانقطاع، خاصة في أقصى الجنوب، على حد تعبير خبير البنك الدولي.
المزيد من اقتصاد

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد