- الإعلانات -

- الإعلانات -

“تحدي واحد” يعيد إلى الشباب التونسي الثقة بالتعليم |

وبدا لافتا للاهتمام أن الشباب الذين أنجزوا المشروع هم من أبناء التعليم العمومي ومدارس الهندسة التونسية، حيث قاموا بتطوير بروتوكول في الاتصالات الفضائية وفي مجال إنترنت الأشياء، بحسب ما ذكرت وكالة الفضاء الروسية على موقعها الإلكتروني.
وقد تعيد هذه النقطة الثقة لدى التونسيين بالتعليم العمومي الذي شهد تراجعا في السنوات الأخيرة، وبات الأهالي يفضلون أن يكمل أبناءهم التعليم في المدارس والجامعات الخاصة.
وبعد أن كان التعليم العمومي نموذجا يحتذى به، أصبح التعليم الخاص محل الثقة، وتحوّل من مجرّد قطاع لانتشال الفاشلين في التعليم العمومي إلى قطاع يجمع النخبة منذ السنوات الأولى خاصة بعد أن شهد التعليم العمومي بعض التجارب الارتجالية التي لم تراع فيها إمكانيات وحاجيات التطور في تونس.
وشهدت تونس انتشارا واسعا للمدارس الخاصة خصوصا في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية، وسرعان ما بدأ هذا التوجه طريقه نحو بعض المدن الداخلية، وأخذ منحى تصاعديا نحو الخصخصة التي شملت تقريبا كلّ المستويات، الابتدائي، الإعدادي والثانوي وصولا إلى التعليم الجامعي.
وقال محمد إبراهيم إن أكبر انشغالات تلميذ مثله هو النجاح في الشهادة الثانوية، وأكد أن القطاع الخاص رحمة لمن لم يسعفهم الحظ في القطاع العمومي وهو يتنقل يوميا قرابة 30 كلم للدراسة في ظل غياب المؤسسات الخاصة في منطقة سكنه في ريف محافظة المهدية.
ومازالت النظرة متباينة بين التونسيين بشأن القطاع الخاص، فمنهم من يعتبره ملاذا لذوي الإمكانيات المتدنية والمؤهلات الضعيفة الذين فشلوا بالنجاح في القطاع العمومي.
نجاح المهندسين الشباب بمشروعهم دليل على أن أوضاع التعليم التونسي ليست قاتمة، وإنما تحتاج إلى إصلاحات

ويقول هؤلاء إن أغلب التلاميذ الذين يتوجهون إلى التعليم الخاص عادة من المعاهد الحكومية بعدما يتم طردهم من قبل الإدارة لرسوبهم أكثر من ثلاث مرات، ويحصل أغلبهم على معدلات ضعيفة تقل عن 9 من 20.
كما أن هناك ظاهرة الانفلات في مؤسسات التعليم الخاص والتي أثّرت على سمعتها بصفة عامة وعلى الوضع الاقتصادي لبعض المؤسسات وانعكست على جودة التعليم فيها.
ونوهوا إلى أن التعليم الخاص يمنح الطلاب معدلات أعلى من مستواهم الحقيقي وهذه المغالطة يمكن أن تفسر تدهور مستوى التعليم كما يمكنها أن تؤثر على التعليم ككل.
 ويرى آخرون أن عصر التعليم العمومي انقضى ولم يعد في عصره الذهبي الذي شهدته الأجيال السابقة، ويقولون إن المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة تضم الآن الطلاب النجباء وأصحاب المعدلات الممتازة.
ويعتبر عدد آخر من الأولياء أنه لا فرق بين التعليم الخاص والتعليم المجاني من حيث القيمة المعرفية لكن الفرق يكمن أساسا في نوعية الخدمة المقدمة التي تجعل الولي يفضل أحيانا التعليم الخاص على العمومي من حيث الاهتمام والدراسة في أريحية.
وفي سعي منها لتدارك أزمات التعليم المتكررة والإضرابات على كثرتها، فتحت الدولة المجال واسعا أمام مشروع خصخصة التعليم.
وبدأ الإعداد الفعلي لمشاريع المؤسسات التعليمية الخاصة مع نهاية التسعينات من القرن الماضي بتركيز تجربة المدارس الدولية عبر مدرستين الأولى مدرسة تونس الدولية في 1999 والثانية مدرسة قرطاج الدولية 2007.
وبالموازاة مع طبقة محظوظة من المتنفذين ورؤوس الأموال القادرة على الدفع لتمكين أبنائها من تعليم جيد وفرص تدريب أوفر، دخلت مدارس التعليم العمومي في طور من الركود والتراجع الفعلي.
نتيجة واحدة
“تحدي واحد” بداية لمشاريع قادمة
قال الأستاذ في كلية العلوم الإنسانية بمحافظة جندوبة مصطفى مجاجرة عن ارتفاع معدل المدارس الخاصة في تونس في السنوات الأخيرة بأن “هناك الغث وهناك السمين أيضا، لكن ستكون النتيجة واحدة؛ تعليم للأغنياء وتعليم للفقراء”.
لكن أستاذ الجغرافيا التطبيقية وعلوم الأرض يؤكد على ضرورة إصلاح المنظومة التعليمية قبل فوات الأوان، ويشدد على ذلك بقوله “لا بد من الانكباب وبجد ودون تأخير على إصلاح المنظومة التعليمية”.
ويفيد الطلاب أنفسهم الذين خاضوا التجربتين، أن التعليم الخصوصي يحاكي أساليب نظيره العمومي، فحتى لو قال القائمون عليه في إطار التجديد التربوي عكس ذلك، وحتى لو كانت بعض المؤسسات الخاصة القليلة تجتهد لتتميز عن نظيراتها، فإن غالبية مدارس الطبقات المتوسطة الخاصة لا تختلف عن العمومي.
وتستعين غالبية مؤسسات التعليم الخاصة بالأطر التعليمية التابعة لوزارة التربية والتعليم وهو ما ينفي أي تجديد في الممارسة التعليمية، فحتى إن ضمن القطاع الخاص بصرامته الحديدية انضباطهم وحرصهم على إعطاء الأفضل إلا أنه لن يقدر على تقديم إضافة نوعية في أدائهم مع غياب تدريب مستمر لهم في أغلب الأحيان، هذا دون الحديث عن الأطر الخاصة به التي يعتمد عليها والتي تفتقر إلى التدريب والمؤهلات من الأساس.
ولكي تستعيد المنظومة التربوية عافيتها يرى اختصاصيون أنه من الضروري التفكير في آليات لتطويرها من قبل خبراء في إطار تجسيم شعار “التعليم العمومي المجاني” وفي إطار مدرسة عمومية مجانية إجبارية وديمقراطية.
كما يجب أن تسعى وزارة التربية لحل هذه المشاكل حتى تبقى المدرسة العمومية كسبا لكل التونسيين وتبقي المدرسة الخاصة مانعا لشباب من الانحراف وفرصة لبناء الشخصية والانطلاق في الحياة من الجديد وإن كان بثمن مادي.
وأضاف المختصون أن نجاح المهندسين الشباب بمشروعهم الذي لفت أنظار العالم، والكثير من الكفاءات الأخرى التي نجحت داخل البلاد وخارجها، أكبر دليل على أن أوضاع التعليم التونسي ليست قاتمة كما يصورها البعض، وإنما تحتاج إلى إصلاحات وإعادة النظر من عدة نواحي.
وطالب رجال التعليم بمواكبة البرامج التعليمية والمتابعة للأساليب الجديدة في التعليم. وناشدوا الوزارة تكثيف الرقابة وعدم تهميش القطاع الذي يمثل العامل الأساسي في صنع شخصية الجيل الجديد وتكوينه فكريا حتى يكون قادرا على الإبداع والإنجاز.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد