- الإعلانات -

- الإعلانات -

الدور الروسي في ليبيا

بتاريخ 15 أبريل 2021 م وصل إلى موسكو رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة يرافقه وفد كبير من الحكومة الليبية, خلال الزيارة اجتمع مع معظم الفاعلين في الخارجية والدفاع الروسية من أجل تحييد موقف حفتر والعمل على سحب قوات الفاغنر من ليبيا و التي وصفها ادبيبة في 12 مارس بأن  المرتزقة خنجر في ظهر الليبيين، وكان الرد دبلوماسيا بأن روسيا مع الحكومة المعترف بها دوليا وأنها تؤيد انتخابات ديسمبر 2021م وإن كان هناك روس فهم ليسوا تابعين للحكومة الروسية، كما رددها بوتن كثيرا.

تعود العلاقات الليبية الروسية إلى بداية السبعينات عقب وصول القذافي الى الحكم في انقلاب سنة 1969 وتبنيه سياسة عبد الناصر في معاداة الغرب والارتماء في أحضان الاتحاد السوفيتي، وقد ساعد ارتفاع دخل النفط على توقيع عشرات الاتفاقيات لتوريد السلاح بشتى أنواعها حتى عرف عن ليبيا أنها الدولة المدججة بالسلاح، والتي جنت روسيا من خلالها أموال طائلة.

رغم هذا لم تكن لروسيا دور في منع الحصار عن ليبيا ولا دور في التنمية عدا خط أنابيب الغاز بين البريقة وطرابلس غربا وبنغازي شرقا. كان الاتحاد السوفيتي سابقا وروسيا اليوم لهم رغبه جانحة إلى حصولهم على قواعد عسكرية على المتوسط لمراقبة دول جنوب أوروبا، وتم إعطاء لهم محطات مراقبة منها في غوط الرمان شرق تاجوراء وغيرها من المواقع في الثمانينات من القرن الماضي، إلا أنهم على أمل أن يتم تسليم لهم قاعدة العدم في طبرق أو في بنغازي وهو من بنود محاضر اجتماعات سنة 2008م بين ليبيا وروسيا، لم يحدث ذلك كما تنصل القذافي من تسديد ديون السلاح عن الاتحاد السوفيتي السابق لروسيا والتي تقارب 4 مليار دولار. بعد سنة 2005 أتجه نظام القذافي متأخرا نحو التنمية فوقع إتفاق تنفيذ خط القطارات بين طرابلس وبنغازي بتكلفة 3 مليار دولار كوعد للترسية على الشركات الروسية ولكنه لم يتم تنفيذه، وكان هناك عدة امتيازات نفطية تم توقيعها مع المؤسسة الوطنية للنفط، كل ذلك توقف بعد فبراير 2011 واعتبرت روسيا أن التغيير خسارة كبيرة لها مما جعلها تتخذ الموقف السلبي تجاه ليبيا حتى الأن.

الجدير بالذكر أن السياسة الروسية دائما ليس لها وجه وحيد للتعامل مع الفرقاء، بل تؤيدهم جميعا وبفاق كبير في نوعية التأييد، فلقد أوضحت عدة مرات أن عودة سيف الإسلام للحكم هو الاختيار المفضل، وظهر ذلك جليا بإحتضانها في سبها للتسجيل في المعترك الانتخابي الرئاسي بوجود قوات فاغنر الروسية، كان إخراج سيف للوجود والقيام بالترشيح للرئاسة رد على مؤتمر باريس الذي إنقذ وجودها في ليبيا من الجانب الأوروبي والأمريكي. كما أنها لم تتوقف عن دعم حفتر بالسلاح والمرتزقة من خلال الامارات؛ فهناك أسلحة نوعية من صواريخ محمولة وطائرات عسكرية ومرتزقة فاغنر روس ومن سوريا بل حتى بعد خسارة حفتر للحرب بقيت قوات فاغنر في قاعدة الجفرة والقرضابية بسرت وبالقرب من حقل الشرارة النفطي.

وهناك معلومات أن فاغنر كانت ضالعة في معارك شمال تشاد مؤيدة جبهة الوفاق التشادية التي استطاعت تصفية إدريس دبي في معركة بشمال تشاد، كما أنها نقلت بعض مرتزقتها إلى مالي بمساعدة حكومتها.

في الشأن الليبي قامت روسيا باعتراض الكثير من قرارات الأمم المتحدة عن الصدور منها قرار تجريم محمد الكاني، ومساعدة حفتر عسكريا لغزو العاصمة وزرع الاف من المفخخات في جنوب طرابلس وخط الجفرة سرت. هذه السياسة شوهت من صورة روسيا في المشهد الليبي وأوجدت لها أعداء كثيرين رغم محاولتها إعلاميا للوقوف مع كل الأطراف، والهدف من ذلك أنها لا تخسر مصالحها في ليبيا إن انتصر طرف على أخر في المشهد الليبي، فسيكون لها دور سياسي واقتصادي في إعادة التعمير من خلال الحصول على عقود من الطرف المنتصر.

في محاولة لإسترضاء الحكومات في الغرب الليبي وعدت بإعادة فتح سفارتها بطرابلس في 15 مارس والتي تم تحويلها إلى تونس في أكتوبر 2013 عقب الاعتداء عليها من المتظاهرين. كما أرسلت روسيا 100 ألف جرعة من لقاح كوفيد نوع سبوتنيك الروسي الى حكومة الوحدة الوطنية كعربون صداقة. بالمقابل ثم عقد صفقة توريد القمح من الحكومة السابقة وتفعيل برنامج التنقيب عن النفط لشركة تاتنفط وروزنفط خلال السنوات 2017 و2018.

علاقة الإمارات بروسيا وحفتر مصلحية إلى درجة كبيرة، والتي تتمحور حول استخدام الإمارات لروسيا في تسميم الوضع الليبي مقابل أمال لروسيا في إيجاد موطاء قدم على الشاطيء الليبي والحصول على سوق لتصدير السلاح،  لتسديد صفقات السلاح تم طبع الدينار الليبي المزور لدفع أتعاب السلاح والمرتزقة الفاغنر والافارقة، ولقد شاركت بعض المصارف في الشرق الليبي مع فرع المركزي بالبيضاء في هذا الشأن بتحميل الدولة الليبية أكثر من 45 مليار دينار ديون على المصارف مما أوجب على المركزي طرابلس إيقاف المقاصة منذ 2014 م وحتى الأن، ولقد فتحت لمدة قصيرة خلال شهر أكتوبر 2021م ثم أغلقت. من الناحية السياسية خروج حفتر من مؤتمر السلام بموسكو في يناير 2020م وعدم توقيعه للاتفاق بفعل التعنت الإماراتي جعلة مصدر عدم الثقة عند الروس بل أذاة يمكن استعمالها مرحليا ثم التخلص منها.

تواجه روسيا تحديات كثيرة في تعاملها مع الفرقاء الليبيين، ففي الشرق لم يعد يقبل الكثير من النشطاء تواجد الفاغنر وبرامجها العسكرية التي لم يعد لهم تحكم عليها، وفي الغرب الليبي يلاقي الروس مقاومة وإستهجان لسياستهم،  بعد القبض على اثنان من عملاء شركة فاغنر الروسية في طرابلس في  يونيو 2019م وما أعقبه من مشاركة هذه القوة في الحرب على طرابلس مع قوات حفتر وتهجير قرابة نصف مليون ليبي من مساكنهم ومئات القتلى وزرع ألاف الألغام في جنوب طرابلس تحصد الأرواح البريئة حتى الأن. إضافة إلى وجود دول أخرى لها إستثمارات كبيرة ومواقف سياسية داعمة، منها تركيا التي كانت المنقذ لسقوط طرابلس والتي تتجاوز العقود المبرمة معها 16 مليار دولار، أم إيطاليا فلها حقول نفطية واستمارات كبيرة وقديمة من خلال شركة إيني وغيرها والتي تعتبر الأكبر من حيث التبادل التجاري مع ليبيا.

اللعب بورقة سيف الإسلام القذافي ليكون حصان طروادة للدب الروسي إحتمال بعيد المنال، وخاصة ان الكثير من الليبين قد اكتووا بنار عائلة القذافي وتصلتها وإستبدادها وضيق افقها وإفقارها للمجتمع وحرمانها من التنمية لأربعة عقود فمن يكون سيف إلا إبن ذلك المستبد اللئيم.

#الدور #الروسي #في #ليبيا

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد