- الإعلانات -

- الإعلانات -

تحليل: صدى خافت في ذكرى الثورة.. أفول الحلم بالديمقراطية؟ – DW – 2024/1/18

هل بات الوضع في دول “الربيع العربي” مستتبا للحكم الاستبدادي وتلاشت أحلام الشباب بالتغيير والديمقراطية؟ صورة من: Amine Landoulsi/abaca/picture allianceيوم الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني، مرت الذكرى الثالثة عشرة للثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، دون صدى كبير، باستثناء مظاهرة شارك فيها مئات من نشطاء المعارضة في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، ورفعوا شعارات تندد بتدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع الحريات في البلاد وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وبالكاد اهتمت كبريات وسائل الإعلام الأوروبية والأمريكية، بذكرى الثورة التونسية، إذ اكتفى معظمها بنقل تقارير وكالات أنباء عن “مظاهرة بضع مئات من النشطاء” شهدتها شوارع العاصمة تونس. فقد كانت تونس آخر حلقة تنفرط من عقد بلدان “الربيع العربي”، عندما قام الرئيس الحالي قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو/ تموز 2021 بوقف العمل بالدستور وإقالة الحكومة وحل البرلمان وتفكيك باقي المؤسسات المنتخبة بعد الثورة. المشهد في مهد ثورات “الربيع”، يبدو أنه لن يكون نشازا عن أوضاع بلدان عربية أخرى مثل مصر التي تحل فيها ذكرى الثورة يوم 25 يناير وليبيا في 17 فبراير/ شباط المقبل، كما لا يتوقع أن يحمل شهر مارس/ آذار مفاجآت عندما تحل ذكرى الثورات والاحتجاجات في سوريا واليمن، حيث تستعر حرب أهلية منذ سنوات طويلة راح ضحيتها مئات الآلاف من الأشخاص. سعيّد لا يعترف بتاريخ 14 يناير وتاريخ الرابع عشر من يناير لا يعتبره الرئيس سعيّد رمزا لذكرى الثورة، بل يرى أنه يرمز إلى تاريخ “استيلاء” نخب سياسية على السلطة بعد فرار الرئيس الأسبق بن علي خارج البلاد (إلى السعودية). والتاريخ الحقيقي لثورة الشعب بالنسبة لسعيّد هو 17 ديسمبر/ كانون الأول عندما أقدم البائع المتجول محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد (وسط البلاد) على إحراق نفسه لتندلع احتجاجات واسعة انتهت بسقوط بنظام بن علي. لكن كان لافتا أن الرئيس سعيّد خرج يوم 14 يناير من القصر الرئاسي بقرطاج وتوجه إلى ولايتي القيروان وسليانة اللتين تعتبران مثلها مثل سيدي بوزيد والقصرين، شريط مناطق فقيرة وسط وغرب البلاد التي انطلقت منها الانتفاضة سنة 2011، وتعتبر اليوم الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها البلاد منذ سنوات. وظهر سعيّد في مشهد معتاد منذ توليه الرئاسة سنة 2019، وهو يصافح حشدا من المواطنين الذين يتحلقون حوله وبعضهم يهتف “نحن معك يا قيس سعيّد”. لا توجد مؤشرات تدل على أن أوضاع الناس في مثل هذه المناطق قد تحسنت بعد أن أمسك الرئيس سعيّد بكامل السلطات، بل تفيد دلائل عديدة على تدهور أوضاعهم الاقتصادية وتزايد نسب البطالة في أوسط الشباب وتسجيل أعلى معدلات الهجرة من البلاد والوفيات في صفوف من يجازفون بحياتهم في رحلات الموت عبر البحر الأبيض المتوسط نحو السواحل الإيطالية. تشهد تونس أزمة اقتصادية واجتماعية حادة منذ سنواتصورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance لكن يبدو أن خطاب الرئيس سعيّد والذي يُنظر له من قبل المحللين والمراقبين على أنه قائم على الشعبوية، يحظى بقبول قطاعات واسعة من التونسيين، وخصوصا في هجومه بدون هوادة على الطبقة السياسية والأحزاب وهيئات المجتمع المدني وحتى الصحافة، وكيله لها الاتهامات بـ “الفساد” و”التآمر على أمن الدولة”. كما أن استطلاعات الرأي التي تجرى من حين لآخر، والتي لا يمكن التأكد من استقلاليتها، تتكرر فيها أسبقيته على باقي منافسيه على الرئاسة. إذ تنتظر تونس هذا العام استحقاق الانتخابات الرئاسية، ورغم غياب مؤشرات تدل على أنها ستكون مختلفة نوعيا عن العمليات الانتخابية البرلمانية والمحلية التي نُظمت في البلاد بعد 25 يوليو/ تموز 2021 في ظل الدستور الجديد الذي صاغه الرئيس سعيد وأُقر في يوليو تموز 2022، حيث قاطعت أحزاب المعارضة الرئيسية كل تلك الاستحقاقات وسجلت فيها نسب ضئيلة للمشاركة. ورغم ذلك يعتقد بعض السّاسة في تونس، أن انتخابات سنة 2024، يمكن أن تكون حاسمة باتجاه تغيير الأوضاع، ولاسيما في ظل غياب حصيلة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية تُذكر لسنوات حكم سعيّد الفردي. “لسنا في مرحلة المسار الديمقراطي” في حوار صحفي أجري معه مؤخرا، اعتبر الدكتور عبد الله ساعف، المفكر المغربي ووزير التعليم الأسبق، أن المرحلة الحالية “ليست هي مرحلة المسار الديمقراطي، فهي تتسم بقوة الدولة ومركزتيها وعودتها بشكل أقوى، الأمر الذي ساهم في اتساع الهوة بين الشعوب والحكام، وهو ما يعني أن حكم الدولة أصبح أقوى من كل الفاعلين الموجودين في هذه المجتمعات، وأقوى من الاحزاب والنقابات، ومن المجتمعات المدنية، ومن الحركات الاجتماعية”. هذه المقولة يبدو أنها تلخص المشهد في تونس وباقي بلدان “الربيع العربي” التي أطلقت فيها الانتفاضات أحلام الشباب بإقامة ديمقراطية في العالم العربي. فبعد عقد من الانتفاضات والانتخابات الواعدة وصعود نخب سياسية من الإسلاميين والليبراليين واليساريين، انهارت الأوضاع الأمنية وهيمنت مسارات العنف والحروب الأهلية والثورات المضادة، وعادت آلة الدولة العميقة للسيطرة على الحياة السياسية. ولا يبدو أن انهيار تجارب الانتقال الديمقراطي في مصر وتونس وخيبات أجيال جديدة من الانتفاضات التي شهدتها الجزائر والسودان والعراق ولبنان، ودموية حروب أنظمة الحكم في سوريا واليمن وليبيا ضد الانتفاضات الشعبية، حالة عربية معزولة عما يجري في العالم من اتساع لنفوذ الأنظمة الاستبدادية تحت وطأة الأزمات الصحية والاقتصادية والحروب الطاحنة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط. شهدت مصر وتونس تراجعات كبيرة في السنوات الأخيرة في مجال الحريات صورة من: Egyptian Presidency Media Office via AP/picture alliance وكان مؤشر التحولات الذي تصدره مؤسسة بيرتيلسمانBTI   الألمانية سنويا، قد رصد في تقريره الأخير 2023، أن منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تأتي ضمن فئة 70 دولة مستبدة، وتشهد أسوأ تحولات سياسية منذ 15 عاما، حيث رصد المؤشر تراجعا في مجالات حرية التجمع وتقاسم السلطة بشكل ديمقراطي. وحسب مؤشرات تقرير فريدم هاوس الأمريكية لسنة 2023 فإن العالم يشهد أكبر تراجع للديمقراطية في العقدين الأخيرين. ووضع التقرير 4 دول عربية ضمن لائحة تسع دول هي الأسوأ عالميا من حيث تدهور الحريات السياسية والمدنية، وهي اليمن وسوريا والصومال والسعودية. بينما جاءت تونس ومصر ضمن الدول التي شهدت أسرع تراجعات في السنوات العشر الماضية. وبالمقابل لم يسجل التقرير أي دولة عربية ضمن الدول العشر التي حققت أفضل تقدم في مجال الديمقراطية في العالم. اهتزاز مرجعية الديمقراطيات الغربية يشكل تنامي نفوذ نماذج حكام مستبدين أمثال الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بالإضافة للعملاق الصيني، واحدا من أبرز ملامح التحولات التي يشهدها العالم في العقد الثالث من الألفية، في وقت تتعرض مرجعية الديمقراطيات الغربية لاهتزازات ملحوظة، يستغلها الحكام المستبدون لتوسيع نفوذهم. وتعتبر العودة القوية لظاهرة الانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية، مؤشرا دالّا عليها. إذ شكلت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن جائحة كورونا وحروب أوكرانيا والشرق الأوسط، وعجز الديمقراطيات الناشئة على مواجهة تداعياتها وخصوصا الاقتصادية والاجتماعية، منطلقا لعودة القبضة الاستبدادية على الحكم ومهاجمة الدول الغربية وتحميلها المسؤولية الأخلاقية عن تدهور الأوضاع. فقد اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن 2023 كان “عاما حافلا” على صعيد قمع حقوق الإنسان في العالم، خصوصا نتيجة النزاعات الدامية في قطاع غزة والسودان وأوكرانيا. ورأت المنظمة في تقريرها السنوي الذي صدر منتصف شهر يناير/ كانون الثاني 2024، وتطرق الى أوضاع حقوق الانسان في العالم، أن الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة والقتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، يتسببان بـ”معاناة شديدة”، مثل النزاعات المتواصلة في أوكرانيا وبورما وإثيوبيا ومنطقة الساحل الإفريقية. واعتبرت رايتس ووتش أن العام المنصرم “لم يكن عاما حافلا بقمع حقوق الإنسان وفظائع الحرب فحسب، بل كذلك بالغضب الحكومي الانتقائي ودبلوماسية الصفقات التي حملت في طياتها تكاليف باهظة على حقوق من لم تشملهم الصفقات”. تزايد نفوذ أحزاب يمينية متشددة في أوروبا يدفعها نحو إبرام صفقات حول الهجرة على حساب حقوق الإنسانصورة من: Tunisian Presidency/APA Images via ZUMA Press Wire/picture alliance وانتقدت المنظمة الاتحاد الأوروبي الذي يتبع “أسلوبا فريدا من دبلوماسية الصفقات يركز على التحايل على التزاماته الحقوقية تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين، وبخاصة الوافدين من أفريقيا والشرق الأوسط”. واعتبرت أن “الرد المفضّل للدول الأعضاء هو إعادة الأشخاص إلى بلدان أخرى أو عقد صفقات مع حكومات تعسفية مثل ليبيا وتركيا ومؤخرا تونس، لإبقاء المهاجرين خارج الاتحاد الأوروبي”. وقالت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في تقريرها السنوي “عندما يغض الغربيون الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان، محلياً أو دولياً، فقط من أجل تعزيز مصلحتهم الأنانية، فهذا ليس أقل من نفاق”. مستنتجة أن هذه التناقضات “تزعزع… شرعية نظام القواعد الذي نعتمد عليه لحماية حقوق الجميع”. الأمل في الديمقراطية شكلت إخفاقات النخب السياسية من إسلاميين وليبراليين ويساريين في الدول العربية التي شهدت انتخابات ديمقراطية، ومعها سياسات الكيل بمكيالين والانتقادات الموجهة لعدد من الدول الغربية، مادة خصبة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في الدول التي يحكمها مستبدون، يقدمونها كذريعة للتشكيك في جدوى إقامة الديمقراطية في العالم العربي. ومعها أيضا تشكيك في المرجعية الأخلاقية للنموذج الغربي للديمقراطية.منصف السليمي، صحفي بمؤسسة DW الألمانية خبير بالشؤون المغاربية وتساهم مثل هذه المناخات المتفشية حاليا في العالم العربي، في تبديد أحلام الشباب في الديمقراطية والتنمية على أسس عادلة وشفافة، لكن هل يعني ذلك نهاية للحلم والأمل؟ ففي بلد مثل تونس فاز فيه رباعي المجتمع المدني (الاتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للصناعة والتجارة) بجائزة نوبل للسلام 2014، وبعد أن كان يُنظر إليه كمهد لديمقراطية ناشئة يتعايش في ظلها العلمانيون والمحافظون الإسلاميون، يبدو المشهد الآن قاتما، إذ ترتبط النظرة للديمقراطية لدى قطاعات واسعة من التونسيين بفساد النخب والمؤسسات المنتخبة، ويعتبرونها مسؤولة عن تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية التي قامت أصلا الثورة سنة 2011 من أجل تحسينها. وتهيمن ردود الفعل اليائسة في سلوك الشباب، وتهجر أغلبية كاسحة منهم السياسة وحتى البلاد، ولم تتجاوز نسبة المشاركة في المحطات الانتخابية التي شهدتها تونس في العامين الماضيين، 12 في المائة. وتعتبر نسبة الامتناع عالية في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و21 عاما. وفي أحدث انتخابات بلدية أجريت في ديسمبر/ كانون الأول 2023 سجل حضور محدود للشباب، وبحسب الأرقام التي أعلنت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات، لم تتجاوز نسبة الشباب الفائزين (دون 35 عاما) ثلث أعضاء البلديات والمجالس المحلية، رغم أن الشباب يشكل نسبة تفوق ثلثي السكان. ويأتي انسحاب أو امتناع الشباب عن المشاركة السياسية في تونس، في سياق أشمل بحسب استنتاجات خبراء أعدوا دراسة حديثة نشرها مركز “مبادرة الإصلاح العربي” وهو هيئة غير حكومية مقرها باريس وتُعنى بقضايا الإصلاحات في الدول العربية. وحسب هذه الاستنتاجات “يتبع انسحاب التونسيين (وخصوصا الشباب) من الإحباط الشديد الذي تفاقم بسبب الصعوبات الاقتصادية الشديدة، والركود السياسي، والاضطرابات الاجتماعية”. ويحذر مفكرون عرب من التوقف عند فشل النخب السياسية سواء الإسلامية أو اليسارية أو الليبرالية، وربطه بالديمقراطية نفسها من أجل مصادرة فكرة التغيير القائمة على مفاهيم الحرية والديمقراطية في الدول العربية. ويمكن رصد أربعة محاور رئيسية في آفاق التفكير في قضايا الديمقراطية والتغيير بالعالم العربي: أولا: ضرورة قيام النخب السياسية والمثقفين والنشطاء بنقد ذاتي للتجارب السياسية التي شاركوا فيها وآلت للفشل، لإدراك العوامل الحاسمة فيها. ثانيا: التفكير بجرأة في أسس مشاريع الديمقراطية في الدول العربية، ومسألة ارتباطها التاريخي بالمرجعية الغربية أو التفكير في إدماج عناصر التراث والدين كعوامل مؤثرة بعمق في المجتمعات العربية. وفي كتابه الجديد (صدر 2023) “سؤال المصير” يقدم المفكر السوري الدكتور برهان غليون قراءة فكرية وتاريخية لصراع العرب طيلة قرنين “من أجل السيادة والحرية”. ويدعو إلى إعادة التفكير في المرجعية الفكرية للديمقراطية وضرورة “تخليصها” من السياق والخلفية الغربية، والاتجاه إلى التركيز على توظيف عوامل التراث والدين الإسلامي في بناء النظرية السياسية التي تقوم عليها الديمقراطية في العالم العربي. بيد أنّ غليون يحذر في نفس الوقت من الوقوع عند معالجة إشكالية الديمقراطية، في كماشة بين استراتيجية “الأصولية الدينية” أو حتى في فخ خصومها المتصارعين معها. لأن الفاعل السياسي والدولة هما من يرسم في الواقع التأثير الحاسم في تحقيق التغيير السياسي، كما يقول المفكر السوري.  ويستتبع هذا الاتجاه في التفكير جدلا واسعا في المجال الفكري والسياسي والإعلامي العربي حول مستقبل أحزاب الإسلام السياسي بين من يرى أنها في مرحلة أفول ونهاية موجتها وبين من يرى أن عوامل استمرارها قائمة رغم تراجعها في الوقت الراهن. ثالثا: الأجيال الجديدة من السياسيين والنشطاء والمؤثرين وقوى المجتمع الحية مثل المرأة والشباب، تذوقت طعم الحرية ومن الصعب إسكاتها، كما أن تطورات التكنولوجيا تمنحها فرصا غير مسبوقة. وهؤلاء سيكون لهم دور أساسي في رسم ملامح مشاريع التغيير السياسي المستقبلية، وبالتالي فإن الأمل والحلم بتحقيق ما فشلت فيه الأجيال السابقة والحالية، يظل قائما. ويلتقي غليون مع المفكر المغربي عبد الله ساعف حول هذه الفكرة.   وللمفكرين ساعف وغليون خلفية فكرية يسارية وقومية، وشاركا في تجارب سياسية من أجل إقامة ديمقراطية في بلديهما المغرب وسوريا. إذ شارك غليون إبان الانتفاضة السورية من موقع قيادي في إدارة هيئات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد، فيما شارك ساعف في حكومة “التناوب التوافقي” التي ترأسها الاشتراكي الراحل عبد الرحمن اليوسفي في الفترة (2000- 2002). رابعا: أن مسألة التغيير السياسي في الدول العربية، ليست فقط مسألة محلية، بل هي شديدة التأثير والتفاعل مع المحيط العالمي والأحداث الكبرى بمنطقة الشرق الأوسط وفي صدارتها الصراع الإسرائيلي  الفلسطيني.  إذ تُظهر الحرب الحالية بين إسرائيل وحركة حماس، تداعيات كبيرة على السياسة اليومية في الدول العربية والتوازنات الداخلية فيها. فطالما شكل الصراع مع إسرائيل عنوانا لمعارك داخلية تخوضها أنظمة استبدادية في دول عربية ضد معارضيها، تحت شعار “لا صوت يعلو فوق صوت البندقية”.  كما يمكن أن يكون للصراع الفسلطيني الإسرائيلي والانقسام الشديد في النظرة إليه، أثر مستقبلي على العلاقة بين الدول العربية وأوروبا والغرب بشكل عام. كما يتوقع أن يكون لنتائج الحرب الحالية ومدى جدية المجتمع الدولي في تسوية الصراع آثار مستقبلية حاسمة على علاقة الدول العربية مع إسرائيل. في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى “دستور سعيّد”خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Imagesشرارة الربيع العربي الأولىكانون الأول/ ديسمبر 2010 – بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibiكانون الثاني/ يناير 2011 – هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.صورة من: picture-alliance/CPA Mediaفوز حزب النهضةتشرين الأول/ أكتوبر 2011 – حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraouiجدل بشأن علمانية الدولةأذار/ مارس 2012 – تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.صورة من: DW/S.Merschاغتيال شكري بلعيدشباط / فبراير2013 – اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.صورة من: AFP/Getty Imagesتخلي حزب النهضة عن الحكمكانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture allianceدستور جديد لتونسكانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.صورة من: Reuters/Z. Souissiكانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messaraالإرهاب يضرب تونسآذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم “داعش” على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaidمواجهة الإرهابآذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم “داعش” الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasriالعجز التجاري يرتفعكانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Imagesقيس سعيد رئيسا لتونستشرين الأول/ أكتوبر 2019 – الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassimكانون الثاني/ يناير 2020 – بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Imagesسعيد المشيشي رئيسا للوزراءآب/ أغسطس 2020 – سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture allianceالاحتجاجات متواصلةكانون الثاني/ يناير 2021 – بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.صورة من: Yassine Mahjoub/imago imagesإقالة الحكومة وتجميد البرلمانتموز/ يوليو 2021 – سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه “استجاب لإرادة الشعب”.صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطييوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه “شارع الثورة”، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture allianceالرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها “تخرج” عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.صورة من: picture-alliance/AA/N. Talelالإعلان عن خارطة طريق للبلادبعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ “الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.صورة من: Monasse Th/Andia/imago imagesحلّ البرلمان واحتجاجات في الشارعفي مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان – وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture allianceإحكام القبضة على القضاء بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس “أصبح من الماضي”، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AAتنديد داخلي وانتقادات دوليةقرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ “المذبحة”. كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى “عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع” موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance “دولة مهددة بالإقلاس”حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر “إفلاس” التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة “اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية”، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.صورة من: PanoramiC/IMAGOمسودة دستور جديدفي نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونسباختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011. صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance

#تحليل #صدى #خافت #في #ذكرى #الثورة. #أفول #الحلم #بالديمقراطية

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد