تجربة فريدة مطلوب تعميمها.. الفن التشكيلي للجميع في وسط البلد

فى واحدة من المبادرات التى تستهدف نقل الفن التشكيلى من برجه العاجي، واقتصاره على المهتمين به فقط، إلى الشارع ليكون فى متناول يد المواطن العادى يستطيع أن يشاهده من دون أن يتكلف شيئاً، استقبلت القاهرة، للعام الثانى على التوالي، معرض «حى القاهرة الدولى للفنون» الذى أقيم فى 9 مواقع مختلفة بمنطقة وسط البلد، حيث يبرز المعرض تمازج التراث المصرى بالفن المعاصر.
 

المعرض الذى يحظى بإقبال جماهيرى واسع، يتكوَّن من مجموعة معارض فردية وجماعية للفن المعاصر، فى سابقة هى الأولى من نوعها، بالإضافة إلى المشاريع الفنية المستقلة، حيث قدمت مجموعة «آرت دى إيجيبت» معارض فنية تشمل أعمالًا فوتوغرافية ولوحات ومنحوتات، وأعمالًا من فن التجهيز فى الفراغ، ووسائط متعددة أخرى من الفنون، بمشاركة 100 فنان بينهم عشرون من دول إيطاليا وتونس والسويد وإسبانيا والإمارات وبريطانيا والسودان والأرجنتين وفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا والسعودية وسويسرا.

ولم يكتف المعرض بأن وضع الفن التشكيلى بمختلف أنواعه فى أيدى المواطنين، لكنه ساهم فى عودة الحياة لأعرق دور السينما بوسط البلد، سينما راديو، بعد 30 سنة من غلقها، لتضاف إلى قائمة دور العرض من جديد، بعد أن كانت تتزين بحفلات كبار النجوم وأفلامهم.

نادين عبدالغفار: رسالة فنية ذات بعد ثقافى واجتماعى

نادين عبدالغفار، مؤسسة «آرت دى إيجيبت» أوضحت أن (حى القاهرة الدولى للفنون) بمثابة رسالة فنية متنوعة ذات بعد ثقافى واجتماعي، حيث يتم مزج التراث مع الفن المعاصر فى صورة فنية رائعة بأقدم مناطق وسط القاهرة.

وأضافت أنهم كل عام يقدمون جزءاً من الحضارة المصرية القديمة، وهذا العام استطاع الفنان حسام زكى أن يعمل على مشروع «باستيت كاتس»، وقالت إنهم فخورون بهذه المجموعة الرائعة والمتميزة من الأعمال الفنية المشاركة والتى تعرض بأسلوب عصري.

وأكدت أن سبب اختيار تلك المنطقة لاحتضان المعرض يرجع إلى ما لها من تاريخ يمتد إلى القرن التاسع عشر وقام ببنائها أشهر الفنانين المعماريين فى العالم، بخلاف أنها أصبحت مؤخراً واحدة من أهم مراكز الفنون والإبداع، بل إنها صارت وجهة يقصدها عشاق الفن والمتحمسون لجمع الأعمال.

محمد عبلة: أتمنى خروجها إلى باقى المحافظات.. وأن تدعمها الدولة

من ناحيته، أثنى الفنان التشكيلى الكبير محمد عبلة على تجربة «حى القاهرة الدولى للفنون» والتى نقلت الفن التشكيلى للشارع وجعلته متاحاً للجميع، معرباً عن سعادته بهذا التنظيم، وفكرة تواجده فى الشارع وسط الجمهور العادي، وتقريب الفن التشكيلى للمتلقى الذى لم يعتد هذا النوع من الفنون.

وأكد عبلة لـ«آخرساعة» أنه من الجميل أن يكون الفن فى الشارع ومتاحاً للجميع، وليس مهماً مستوى الأعمال لأن كل الذين شاركوا بذلوا مجهوداً كبيراً، يشكرون عليه، مطالباً بألا تقتصر التجربة على القاهرة فقط وتعميمها فى كل محافظات مصر. وطالب الدولة بأن تدعم المشروع بشكل أكبر عبر إتاحة مبانى المصالح والوزارات التى تم نقلها إلى العاصمة الإدارية لعرض الأعمال الكثيرة الموجودة بالمعرض، موضحًا أن الفنون كلها مرتبطة ببعضها البعض، وهذا يتضح فى فكرة دمج الفن بالأماكن التاريخية فلكل حاضر ماضٍ، والماضى يؤثر فى الحاضر، والفن عمومًا لغة من أراد تذوقها عليه التعلم والمثابرة.

وفيما يخص الأعمال التى احترقت فى الحادث الشهير بـ«المسافرخانة»، قال إن ما راح لا يُعوَّض، لكنه مستمر فى العمل وتقديم أعمال أخرى، ولن يتوقف عن الإبداع.
فيما كشف الفنان التشكيلى محمد أبوالنجا، عن مشروعه الذى يعرضه فى «حى القاهرة الدولى للفنون»، تحت عنوان «المتحف الأزرق» وكيف أنه يحمل تفاصيل البلاد فى كل معانيها، لافتًا إلى أنه استخدم خامات من الطبيعة مثل القطن والبردى والورق، ولم يعتمد على خامة واحدة، وهناك نحت بالحجر والسيراميك والمحروق تم تشكيله، فمثلما تحمل الجدران التاريخ داخلها فهذه القطع الفنية تحمل تاريخه».

وقال إن الاحتفاء باللون الأزرق له علاقة بالفن المصرى القديم، وهناك شركة إيطالية متخصصة فى الألوان المصرية، والأزرق المستعمل هو نفس اللون الذى استعمله المصريون القدماء. وأضاف أنه قريب من الفنون الإسلامية، فهو لديه ماجستير فى الفن الإسلامى لذا فهو لديه علاقة وطيدة بهذه الفنون، وأهم ما يميز الفن الإسلامى أن العمارة مرتبطة بالفلسفة وبحلقات الذكر والمولوية، وفكرة الصعود والهبوط، لذا استخدم فى مشروعه تقنية الصعود والهبوط أو الطريقة الحلزونية.

وتحدث الفنان مينا إيزاك، عن مشروعه المكوّن من لوحتين وهو المشروع الذى يعمل عليه منذ ست سنوات ويرصد شكل البورتوريه بانطباعاته ومشاعره وكيفية عكسها على خلفية اللوحة ليظهر البورتريه والخلفية بنفس الأحاسيس والمشاعر التى يراها هو.

وعن اللوحتين قال إنهما تتحدثان عن غربة شخص صعيدى فى المدينة (القاهرة) ومشاعره المتخبطة بين الانبهار والخوف والقلق والترقب، وثقته وثباته لتحقيق أهدافه، ومع الوقت يتحول الطريق إلى جزء منه فلا يصبح غريبًا بل يصبح هو الطريق.

وعبر عن انبهاره بكل ما تفعله «آرت دى ايجيبت» ودورها الذى تلعبه على الساحة الفنية فى مصر، وتحاول ربط الفن بالمتلقى العادى وإبراز الأماكن الأثرية للعالم كله، مؤكدًا ضرورة امتلاك الفنانين التشكيليين فلسفة بسيطة يمكنها الوصول للناس بشكل مبسط.

فيما قالت الفنانة التشكيلية دينا ناصر إن 90% من أعمالها تتجه إلى الجانب الذاتي، لأن اهتمامها منصب فى المقام الأول على قضايا المرأة. ووصفت أعمالها الذاتية بأنها تحمل عدة جوانب ما بين الجانب الجمالى والفكرة التى أرادت أن تصل إلى الجمهور وهى حذف الجزء الخاص المُعبِّر عن الروح لدى الإنسان، وكسر المتعة الجمالية لدى المشاهد للبورتريه، والتمتع بالملامح فى البورتريه، فقصدت أن تكسر تلك الحالة.

وفيما يتعلق بصعوبة الرسم الذاتى أوضحت أن الصعوبة تكمن فى التعبير نفسه، مثلما الحال بالنسبة إلى الممثل الذى يتعايش مع دور يتقمصه، وبالنسبة إلى الفنان التشكيلى فإن الصعوبة تكون فى التعبير عن حالة نفسية يتقمصها فى البداية ثم بعد ذلك يكون التدريب هو المسيطر عليه.

أما الفنانة نهى ناجي، فقالت عن مشروعها إنه يتحدث عن المشاعر البسيطة والحقيقية، وهى «الحضن» فكرة بسيطة ولكنها قريبة وتمس الجميع فى كل الأعمار وكل الأمكنة، فالحضن أساسى فى أى علاقة وغيابه يجعلها تنهار. وأضافت أن فكرة تبسيط الفن التشكيلى هى رغبة ملحة مع تزايد عدد السكان وقلة عدد الفنانين، فالفن التشكيلى هو لغة صامتة تحتاج من يسمعها بهدوء لكى يصل دون شرح.

اقرأ أيضًَا

متحف الفن الاسلامي يعرض نافورة من الفيسفاء الرخامية

وقالت إن عملها تطوَّر على مر السنين، فهناك حرية فى تقديم الفنان، وقبول للتنوع ولا يوجد سقف للإبداع أو خطوط حمراء، وفكرة دمج الفن القديم بالحديث وإعادة احيائه هى فكرة رائعة تساعدنا على التطور.

وتشمل فعاليات المعرض الممتد حتى 30 أكتوبر عقد سلسلة من المحاضرات وورش العمل المقدمة لطلاب ومحبى الفنون مجانا للجميع، تحت إشراف مجموعة من الأكاديميين المحترفين والفنانين، وتشمل المواقع التى تم اختيارها فى وسط البلد لتضم الأعمال الفنية جاليرى الفلكى بمركز التحرير الثقافى فى الجامعة الأمريكية و«سينما راديو» بشارع طلعت حرب، وجاليرى أكسس و5 محال فى شارع النبراوى، وشارع الشيخ ريحان. 

ويعتبر «حي القاهرة الدولي للفنون» الخطوة الأولى للوصول إلى النسخة الثانية من معرض «الأبد هو الآن» الدولي الذي سيقام في منطقة الأهرامات فى أواخر أكتوبر الجاري، وهو الأول من نوعه منذ أكثر من 4500 عام هي تاريخ بناء الأهرامات، والذي يقام تحت رعاية وزارة السياحة والآثار ووزارة الخارجية وهيئة تنشيط السياحة ومنظمة اليونسكو.

#تجربة #فريدة #مطلوب #تعميمها. #الفن #التشكيلي #للجميع #في #وسط #البلد

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد