- الإعلانات -

- الإعلانات -

الفساد في قلب الصراع السياسي في تونس | خالد هدوي

واستدرك “إذا كانت هناك نوايا حقيقية لفتح ملفات الفساد لوصلنا إلى نتائج إيجابية، فضلا عن أن أهم مؤسسة تعنى بمكافحة الفساد أو الهيئة الدستورية الدائمة للحوكمة الرشيدة ومقاومة الفساد لم تركز إلى الآن”.
وأشار إلى أن “تونس صادقت على الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي تلزمها بذلك لكن لم نرَ إطارا قانونيا لتنفيذها”.
ونص الفصل 130 من الدستور التونسي لسنة 2014 على ضرورة إرساء هيئة للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وجاء هذا التنصيص الدستوري ليواكب وجود هيئة وطنية لمكافحة الفساد التي تمّ إحداثها سنة 2011.
لكن الهيئة لم تكن بمنأى عن الاتهامات بالاصطفاف وراء أطراف بعينها، حيث وقع التشكيك في مصداقيتها.
وما يثير الانتباه هو تغير موقف رئيس هيئة مكافحة الفساد، فبعد تأكيده وجود شبهات فساد تحوم حول الوزراء الأربعة الذين اقترحهم هشام المشيشي في التعديل الوزاري الأخير تراجع عن موقفه، وهو ما رجح مراقبون أن تكون وراءه ضغوط سياسية على الهيئة.

كلثوم كنّو: تعاطي القضاء مع العديد من الملفات فيه الكثير من اللبس

وأكدت الهيئة في مارس الماضي أنه “خلافا لما نسب خطأ في تصريح إعلامي لرئيس الهيئة عماد بوخريص تأكيده وجود شبهات فساد تحوم حول وزراء مقترحين للحكومة، أن تذكّر بما صرح به بوخريص حرفيا وهو كالآتي ‘الفصل 47 يمنعنا من تقديم المعطيات’”.
وذكّرت الهيئة في بيان لها “أنّه وطبقا لأحكام الفصل 47 من القانون والمتعلّق بحماية المعطيات الشخصية، تحجّر إحالة المعطيات الشخصية إلى الغير دون الموافقة الصريحة للمعني بالأمر”.
وكان الرئيس سعيد رفض الموافقة على تعيين أربعة وزراء رشحهم المشيشي في تعديل وزاري قائلا إن لكل منهم شكلا محتملا من تضارب المصالح.
وترى أطراف حقوقية وقضائية أن ملفات الفساد أصبحت مناورة سياسية في المقام الأول تتم على أساسها المقايضات الحزبية والابتزازات السياسية حسب المصالح والأهداف.
وقالت القاضية كلثوم كنّو الرئيسة السابقة لجمعية القضاة التونسيين في تصريح لـ”العرب” إن “مقاومة الفساد تكون بعدة أشكال وليس فقط بالشكل القضائي، وأن هناك العديد من الملفات وضعت على أنظار القضاء”. لافتة إلى أن “تعاطي القضاء مع عدة ملفات فيه الكثير من اللبس”.
وأضافت “لقد أحيلت العديد من القضايا على القضاء لكن لم يقع التطرق إليها بعد”. وبينت أن “هذه القضايا تثار خصوصا عند الاحتجاجات (الأمنيين والجمارك وصفقات اللوبيات) على غرار ملف النفايات الإيطالية”.
لكن هذه القضايا لم يقع فتحها بسبب الضغوط السياسية. وأشارت إلى وجود ضغط على القضاء بعدما تمت إحالة 16 قاضيا على مجلس التأديب للوزير السابق، لكن وزيرة العدل ألغت ثلاثة أسماء منهم وهذه مسألة سياسية بامتياز، حسب تعبيرها.
واستطردت “إذا وضع رجل السياسة يده على إصلاح المنظومة لن نرى إصلاحا ولا مقاومة حقيقية للفساد (…) السياسيون يقتاتون من الملفات ويبتزون أصحابها ويستفيدون من مواقعهم في السلطة”.
وكثيرا ما راهن رؤساء الحكومات المتعاقبة على فتح ملفات الفساد، لكن جهودهم كانت تصطدم بضغوط ونفوذ الأحزاب الحاكمة، وفي كل مناسبة يتعهد هؤلاء بتطبيق شعارات محاربة الفساد، لكنها سرعان ما تختفي كسابقاتها.

وسبق أن لعبت حركة النهضة الإسلامية “ورقة الفساد” في مواجهة رئيس الحكومة السابق إلياس الفخفاخ عبر إثارة ملف شبهة تضارب المصالح، وأحرجته بقبول شروطها في الحزام السياسي لحكومته مقابل استمراره على رأس الحكومة.
وصادقت تونس على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد في نوفمبر 2016. كما صادقت في 2019 على الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الفساد التي تم تقديمها منذ سنة 2016 مع طلب استعجال النظر.
وفي يناير الماضي قالت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها حول مؤشر مدركات الفساد للعام 2020، إن تونس حصلت على 44 نقطة من بين 100 مقارنة بـ45 نقطة عام 2019 وهي أعلى درجة تتحصل عليها منذ 10 سنوات.
وبحسب المنظمة احتلت تونس المرتبة 69 عالميا في مؤشر مدركات الفساد عام 2020 بعد أن كانت في المرتبة 74 عام 2019.ويستند مؤشر مدركات الفساد إلى 13 استطلاعًا وتقييمًا للفساد أجراها خبراء لتحديد درجة انتشار الفساد في القطاع العام في 180 دولة وإقليمًا عن طريق إسناد درجة تتراوح بين 0 (الأكثر فسادا) و100 (الأكثر نزاهة).

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد