“تذكرة إلى الجنة”.. كوميديا رومانسية على طريقة أفلام التسعينيات

بدأ عرض فيلم “تذكرة إلى الجنة” (Ticket to Paradise) في العديد من دول العالم بما فيها الشرق الأوسط خلال سبتمبر/أيلول الجاري، ومن المنتظر عرضه في الولايات المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول القادم، وهو يمثل عودة للثنائي الشهير “جورج كلوني” و”جوليا روبرتس”؛ الأمر الذي كان حافزا كبيرا للعديد من المتفرجين منذ الإعلان عنه.

وحقق الفيلم معدل 70% على موقع “الطماطم الفاسدة/ روتن توماتوز” (Rotten Tomatoes) بمراجعات متفاوتة بين السلبيات والإيجابيات، وبتقييم 6.4 على موقع “آي إم دي بي” (IMDB)، ولكنه في النهاية يُعدّ بالتأكيد معدلا أفضل من المتوقع لفيلم رومانسي كوميدي.

نوستالجيا جيل الثمانينيات والتسعينيات

جورج كلوني وجوليا روبرتس من أهم نجوم فترة التسعينيات وما حولها، سطع نجمهما في الأفلام الكوميدية والرومانسية ثم تطورا إلى أنواع سينمائية أخرى أكثر جدية، لكن خلال هذه المسيرة ارتبطا في أذهان الأجيال التي تربت على أفلامهما على أنهما مثالان على الحب والرومانسية وخفة الظل.

كبر النجمان بالتأكيد، وكذلك المشاهدين القدامى، فقل ظهورهما في السينما، خاصة مع أفول شهرة وأهمية الأفلام الكوميدية الرومانسية في ظل اتجاه الشباب لأنواع أخرى أكثر إثارة لهم مثل الأبطال الخارقين والخيال العلمي، حيث يمكن اعتبار عقد التسعينيات هو أوج السينما الرومانسية.

ولكن ها هنا اليوم يعود جورج كلوني وجوليا روبرتس بفيلم يشبه الأعمال القديمة لهما، لكن مع تغييرات تجعله متلائما مع المرحلة العمرية التي يمران بها، فبدلا من قصة الحب ذات التعقيدات بين شاب وشابة، نجد هنا أمامنا زوج وزوجة مطلقان منذ 19 عاما، عاشا حياة زوجية قصيرة انتهت بابنة واحدة، ومرارة لا تنتهي لكن عليهما أن يتواجها لمرة أخيرة ويتعاونان لتعطيل زواج ابنتهما الشابة من حبيب يعيش على جزيرة بالي؛ هذا الزواج الذي يمنعها من المستقبل المخطط له بدقة من قبل والديها.

وتتولد المواقف الكوميدية من الاختلافات الثقافية وطريقة العيش الأميركية السريعة المليئة بالمخططات الجاهزة، وتلك الخاصة بجزيرة “بالي” الهادئة التي تقدس الاستمتاع بمباهج الحياة البسيطة يوما بيوم، هذا بالإضافة إلى محاولة الأبوين التنازل عن العداء المستقر بينهما لتحقيق هدفهما الأهم وهو إفساد الزفاف المنتظر.

حاول الفيلم بناء أساس داخلي لشخصياته، الأمر الذي تفتقده الأفلام من هذا النوع في العادة (الجزيرة)

لا للابتكار

فيلم “تذكرة إلى الجنة” للمخرج “أوليفر باركر” الذي اشتهر بتقديمه الجزء الثاني من أفلام “ماما ميا” بعنوان “ماما ميا! نحن نعيد الكَرَّة مرة أخرى” (Mamma Mia! Here We Go Again)، وهو عمل يحمل الكثير من التشابهات مع الفيلم محل حديثنا اليوم، فكلاهما تدور أحداثه على جزيرة نائية تتمتع بسحر الطبيعة ونمط الحياة الهادئة التي يهرب إليها أشخاص غربيون بحثا عن السعادة، وأيضا يجمع بينهما أن الحدث الرئيسي هو احتفال يتم بعد أيام قليلة يؤدي إلى تغيير جذري في حياة بعض المدعوّين.

بشكل عام قصة الفيلم لم تحمل أي ابتكار، سواء بالمقارنة بين أفلام ماما ميا، أو بأفلام الكوميديا الرومانسية المعتادة، لكن ذلك لم يُنفّر المشاهدين الذين يسعون في الأساس إلى استعادة ذكرياتهم القديمة بفيلم يشبه ما تربوا عليه خلال فترة مراهقتهم وشبابهم، فالجمهور المستهدف ليس الشباب الصغار والمراهقون، بل من تعدوا الـ30 من العمر، وهي شريحة كبيرة نسبيا وأصبحت محل اهتمام صنّاع الأفلام والاستوديوهات مؤخرا.

حاول الفيلم بناء أساس داخلي لشخصياته، الأمر الذي تفتقده الأفلام من هذا النوع في العادة، فأعطى أبعادا لماضي البطلين، وحاول تقديم بعض المبررات للفراق بينهما لا يضع أي منهما كمذنب في هذه العلاقة أو جاني، لكن في النهاية جاءت هذه المبررات مبتذلة مثل النصائح حول العلاقات في مقتبل العمر التي قد تتدمر لغياب النضج، أو حمل المسؤوليات الضخمة قبل الأوان، فلم ينل الفيلم سوى شرف المحاولة.

لكن على الجانب الآخر لم يكن منصفا في هذه المبررات، فالبطلة تحملت بشكل خفي المسؤولية في إخفاق الزواج، فهي الأم التي لم ترغب في أن تغيب شخصيتها في أدوار الأم والزوجة، لذلك غابت نفسيا عن العلاقة مع الزوج، حتى تدمرت حياتهما في النهاية، بينما لم يتحمل الزوج أي مسؤولية، فظهر في النهاية الأب الذي يرغب في الوجود في حياة ابنته، الحاضر على الدوام، الذي يبكي في حفل زفافها.

لحظات الكوميديا جاءت ذكية مستغلة الجيل الذي يمثله أبطال الفيلم في مقابل الأجيال القديمة، مثل مشهد الرقص على أنغام الأغاني التي أصبحت من عصر بائد الآن، أو علاقة الأم بحبيبها الفرنسي الوسيم الأصغر سنا الذي يمثل كل ما هو نقيض الأب؛ الأمر الذي يشعل غيرة الأخير.

هذا بالطبع مع استعراض جمال طبيعة الجزيرة الساحرة ليشبه الفيلم في بعض مواضعه الإعلانات السياحية عن جزر المالديف وبالي والشواطئ البيضاء والبحر بزرقته التي لا تضاهى في أي مكان آخر في العالم.

فيلم “تذكرة إلى الجنة” عمل حدد جمهوره بدقة؛ جيل الثمانينيات والتسعينيات الذي لا يزال يبحث له عن موضع في هذا العالم، وقد أصبح كبيرا لدرجة لا تلائمه أفلام الشباب الرائجة، وليس عجوزا كفاية لمشاهدة الأفلام الكلاسيكية والاعتقاد أنها الأروع في العالم، واستعان في سبيل ذلك بممثلَين يبحثان لنفسيهما عن نفس المكان، يستعيدان نجوميتهما في عمل يُعد لهما “منطقة راحة” بلا تحديات أكبر من الظهور بوسامة وخفة ظل طبيعية.

#تذكرة #إلى #الجنة. #كوميديا #رومانسية #على #طريقة #أفلام #التسعينيات

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد