بوابة روز اليوسف | فن الدبلوماسية.. مفاهيم الدبلوماسية الشعبية «1»

08:41 م – الثلاثاء 21 مايو 2024

تُعرَّف الدبلوماسية الشَّعبية بأنَّها (السَّبق الإعلامي من قِبل المواطن العادي، ويُعَدُّ المواطن هو المراسِل والمحرِّر والمصوِّر؛ لأنَّه سوف يبثُّ الخبر بأقصى سرعة وضِمْن مصداقية إن وجدت الدلائل والبراهين، وبالتَّالي نحن لا نحتاج إلى سياقات العمل الإعلامي الروتيني في نشرِ الخبر الذي يكرّر بعدَّة حلقات لكَيْ يتمَّ بثُّه. مثال ذلك، خبَر حادث تصادم مجموعة سيارات في الطريق السريع مع إصابات مختلفة ومِن ضِمْنهم دبلوماسيون (دولة أ)، فالخبَر الذي سوف يُتداول بواسطة الدبلوماسية الشَّعبية بسرعة البَرق ليصلَ إلى الشُّرطة وإلى وكالات الإعلام الرسميَّة لِيبادروا بإرسال مراسليهم لتغطيةِ الحدَث، وبالتَّالي أدَّت الدبلوماسية الشَّعبية الدَّوْر الأساسي في نقلِ الخبر بمعلومات كاملة (صورةً ومحتوًى إعلاميًّا كاملًا) تحرَّكت على هذا الحدَث السفارة، وزارة الخارجية، الشُّرطة، الإسعاف والدِّفاع المَدَني، هذا كُلُّه بسببِ المواطن الذي نقَل الخبَر بوسائل التكنولوجيا الحديثة. المعجم السياسي يُعرِّف الدبلوماسيَّة بأنَّها: (هي عِلم وفنُّ ممارسة التمثيل الخارجي بواسطة هيئة من الممثلين السياسيين تُعرف بالسلك الدبلوماسي، وهي تشمل دراسة القانون الدولي العامِّ والخاصِّ وتاريخ وتطوُّر العلاقات الدوليَّة والمعاهدات والاتفاقات التي تُنظِّم هذه العلاقة).

 
أمَّا تعريف (الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة Public Diplomacy) من جامعة كاليفورنيا بأنَّها: (وسيلة شفَّافة تتواصل من خلالها شرائح مختلفة من المُجتمع، سواء الحكومية منها أو الخاصة أو الأهلية منها بعيدًا عن المحتوى اللُّغوي (عِلم النَّحو، وعِلم الكلمة) وبعض الأحيان تتجاوز الحدود لتصبحَ إقليميًّا أو حتى دوليًّا بين شعوب العالم؛ بهدفِ توعيتهم والتأثير فيهم، بغرضِ تعزيز المصلحة الوطنيَّة وتحقيقِ أهداف سياستها الخارجية). أجندة الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف كتعزيز التواصل مع الشعوب الأجنبيَّة لتفعيلِ العلاقات فيما بينها من أجْلِ إيجاد حلولٍ لمشاكلَ عالمية، كما أنَّها تهدف إلى تعزيز أولويَّات السياسة الخارجية الاقتصادية، من خلال نشر المعلومات والصوَر التي تغوص في المجالات الاقتصادية بكافَّة أنواعها، وبالتَّالي حقَّقت الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة الانتشار التجاري الاقتصادي بدلًا من الوكالات المعتمدة والتقارير التي تأخذ وقتًا وتكلِّف المؤسَّسة مبالغ لغرضِ إظهار ونشر دعاية منتجات لمشروعٍ معيَّن. وعليه، فإنَّ الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة تُعَدُّ الآن هي أساسًا جوهريًّا بالتقدُّم الحضاري. وهنا يتساءل البعض: لماذا اختفى في الدوَل الغربيَّة كثير من المعالم، منها الهواتف الأرضية، سواء بالشوارع أو في البيوت، وكذلك كاميرات التصوير.. وغيرها من المفردات التي اختفت من حياتنا بسبب الطفرات التكنولوجية المتسارعة في حياتنا اليومية. وأنا شخصيًّا أتوقع خلال العشرين السنة القادمة تتلاشى القنوات التلفزيونية، بل وسوف تركِّز عملها على الأفلام والتقارير وليس نشرة الأخبار من خلال فهمِ إعلام المواطن والجماهير وصنَّاع القرار، وتوسيع بناء العلاقات العامَّة والتواصل الاجتماعي من خلال الطفرة التكنولوجية السريعة، بالإضافة إلى ذلك أنَّها تسعى إلى تعزيز دَوْر الفواعل غير الحكوميَّة كمنظَّمات المُجتمع المَدَني من خلال تحديد الإيجابيات والسلبيات وطرحها بكُلِّ سهولةٍ وبسرعة تتجاوز جميع درجات التسلسل الوظيفي لتصلَ إلى هرم الدَّولة كالمناشدات الإنسانية.. وغيرها التي تصبُّ بالمصلحةِ العامَّة؛ وذلك لزيادةِ تأثيرها لتحقيقِ أهدافها التي قد تكُونُ مرتبطة بها بشكلٍ خاصٍّ أو لحمايةِ مصالح الدَّولة بشكلٍ غير مباشر، كذلك أنَّ الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة قد تهدفُ إلى تحريك الرأي العامِّ لكسبِ تأييدِه لبعضِ السياسات كالسياسة الخارجيَّة للدَّولة، حيث تبذل الجهد لإقناع الشعوب في بعض القضايا لتتفاعلَ معها للتأثير عليهم وكسب تأييدهم ومساندتهم، وهذا ما يجري حَوْلَ دعم شَعبنا وأهلنا في غزَّة فنلاحظ الدبلوماسية الشَّعبية تحثُّ على المَسيرات السّلمية الدَّاعمة لشَعبِنا الفلسطيني بعيدًا عن القنوات الحكومية. إلى جانب ذلك، تسعى الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة إلى بناء شبكات تفاعلية عَبْرَ الوسائل الحديثة كالإعلام الجديد لإيصال رسائل من مختلف الجهات. تزايد الاهتمام في العالم كله بالدبلوماسيَّة الشعبيَّة نتيجة ثورة الاتصال، وتطوُّر إمكانات قيام المواطنين بِدَوْر مهمٍّ في الاتصال بالشعوب الأخرى لبناءِ الصورة الذهنيَّة لدَولتِهم، وتحقيق أهداف سياستها الخارجية بجميع أنواعها. وتُعَدُّ الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة من أهمِّ مجالات الدبلوماسية العامَّة، وهو عِلم تُسهم علوم كثيرة في تطويره ليشكِّلَ أساسًا لبناءِ العلاقات الدولية خلال القرن الـ(21) بأساليب وأدوات جديدة تقوم على التَّفاهم والتَّعاون بين الشعوب لتحقيقِ أهداف طويلة المدى، وتبادل المعرفة وتجارب الكفاح، وبناء الصوَر الذهنية الإيجابية للشعوب بعيدًا عن الحلقات الحكومية المتسلِّطة الروتينية. اتَّفق الباحثون على أنَّ الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة تتمُّ بين جميع الأطراف، سواء عن طريق الاتصال المباشر أو عَبْرَ الإنترنت، وعلى أنَّ الأفراد يتحمَّلون المسؤوليَّة في بناء علاقات العامَّة بينهم؛ لذلك يطلق عليها دبلوماسية المواطن، فهي تتمُّ بشكلٍ غير رسمي، وهدفها الرئيس إدارة حوار مع المواطنين بمختلف أنواعها.
«المراجع: المعجم السياسي، البروفيسور عبد الرزاق الدليمي».دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
 

#بوابة #روز #اليوسف #فن #الدبلوماسية. #مفاهيم #الدبلوماسية #الشعبية

تابعوا Tunisactus على Google News