تعزيز التمويل لدول العبور “غير الأوروبية” لمعالجة أزمة قوارب المهاجرين

إنها مشكلة يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ سنوات: ما الحل في مواجهة تدفق اللاجئين والمهاجرين الذين يسعون للوصول إلى شواطئ القارة عبر البحر؟

الإجابة من المسؤولين في بروكسل: حل المشكلة يكمن في اللجوء إلى حكومات سلطوية في الدول التي يغادر منها المهاجرون أو يمرون عبرها للوصول إلى أوروبا.

من المرتقب أن يعزز قادة الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع خططاً لزيادة التمويل لحكومات بعض البلدان مثل تونس وتركيا وغيرهما، بهدف منع قيام اللاجئين والمهاجرين – بمن فيهم أولئك الهاربون من النزاعات المسلحة والقمع السياسي – من محاولة عبور البحر المتوسط المحفوفة بالمخاطر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأتي قمة بروكسل المستمرة ليومي الخميس والجمعة، والتي تركز على قضايا الهجرة وأمور عاجلة أخرى، عقب حادثة غرق مركب صيد في وقت سابق من هذا الشهر يحمل على متنه مئات المهاجرين، فيما يبدو أن عديداً منهم لقوا حتفهم.

وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، في بيان صحافي قبيل بدء القمة “الحادثة المأسوية الأخيرة في البحر الأبيض المتوسط، وفقدان عديد من الأرواح، تذكير صارخ بحاجتنا إلى مواصلة العمل بلا هوادة في موضوع تحديات الهجرة إلى أوروبا”.

وكانت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) Frontex قد سجلت أكثر من 50 ألف محاولة لاختراق حدود الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، وهو الرقم الأعلى منذ عام 2017، حيث تضاعف عدد المحاولات مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022. وفي يوم الثلاثاء، جرى إنقاذ 86 شخصاً كانوا يسعون للوصول إلى أوروبا قبالة سواحل ليبيا، ومعظمهم من غامبيا والسنغال.

وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة، فقد أو قتل أكثر من 1700 شخص خلال محاولتهم عبور البحر المتوسط هذا العام، وهذا يشكل ارتفاعاً كبيراً مقارنة بـ1400 شخص في الفترة نفسها من العام الماضي. وقد سجلت المنظمة ما لا يقل عن 27600 وفاة للمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2014.

وقد أثارت زيادة عدد محاولات العبور قلقاً بين أوساط بعض المسؤولين الأوروبيين ممن يخشون أن تتسبب هذه الزيادة في تعزيز اليمين المتطرف. ويقوم عدد من الدول، مثل بولندا والنمسا وهنغاريا، بعرقلة أي محاولة جادة لتحقيق توزيع عادل للاجئين القادمين إلى اليونان وإيطاليا ومالطا وإسبانيا.

ومن بين خطط الاتحاد الأوروبي دفع مبالغ مالية للرئيس التونسي قيس سعيد، الذي أصبح سلطوياً على نحو متزايد، وذلك لاتخاذ إجراءات لمنع المهاجرين من الصعود على متن القوارب والتوجه إلى أوروبا. سعيد، الذي تعرض لانتقادات بسبب تقويض المكتسبات الديمقراطية في بلاده، يمكن أن يكافأ بمزايا مالية لتعاونه مع الاتحاد الأوروبي في منع هذا النوع من الهجرة.

ومن المقرر أن تحصل الحكومة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان على ما يصل إلى 3.5 مليار يورو إضافية (3 مليارات جنيه استرليني) لدعم اللاجئين السوريين وغيرهم داخل البلاد، بهدف الحفاظ على رعايتهم وتوفير الخدمات اللازمة. وبذلك، يرتفع إجمالي المساعدات التي تلقتها أنقرة في السنوات الأخيرة إلى 13 مليار يورو.

ومن المقرر أن تتلقى تونس والمغرب ومصر تمويلاً بقيمة 367 مليون يورو لتوفير معدات أمنية ومنع إبحار قوارب المهاجرين غير الشرعيين.

يذكر أنه عقب محاولات أخرى فاشلة بين دول الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى تسوية في شأن قضية المهاجرين، أصبح التعاون مع الحكومات الأجنبية هو التركيز الرئيس. ومع ذلك، فإن هذا التعاون قد يشكل خطراً على أهداف أخرى مثل حماية حقوق الإنسان.

وصرحت هانا بيرينس، مديرة قسم أوروبا في “معهد سياسات الهجرة” Migration Policy Institute قائلة “يعطى هدف محاولة منع الهجرة الأولوية على أي سياسة أخرى. قد يؤدي التركيز الزائد على السيطرة على تدفق المهاجرين إلى نتائج عكسية على الاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد الأوروبي. لا يمكن التنبؤ بتصرفات هذه الدول، وهي مستعدة لاستغلال قضية الهجرة كوسيلة ضغط لتحقيق أهدافها”.

تشعر مجموعات المناصرة بالقلق من أن الاتحاد الأوروبي يعتمد مرة أخرى على نهج مصيره الفشل.

وشددت إيموجين سودبري، المديرة التنفيذية للمناصرة في أوروبا في “اللجنة الدولية للإنقاذ” International Rescue Committee قائلة “على الاتحاد الأوروبي أن يتعاون مع الدول المجاورة، ولكن يجب أن تتمحور جميع الجهود حول دعم حقوق الأشخاص المتنقلين”، مضيفة “يجري التركيز حالياً بشكل رئيس على منع وصول الأشخاص إلى أوروبا واحتوائهم، لكننا نعلم أن الأشخاص الذين يعانون اليأس يصعب منعهم”.

وفي خطابها إلى قادة الاتحاد الأوروبي قبل القمة، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى ضرورة “تقييد المغادرات غير النظامية” من أفريقيا وتركيا، “والتصدي لتهريب المهاجرين، وتعزيز التعاون مع البلدان الشريكة” لضمان عدم مغادرة الأفراد أو عبورهم عبر تلك البلدان بطرق غير نظامية.

وأكدت فون دير لاين ضرورة “العثور على طرق قانونية بديلة للدخول إلى أوروبا”، كما أشارت إلى أن ليبيا تلقت قاربي دورية إضافيين بتمويل من قبل الاتحاد الأوروبي في فبراير (شباط)، وأنها “أنقذت أو اعترضت” نحو 7562 شخصاً حاولوا المغادرة هذا العام.

وفي وقت سابق هذا الشهر، أعلن المسؤولون عن تشديد القواعد التي تجعل طلب اللجوء السياسي الطريق الوحيد للحصول على إقامة قانونية لعديد من المهاجرين. هدف هذا التشديد إلى إيجاد توازن مقبول يلبي حاجات مختلف الدول وتحقيق توافق بينها. ستضطر البلدان مثل اليونان وإيطاليا، حيث يصل العدد الأكبر من المهاجرين، إلى تطبيق قواعد أكثر صرامة على أولئك الذين يستبعد قبول طلباتهم للإقامة. وفي المقابل، يصبح هناك مجال أكبر لإعادة المتقدمين المرفوضين.

بعد ذلك، تخير الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي إما بقبول عدد معين من المهاجرين سنوياً أو تقديم دعم مالي إلى صندوق مشترك في الاتحاد الأوروبي.

وعلقت هانا بيرينس قائلة “هناك استياء كبير لأنه يجب على هذه البلدان التعامل مع كثير من طلبات اللجوء التي ليس لها أساس قانوني. هناك حاجة ماسة للتأكد من أن أولئك الذين يدخلون هم طالبو لجوء فعليون”.

ومع ذلك، لا تزال بعض الدول غير راضية عن هذا التوجه. وأعرب رئيس وزراء بولندا، ماتيوش مورافيتسكي، الخميس، عن رفضه للقواعد الجديدة المعلنة، وأكد أنه سيطالب بإصلاح “فرونتكس” وتعزيز التمويل لمواجهة قضايا المهاجرين.

وفي مؤتمر صحافي، قال مورافيتسكي “في اجتماع المجلس الأوروبي، سأقترح خطة لضمان الحدود الآمنة”. وأضاف “نرفض إعادة التوطين القسري للمهاجرين، ونعارض انتهاك حق الفيتو من قبل الدول الفردية، ولا نقبل انتهاك مبدأ القرارات السيادية، ونرفض فرض عقوبات من قبل بروكسل”.

ويشير باحثون إلى زيادة موجة العداء [تجاه اللاجئين] في دول الشرق الأوسط، مثل تركيا ولبنان، حيث تستضيف هذه الدول غالبية اللاجئين الهاربين من الحرب في سوريا.

خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في عام 2023، لجأ حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ومرشحو المعارضة إلى تشويه صورة المهاجرين.

وضغطت مجموعات المناصرة لاعتماد حلول تتضمن توجيه بعض المهاجرين إلى الدول الشمالية في أوروبا.

وفي هذا الصدد، صرحت إيموجين سودبري قائلة “ما نحتاج إليه حقاً هو نظام يقوم على تقاسم المسؤولية. لو لم يقع على عاتق الدول الحدودية مسؤولية غير متناسبة لاستقبال الوافدين الجدد وكانت تلقى دعماً أكبر لكان من المرجح أن يدعموا عمليات الإنقاذ بشكل أكبر ويعارضوا بشكل أقل”.

#تعزيز #التمويل #لدول #العبور #غير #الأوروبية #لمعالجة #أزمة #قوارب #المهاجرين

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد