بنزرت ضفة المرجان في تونس يلفها النسيان |

بنزرت (تونس) – تزخر محافظة بنزرت، الممتدة على موقع استراتيجي هام على الضفاف الجنوبية للبحر المتوسط (200 كلم من السواحل البحرية)، بثروات طبيعية متميزة وبمزارات ذات قيمة تاريخية وثقافية وبيئية هامة، ما يؤهلها لتبوء مكانة مميزة على الخارطة السياحية للبلاد، لكن واقع الحال يقبع على طرف نقيض هذه الانتظارات، وإقبال السياح لا يزال محتشما في مقارنة بوجهات سياحية أخرى في البلاد.
تقودك زيارة مدينة بنزرت الشهيرة “بضفة المرجان” إلى تقفي أثر الأولين في الغابر من التاريخ من خلال الموقع الأثري بأوتيك والمرسى القديم وحي الأندلس والحصن الإسباني وأسوار المدينة والقصيبة والمتحف الأقيانوسي وسيدي الحني، وموقع رأس أنجلة الذي تم تدشينه يوم 1 ديسمبر 2014 كأقصى نقطة بالقارة الأفريقية.
كما تتميز بنزرت بالمحمية العالمية “إشكل”، موقع طبيعي تتميز مكانته بِنُدرة رقعات جغرافية متفرقة حول العالم لم يطلها عبث البشر بمجاله الحيوي، وهي موقع طبيعي مسجل بالاتفاقيات الدولية لحماية الطبيعة، لكنها تشهد وضعا بيئيا بات يهدد الاعتراف الدولي بها.
وتكمن ندرة الحديقة في كونها آخر أكبر بحيرة للمياه العذبة في شمال أفريقيا، ما جعلها تصنف عالميا في لائحة المواقع الطبيعية كموقع للتراث العالمي الطبيعي لليونسكو سنة 1979، كمنطقة تستقطب مئات الآلاف من الطيور المائية المهاجرة القادمة من أوروبا.
موروث حضاري

لا مناص من الإتيان على الموروث الحضاري والتقليدي الغالب على المقومات السياحية بالجهة، على غرار صنع الفخار بمدينة سجنان الذي أدرج رسميا بتاريخ 29 نوفمبر 2018 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي لليونسكو.
ومن بين الميزات التفاضلية الأخرى للجهة، تصنيف مدينة غار الملح كأول مدينة عربية للمناطق الرطبة، لتتصدر النظم الزراعية التقليدية الرملية ببحيرات غار الملح قائمة نظم التراث الزراعي ذات البعد العالمي، إلى جانب روعة الغابات وجمالية شواطئ كاب سيراط وسيدي مشرق وكاف عباد والمناطق الجمالية المحيطة بها والشاطئ الروماني بمنطقة الغيران حيث تغطي الرمال أحواض تصبير السمك على الطريقة البيزنطية.

وأقرّ المندوب الجهوي للسياحة ببنزرت إلياس مسلم لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (وات) بأن جل المقومات السياحية المذكورة سالفا تخول لمدينة بنزرت أن تكون من أبرز الوجهات السياحية بتونس، إلا أن تراجع توافد السياح أصبح أكثر حدة بعد إغلاق عدد من النزل بعد الثورة التي كانت تستقطب السياح وتوفر طاقة إيواء كبيرة.
فوفق تأكيد مندوب السياحة، لا تحتكم المحافظة حاليا سوى على 25 وحدة سياحية بطاقة إيواء مقدرة بـ2399 سريرا فقط، و4 مطاعم سياحية وميناء ترفيهي “مارينا كاب” وناد للفروسية، إضافة إلى 12 وكالة أسفار.
وتواجه السياحة في بنزرت، وفق ذات المصدر، العديد من الإشكاليات في مقدمتها الإشكال العقاري الذي ساهم في نفور العديد من المستثمرين، فجل الأراضي مصنفة “أراضي عسكرية” أو تابعة للديوان السكني للجيش التونسي، مشيرا إلى أن السلطات الجهوية تعمل على النهوض بقطاع السياحة بالجهة عبر الاشتغال على إحداث 32 مشروعا سياحيا بقيمة 237 مليون دينار (4 نزل و5 إقامات ريفية و10 استضافات عائلية و8 مراكز تنشيط سياحي و2 مطاعم سياحية وتليفريك)، لافتا إلى أن 40 في المئة من هذه المشاريع في طور الإنجاز، فيما لا تزال بقية المشاريع رهينة حصول أصحابها على قروض بنكية أو استكمال ملفاتهم الفنية.
سياحة بديلة
مدينة جالبة للسياح من مختلف المدن التونسية
تعد السياحة البديلة من بين الحلول الأخرى للنهوض بواقع السياحة ببنزرت، فقد تم وفق مسلم، فتح 9 مشاريع سياحية تندرج في منظومة الأنماط الجديدة للإيواء، وتتمثل في 8 استضافات عائلية، وإقامتين ريفيتين بطاقة استيعاب مقدرة بـ94 سريرا، من شأنها أن تحقق انتعاشة اقتصادية للمحافظة.
واستعدادا لإنجاح الموسم السياحي الحالي، قال مسلم إنه تم الانطلاق في حملة التحسيس واستدعاء العملة بالمؤسسات السياحية للتلقيح ضد فايروس كوفيد – 19 بداية من يوم 4 يونيو، إضافة إلى قيام المندوبية الجهوية للسياحة من غرة يناير إلى موفى مايو 2021 بـ123 عملية تفقد ورقابة، شملت زيارات تفقد فنية للمؤسسات السياحية من نزل ومطاعم ووكالات أسفار للاطلاع على مدى تطبيقها للبروتوكول الصحي وزيارة تفقد للمنظومة الأمنية وللمحيط السياحي ومتابعة المشاريع.
السياحة في بنزرت تواجه العديد من الإشكاليات في مقدمتها الإشكال العقاري الذي ساهم في نفور العديد من المستثمرين

كما اتخذت المصالح المختصة، حسب ما جاء على لسان المسؤول، جملة من الإجراءات لدعم المجهود البلدي في النظافة في ظل تلاشي العمل البلدي خلال السنوات الأخيرة، منها حث أصحاب المؤسسات السياحية على اتخاذ جملة من التدابير على غرار الدهن وتجديد مياه المسابح وتفقد شبكة التطهير والتنسيق مع المصالح الجهوية لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي لضبط برنامج التنظيف الآلي للشواطئ، والسماح للمؤسسات السياحية بالتمديد في انتصاب الشمسيات قبالة الشواطئ إلى غاية 31 أكتوبر عوضا عن 15 سبتمبر.
وعبر المندوب الجهوي للسياحة عن أمله في أن يحقق الموسم السياحي الحالي نجاحا مقارنة بسنة 2019 حيث بلغت الليالي المقضاة إلى غاية شهر مايو 6075 ليلة، وبلغت في السنة الماضية 15130، بالنظر إلى حجم الاستعدادات المذكورة.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد