- الإعلانات -

- الإعلانات -

بعد انتخاب السلطة التنفيذية الجديدة… كيف تستفيد تونس من تطور الوضع في ليبيا؟

مثلت الأحداث الأخيرة في ليبيا محور حديث معمق في الساحة السياسية والدبلوماسية التونسية، بعد نجاح ملتقى الحوار السياسي الليبي في انتخاب أعضاء السلطة التنفيذية المؤقتة التي ستتولى زمام المرحلة الانتقالية تمهيدا للانتخابات العامة المزمع إجراؤها نهاية العام الجاري.تطورات كانت محل ترحاب من الجانب الرسمي التونسي، حيث ثمن الرئيس قيس سعيد نجاح هذه الانتخابات التي وصفها بالحدث التاريخي.

ووجه سعيد دعوة لرئيس المجلس الرئاسي الليبي المنتخب محمد المنفي وكافة أعضاء السلطة التنفيذية المنتخبة لزيارة تونس في أقرب الآجال الممكنة.
من جانبه، ثمّن رئيس الحكومة هشام المشيشي، خلال اتصال هاتفي بنظيره عبد الحميد دبيبة، رفعة العلاقات بين تونس وجارتها ليبيا، معربا عن أمله في أن تتطور هذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وكان وزير السياحة التونسي الحبيب عمار قد أعلن عن إعادة عمل تمثيلية تونس في الجوار الليبي بعد التطورات الإيجابية التي شهدتها ليبيا، مؤكدا أن تونس ستعمل على ضبط استراتيجية متكاملة في علاقة بالسوق الليبية التي تمثل ثاني مصدر للسياح بالنسبة للوجهة التونسية.
مكسب أمني
وقال الباحث في الشأن الليبي باسل الترجمان في تصريح لـ “سبوتنيك”: إن المكسب الأهم الذي ستجنيه تونس من استقرار الوضع في ليبيا هو مكسب أمني بالأساس، على اعتبار أنها كانت البلد الأكثر تضررا من انفلات الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا.
وأضاف أن:” تونس دفعت منذ 2011 فاتورة باهظة لهذا الخلل الأمني في الجوار الليبي”.
وتابع أن: المجموعة الوطنية التونسية تحملت أيضا تكاليف مالية مرتفعة الناجمة عن وضع قوات عسكرية لحماية حدودها والوقوف ضد تسرب الإرهابيين ومنع تكرر سيناريو الهجوم الإرهابي الشهير على مدينة بن قردان والذي تم التخطيط له في ليبيا”.
وبيّن الباحث أن الأحداث الأخيرة في ليبيا سيكون لها أيضا تأثير على الجانب الاقتصادي في تونس، اعتبارا للعلاقات التاريخية بين البلدين والتي تحكمها “دكتاتورية جغرافية”.
وأوضح أن: “عودة الأمن والاستقرار ووجود حكومة قوية في ليبيا سيكون له مؤشرات إيجابية جدا تخدم مصالح تونس وليبيا بشكل مباشر، خاصة في ظل وجود إجماع دولي على استعادة ليبيا سيطرتها على حدودها وأراضيها وأن يتم وقف حالة الفوضى”.
واعتبر الترجمان أن: “إعادة تمثيلية تونس في ليبيا هو قرار إيجابي يعكس التفاعل الإيجابي لتونس مع مخرجات الحوار الليبي الليبي”.

وثمن دعوة الرئيس التونسي قيس سعيد المشاركين في الحوار للحضور إلى تونس. قائلا إن: هذه المساعي ليست إلا تأكيدا على عمق العلاقة التاريخية بين البلدين والتي ربما تترجم قريبا إلى مصالح استراتيجية مشتركة.
مصالح اقتصادية
من جانبه، قال الأكاديمي والخبير في الشأن الليبي رافع الطبيب في تصريح لـ “سبوتنيك”، إن: المهمة الأساسية الموكولة إلى تونس في ظل التطورات الأخيرة في ليبيا، هو دعم التنسيق المشترك خاصة على صعيد الحرب على الإرهاب والتهريب والجريمة العابرة للحدود.
ولفت الطبيب إلى أن الموضع الجيوسياسي الذي توجد فيه تونس حاليا خطير جدا.
وأضاف أن: المصلحة الثانية لتونس من الاستقرار في ليبيا هي مصلحة اقتصادية، على اعتبار أن العديد من التجار التونسيين ينتظرون عودة السلم والأمن في هذا البلد الشقيق حتى يتمكنوا من الذهاب إلى ليبيا دون التعرض إلى التعديات وشتى أنواع الابتزاز المالي أو الأمني.
واعتبر الطبيب أن وجود قنصليات صغيرة لتونس في بعض المدن الليبية وسفارة يتيمة في طرابلس لا يكفي لدعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، داعيا إلى إنشاء مفوضية عليا للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في ليبيا، تعنى بملف التجارة وبعث المشاريع.
وحث الطبيب الجانب التونسي على استغلال مسألة إعادة الإعمار في ليبيا، من خلال بسط خبرة تونس في المجال الصحي والتعليمي والبحث الأكاديمي.
تعاون مشروط

على الجانب الآخر، اعتبر رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان والمهتم بالشأن الليبي مصطفى عبد الكبير في حديثه لـ “سبوتنيك”، أنه من المبكر الحديث عن نتائج ميدانية للسلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا.
وقال عبد الكبير: “إن توطيد العلاقات بين تونس وليبيا مرتبط بعدة اعتبارات وصعوبات، أولها أن الرجل الأول في التركيبة الليبية الجديدة هو رجل اقتصاد بامتياز وقد يذهب بعيدا في حلحلة بعض الأمور الاقتصادية للشعب الليبي وإمضاء عقود إعمار وعقود شراكات مع الأطراف الخارجية التي لن تكون خارج دائرة الأطراف التي كانت سببا في ظهوره على الساحة”.
وأشار إلى أن هذا العامل سيؤثر بالضرورة على شراكة دول الجوار مع ليبيا، قائلا: “ربما ستكون تونس من بين الدول التي قد لا تنال حظا كبيرا من مسألة إعادة الإعمار وحتى الحفاظ على رقم مبادلاتها التجارية مع ليبيا، خاصة في علاقة بالمواد الاستهلاكية والمواد الطبية وشبه الطبية التي ستنافسنا فيها الشراكات الليبية المستقبلية”.
وشدد عبد الكبير على أن تغيير هذه المعادلة سيكون مرهونا بقدرة الدبلوماسية التونسية والحكومة على استغلال نقاط القوة المشتركة بين الأطراف التونسية وبين الأطراف الليبية، ومدى قدرتها أيضا على الاقناع بجودة خدماتها وسط الكم الهائل من المنافسة المرتقبة.
وحث عبد الكبير الدولة التونسية على تغيير خطة عملها الدبلوماسي والتركيز على العمل كدبلوماسية أزمة وربط شبكة علاقات وحتى التموقع في المحاور داخل ليبيا وفرض وجودها سواء في علاقة بإعادة الاعمار أو في المشاركة في الحوارات السياسية، قائلا “غير ذلك سيضيع على تونس البوصلة”.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد