تقرير لمنظمة أطباء بلا حدود: بين نارين.. خطرٌ ويأسٌ في مخيم الهول في سوريا

 

قائمة المحتويات

ملخص تنفيذي

 تحت راية الحرب العالمية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، اعتُمدت سياسات استثنائية بشأن الاحتجاز التعسّفي وإلى أجلٍ غير مسمّى للنساء والأطفال والرجال في مخيم الهول في شمال شرق سوريا. وقد نقل التحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية بقيادة الولايات المتحدة (التحالف الدولي) مسؤولية تنفيذ الإجراءات المتّصلة بهذه السياسات إلى الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهي منطقة حكم ذاتي اُنشئت بحكم الأمر الواقع، وإلى قوات سوريا الديمقراطية، وهو الجناح العسكري لهذه الإدارة الذاتية. ولم تتّخذ الدول الأعضاء في التحالف الدولي والدول الأخرى التي يبقى مواطنوها محتجزين في مخيم الهول وغيره من مرافق الاحتجاز والمخيمات في شمال شرق سوريا، التدابير اللازمة لحماية مواطنيها، أو لإيجاد حلول طويلة الأجل لإنهاء احتجازهم. بل على العكس، عمدت هذه الدول إلى تأخير إعادة مواطنيها، أو حتى إلى رفض إعادتهم. وقد ذهبت في بعض الحالات إلى تجريدهم من جنسيتهم ليصبحوا بذلك عديمي الجنسية. وبشكل عام، لم تُتخذ أي تدابير لضمان حماية الحقوق الأساسية للمقيمين في المخيم.

ورغم افتقار الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية إلى التجهيز المناسب والتوجيه اللازم لإدارة عملياتهما وفقاً للمعايير والقوانين الدولية، كُلِّفَت هاتان بإدارة مخيمٍ هو الأكبر في شمال شرق سوريا، ويضم أكثر من 53،000 محتجز من 60 جنسية مختلفة. وفي هذا السياق، سُجّل حدوث انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان وأنماط متكررة من العنف والاستغلال في مخيم الهول. وقد ترتبت عن هذه الانتهاكات تداعيات هائلة على سلامة الأشخاص المقيمين في المخيم وفي المناطق المحيطة به، وعلى أمنهم، وكرامتهم، وإمكانية حصولهم على المساعدات الإنسانية. كما أنها أثرت تأثيراً واضحاً على مقدمي المساعدات الإنسانية الذين باتوا يتعرضون بشكل متزايد إلى التضييق والعنف والإجرام.

وبدلاً من اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة انعدام الأمن في المخيم وظروفه المعيشية المتردية، استعان التحالف الدولي بمصادر خارجية للتعامل مع الوضع السائد. لكن دور هذه المصادر اقتصر على مدّ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية بالتمويل اللازم لاتخاذ تدابير تُسهم في إضفاء الطابع الأمني على المخيم واعتماد إجراءات احتوائية. وقد أخفقت هذه التدابير إلى الآن في ضمان سلامة وأمن الأشخاص المقيمين في المخيم وفي المناطق المحيطة به، إذ أنهم يصفون أنفسهم بالمحاصرين “بين نارين”. فهم من جهة يواجهون تهديداً مستمراً بالتعرض إلى عنف الشديد من قبل الجماعات المسلّحة في المخيم، ومن جهة أخرى يعانون من الإجراءات الأمنية القاسية التي تفرضها سلطات المخيم تحت ذريعة إدارة الوضع في مخيم الهول.

إن احتواء آلاف الرجال والنساء والأطفال في مخيّم الهول هو إجراء أمني قصير المدى. وما لم تتوفر شروط السلامة والحماية والرفاه للأشخاص داخل المخيم، فمن غير المرجّح أن يُعالج التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من المجموعات المسلحة.

وتدعو منظمة أطباء بلا حدود جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك التحالف الدولي والسلطات المحلية في شمال شرق سوريا والدول التي لديها مواطنين في الهول، إلى تحمّل مسؤولية رفاه القاطنين في المخيم. كما تدعو التحالف العالمي إلى دعم السلطات المحلية في اتخاذ خطوات فورية لضمان سلامة الأشخاص وحمايتهم وصون حقوقهم الإنسانية الأساسية. وتشمل هذه الخطوات الاستثمار في التدابير الرامية إلى الحدّ من العنف وانعدام الأمن والأنشطة الإجرامية التزاماً بالقانون الدولي، وتعزيز القدرة على تقديم المساعدة الإنسانية للأشخاص في المخيم، وتحسين ظروفهم المعيشية، وإيجاد حلول مستدامة وطويلة الأجل لوضعهم، بما يتماشى مع المعايير والقوانين الدولية.

أهداف التقرير ونطاقه

أدّت سياسات مكافحة الإرهاب إلى محاصرة آلاف المدنيين في مخيم الهول في حلقة لا متناهية من الاحتجاز والخطر وانعدام الأمن. وقد طغت هذه الظروف على كل جانب من جوانب حياتهم اليومية، وحرمتهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية. يوثّق هذا التقرير مستنداً إلى شهادات القاطنين في المخيم وتجاربهم مظاهر العنف المستشري والاستغلال وغياب القانون في مخيم الهول، مُستعرضاً تأثيرها على الأشخاص. وللحصول على المعلومات اللازمة، يعتمد التقرير على شهادات القاطنين في المخيم الرئيسي والقسم الملحق به، وملاحظات موظفي منظمة أطباء بلا حدود المباشرة في الخطوط الأمامية، والبيانات الطبية الواردة من المرافق الطبية للمنظمة في المخيم والمجمعة بين تموز/ يوليو 2021 وآذار/ مارس 2022.

يشير هذا التقرير إلى تجارب شخصية وقصص جاءتنا من المرضى الذين تلقيناهم والقاطنين في مخيم الهول بشكل عام ومن شهادات موظفينا. وتصور قصص هؤلاء وكلماتهم مخيم الهول على أنّه مخيم احتجاز أكثر من كونه مخيمًا إنسانيًا. حيث يخضع خروج الأشخاص منه ودخولهم إليه إلى قيود، ويُجرَّد القاطنون فيه من حقوقهم واستحقاقاتهم، ولا يسعهم الوصول إلى سبل العيش، ويخضعون إلى ظروف شبيهة بظروف السَجن فلا يملكون القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية ولا مخرج أمامهم.

أنشطة منظمة أطباء بلا حدود في مخيم الهول

 في كانون الثاني/ يناير 2019، باشرت منظمة أطباء بلا حدود استجابتها في مخيم الهول بتقديم الرعاية الطبية الطارئة في منطقة استقبال الوافدين الجدد، وتوفير مواد الإغاثة الأساسية. حالياً، تدير منظمة أطباء بلا حدود عيادة للمرضى الذين يعانون من الأمراض غير السارية وتقدم خدمات طبية منزلية للقاطنين في المخيم الرئيسي الذين لا يستطيعون المشي للذهاب إلى مرفق صحي. كما تقدم المنظمة استشارات خارجية وخدمات صحة المرأة والدعم النفسي في منطقة الخدمات المجاورة للقسم الملحق، حيث يُحتجز الرعايا الأجانب. وتدير المنظمة أيضاً عيادات متنقّلة في الملحق من المخيم، وتؤمن عملية نقل المياه بالشاحنات في حالات الطوارئ إلى المخيم الرئيسي، وتوفر المياه من خلال شبكة مياه إلى القسم الملحق، وإلى قسم يضم أكثر من 20 ألف شخص، وهو واحد من أكثر الأقسام اكتظاظاً في المخيم الرئيسي.

1.   السياق العام والإطار القانوني

يقع مخيم الهول على مقربة من الحدود السورية العراقية، وقد أُنشئ في البداية من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) خلال حرب الخليج عام 1991 لإيواء حوالي 15،000 عراقي[1]، ثم تمّ توسيعه خلال الغزو الأمريكي للعراق في أوائل القرن الحادي والعشرين. وفي مطلع عام 2014، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على بلدة الهول الواقعة على الطريق الرئيسي بين العراق وسوريا وأبرز الممرات التي يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية لتوصيل الإمدادات، وتحديداً نحو جنوب الحسكة والرقة. وفي تشرين الأول / أكتوبر 2015، شنت قوات سوريا الديمقراطية[2] هجوماً للسيطرة على بلدة الهول الاستراتيجية والريف المحيط بها، وتمكنت من الاستيلاء عليها في 13 تشرين الثاني / نوفمبر 2015. أعادت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا فتح المخيم لاستقبال اللاجئين العراقيين الهاربين من زحف تنظيم الدولة الإسلامية في نيسان/ أبريل 2016، وقد بلغ عدد اللاجئين العراقيين في المخيم في عام 2018 حوالي 10،000 لاجئ. ومع سقوط بلدة باغوز، آخر معقل لتنظيم الدولة الإسلامية[3]، وما نتج عنه من نزوح جماعي، ارتفع عدد الأشخاص في المخيم إلى حوالي 73،000 شخص بين كانون الأول/ ديسمبر 2018 وآذار/ مارس 2019.

بعد معركة باغوز، احتجزت قوات سوريا الديمقراطية في سجون مؤقتة الآلاف من الذين زُعم أنّهم مقاتلون لتنظيم الدولة الإسلامية، من بينهم عدد كبير من الرعايا الأجانب. وقد أُجليت عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية المشتبه بهم، وبينهم حوالي 11،000 امرأة وطفل أجنبي، من باغوز إلى الهول حيث احتجزوا في قسم منفصل ملحق بالمخيم وخاضع لقيود أكثر صرامة من الأقسام الأخرى. وقد أدى وصول اللاجئين من باغوز إلى رفع العدد الإجمالي للمواطنين العراقيين في المخيم إلى حوالي 30،000 شخص[4]، ليصبح بذلك أغلب القاطنين في المخيم من الجنسية العراقية.

حالياً، ينقسم مخيم الهول إلى “المخيم الرئيسي” الذي يتألف من ثمانية أقسام (يعرف القسم باسم “القطاع” أو “الفيز”) ويضم مواطنين سوريين وعراقيين؛ وقسم “الملحق” الذي يضم رعايا أجانب (غير سوريين وغير عراقيين) من 60 دولة مختلفة. ويفصل سياج حديدي بين المخيم الرئيسي والملحق، مع تنقّل محدود للغاية أو حتى معدوم تماماً بين المنطقتين. اليوم، وبعد عودة بعض اللاجئين إلى أوطانهم وإعادة البعض الآخر، أصبح العدد الإجمالي للقاطنين في المخيم حوالي 57،000 شخص[5]، منهم 11،000 من الرعايا الأجانب[6]. ويشكل الأطفال 64 في المئة من الأشخاص في المخيم، فيما تبلغ نسبة الذين تقلّ أعمارهم عن 12 عاماً 50 في المئة[7].

واعترف التحالف الدولي بأن احتجاز 11،000 مواطن أجنبي في مخيّم الهول يمثّل “مشكلة دولية”. لذلك، قدم التحالف الدولي إلى قوات سوريا الديمقراطية دعماً مالياً ومعدات بمئات الملايين من الدولارات لتمكينها من إدارة المخيم، ومساعدتها في تدريب قوى الأمن المحلية وتحسين المرافق في المخيم[8]. على الرغم من ذلك، تتسم الأوضاع في مخيم الهول بالاكتظاظ الشديد، ويعيش الأشخاص في ملاجئ مؤقتة غير ملائمة، مع وصول محدود إلى الغذاء والمياه النظيفة والخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. ويتعرض القاطنون في المخيم يومياً إلى قدر كبير من العنف والاستغلال وسوء المعاملة، فيما يعيش الأطفال وغيرهم من الفئات المعرّضة إلى المخاطر في ظل انعدام الأمن والحرمان.

المشهد القانوني

يتطرق هذا القسم بإيجاز إلى مختلف الهيئات القانونية الدولية العامة المعنية بالوضع في مخيم الهول، ويوضح بعبارات عامة المعايير والحقوق والالتزامات المختلفة المنصوص عليها في ما يتعلق بالحرمان من الحرية. وبالتالي، فإن القسم التالي ليس عرضاً شاملاً للإطار القانوني القائم، ولا يُعنى بتحديد ما إذا كان لقوات سوريا الديمقراطية صلاحية احتجاز الأفراد[9].

القانون الدولي الإنساني

يمكن تصنيف النزاع الدائر بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا على أنه نزاع مسلّح غير دولي بالمعنى المقصود في المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949[10]. وبالتالي، ينطبق القانون الدولي الإنساني شريطة وجود صلة بين حالة هذا النزاع المسلح وحرمان الأفراد المعنيين من الحرية.

وتنص الفقرة 1 من المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949 على أن يلتزم كل طرف في النزاع، كحدٍّ أدنى، بمعاملة الأشخاص المحتجزين بطريقة إنسانية في جميع الأحوال و”دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر”[11]. وتجدر الإشارة إلى أن معنى “المعاملة الإنسانية” يشير إلى سياق محدّد، ويجب مراعاته في الظروف الملموسة لكل حالة […]”[12]. كما تحظر المادة 3 في جميع الأوقات والأماكن الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للأشخاص، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب. بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة نفسها على وجوب جمع الجرحى والمرضى والاعتناء بهم[13].

وتشمل الضمانات الأخرى للأشخاص المحرومين من حريتهم ما يلي:

  • يُزوَّد الأشخاص المحرومون من حريتهم بالقدر الكافي من الطعام والماء والملبس والمأوى والعناية الطبية؛

  • يوضَع الأشخاص المحرومون من حريتهم في أماكن بعيدة عن منطقة القتال، وتؤمن لهم الرعاية الصحية وظروف نظيفة؛

  • يُحظَر نهب الممتلكات الشخصية للأشخاص المحرومين من حريتهم؛

  • تُسجَّل التفاصيل الشخصية للأشخاص المحرومين من حريتهم؛

  • يُسمَح للأشخاص المحرومين من حريتهم باستقبال الزائرين، وبخاصة الأقرب إليهم، بالدرجة الممكنة [14].

تنطبق بعض المبادئ العامة في حالات الاعتقال[15]، بما في ذلك: الاعتقال (1) هو إجراء استثنائي؛ (2) ليس بديلاً عن الإجراءات الجنائية؛ (3) لا يؤمَر به إلا على أساس كل حالة على حدة دون تمييز من أي نوع؛ و (4) يجب إنهائه بمجرد زوال أسباب حصوله[16].

 توضع النساء المحرومات من حريتهن في أماكن منفصلة عن الأماكن المخصصة للرجال، وتستثنى من ذلك الحالات الأسرية التي تعدّ لها أماكن إقامة كوحدات عائلية، على أن تكون تحت الإشراف المباشر للنساء[17]. وتلبي الاحتياجات الخاصة بالنساء المتأثرات بنزاع مسلّح في الحماية والصحة والمساعدة[18].

يتمتع الأطفال المتأثرون بالنزاع المسلّح باحترام خاص وحماية خاصة[19]. ويجب وضع الأطفال المحرومين من حريتهن في أماكن منفصلة عن الأماكن المخصصة للبالغين، وتُستثنى من ذلك الحالات الأسرية التي تعدّ لها أماكن إقامة كوحدات عائلية، باستثناء الأماكن التي يتم إيواء العائلات فيها كوحدات عائلية[20]. وفي هذا الصدد، تُحترم الحياة العائلية ما أمكن.[21]

يؤكد القرار رقم 2427 الذي اتخذه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على “[…] أن الأطفال الذين جندتهم القوات المسلّحة والجماعات المسلّحة في انتهاك للقانون الدولي الواجب التطبيق ويُتهمون بأنهم ارتكبوا جرائم أثناء النزاعات المسلّحة ينبغي أن يعاملوا أساساً باعتبارهم ضحايا لانتهاكات القانون الدولي و[…] يشجِّع على تيسير وصول الجهات المدنية المعنية بحماية الطفل إلى الأطفال المحرومين من الحرية بسبب ارتباطهم بالقوات المسلحة والجماعات المسلحة”[22].

القانون الدولي لحقوق الإنسان[23]

لا يجوز إخضاع أي شخص للتعذيب أو للمعاملة أو العوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، وهو حق غير قابل للانتقاص ويسري في جميع الأوقات[24].

لكل فرد الحق في الحرية[25] والأمن الشخصي[26]. ويُحظر توقيف الأشخاص أو احتجازهم بشكل تعسفي، أو سلب الحرية إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المُقرر فيه[27]. يُعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني [28]، حق غير قابل للانتقاص ويسري في جميع الأوقات [29]. ويشمل ذلك أن الأشخاص المحرومين من حريتهم لا يجوز أن يتعرضوا للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. كما أنه لا يجوز أيضاً تعريضهم لأي مشقّة أو قيد خلاف ما هو ناجم عن الحرمان من الحرية؛ ويجب ضمان احترام كرامة هؤلاء الأشخاص بالشروط نفسها كما هي بالنسبة للأشخاص الأحرار[30].

لقد اعترفت الدول بالحق الأساسي لكل إنسان في التحرر من الجوع، وفي التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة البدنية والعقلية[31].

وفي ما يتعلق بالمرأة، يجب ضمان وصولها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، إلى خدمات الرعاية الصحية، والخدمات المناسبة في ما يتعلق بالحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة، وكذلك تُمنح تغذية كافية أثناء الحمل والرضاعة[32].

وتنطبق عدة اعتبارات إضافية بالنسبة إلى الأطفال. أولاً، في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية، يولي الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى[33]. بالإضافة إلى ذلك، يجب ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية. ويجب أن يجرى توقيف الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقاً للقانون ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة[34]. كما يجب أن يُعامل الطفل المحروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعى احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه.[35]

يجب ألا يُعرَّض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة [36]، كما يجب فصل الطفل المحروم من حريته عن البالغين، ما لم يُعتبر أن مصلحة الطفل تقتضي خلاف ذلك[37]. وفي هذا الصدد، يجب الحرص على عدم فصل الطفل عن والديه على كره منهما، إلا عندما تقرر السلطات المختصة (…) أن هذا الفصل ضروري لصون مصالح الطفل الفضلى[38]. وتؤكد القوانين الدولية أيضاً على حق الأطفال في التعليم، والحصول على رعاية صحية بدنية ونفسية كافية طوال فترة حرمانهم من حريتهم، والحفاظ على الاتصال بأسرهم والمجتمع الأوسع[39]. كذلك يتعيّن تسجيل الطفل بعد ولادته فوراً ومنحه الحق منذ ولادته في اسم والحق في اكتساب جنسية[40]،[41].

تتطرّق بعض الوثائق الأخرى إلى المعايير المقبولة عموماً بشأن الحرمان من الحرية، على سبيل المثال، مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ((A / RES / 43/173 (1988)، وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا) ((A / RES / 70/175 (2016)، قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون الأحداث ((A / RES / 40/33 (1985)، وقواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المجردين من حريتهم ((A / RES / 45/113 (1990).

القانون الدولي الخاص بوضع اللاجئين

ينطبق القانون الدولي للاجئين على كل شخص “بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظل بحماية ذلك البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتادة السابق بنتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يعود إلى ذلك البلد”[42]. ورغم أن سوريا ليست طرفاً في اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، فقد توفّر هذه الاتفاقية توضيحاً كافياً للحقوق الممنوحة للاجئين في ما يتعلّق، من بين أمور أخرى، بالتوزيع المقنن والإسكان والتعليم العام والإغاثة العامة وحرية التنقل[43].

النازحون داخلياً

يقصد بالنازحين داخلياً “الأشخاص أو مجموعات من الأشخاص الذين اضطروا أو أجبروا على الفرار أو مغادرة منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة، ولا سيّما بفعل النزاعات المسلّحة أو حالات العنف المعمم أو انتهاكات حقوق الإنسان أو الكوارث الطبيعية أو تلك التي هي من صنع الإنسان، أو من أجل تجنب هذه الأحداث، لكن من دون أن يعبروا حدود دولة معترف بها دولياً[44]. بشكل عام، ينبغي منح النازحين داخلياً نفس الحقوق والحريات الممنوحة، بموجب القانون الدولي والمحلّي، إلى أشخاص آخرين في بلدهم[45].

2.   الرحلة إلى الهول والعمل التدريجي على اعتماد الإجراءات الاحتوائية في المخيم وإضفاء الطابع الأمني عليه

شكّل مخيم الهول في السابق مخيماً أُنشئ لأغراض إنسانية، وصُمم لتوفير أماكن إقامة آمنة ومؤقتة وخدمات إنسانية للمدنيين النازحين بسبب النزاع في سوريا والعراق. وانتقل العديد من الأشخاص إلى مخيم الهول أملاً بإقامة مؤقتة وطوعية، واقتناعاً بطابعه الإنساني. وقد حصلوا على تأكيدات بضمان سلامتهم وبحصولهم على ما يلزم من ضروريات مثل الغذاء والدواء والماء والمأوى. شعر الكثيرون بالارتياح عندما وجدوا مكاناً يلجؤون إليه في مخيّم الهول، لكن سرعان ما دفعتهم التغييرات الطارئة على طبيعة المخيم إلى الشعور بالإرباك والإحباط والحصار.

“بكلمة واحدة، ما نعيشه هنا مروّع. نحن في الهول لأنهم وعدونا بالحرية، وعدونا بظروف جيدة إذا تركنا باغوز وأوقفنا الحرب. كنت حاملاً ولدي خمسة أطفال، لذلك قررت مغادرة باغوز. لكنني نادمة على مغادرتي. لقد صدّقت ما قيل لي حينها، وأننا سنكون أحراراً، لكن لم يتحقق أي من ذلك. لو كنت أعرف، كنت فضلت الموت على المجيء إلى هنا “.

 إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

في عام 2019، أدى وصول أعداد كبيرة من المدنيين إلى مخيم الهول[46] من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية إلى الافتراض أن جميع المقيمين في المخيم منتمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية. نُقل كل من زوجات وأطفال وأقارب الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين قتلوا أو احتجزوا إلى مخيم الهول، وأُفيد أن العديد منهم ما زالوا يحافظون على أيديولوجية تنظيم الدولة الإسلامية[47]. لكن أفصحت بعض المقيمات في المخيم إلى طاقم منظمة أطباء بلا حدود أنهن اتبعن أزواجهن إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية لأسباب غير أيديولوجية، ومنها الرغبة في البقاء مع أطفالهن.

“لكل شخص هنا قصة مختلفة، وليس كل شخص منتمٍ إلى تنظيم الدولة الإسلامية. فقد لحق زوجي بمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية واصطحب أطفالي معه، فأجبرت على اللحاق به لأن ابنتي كانت معه – فما كان بمقدوري أن أفعل؟ لم أرغب في الانفصال عن ابنتي وأردت حمايتها. طلبت مني عائلتي ألّا أذهب، وهم الآن لا يريدون حتى التحدث معي. لم يعد لدي أي شخص خارج الهول. أُجبرت على القدوم إلى هذا المخيم لأن عائلتنا تخلّت عنا لاتباعنا تنظيم الدولة الإسلامية. كنت أعيش في الرقة مع زوجي وابنتي، ثم أخذ زوجي ابنتنا إلى دير الزور. ذهبت للبحث عنه في دير الزور ووجدت ابنتي. حاولت الهرب بها لكنهم أمسكوا بي واجبروني على المثول أمام قاض. كان بإمكاني المغادرة بمفردي لكن ابنتي اضطرت للبقاء، لذلك قررت البقاء. الآن لدي مسؤولية كبيرة تجاه أطفالي – ليس لديهم عائلة ولا أب، أنا فقط. عائلتي لم تعد تقبل بي ولا بأولادي. في نهاية سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، قالوا لنا: “كل من يريد المغادرة، يمكنه المغادرة”. تطلقت من زوجي وأخذت ابنتي وبدأنا نمشي. كان الجو بارداً، وكان الوقت ليلًا ولم نكن نعرف مكان الألغام. أخيراً وجدنا منزلاً، لكن في صباح اليوم التالي عثر علينا أحد الجنود وقادنا إلى مخيّم الهول […]. مع هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، طلبت قوى الأمن من جميع المدنيين الذهاب إلى الهول. أخبرونا أنه سيكون مكاناً أفضل للبقاء لمدة يومين قبل أن نتمكّن من المغادرة، وأننا سنحصل على ما يلزمنا من رعاية طبية وطعام. لم يقولوا إنه سيكون مكاناً لا يمكننا مغادرته. لو كنت أعرف لما جئت. في البداية، كان الأمر جيداً، وتمكنت في الشهر الأول أن أنام كثيراً، ونمت كثيراً لأننا لم نكن قادرين على النوم أثناء وجودنا مع تنظيم الدولة الإسلامية. ثم بدأت جرائم القتل والسرقة وحرق الخيام. بدأ كل ذلك في نفس الوقت “.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

إن ما يعتنقه المقيمون في المخيّم من إيديولوجيات أكثر تنوعاً مما توحي مزاعم انتماءاتهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية. فقد أشار العديد من المقيمين في المخيم إلى أنهم نزحوا مرات عديدة هرباً من النزاع الدائر. كما أفاد الكثيرون إنهم اعتُقلوا على نقاط التفتيش عند محاولتهم الفرار من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية وليس لأنهم يوالون تنظيم الدولة الإسلامية. وقد أكّد الكثيرون أن تنظيم الدولة الإسلامية أجبرهم على مغادرة منازلهم في المناطق التي أصبحت تحت سيطرته، مؤكدين أن إصرارهم حينها على البقاء كان ليعرضهم إلى خطر القصف من قبل قوات التحالف أو اتهامهم بدعم تنظيم الدولة الإسلامية بحكم موقعهم.

“لقد هربنا من دير الزور في تشرين الأول 2017. كان الوضع سيئاً هناك، واشتد القصف مستهدفاً المدنيين. وأراد السكان المغادرة بشدة. انتظروا على الطرقات ليجدوا من يخرجهم من هناك، وأقلّت السيارات والشاحنات الصغيرة الأشخاص بكل ما في وسعها. لقد أخذت 10 أشخاص على دراجتي النارية. لم يكن بإمكاننا ترك الناس وراءنا. استغرق الأمر ثلاثة أيام للوصول إلى الشدادي قبل أن يتم اعتقالنا عند نقطة تفتيش واقتيادنا إلى مخيم الهول. في ذلك الوقت، كل الذين غادروا دير الزور تقريباً تعرضوا إلى الاعتقال”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

” لقد أُجبر الناس على مغادرة منازلهم لأنهم على الأغلب تواجدوا في المكان والزمان غير المناسبين. اضطررنا إلى مغادرة مدينتنا وأُجبرنا على البقاء في المدينة التي يسيطر عليها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية، ثم أجبرنا تنظيم الدولة الإسلامية […] على الانتقال من مكان إلى آخر. في عام 2015، عدت إلى سوريا لأخذ أمي لكي نعود معاً إلى تركيا. لكن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية كانوا في المكان، واعتقلوني عندما حاولت الهرب مع أمي. وضعوني في السجن لمدة شهر وأخذوا كل ما لدينا، لم اتمكن بعدها من الهرب، وأخذت الحياة تزداد سوءاً. أجبرنا مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية على الذهاب إلى الرقة ثم إلى دير الزور. لم نتمكن من البقاء في المدينة لأن التحالف كان يقصف كل شيء. إذا بقيت هناك، تتهمك قوات التحالف بموالاة تنظيم الدولة الإسلامية، لذلك اضطررنا إلى التنقل مع مقاتلي الدولة الاسلامية. وصلنا أولاً إلى دير الزور قبل أن ينتهي بنا المطاف في مخيم الهول. وها نحن ذا، وما زلنا نفتقر إلى الأمان. كنا نظن أننا سنكون بأمان هنا، لكن لا لم يكن الأمر كذلك “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

وفي ظل غياب الإجراءات القانونية الواجبة لإثبات شرعية احتجازهم إلى أجل غير مسمى، عبّر العديد من القاطنين في المخيم عن شعورهم بأنهم أُدينوا من دون محاكمة. فهم يخشون أن تستمر الأوضاع الأمنية والمعيشية في التردّي فيبقون عالقين في مخيم الهول إلى الأبد. وإن لم يكن ذلك بسبب القيود المفروضة على حريتهم في التنقّل، فبسبب الوصم الذي قد يلاحقهم لارتباطهم المزعوم بتنظيم الدولة الإسلامية نتيجة إقامتهم في المخيم. وتلقي هذه المخاوف عبئاً نفسياً هائلاً على عاتق الأشخاص، وقد ولّدت حالة من اليأس الدائم لدى المقيمين في المخيم.

“في الهول، نحن في مركز اعتقال، على غرار غوانتانامو، إنه معسكر موت، إنه سجن. جاء والدي ذات مرة لزيارتي وكان يقف عند البوابة الرئيسية، لكنهم لم يسمحوا لي حتى برؤيته عند البوابة. عندها قلت لنفسي: “نعم، نحن في السجن”. يجب أن يُسمح لنا برؤية من يرغب بزيارتنا، ويجب أن نكون قادرين على التفاعل مع العالم الخارجي. ووسائل الإعلام لا تساهم في نقل الرسالة الصحيحة عن الهول، وقد انتهى الأمر بأن يؤثر شخص سيئ واحد على كافة الأشخاص هنا “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

على الرغم من أوجه التباين السائدة بين الأشخاص في مخيم الهول، اتُخذت تدابير واسعة النطاق لإضفاء طابع أمني على المخيّم واعتماد إجراءات احتوائية فيه بعد وصول النازحين من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2019. ويتطرّق المقيمون في المخيم إلى شعورهم بأنّ البيئة العامة للمخيم تحوّلت بالفعل. فقد لاحظوا أن المخيم كان في البداية مفتوحاً، وكان يُسمح للأشخاص بمغادرته لكسب المال وقتما شاءوا. ولكنه أصبح تدريجياً أكثر انغلاقاً وتقييداً. وفي عام 2020، كجزء من التدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات لمواجهة كوفيد-19[48]، مُنعت زيارات أفراد الأسرة التي كانت ممكنة في الماضي. واليوم، لا يُسمح للمقيمين بمغادرة المخيم إلا بعد حصولهم على إذن من قوى الأمن، ونادراً ما تُمنح هذه الأذون.

“في عام 2017، كان الهول مخيماً؛ في عام 2019، أصبح سجناً. في البداية، استطعنا الدخول والخروج إلى المخيم، وتمكنا من التقدم بطلب للحصول على تصاريح للذهاب إلى الحسكة أو حتى إلى الرقة وتوفرت النقود في المخيم. لو بقيت الأمور على حالها في المخيم، ما كان أحد ليغادر. كانت الأوضاع جيدة في ذلك الوقت. لم نعاني من مشكلة أمنية على الإطلاق، وتوفرت موارد كثيرة وكان توزيع مواد الإغاثة جيداً. حظيت المنظمات غير الحكومية بقبول جيد حقًا “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

وُضعت أسلاك شائكة وأسيجة، وحُفرت خنادق عميقة حول المخيم. أقامت قوى الأمن نقاط تفتيش متعددة للسيطرة على كافة التحركات داخل المخيم وخارجه، وتسيّر المركبات المدرعة دوريات مكثّفة في المخيم. وتعتبر المداهمات الأمنية والاعتقالات سمة من سمات الحياة اليومية. وتذرّع التحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية بالحوادث الأمنية المتكررة في المخيم لمضاعفة استثماره في التدابير الأمنية وزيادة القيود المفروضة على المقيمين. وقد ساهمت هذه التدابير في ترسيخ دوامة الاستعانة بالحلول الأمنية التي سرعان ما قوّضت الطابع المدني للمخيم.

“أعتقد أننا في معسكر عقاب، إنه مكان مرعب وفظيع. إنه سجن كبير. الشيء الوحيد الذي نطلبه هو العودة إلى المنزل وأن نُترك وبشأننا. يمكننا تدبر أمورنا، حتى لو اضطررنا للعودة إلى أراضي الحكومة السورية. أنا في الهول منذ ثلاث سنوات وأشعر وكأنني هنا منذ 25 عاماً “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

3.   “بين نارين”- عنف وتدابير أمنيةّ مشددة في الهول

في ظل أجواء العنف والخطر الطاغية في مخيم الهول، يعيش الأشخاص حالة دائمة من الصدمات الجسدية والنفسية، وأجواء من الخوف الذي يسيطر على حياتهم بأبعادها كافة. فالمخيم بات فعلياً ثقباً أسوداً يغفل عنه القانون. فهو يوفر بيئة مواتية لأنماط مختلفة من العنف والاستغلال والأنشطة الإجرامية التي غالباً ما يفلت مرتكبوها من العقاب. وقد أفضى احتجاز المقيمين في المخيم إلى أجل غير مسمى، وعدم الالتزام بالإجراءات القانونية الواجبة وغياب المراجعة القانونية لمشروعية هذا الاحتجاز، إلى تجريد الأشخاص من حقوقهم واستحقاقاتهم وسُبُل الوصول إلى الحماية بموجب القانون الدولي. وساهمت هذه الظروف إسهاماً كبيراً في تعريضهم إلى إجرام شديد، وحالات من العنف وانعدام الأمن. في هذه الأوضاع، يشعر القاطنون في المخيم بأنهم محاصرون بين نارين: فمن ناحية، تحاصرهم جماعات إجرامية تزداد عنفاً وتتّبع انتماءات سياسية وإيديولوجيات غامضة مع إمكانية وصولها إلى الأسلحة. ومن ناحية أخرى، يعيشون الإجراءات القمعية المفرطة التي تنفذها قوى الأمن المسؤولة عن المخيم وقوات التحالف الدولي.

إجرام شديد ونمط لعمليات القتل

في عام 2021، شكلت الجرائم الأسباب الرئيسية للوفيات في الهول، إذ بلغت نسبة الوفيات المرتبطة بالجريمة 38 في المئة من إجمالي الوفيات في المخيم[49]، غالبيتهم من المواطنين العراقيين[50]. وبالإضافة إلى 85 حالة وفاة مرتبطة بالجرائم، تم الإبلاغ عن 30 محاولة قتل في المخيم[51]. وقد ساهم الإجرام العدواني والعنف المرتبط بفرص الابتزاز من قبل شبكات الجماعات المسلحة في ارتفاع معدل حالات القتل. وبين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2022، تم التبليغ عن وقوع 34 حادثة قتل في المخيم[52].

“الهول هو أخطر مكان في العالم بسبب العدد الهائل من حالات [القتل] هنا. قبل أربعة أشهر، كنت أتجوّل مع صديق عند شروق الشمس ورأينا بطانية. كان فيها جثة. لم نفعل شيئًا لأننا كنا خائفين للغاية من قوى الأمن. لكن الجسد كان بلا رأس. وُضع الرأس في الفيز 5 والجسم في الفيز 1. “

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

تتنوع دوافع الإجرام في المخيم، منها الشعور العام بغياب القانون، والنسيج الاجتماعي المتضرر، والهياكل المجتمعية المحدودة، والافتقار إلى الفرص الاقتصادية المشروعة، إضافة إلى العقبات الإدارية وفرص الاستغلال الكثيرة التي تنطوي عليها عملية العودة والمغادرة.

“يضم المخيم العديد من الجماعات المسّلحة المختلفة والخلايا النائمة. تنشط بعضها بهدف الحصول على المال فقط، والبعض بدوافع دينية، والبعض الآخر للحصول على المعلومات والسيطرة […]. أقدر أن حوالي 90 في المئة من عمليات القتل في المخيم مرتبطة بالابتزاز وسلب الأموال، مع 10 في المئة فقط متعلّقة بالمعتقدات الدينية. وإذا أتت إليك إحدى هذه المجموعات وطلبت منك تقديم معلومات، لن تملك بيدك حيلة. إذا قلت “لا”، تُقتل، إذا قلت “نعم”، تصبح فجأة من المنتمين إلى هذه الجماعات. لا يمكنك الفوز. عليك فقط الخروج، ولكن هذا الحل متاح فقط أمام الأشخاص الذين يملكون المال الكافي للمغادرة”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

“نحن عالقون بين نارين: قوى الأمن والمتطرفين. إنه نوع من السجن. لا حرية هنا. لماذا لا يسمحون لنا بالخروج من المخيم؟ جرائم القتل التي تحدث، لا يعرف الكثير من الناس سبب حدوثها. ولأن دوافها غير معروفة، فقد تحدث لأي سبب، وهذا مخيف للغاية. لا نعرف لماذا يقتل الناس ولا يمكننا أن نغلق بابنا، ليس لدينا حتى باب! يقولون إنهم يقتلون فقط الجواسيس الذين يذهبون إلى قوى الأمن، لكن هذا ليس صحيحاً، ففي بعض الأحيان تحدث عمليات قتل دون سبب على الإطلاق “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

لكل شخص في المخيم تقريباً قصة عن الجيران أو الأقارب الذين تأثروا بشكل مباشر بجرائم القتل هذه. من المؤكّد أن بعض أعمال العنف تستهدف أشخاصاً محددين وتتعلق بمزاعم التجسس لصالح قوى الأمن، أو تحدث لسلب الأموال أو رقابة اجتماعية المرتبطة بسمعة سيئة. لقد أبلغ القاطنون في المخيم عن أفراد تعرضوا للابتزاز مقابل المال وقتلوا لأنهم رفضوا أو لم يتمكنوا من الدفع. ويُعتقد أن عمليات القتل الأخرى تحدث لأسباب مرتبطة بتوفير الخدمات الجنسية كآلية للبقاء على قيد الحياة. وقُتل آخرون على يد أفراد ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية لعدم التزامهم بالأعراف الثقافية أو الدينية داخل المخيم. لكن تبدو جرائم القتل الأخرى عشوائية، ما من شأنه أن يوجد حالة عامة من الرعب والعجز.

“لا نشعر بالأمان هنا. لدي ثلاثة أولاد، وأنا دائماً قلق لأننا لا نعرف من يقوم بعمليات القتل أو متى ستحدث. قبل ثلاث سنوات، ذهب أحد أبنائي إلى السوق بعد ظهر أحد الأيام ولم يعد. بعد مرور 51 يوماً، أخبرتني قوى الأمن أن ثمانية أشخاص جاءوا إلى الخيمة وقتلوه ودفنوا جثته تحت الخيمة. لا أشعر بالأمان لأنني فقدت ابناً والأبن الآخر في السجن. الأبن الذي قُتل عمره 14 سنة والآخر عمره 30 سنة “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

الابتزاز والتهديد

إلى جانب الصعوبات الاقتصادية المنهكة والحرمان الكبير، يتعرض المقيمون في المخيم إلى تهديدات دائمة من قبل الجماعات المسلّحة التي يشيع استخدامها للعنف والترهيب لابتزاز مبالغ كبيرة من المال.

“هددتني مجموعة مسلّحة في المخيم. طلبوا مني دفع المال، لكنني رفضت أن أدفع. اتهموني بالعمل مع السلطات الكردية في الهول وبعثوا باسمي إلى مجموعة على الإنترنت لمشاركة أسماء وتفاصيل الأشخاص المهدَّدين. بعد ذلك، حاولت الهرب من المخيم مع عائلتي لكنني لم أنجح. اعتقلتنا قوى الأمن أثناء فرارنا”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

عادةً ما يطوق الأشخاص الذين تعرضوا للتهديدات إلى مغادرة المخيم، لكن مسارات الحماية المتاحة لهم تبقى محدودة. فالمناطق الآمنة التي حددتها سلطات المخيم لإيواء الأفراد والعائلات المستهدفة على وجه التحديد من قبل الجماعات المسلّحة توفر حماية محدودة للأشخاص المعرضين للخطر. على سبيل المثال، في 12 تشرين الثاني /نوفمبر 2021، دخلت مجموعة من المسلحين يرتدون الزي العسكري إحدى المناطق الآمنة، وهي المنطقة الواقعة بالقرب من منطقة الاستقبال وكانت تأوي في ذلك الوقت حوالي 60 شخصاً تعرضوا للتهديد. رش أفراد المجموعة المقيمين في هذه المنطقة بالرصاص وتمكنوا من قتل شخصين وإصابة آخرين[53].

توفر منظمات الحماية، مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مسارات محدودة للخروج من المخيم للأشخاص المعرضين لخطر الموت الوشيك. لكن حتى آلية الحماية هذه غالباً ما تكون بطيئة جداً في إنقاذ حياة أولئك الذين يتعرضون إلى التهديد. وفي كثير من الحالات، يجد الأشخاص المعرضون إلى التهديد خلاصهم الوحيد في مسارات التهريب غير النظامية، والمحفوفة بالمخاطر. فالأشخاص الذين يحاولون مغادرة المخيم بهذه الطريقة غالباً ما يتم القبض عليهم من قبل قوى الأمن واعتقالهم أو قتلهم في “تبادل لإطلاق النار”. يتقاضى المهربون رسوماً باهظة لإخراج الأشخاص من المخيم، مستغلين يأسهم، وفارضين على الممرات النظامية الآمنة تكاليف تفوق قدرة الفئات الأكثر هشاشة على الدفع.

“اتصلت بي امرأة وطلبت مني إحضار المال ومقابلتها. لم أذهب إلى قوى الأمن لسببين: أولاً، إذا اكتشفوا أنني كنت على اتصال بالخلايا النائمة، سيقتلونني. وثانياً، لا أعتقد أن قوى الأمن يمكن أن تساعدني. ذهبت إليها وأعطيتها 300 دولار أمريكي. أخذت المال ولم تقل شيئاً. لم يكن لدي خيار آخر، كنت بحاجة لإنقاذ نفسي وعائلتي، كان من الممكن أن أقتل إذا لم أدفع هذا المبلغ من المال. فهذه الخلية نفسها هاجمت أحد جيراني لأنه رفض الدفع “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

فوضى عارمة وغياب الحماية

باتت السرقة أمراً شائعاً بين الأشخاص الذين يعيشون في المخيم. غالباً ما تُسرَق الأغراض الشخصية القيّمة من الخيام التي تفتقر إلى أبواب قابلة للقفل. وقد أفاد المقيمون في المخيم أنهم يحفرون تحت خيامهم لإخفاء الأشياء ثمينة. والأسر التي تعولها نساء هي أكثر الأسر عرضة لهذا الإجرام المتفشي. عند ارتكاب مثل هذه الجرائم، لا يجد الضحايا سبيلاً للاحتكام إلى القانون، مما يعزز عقلية الحماية الذاتية ويغذي اقتصاد الإتاوات. بدأت الكثير من الأسر في تعليق البطانيات والأغطية حول خيامهم للحصول على بعض الخصوصية وتوفير مساحة لعب آمنة لأطفالهم، لكن قوى الأمن كانت تزيل هذه الجدران الوهمية كجزء من إجراءاتها الأمنية.

“يمكن لأي شخص أن يسرق بسهولة – يمكنه أن يدخل الخيام ويسرق ما يريد. لا يوجد أمن. إذا كان الناس يسرقون، فلا يمكن تقديم شكوى أو طلب المساعدة. منذ شهرين تعرّضت امرأة في قسم آخر من المخيم إلى السرقة. استيقظت في الثانية صباحاً لتجد اللص في خيمتها. قالوا لها إنهم سيسرقونها ولا يمكنها فعل أي شيء حيال ذلك وإلا سيقتلونها. لا أحد يستطيع فعل أي شيء “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

في مواجهة العنف والجريمة، لا يمكن اللجوء إلى أحد طلباً للمساعدة. ويؤكد المقيمون في المخيم إن قوى الأمن لا تتدخل بعد ارتكاب جريمة، ولا تجري تحقيقات ولا تحاسب الأفراد على الأعمال الإجرامية. وإذا تدخلوا، يأتون بعد فوات الأوان. إذا اتصل شخص ما بقوى الأمن بعد ارتكاب جريمة، فقد تتهمهم الجماعات الإجرامية في المخيم بالتجسس، مما يعرض سلامتهم لخطر أكبر.

“منذ عشرين يومًا، قُتل شقيقي أمامي ولم يكن بمقدوري أن أفعل أي شيء. لا يوجد أمن ولا أمان هنا. كل شيء صعب هنا. أنت في خيمتك لكنك لا تعرف ما إذا كنت ستقتل بدون سبب. ذات ليلة دخل عدة أشخاص إلى خيمتنا وبدأوا بإطلاق النار على أخي. في البداية طلقة ثم طلقة أخرى في رأسه لقتله. كان عمره 16 سنة. لماذا قتلوا أخي؟ ثم صوبوا مسدساً إلى رأسي ودفعوا والدتي التي كانت تحاول حماية أخي. في اليوم التالي اتصلوا بنا وهددوا بقتل عائلتنا بأكملها. لم تأت السلطات للتحقيق. لم يأتوا حتى لأخذ جسده “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

أفاد الكثير من القاطنين أيضاً أن المنازعات بين المجموعات المحلية غالباً ما “تُحلّ” من خلال إبلاغ أحد الأطراف قوى الأمن أن الطرف الآخر ينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية، لتعمد حينها قوى الأمن إلى التحقيق مع الشخص المبلَّغ عنه واعتقاله. وقد تحوّل ذلك إلى آلية شائعة لمعالجة النزاعات الداخلية. وبالنسبة إلى المقيمين في المخيم، غالباً ما تبدو الاعتقالات عشوائية بطبيعتها، ما من شأنه أن يزيد من حدّة الخوف وانعدام السيطرة.

“هناك جواسيس في المخيم يساعدون في القبض على الناس، والكثير ممن يُلقى القبض عليهم أبرياء. تنشأ توترات بين الأشخاص في المخيم، لذا فهم يوجهون بعضهم البعض إلى قوى الأمن لتسوية الخلافات الشخصية “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

ممارسات إنفاذ القانون وتأثيرها على الصحة

رداً على تفشي انعدام الأمن والعنف في المخيم، لجأت السلطات في بعض الأحيان إلى بعض تكتيكات إنفاذ القانون التي لا تتماشى مع المعايير الدولية[54]. فقد أفاد القاطنون في الهول أن قوى الأمن تتصرف في بعض الأحيان وتتفاعل مع انعدام الأمن في المخيم باستخدام مفرط للقوة وباعتقالات تعسفية.

“عندما تجري قوى الأمن الدوريات، فإنها ستأخذك، وإن لم ترتكب أي جرم. وسوف يعتقلونك بكل بساطة، وستُعاقب، وتُضرب، وسيتعين عليك دفع النقود. لم يكونوا على هذا النحو من قبل، لكنهم أصبحوا أكثر صرامة في الأشهر الأخيرة. أعتقد أن تغيير السلوك يعود إلى قضايا القتل في المخيم “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

أدت العمليات الأمنية التي قامت بها السلطات وعمليات إطلاق النار بين الجماعات المسلحة وقوى الأمن في بعض الأحيان إلى وقوع إصابات بين المقيمين في مخيم الهول، من بينهم أطفال.

” منذ أربعة أيام، دخلت قوى الأمن إحدى الخيام وأطلقت النار على ساكنيها. كانوا يقومون بمداهمة خلال ملاحقتهم شخصاً معيناً. لكن كان هناك نساء وأطفال في الخيمة عالقون في الوسط، وقد أُصيب بعضهم بجروح خطرة وهم في مستشفى الحسكة الآن. لا أفهم سبب إصابة النساء والأطفال. في رأيي، إذا أرادوا شخصاً ما، فعليهم أن يحاصروا الخيمة ويأخذوا الشخص المطلوب”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

في 7 شباط/فبراير 2022، بعد الحريق الذي وقع في الملحق، أطلق أحد أفراد قوى الأمن النار على مجموعة من النساء والأطفال العزل[55]. وأسفر ذلك عن مقتل طفل على الفور، وإصابة خمسة أطفال وامرأتين بجروح خطيرة، فيما أصيب عدد آخر بجروح أقلّ خطورة. لجأ المرضى الخمسة المصابين بجروح خطيرة إلى منظمة أطباء بلا حدود للحصول على العلاج والرعاية الطبية المتخصصة. غير أن الرعاية الصحية المتوفرة في الملحق غير مناسبة لمثل هذه الإصابات الشديدة، والوصول إلى مسارات الإحالة الطبية إلى المرافق الصحية الثانوية خارج المخيم محدود وصعب.

نظام الاحتجاز في مخيم الهول

أفاد المقيمون في المخيم عن اعتقالات ونقل أفراد إلى مرافق احتجاز في مخيم الهول ومحيطه. وفي ظل الافتقار إلى نظام عدالة جنائية رسمي لتنظيم هذه الممارسات، فإن مصير الأشخاص المحتجزين يبقى غير واضح. ويشير المقيمون في المخيم إلى أن مثل هذه الاعتقالات تتم أحياناً لملاحقة “أشخاص مطلوبين” أو أشخاص ارتكبوا مخالفات مثل التهريب (نقود وهواتف في الملحق وأسلحة في المخيم الرئيسي). وفي حالات أخرى، أُلقي القبض على الأشخاص بعد محاولتهم الفرار. وقد أفصحت إحدى النساء في المخيم إلى طاقم منظمة أطباء بلا حدود بأنها وبناتها احتجزوا لمدة ستة أشهر كعقاب على محاولتهم الفرار من المخيم. وذكرت أنها حُرمت وأطفالها من الرعاية الصحية طيلة فترة احتجازهم، رغم حاجتهم إلى رعاية صحية مستمرة. وأفاد آخرون أنهم تعرضوا أثناء احتجازهم إلى العنف الجسدي والاغتصاب والإساءات اللفظية والحبس الانفرادي لفترات طويلة في المراحيض، أو كانوا شهوداً على ذلك، مع حرمانهم من الرعاية الصحية اللازمة.

“مكثت في السجن وكان الأمر فظيعاً. عندما يصيبك المرض، لا يتوفر الدواء، ولا يهتم أحد لأمرك حتى ولو كنت تحتضر. كما أخذوا فساتيننا الطويلة. تحتجز الكثير من الأخوات في السجن، وبعضهن منذ أكثر من عام. بقيت في السجن لمدة أربعة أشهر. رأيت امرأة مرّ على احتجازها في السجن أكثر من عام وحُبست أربعة أشهر في المرحاض لأنها لم تتكلم “.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

وأفاد أقارب الأشخاص المحتجزين أنه لم يحصلوا على أي معلومات عن الأشخاص طوال مدة الاحتجاز، في حين أبلغ العديد عن حالات “اختفاء” أفراد أسرهم أثناء الاحتجاز.

” تجري قوى الأمن العديد من الدوريات حول الخيام. إنه أمر مخيف. إنهم يعتقلون النساء طوال الوقت لأسباب غير معروفة، يداهمون الخيام ويأخذون الناس. أُلقي القبض على إحدى جاراتي قبل سبعة أشهر ولم يعرف أحد السبب. يُقتاد الناس إلى السجن ولا يعرف أحد مكانهم. سأل أقاربها عنها، ولكنهم لم يحصلوا على أي إجابة. لديها أطفال تركوا في المنزل بدون والدتهم. عندما سألنا عنها قوى الأمن، قالوا لنا إنها غير موجودة. يبدو الأمر كما لو أنها اختفت. نحن متعبون جداً نفسياً. فمن المتعب أن تعيش دائماً على حافة الهاوية، وأن تشعر بالحصار والضعف طوال الوقت. يتعرض الأشخاص الذين يتم اعتقالهم واقتيادهم من قبل قوى الأمن إلى التعذيب، بعضهم يموت وبعضهم يتعرض للضرب المبرح. يلقون الماء على النساء المعتقلات، ويشدون شعرهن ويحبسونهن في المرحاض دون طعام لمدة أسبوع أو 10 أيام”.

إحدى المقيمات في الملحق

قيود إضافية على الأشخاص في القسم الملحق من المخيم

 فُرضت قيود إضافية على النساء والأطفال غير السوريين وغير العراقيين المحتجزين في الملحق، وذلك للحدّ من حريتهم في التنقل وإمكانية وصولهم إلى الخدمات. فقد منعوا من مغادرة المخيم، وسُمح لهم الوصول إلى “منطقة الخدمات” فقط حيث لا تقدم منظمة أطباء بلا حدود خدمات الرعاية الصحية إلا بعد الحصول على موافقة من قوى الأمن والمرور عبر نقطة تفتيش أمنية، حيث يتم تصويرهم ووجوههم مكشوفة. لا يُسمح للمقيمين في الملحق بامتلاك هواتف محمولة أو أجهزة تلفزيون، كما يُحظر عليهم التواصل مع أي شخص من الخارج.

“الهواتف ممنوعة في الملحق. نريد أن نعرف ما يحدث في العالم الخارجي، أطفالنا لا يعرفون حتى ما هو التلفزيون. كل هذه الأشياء الحديثة غريبة بالنسبة إليهم. ينظر الأطفال إلى كل شيء بغرابة. إنهم يعيشون حياة غير طبيعية “.

إحدى المقيمات في الملحق

أبلغ المقيمون في الملحق عن حصول مداهمات منتظمة ومنهجية في هذا القسم من المخيم. وغالباً ما تجري قوى الأمن هذه المداهمات ليلاً لمصادرة أشياء مثل المجوهرات والطعام والمال. يشعر الأشخاص الذين يعيشون في الملحق في كثير من الأحيان أن قوى الأمن تتعمد السخرية منهم ومعاملتهم بطريقة مهينة. كما أفادوا أن القبض على الأشخاص في الملحق لامتلاكهم هواتف محمولة يعرضهم إلى قضاء أشهر عديدة في مركز احتجاز.

“أحياناً، عندما تريد الذهاب إلى المرحاض في الليل ويرونك، يأخذونك إلى السجن. عند توزيع الحصص نتعرض إلى الضرب والسجن. كانت صديقتي تملك متجراً. ذات يوم استولت قوى الأمن على كل شيء لتتركها وحيدة وفقيرة. كانت صديقتي الأخرى تجلس ليلاً مع جيرانها عندما دخلت قوى الأمن خيمتها وأخذت حقيبتها وألقت ملابسها وبدأت في ضربها. كانوا مسلحين لذا لم أستطع الدفاع عنها. شدّوها من شعرها وألقوها أرضاً ثم اقتادوها إلى السجن ثمانية أشهر. لقد عادت الآن إلى خيمتها. نحن لسنا خائفين، ولكن مرت ثلاث سنوات وقد تعبنا من وجودنا هنا. أبلغ من العمر 35 عاماً، ولكني أشعر أنني في الخمسين من عمري”.

إحدى المقيمات في الملحق

الفصل العنيف للأطفال والمراهقين عن القائمين على رعايتهم

أمست ممارسة فصل الأطفال والمراهقين الذكور بالقوة عن القائمين على رعايتهم ممارسة روتينية وممنهجة في الملحق[56]. أثناء الدوريات، تلقي قوى الأمن القبض بانتظام على الفتيان الذين يبدو أن أعمارهم تفوق الـ11 سنة ويفصلونهم عن القائمين على رعايتهم. وكثيراً ما تأخذ قوى الأمن مجموعات كبيرة من الأولاد من مناطق عامة، مثل السوق، خلال النهار. غالباً ما يكتشف أولياء الأمور اعتقال أبنائهم في وقت لاحق، ومن مصادر غير مباشرة. تذكر النساء أن الأطفال غالباً ما يؤخذون بعنف، دون أي أمتعة شخصية وبدون فرصة لتوديع العائلة أو الأصدقاء. في بعض الحالات، تأخذ الاعتقالات طابعاً أكثر استهدافاً، حيث تتوجّه قوى الأمن إلى خيام محددة لأخذ أطفال معينين.

بعد الاعتقال، لا يحصل أولياء الأمور إلا على معلومات ضئيلة عن مكان احتجاز القاصرين أو عما سيحدث لهم على المدى الطويل، وأحياناً يبقى مصيرهم مجهولاً تماماً. تشير بعض المعلومات إلى أن الأطفال يحوَّلون إلى نظام الاحتجاز الجنائي أو يرسلون إلى “مراكز إعادة التأهيل” موزعة في أنحاء شمال شرق سوريا.  لكن لم تتمكن أي مصادر رسمية من تقديم معلومات رسمية عن مكان وجود هؤلاء الأطفال. ووفقاً للجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، يُنقل الفتيان إلى مواقع احتجاز تديرها قوات سوريا الديمقراطية “دون ضمانات قضائية كافية، وفي وضع قانوني وإداري غير واضح إلى أجل غير مسمى”[57]. وقد ترتّبت عن هذه الممارسة تبعات نفسية عميقة على المقيمين في الملحق، وأجواء من الخوف والقلق والغضب.

“إنهم يأخذون المراهقين من أمهاتهم. ما حقهم في أخذ أطفالنا منا ثم وضعهم في السجن؟ قبل يومين أخذوا ابن صديقتي البالغ من العمر 12 عاماً. دخلوا الخيمة في الثانية فجراً وأخذوا الصبي. لا أستطيع أن أصف لك الحالة التي كانت فيها والدته. أنت تتحدث عن حقوق الإنسان، عن حقوق الأطفال، لكنها ليست موجودة هنا. نحن في سجن، لماذا؟ “

إحدى المقيمات في الملحق

“في الغالب أشعر بالقلق على ابني البالغ من العمر تسع سنوات، وأشعر أن قوى الأمن ستأخذه عندما يكبر. هناك الكثير من [الأمهات] اللاتي نقلت قوى الأمن أطفالهن إلى السجن عندما بلغوا من العمر 11 أو 12 عاماً، وهن يبكين كل يوم. أحاول قدر الإمكان ألا أبتعد أبداً عن أطفالي. أطفالي دائماً في خيمتي ولا أريدهم أن يخرجوا “.

إحدى المقيمات في الملحق

الأضرار النفسية الناجمة عن غياب الأمن واحتواء المخيم

تؤثّر مقاساة سنوات مليئة بالأحداث الصادمة والعنف والحرمان والافتقار التام لآفاق الحياة خارج المخيم بشكل سلبي على الصحة النفسية للمقيمين في الهول، وتوَلّد لديهم شعوراً طاغيًا من الخوف واليأس والإحباط. يشير المقيمون باستمرار إلى مخيم الهول كـ “سجن”.

“أفكر بأقاربي خارج سوريا، فإنهم يعيشون حياة طبيعية في مكان آمن. كان لدي الكثير من الأحلام وقد دُمر كل شيء. الهول سجن. ربما وفقاً لوسائل الإعلام هو مخيم. لكن المخيم مخصص للأشخاص الذين ليس لديهم منازل، وليس لنا. كل من يعيش هنا قد خسر مستقبله، سواء كانوا أطفالًا أو بالغين “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

ويلفت أولياء الأمور الانتباه إلى التأثير النفسي المدمّر لانعدام الأمن على أطفالهم، مشيرين إلى زيادة آليات التكيّف السلبية، مثل السلوك العنيف والعدواني. في الوقت نفسه، يفتقر المخيم إلى خدمات الصحة النفسية الكافية لتلبية الاحتياجات الهائلة للأشخاص.

“كلما طالت مدة بقائنا هنا، زاد تأثيرها على صحتنا النفسية. الحياة في المخيم صعبة وأريد المغادرة. لكن المشكلة أن الرقة قد دُمرت وغادرها الجميع، فلا مكان أذهب إليه. ليس لدي عائلة هناك، لكننا ما زلنا نصر على مغادرة المخيم لأن الأمن هنا سيء حقاً. تحدث جرائم قتل في جميع أقسام المخيم ولا نعرف إلى أين نذهب. ولسنا وحدنا من نخاف، فالأطفال أيضاً خائفون لأنهم يدركون ما يحدث. أعاني الآن من مشاكل نفسية. فعندما أرى الناس في السوق يحملون أسلحة، وقوى أمن في السوق تحمل أسلحة، أشعر بالخوف. تجري قوى الأمن جولات دورية، وتدخل الخيام وتخيف الأطفال، وأغلب المقيمين في المخيم من النساء. ومن ناحية أخرى نواجه خطر مجموعة مختلفة من الأشخاص، أي الذين يقتلون بدون عذر ولا سبب ولا خوف. نحن نعيش في الصحراء هنا، أطفالنا لا يتعلمون، ونفقد جيلاً بأكمله هنا. عندما نغادر مخيم الهول، لن يقبلنا الناس لأننا قادمين من الهول، لذلك سنضطر إلى البقاء في المخيم “.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

 

 

الآثار المدمة لانعدام السلامة على الأطفال والمراهقين

في ظل الانعدام الشديد للأمن في مخيم الهول وندرة الخدمات، يعرب الآباء والأمهات وأولياء الأمور عن قلقهم العميق بشأن رفاه أطفالهم ونموهم النفسي الاجتماعي. في عام 2021، شكّل الأطفال دون سن 16 عاماً 35 في المئة من الذين ماتوا في مخيم الهول، أي ما مجموعه 79 طفلاً[58]. وفي الأشهر الستة الماضية، تم الإبلاغ عن حوادث مميتة تشمل أطفالاً دهستهم شاحنات المياه[59]، وأطفال أصيبوا بجروح قاتلة في حرائق المخيمات[60]، وأطفال غرقوا بعد سقوطهم في خنادق مليئة بالمياه الرمادية.

“لا يتوفر شيء لأطفالنا. لا تعليم إطلاقاً وهذا سيؤثر على جيل بأكمله. لا أستطيع السيطرة على أطفالي لكني لا أريدهم أن يخرجوا. نحن بحاجة إلى مكان لتعليمهم. لقي العديد من الأطفال مصرعهم بعد أن صدمتهم شاحنات المياه، واعتقلت قوى الأمن آخرين. يسقط بعض الأطفال من فتحات الأغطية الصدئة لخزانات الصرف الصحي. لقد اشتكينا مراراً من هذا، ولكن شيئاً لم يتغيّر “.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

أفصح الكثير من المقيمين عن شعورهم بالعجز عن حماية أطفالهم من العنف الجسدي والجنسي السائد في المخيم، ومن مخاطر الاعتقال التعسفي والتأثير المدمر للجماعات العنيفة داخل المخيم على سلوك الأطفال. كما يسلط المقيمون الضوء على الإمكانية المحدودة في الوصول إلى الخدمات التعليمية التي تتيحها المنظمات الإنسانية كسبب أساسي لفقدان “جيل كامل” من الأطفال.

” يؤثر هذا الوضع كثيراً على أطفالنا. لا أعرف ما يحدث لهم: لا يمكننا السيطرة عليهم. اعتقد أنهم متعبون جداً من الوضع. لا يتوفّر لهم تعليم مناسب، بل مستوى واحد لتعلم الكتابة والقراءة فقط. يبقون خمس سنوات في نفس المستوى. سيضيع الجيل بأكمله. كما نطلب بتوفير تعليم للبالغين “.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

“يعاني الأطفال ضغطاً كبيراً. لا يمكنهم الحصول على التعليم، ولا تتاح لهم أماكن للعب، بل يبقون في الخيمة. لن يعيشوا الطفولة التي يستحقونها. حتى عندما تتوفر مدرسة، فلا يقدّم فيها تعليم مناسب، يُخلط بين جميع مستويات الأطفال وكل ما يفعلونه هو اللعب. بسبب الوضع، يشعر أطفالنا أيضاً بالمسؤولية ويتصرفون بالفعل كبالغين. يعاني معظم السوريين من ذلك. ربما نحتاج جميعاً إلى دعم نفسي. عندما تقع حوادث العنف الجنسي، يلومون الأم قائلين: “عليك رعاية أطفالك”. أما الفتيان، فلا شيء يشغلهم، فيقترفون أعمالاً سيئة. لو كانوا في المدرسة، لما كانوا ليتجولوا في الشارع. بدأ الناس يشعرون بالملل. عندما يخرج الأولاد لإمضاء وقت في الشارع، يصادفون أشخاصاً سيئين قد يعلمونهم أموراً سيئة، مثّل أنّه لا يجوز للفتيان الذين يبلغون من العمر 10 أعوام أو أكثر أن يجلسوا مع النساء. يمكن إبقاء الفتيات في الخيمة، لأنهن يعتنين بالطبخ والتنظيف. لكن لا يمكن للفتيان البقاء في الداخل، لذلك نقلق أكثر لشأنهم، فهم أكثر عرضة إلى الخطر”.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

وأشار أولياء الأمور إلى المعضلة التي تصادفهم يوميًا، فإما إبقاء أولادهم داخل خيمتهم في محاولة لحمايتهم من المخاطر المتعددة، فيحدّون بذلك من تفاعلهم الاجتماعي وإمكانية وصولهم إلى التعليم؛ أو السماح لهم بالخروج إلى المخيم ليعرضونهم بذلك إلى خطر الإصابة والاعتقال وحتى الموت.

“من أجل أولادي، من أجلي، أضع أطفالي في” السجن”، فأدفع المال لامرأة تحرص على إبقائهم في الخيمة. نشعر بالأسف لوضع أطفالنا. تتأثر صحتهم النفسية، ويشعرون طوال الوقت بالتعب والحزن. الناس هنا مختلفون. يعلّمون بعنف ويتهموننا بالتجديف. لا أريد أن يتعلم أطفالي ذلك. أنا دائماً حزين ومكتئب”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

“بسبب الوضع الأمني​​، لا أريد أن يخرج أطفالي. لكن لا يمكنك التحكم بهم طوال الوقت ولا يمكنك إجبارهم على البقاء في الداخل طوال الوقت. لكني لا أريدهم أن يخرجوا، إنه مجتمع مختلف بالخارج ولا أريدهم أن يتعلموا منه. لا وظائف ولا مدارس ولا يوجد ما نفعله. أنا لا أختلق أعذاراً للأطفال، ولكن حقاً لا يمكنهم فعل أي شيء”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

  1. الوصول المحدود إلى الرعاية الصحية

بعد 11 عاماً من الحرب، تشوب النظم الصحية في شمال شرق سوريا أوجه قصور كثيرة، ويعاني مخيم الهول نقصاً واضحاً في الرعاية الصحية المتخصصة. وأفادت فرق منظمة أطباء بلا حدود أن عدداً كبيراً من الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة لا يمكنهم الحصول على الأدوية والرعاية اللازمة، رغم توفر بعض عيادات الصحة الأولية التي تعمل تحت إشراف مؤسسات طبية أخرى. وأحصت المنظمة ما يقرب من 1،800 شخص في المخيم الرئيسي يعرفون بأنفسهم أنهم مصابون بأمراض غير معدية، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية أو أمراض الجهاز التنفسي. وقد تحدّث الأشخاص المصابون بأمراض غير المعدية (المعروفة أيضاً باسم “الأمراض المزمنة”) عن عدم الانتظام في حصولهم على الأدوية، التي غالباً ما يحصلون عليها على نفقتهم الخاصة، من دون وصفة طبية ولا إشراف طبي، عبر سائقي الشاحنات أو البائعين. لكن، ما لم تُعالج هذه الأمراض غير المعدية، أو إذا عولجت بطريقة غير منتظمة وغير مناسبة، فقد تصبح أكثر تعقيدًا وتكلفةً، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات. تلقي هذه الأوضاع الصحية ضغوطاً كبيرة على الأشخاص الذين يعيشون في المخيم، ولاحظت منظمة أطباء بلا حدود أن فعالية ونزاهة المساعدة الطبية في الهول هُشِّشت بسبب ظروف المخيم الشبيهة بالسجن.

صعوبة الإحالة إلى المرافق الصحية خارج الهول

كنتيجة مباشرة للبيئة الأمنية الطاغية في المخيم، غالباً ما يصعب على منظمة أطباء بلا حدود تيسير الإحالات الطبية الخارجية للمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية غير متاحة في المخيم. فخلال عام 2021، تمثّل العدد الأكبر من الإحالات إلى خارج المخيم بالإحالات المنقذة للحياة فقط. استمر هذا الوضع حتى عام 2022، وغالباً ما تم تبرير هذا التضييق بالمخاوف الأمنية. في عام 2021، أحالت منظمة أطباء بلا حدود 381 مريضاً، من بينهم 63 طفلاً، إلى مرافق الرعاية الصحية الثانوية والمتخصصة. ومع نقص الخدمات أو رفض السلطات لمنح تصريح للإحالة إلى مرفق خارجي، لم يتلق العديد من المرضى الذين أحالتهم المنظمة العلاج اللازم، بما في ذلك المرضى الذين يحتاجون إلى علاج جراحي وجراحة العظام والأسنان وطب العيون. ويشمل المخيم بكافة أقسامه حوالي 700 شخص ينتظرون إحالات لأسباب غير طارئة. وفي عام 2021، رفضت السلطات ما مجموعه 286 إحالة طبية إلى مرافق صحية خارجية، منها 205 (أو 72 في المئة) لـ “أسباب أمنية”.[61]

وعادةً ما يُمنع الأقرباء أو أفراد الأسرة الذين يقدمون الرعاية للمرضى من مرافقتهم إذا تمت إحالتهم. بالإضافة إلى ذلك، كشف بعض المرضى إلى أطباء بلا حدود أنهم يخشون مغادرة خيامهم بعد حلول الظلام أو أثناء العمليات الأمنية، الأمر الذي يتسبب في تأخير التماسهم الرعاية الصحية، حتى في حالات الطوارئ الطبية.

“لقد تراجعت الرعاية والخدمات الطبية كثيراً منذ وصولنا. والأمر معقد للغاية في حالات الطوارئ الطبية التي تحدث في الليل لأن قوى الأمن تجري جولات واعتقالات، وقد تعتدي عليك إذا تجولت خارج خيمتك ليلاً”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

” من الصعوبات الأخرى في المخيم هي الحصول على الرعاية الصحية. ليس لدينا أدوية للعلاج هنا، لذلك بدأنا بتهريبها. من الصعب جداً الحصول على الأدوية في المخيم، وهو أمر صعب جداً على المصابين بأمراض مزمنة. وتكاد تكون الإحالة إلى خارج المخيم مستحيلة، وهي مخصصة للظروف التي تهدد الحياة فقط. لا أدوية متاحة للعلاج الطبي. إذا سمحوا لنا بالخروج، يمكننا شراؤها، لكن لا يُسمح لنا بالخروج ولا أحد يقدم العلاج في الداخل. إنهم يمنعوننا من الخروج لأنهم يخشون أن نحاول الفرار، لأن الكثير من الأشخاص يطلبون الخروج لأنهم يطمحون فقط إلى مغادرة المخيم “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

“لا مستقبل للأطفال هنا، لا مدارس. في السابق توفرت مدرستان وارتادها الأطفال آملين تحقيق خططهم المستقبلية. لكن اختلف الأمر الآن، فلا مدارس، ولا خطط مستقبلية، ولا شيء من هذا القبيل. ولا يمكننا السيطرة على أطفالنا طوال اليوم، فهم يغادرون الخيمة ويخرجون إلى الشارع. وإذا مرضوا، من الصعب جداً أن نوفر لهم الأدوية اللازمة. صهاريج المياه خطرة للغاية على الأطفال، وقد تعرّض بعضهم إلى الدهس. أعرف طفلًا تعرض للدهس وكان يحتاج إلى علاج في المستشفى، ولكن الإحالة كانت صعبة للغاية، وقد توفي هذا الطفل”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

العقبات الإضافية أمام المقيمين في الملحق في الوصول إلى الرعاية الصحية

يتيح الملحق خدمات صحية محدودة للغاية. تدير منظمة أطباء بلا حدود عيادة ثابتة واحدة في “منطقة الخدمات” في الملحق، وثلاث عيادات متنقلة لحوالي 11،000 نسمة. وغالباً ما يتوقف العمل في هذه العيادات المتنقلة كرد فعل على الحوادث الأمنية الجارية في الملحق، كما أنها لا تتيح احتراماً تاماً لسرية المريض حيث تُجرى الاستشارات في مرافق مؤقتة. وللوصول إلى المساعدة الإنسانية في “منطقة الخدمات”، يتعيّن على المقيمين في الملحق عبور نقطة تفتيش، حيث تعمل قوى الأمن على التسجيل وإخضاع الأشخاص للتفتيش الجسدي وتصوير كل من يمر عبرها. وأفاد طاقم أطباء بلا حدود أن هذه الإجراءات تحول دون التماس بعض المرضى الرعاية الصحية. كما أبلغ الطاقم الصحي العامل في المنظمة عن انخفاض أعداد المرضى بعد الحوادث الأمنية التي حصلت في الملحق، وكذلك أثناء عمليات التوزيع[62].

بالإضافة إلى ذلك، يفتقر المقيمون في الملحق إلى بعض الخدمات والأجهزة اللازمة للرعاية المنزلية، مثل أجهزة قياس ضغط الدم، والمتاحة للمرضى الذين يعيشون في المخيم الرئيسي. كما لا يستطيع المقيمون في الملحق الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية بعد الساعة 1 بعد الظهر، ما يعني أنه في حالات الطوارئ الطبية يتعين على المرضى عبور الملحق والتواصل مع قوى الأمن عند البوابات لطلب المساعدة. ويفيد المرضى أيضاً أن الافتقار إلى وسائل النقل في الملحق (بما في ذلك النقالات)، غالباً ما يضطر المرضى والجرحى إلى السير لمسافات طويلة في المخيم أو إلى طلب نقلهم على نقالات أو عربات مؤقتة.

“لقد حملت أربع مرات، وقد احتجت في كل مرة إلى عملية قيصرية. بعد ثلاث عمليات قيصرية، لا يمكن الولادة بشكل طبيعي. حدثت ولادتي الرابعة عندما كنت هنا [في مخيم الهول]. أعطاني الطبيب موعداً وأرسلوني إلى مستشفى الحسكة الوطني. هناك قالوا لي: “لم يحن الوقت بعد”، فعدت إلى المخيّم. بعد يومين عادت علامات الولادة أثناء الليل وكانت مؤلمة للغاية. ذهبت إلى البوابة للتحدث إلى قوى الأمن وتم إرسالي إلى المستشفى في الهول ثم إلى الحسكة. انتظرت من الساعة الواحدة صباحاً حتى التاسعة مساءً، وأنا أتألم، لكن الطبيب لم يحضر. قالوا لي: “يمكنك الانتظار”. لماذا؟ بعد يومين من إجراء العملية القيصرية، خرجت من المستشفى. تركوني عند بوابة الملحق ثم اضطررت إلى المشي كيلومتراً كاملاً وأنا أحمل طفلي. كان الألم مروعاً “.

إحدى المقيمات في الملحق

تتطلب الإحالات الداخلية والخارجية للأشخاص الذين يعيشون في الملحق موافقة مسبقة من قوى الأمن وإدارة المخيم، ما يعني أن القرار النهائي في الإحالة يبقى رهناً بتقدير أشخاص غير مدربين طبياً. وقد أفضى ذلك إلى تأخيرات غير مبررة في تلقي العلاج المنقذ للحياة. وواجه المرضى الذين يحتاجون إلى إحالات خارج شمال شرق سوريا أيضاً تأخيرات تهدد حياتهم أثناء انتظارهم المستندات المناسبة. كذلك، أشار بعض المرضى إلى الطريقة المهينة التي عوملوا بها خلال الإحالات الخارجية، فيما قال آخرون إن الحواجز اللغوية أعاقت تواصلهم مع الطواقم الطبية.

في فبراير/شباط 2021، أُدخل طفل يبلغ من العمر سبع سنوات مصاب بحروق من الدرجة الثانية في وجهه وأطرافه العلوية إلى مرفق طبي تابع لمنظمة أطباء بلا حدود. أحالت المنظمة الطفل للعلاج خارج المخيم. لكن استكمال الإحالة استغرق أيام بسبب الإجراءات الأمنية. عند إنهاء الإجراءات نقل الطفل إلى الحسكة، كان قد فات الأوان لإنقاذه ومات وحيداً دون ذويه. في يوليو/ تموز 2021، أحالت منظمة أطباء بلا حدود مريضاً جريحاً يتطلّب عملية بتر نتيجة إصابته بالتهاب. كانت حالته تستدعي النقل إلى دمشق لإجراء عملية جراحية، الأمر الذي تطلب مستندات إضافية من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد تسبب ذلك بتأخير كبير، وبحلول أغسطس/آب، تدهورت حالة المريض وتوفي قبل استلام الوثائق.

بالإضافة إلى ذلك، يُصطحب المرضى بمرافقة مسلّحة طوال مدة الإحالة الخارجية، ولا يُسمح للمرضى المُحالين من الملحق باصطحاب مقدم رعاية. وينطبق هذا الشرط أيضاً على الأطفال الصغار جداً والبالغين الضعفاء، الأمر الذي يشكل تهديداً كبيراً على سلامة المرضى، ما يؤدي أحياناً إلى رفض مقدمي الرعاية إحالة طفلهم الذي يحتاج إلى العلاج. على سبيل المثال، في سبتمبر/أيلول 2021، أحضرت امرأة من الملحق ابنتها التي تبلغ من العمر ست سنوات وتعاني من مشاكل في القلب إلى عيادة أطباء بلا حدود. ونُظِّمت للطفلة إحالة إلى الحسكة لإجراء استشارة قلبية، لكن عندما وصلت سيارة الإسعاف، منعت قوى الأمن الأم من مرافقة ابنتها، فرفضت الأم إرسال ابنتها بمفردها من دون مرافقة إلى الحسكة.

ونتيجة لهذه الإجراءات، كثيراً ما يُحال الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم سنتين إلى مرافق صحية خارجية تحت حراسة مسلّحة دون أن يكونوا برفقة مقدم رعاية[63]. وقد توفي عدد من الأطفال الذين تمت إحالتهم من دون أن يرافقهم مقدم رعاية في وقت لاحق بمفردهم في المرافق الصحية. وفي أيار/ مايو 2021، صدمت شاحنة مياه صبي يبلغ من العمر خمس سنوات وأُحيل وحده إلى الحسكة. وقد توفي قبل أن يصل إلى المستشفى. وفي غياب أي إجراء رسمي لتبادل المعلومات بين مستشفى الإحالة ومقدم الرعاية، لم تُبلغ الأم في الوقت المناسب بوفاة ابنها.

“عندما يأخذون الأطفال إلى الطبيب في الحسكة، يذهبون بمفردهم، ولا يرافقهم أحد من العائلة. كيف يتوقعون منّا أن نسلّم أطفالاً لا يتجاوز عمرهم ثلاثة أو أربع سنوات إلى الجنود ليأخذوهم وحدهم إلى الحسكة؟ هذا أصعب من أن نتحمله. ننتظرهم عند البوابة الرئيسية إلى حين عودتهم، ونطلب المعلومات من الجنود أو المنظمات غير الحكومية “.

أحد المقيمين في الملحق

  1. آفاق محدودة للحياة خارج الهول وغياب الحلول طويلة الأمد

حواجز بيروقراطية وحالات فساد شابت عودة السوريين

منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020، غادرت أكثر من 1،300 عائلة مخيم الهول إلى مناطقها الأصلية، لكن قوائم الانتظار طويلة وإجراءات الحصول على إذن بالمغادرة مبهمة للغاية[64]. في البداية، حُدِّدت شروط ثلاثة وجب أن تنطبق على المواطنين السوريين الراغبين في مغادرة مخيم الهول، وهي أن يكفلهم زعيم قبلي في منطقتهم الأصلية، وأن يكون بحوزتهم وثائق مدنية، وأن يكونوا راغبين العودة إلى منطقة داخل شمال شرق سوريا. في الأصل، أُعدّ نظام الكفالة القبلية لدعم المحاصرين في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتمكينهم من العودة إلى مجتمعاتهم الأصلية بضمانات من شخصيات تعرفهم شخصياً[65]. لكن تطبيق هذا النظام لم يكن منتظماً، وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020 أعلن مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي لقوات سورية الديمقراطية في الإدارة الذاتية، أنه يمكن لجميع السوريين مغادرة المخيم برحلة عودة رسمية دون الحاجة إلى كفالة[66].

وفي هذا الإطار، كشفت المناقشات مع المقيمين في المخيم الحاليين والسابقين عما تنطوي عليها مغادرة مخيم الهول والعودة إلى المناطق من تحديات بالنسبة إلى السوريين، ومنها العقبات البيروقراطية، والتكاليف الكبيرة التي تحول دون المغادرة، والفساد، والتحديات المتعلقة بالاندماج والصمود اقتصادياً خارج المخيم.

” نملك الوثائق اللازمة، وقمنا بالتسجيل قبل يومين لرحلة العودة. إنها عملية صعبة. عليك الانتظار كثيراً عند البوابة الرئيسية. كذلك هناك يد ثانية، يد غير مرئية، هي التي تتخذ القرارات. لقد سجلت عائلتي بالطريقة الصحيحة لكن لا نعرف ما ستكون النتيجة. سجلنا في الرقة. أعرف رجلاً بترت ساقه منذ ثلاثة أشهر. حصل على استمارة طبية للحصول على الموافقة على المغادرة، وقد جاءت هذ الموافقة في النهاية. وتقرّر أن يغادر في الرحلة التالية، لكننا لا نعرف ما إذا كان قد حدث ذلك بالفعل. رأيته يذهب إلى إدارة المخيم كل يوم. ولأنه مبتور الأطراف ومن ذوي الإعاقة، فلا أحد مسؤول عنه وعن أسرته. هناك أناس كثر مثله بحاجة إلى المغادرة. وهناك العديد من الأشخاص الذين سجلوا أسماءهم ليغادروا، ولكنهم لم يحصلوا على الموافقة. للحصول على الموافقة، يجب اجتياز التحقيق العسكري والمدني. وهذا شبه مستحيل.”

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

إن الفوضى المسيطرة على مخيم الهول والتجارب التي مرّ بها الناس قبل وصولهم إلى المخيم تشير إلى أن العديد من الأشخاص لا يمكنهم الوصول إلى وثائقهم المدنية الرسمية اللازمة. فعلى سبيل المثال، قد تكون الوثائق قد تعرضت للتلف أو فُقِدت أثناء القتال أو أثناء نزوح؛ كما أنه لا يتم دائماً الاعتراف رسمياً بالزيجات التي تتم داخل المخيم؛ وأحيانًا يفتقر الأطفال الذين أبصروا النور في المخيم إلى الوثائق الرسمية. ومن دون هذه الوثائق، لا يستطيع المقيمون في مخيم الهول المغادرة، ما قد يشجعهم على الاستعانة بوثائق مزوّرة أو دفع رشاوي لتجاوز العقبات البيروقراطية. كما يتعذر الوصول إلى إدارة المخيم لتسجيل طلب المغادرة رسمياً والحصول على المعلومات اللازمة حول العملية. ويفيد الأشخاص في المخيم بأنهم ينتظرون لساعات خارج مكتب إدارة المخيم، من دون أن يحصلوا على معلومات واضحة. وعندما تفشل هذه العمليات “النظامية”، قد يلجأ الأشخاص إلى خدمات مهربي البشر لإخراجهم من المخيم مقابل مبالغ مالية باهظة قد تتراوح بحسب التقارير بين 1،000 دولار أمريكي و13،000 دولار أمريكي.

“إن العملية المعتمدة للسماح للمقيمين بالمغادرة تشعرني بالغضب. اتسّم الأمر بالصعوبة ولم تكن العملية عادلة. شكّل توفير المستندات المطلوبة مهمة صعبة وكان الأمر بطيئاً حقاً. على سبيل المثال، لم أستطع الإثبات لإدارة المخيم أن أطفالي هم فعلاً أطفالي، لأنهم لا يملكون جميعهم أوراق ثبوتية. لدي ثمانية أطفال في المجموع، تمكنت من تسجيل أربعة منهم في دمشق من خلال أحد معارفي، لكن بالنسبة للأربعة الآخرين، دفعت رشاوي بقيمة مليون ليرة سورية [حوالي 300 دولار أمريكي] لتسمح لنا إدارة المخيم بالمغادرة دون الوثائق “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

 “في الوقت الحالي، لا نخطط للمغادرة. لا أحد منا لديه أي وثائق لأننا فقدنا كل شيء لدى فرارنا. دخلت إلى المخيم والآن لا يمكنني مغادرته بدون وثائق. وإذا غادرت المخيم للعيش في مناطق سيطرة الحكومة السورية، سيتم اعتقالي بالتأكيد. في البداية، عندما وصلنا إلى الهول، حققوا معنا ووضعوا ختماً ببصمات أصابعنا على قطعة من الورق. والآن في كل مكان نذهب إليه، سوف يكتشفون أننا من مخيم الهول وسيتم التعامل معنا كإرهابيين. يجب أن يأتي الحل من السلطات الدولية الداعمة للإدارة الذاتية. ويجب أن يأتي بسرعة، لأن الناس بدأوا يتقاتلون أكثر وأكثر “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

التحديات الناجمة عن الاستغلال وغياب الحماية

وفقاً للقاطنين في المخيم، إنّ العملية المعتمدة للسماح بالخروج من الهول هي أشبه بآلية لانتزاع الموارد من أشخاص يعانون أصلاً من أوضاع هشة. فالعملية الحالية لا تعطي أولوية المغادرة إلى الأشخاص المعرضين إلى المخاطر. بل تيسّر مغادرة الأشخاص القادرين على الوصول إلى الموارد والذين يملكون علاقات مع أشخاص المناسبة. وتشمل العملية رسوماً “مشروعة” مثل بدل نقل الأشخاص وأمتعتهم في الشاحنات، لكنها تتطلب أيضاً دفع رشاوي للوصول إلى إدارة المخيم أو لتجاوز العقبات البيروقراطية، مثلاً للأشخاص الذين لا يملكون الوثائق المناسبة.  وعلى غرار نظام الكفالة القبلية أو التصاريح الأمنية، باتت “عملية التدقيق بالسجلات الشخصية” فرص لانتزاع الموارد.

“إذا كنت تريد المغادرة، فعليك دفع المال للوسطاء للوصول إلى إدارة المخيم. تستغرق الأوراق الرسمية وقتًا طويلاً، وتتعمد إدارة المخيم أن تجعلها صعبة وبطيئة. يبدو الأمر كما لو أنهم يفعلون ذلك عن قصد: فكلما زاد الوقت الذي تستغرقه معالجة المستندات، تزداد المبالغ التي يجب دفعها للوسطاء، خاصة إذا كنت تخشى على سلامتك. أنت لا تعرف إلى أين تذهب الأموال، ولا تحصل حتى على وثائق مقابل المال، بل تحصل فقط على موافقة شفهية بأنهم سيسمحون لك بالمغادرة”.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

يسعى العديد من الأشخاص إلى المغادرة عقب تلقيهم تهديدات بالقتل، ومعظمهم لا يستطيعون الوصول إلى مسارات الحماية اللازمة للمغادرة. على العكس من ذلك، يتعين عليهم دفع رسوم كبيرة لإقناع إدارة المخيم بتخطي الحواجز البيروقراطية للإسراع في مغادرتهم وإنقاذ حياتهم. وتكثر الأمثلة عن أشخاص فقدوا حياتهم لعدم حصولهم على الحماية الكافية في حالات التهديد والابتزاز.

” لقد تلقى رجل يبلغ من العمر 40 عاماً تهديدات من قبل جماعة مسلّحة في مايو/أيار 2021، وطُلِب منه دفع 1،000 دولار أمريكي. ذهب إلى قوى الأمن للحصول على الحماية وليدرجوا اسمه في رحلة المغادرة. طلبت منه قوى الأمن دفع 500 دولار، ولم يكن يملك هذا المبلغ من المال، فقُتل بالرصاص في يونيو/حزيران 2021 “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

الحياة بعد العودة: تحديات اجتماعية واقتصادية

أفاد بعض المقيمين في المخيم أن ليس لديهم مكاناً يعودون إليه، فقد تعرضت مدن بأكملها إلى التدمير خلال القتال، مثل الرقة. ويدرك الكثيرون أن منازلهم سُوَّت بالأرض أو أن المجتمعات المحلية التي انتموا إليها في مناطقهم الأصلية قد زالت أو أن العلاقات التي بنوها هناك قد تلاشت. كما صرّح بعض المقيمين في المخيم بأن عائلاتهم تبرأت منهم لانتمائهم المزعوم إلى تنظيم الدولة الإسلامية. ويخشى الرجال على وجه الخصوص من التعرض للاعتقال أو القتل إذا غادروا المخيم. بالنسبة للآخرين، فإن العودة إلى مناطقهم الأصلية غير آمن أصلاً، فإذا قدموا من منطقة تسيطر عليها الحكومة السورية، على سبيل المثال، فهم يخشون من أن تتخّذ الحكومة تدابير بحقهم.

” أنا لا أفكر في العودة لأنه ليس لدي أحد في الخارج. بالنسبة لي، المشكلة هي أنه ليس لدي مستندات ولا أعرف إلى أين أذهب. لا أحد منا يمكنه العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها القوات الحكومية، سيتم اعتقالنا بالتأكيد. سنُعتقل من قبل تنظيم الدولة الإسلامية أو من جيش الحكومة السورية. عائلتي في منطقة تسيطر عليها الحكومة، لكن لا يمكنني الذهاب إلى هناك. لقد سألوا عائلتي عني: “ماذا تفعل ابنتكم في الهول؟”. ذهبت إليهم القوات الحكومية وسألتهم عني، وقالت لهم إنني لن أستطيع مغادرة الهول “.

إحدى المقيمات في المخيم الرئيسي

أفاد المقيمون في المخيم السابقون الذين تمكنوا من المغادرة أنهم يواجهون تحديات اقتصادية شديدة في حياتهم الجديدة. فيواجهون صعوبات في الحصول على عمل ويعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة. وتعكس هذه التحديات التدهور الاقتصادي الحاد الذي تشهده سوريا جراء سنوات طويلة من النزاع، والذي يطرح مشاكل خطيرة للعديد من السوريين الذين يعيشون خارج المخيمات. ولم تُبذل الجهود الكافية لإعادة إدماج من أقاموا في المخيم في المجتمع بشكل هادف أو دعمهم بالموارد الإنسانية بعد مغادرتهم الهول.

“أعتقد أحياناً أن الناس في المخيم في حال أفضل منا هنا. فأنا بالكاد أستطيع تحمل تكاليف المعيشة اليومية خارج المخيم. إنه أمر صعب حقاً، لا نملك سوى القليل جدًا من الموارد، لا سيّما الغذاء والماء والوقود “.

أحد المقيمين السابقين في المخيم الرئيسي

ولّد هذا الوضع حالة غيظ بين المجتمع الأوسع والأشخاص الذين يعيشون في الهول. فالموارد الإنسانية (توزيع الغذاء، الوصول إلى الرعاية الصحية، المياه النظيفة، الوقود للسخانات) المتاحة للمقيمين في المخيم تفوق بكثير ما هو متاح للسوريين الذين يعيشون في المنطقة المحيطة.

وغالباً ما ينظر الأشخاص الذين يعيشون في الحسكة إلى المقيمين في الهول على أنهم ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وبالتالي يشكلون تهديداً لهم، ويستاؤون بشدة من التوزيع غير المتناسب للموارد. وفي الوقت نفسه، غالباً ما يواجه الأشخاص الذين يغادرون المخيم تحديات اجتماعية كبيرة نتيجة الوصمة المرتبط بوجودهم في المخيم، ويُفترض أن لهم صلات بتنظيم الدولة الإسلامية وهم بالتالي يشكلون خطراً.

عمليات الإعادة البطيئة وغير المتسقة للرعايا العراقيين

في عام 2019، أعلنت الحكومة العراقية أنها ستعيد عائلات عراقية من مخيم الهول. لكن تأجلت هذه الخطة أكثر من مرة بضغط من المعارضة المحلية والمجتمعية، وهو ما يعكس الوصم الذي يحيط بأكثر من 30،000 عراقي في الهول والنظرة التي تربطهم بتنظيم الدولة الإسلامية. وعادت مجموعة أولى من 381 فرداً من الهول في مايو/أيار 2021 إلى مخيم جدة الواقع جنوب الموصل بمحافظة نينوى. وبحلول سبتمبر/أيلول 2022، وصل عدد الأسر التي عادت إلى العراق من مخيم الهول إلى 766 أسرة، أي ما مجموعه 3،090 شخصًا بحسب وزارة الهجرة والمهجرين العراقية. وفي حين أن الزيادة الأخيرة في عدد العائدين إلى العراق تعد أمرًا مشجعًا، إلا أنها تشكّل قطرة في المحيط مقارنة بإجمالي عدد العراقيين في الهول. واتسمت عملية عودة المواطنين العراقيين في الغالب حتى الآن بالبطء وعدم الاتساق، حيث أبلغ الكثير من العراقيين عن مشاكل في التسجيل، بما في ذلك الفساد ونقص المعلومات والاستغلال من قبل الوسطاء. كما أعرب أشخاص كثر عن ترددهم في العودة إلى العراق لخوفهم من قوى الأمن العراقية ومن التعرّض إلى الوصم.

“حاولت زوجة ابن أختي التسجيل للمغادرة بدفع مبلغ 1،000 دولار أمريكي إلى أحد الوسطاء. بعد أن أخذ المال، أخبرها هذا الوسيط أن اسمها مدرج في القائمة كعضو في تنظيم الدولة الإسلامية، لذلك طلب 13،000 دولار أمريكي لحذف اسمها من القائمة كي تتمكن من التسجيل للمغادرة. لم يوافقوا [الأسرة] لأنهم لا يملكون المبلغ المطلوب، والآن يأتي الوسيط مع دورية إلى خيمتها كل يوم. بدأ في تهديدهم قائلاً إنه سيأخذهم إلى القامشلي ويخفيهم هناك. توجهت العائلة إلى إدارة المخيم مشتكيةً من التهديدات التي تتلقاها. وقالت إدارة المخيم إن هذا غير مقبول، وإنهم عندما يقومون بمداهمات واعتقال الأشخاص، فإنهم يصطحبون دائماً معهم ضابطات أمن لدخول الخيام. قالوا إن لا علاقة لإدارة المخيم بما يفعله هذا الشخص، وإنه على الأسرة إخبارهم على الفور إذا جاء إلى الخيمة مجدداً. على أي حال، هربت زوجة ابن أختي وحاولت الفرار إلى قسم آخر من المخيم ولم يسمع عنها أحد خبراً منذ ذلك الحين. تحدث هذه الأشياء طوال الوقت. يُجبر الناس على دفع أموال للتسجيل في رحلات المغادرة ومع ذلك يبدو أن لا أحد يغادر المخيم. يبدو وكأنه نوع من الاستغلال. كل شيء يحدث تحت الطاولة “.

أحد المقيمين في المخيم الرئيسي

إعادة الرعايا الأجانب من الملحق

يواجه الرعايا الأجانب في الملحق مجموعة مختلفة ومعقدة من التحديات في ما يتعلق بمستقبلهم. وتفيد العديد من النساء في الملحق أنهن يفتقرن إلى أي خيار معقول للعودة إلى الوطن، إما لأن بلدانهن الأصلية لن تقبل بعودتهن، أو أنهن يخشين مواجهة السجن أو التعذيب أو الموت إذا عُدن. فقد جرَّدت دول مثل المملكة المتحدة بعض مواطنيها المحتجزين في شمال شرق سوريا من جنسيتهم، وتركتهم من دون وثائق ومن دون أي فرصة للطعن في هذا الإجراء.

غالباً ما يكون للنساء في الملحق أزواج وآباء وأطفال ذكور محتجزون في شمال شرق سوريا، أو قريبات في مخيمات أخرى. وحتى لو عُرض عليهن العودة، فلن يقبلن المغادرة بدون أسرهن. ويسهم ذلك في زيادة الاستياء والإحباط بين المحتجزات والسلطة الحاجزة على حد سواء. فالنساء المحتجزات يتوقعن مستقبلًا كئيباً ويائساً لأنفسهن في الهول، فيما يزداد قلق السلطات من المخاطر والتهديدات الأمنية الناجمة عن احتجاز النساء إلى أجل غير مسمى.

“عندما وصلنا من باغوز، قالت لنا قوى الأمن أنها ستعيدنا إلى بلدنا، فرفضنا، فأتى الرد، “سنبقيكم في السجن ونقتلكم”. نحن نعلم أن مستقبلنا في بلدنا هو السجن أو الموت، لذلك لا نريد العودة. يأتون إلينا في المخيم ويهددوننا قائلين إنهم سيقتلوننا إن لم نختر المغادرة، لكن المسألة هي أنني لا أملك أي معلومات عن زوجي ولا أريد المغادرة بدونه “.

إحدى المقيمات في الملحق

” لقد سمعنا عن العودة إلى المغرب وتونس ومصر. لكننا نخشى ذلك، إذا عدنا إلى المنزل، فهناك سجن ينتظرنا. لا أريد العودة إلى مصر، أعلم أن الحكومة ستهاجمني “.

إحدى المقيمات في الملحق

  1. التحديات أمام تقديم المساعدات الإنسانية في مخيم الهول

في الوقت الراهن، تُتَّخذ القرارات الخاصة بالمخيم وبإدارة الأشخاص داخله، أولاً وقبل كل شيء، من منظور أمني، وليس من منظور إنساني. وتقع السلطة العليا في قبضة المسؤولين عن أمن المخيم. فقد تحوّل مخيم الهول تدريجياً من مخيم مفتوح إلى مكان احتجاز، رغم أن المنظمات غير الحكومية لاحظت واحتجت على زيادة الطابع الأمني عليه. لكن لم تُتَّبع خطة لتسليط الضوء بشكل جماعي على التحول الذي حدث، وبالتالي، لم تُبذل أي جهود لتكييف إجراءات العمل، والتحليلات الأمنية، ومقاربات المشاركة المجتمعية والحماية على نحو يعكس التغيير في البيئة.

تتمثل إحدى نتائج التغييرات الحاصلة في الهول في أن المقيمين في المخيم باتوا ينظرون إلى المنظمات الإنسانية بوصفها امتداد لسلطة الاحتجاز، لا سيّما وأن الحوادث الأمنية عادةً ما يتبعها تراجع في وجود المنظمات غير الحكومية وأنشطتها. على سبيل المثال، تبع هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على سجن الحسكة في يناير/كانون الثاني 2022[67] ومجموعة العمليات الأمنية التي حدثت في مارس/آذار 2022، تقليص لخدمات المنظمات غير الحكومية لتقتصر على الخدمات “الضرورية المنقذة للحياة فقط”.

“لقد قلّصت الكثير من المنظمات غير الحكومية حجم أنشطتها؛ والكثير منها لا يعمل بكامل قدراته بفعل الحوادث الأمنية. اللاجئون معرضون إلى المخاطر، ويحتاجون إلى خدمات المنظمات غير الحكومية. لكن الوضع الأمني ​​في المخيم لا يسمح لهم بالوصول إلى الخدمات “.

موظف في منظمة أطباء بلا حدود يعمل في مخيم الهول

يسهم تقليص الخدمات الإنسانية في تردّي الظروف المعيشية وشعور المقيمين في المخيمات بالإحباط. ويقترن ذلك بتراجع في قبول المجتمع لمقدمي المساعدات، مما يؤثر بدوره على حماية العاملين في المنظمات غير الحكومية وأمنهم، لا سيّما في الملحق. في أعقاب العمليات الأمنية، رد الأشخاص في المخيم بالتهجم على موظفي المنظمات غير الحكومية، مفترضين أنهم ينقلون معلومات استخبارية إلى قوى الأمن. إن الخلط بين موظفي المنظمات غير الحكومية والأنشطة الأمنية يعرّض العاملين في المجال الإنساني في المخيم إلى خطر مباشر، ويُبرز أهمية القيام بأنشطة المشاركة المجتمعية بحساسية شديدة.

“عادةً ما يتفاعل المقيمون بعنف مع هذه الإجراءات [الأمنية]. فهم يربطون المنظمات غير الحكومية بقوى الأمن. في بعض الأحيان يعتقد المقيمون في المخيم أن المنظمات غير الحكومية تقف وراء الإجراءات الأمنية. على سبيل المثال، في أحد الأيام اضطررنا للذهاب إلى الملحق لإغلاق صمام شبكة المياه، فحاصرنا بعض الأولاد داخل برج المياه وقالوا لنا إنهم يحتجزوننا كرهائن. تحدثنا معهم وفي النهاية سمحوا لنا بالرحيل. يعتقد الأطفال في الملحق أن بعض موظفي المنظمات غير الحكومية يتواصلون مع قوى الأمن عندما يستخدمون هواتفهم أثناء عملهم، مثلاً عندما يحملون هواتفهم أو يجرون مكالمة أو يلتقطون صورة لتوثيق عملهم”.

موظف في منظمة أطباء بلا حدود يعمل في مخيم الهول

  1. الخلاصة

أفادت الفرق التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود العاملة في مخيم الهول عن تعرّض المقيمين إلى أعمال عنف واستغلال غير مقبولة إطلاقاً. فقد تحوّل المخيم إلى بيئة يسودها اليأس والخوف والخطر، حيث لا سياسات ولا ممارسات قانونية رسمية لتنظيم الاحتجاز التعسفي وإلى أجل غير مسمى للنساء والأطفال والرجال في الهول. وتسهم هذه الانتهاكات في تعريض الأشخاص إلى خطر الإجرام على نطاق واسع، وإنشاء بيئة مواتية للممارسات العنيفة من قبل قوى الأمن التي لا تخضع للمساءلة عن أفعالها. وتحت راية الحرب العالمية ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وُضعت سياسات عديدة لاعتماد إجراءات احتوائية في المخيم وفرض تدابير أمنية شاملة حالت دون توفير المساعدة الإنسانية والرعاية المحايدة والوصول إلى المقيمين. وتؤثر هذه العوامل على مدى قبول المجتمع للمنظمات الإنسانية، إذ يزداد الاعتقاد لدى القاطنين في المخيم أن هذه المنظمات ما هي إلا امتداد لسلطة الاحتجاز. وينعكس ذلك بدوره على جودة المساعدات وإمكانية وصولها، كما على سلامة العاملين في المجال الإنساني وأمنهم.

بعد ثلاث سنوات من معركة باغوز، لم تُطبَّق الإجراءات القانونية الواجبة لتقييم مسؤولية المشاركين فيها وتحديد شروط توجيه العقوبة للأشخاص في مخيم الهول، ولم تُبذل أي جهود لوضع استراتيجية طويلة الأجل للتعامل معهم وتأمين مستقبلهم.

واجهت الإدارة الذاتية صعوبات جمّة للتعامل مع التحديات القانونية والعملية المعقدة الناشئة في مخيم الهول على نحو يتلاءم مع المعايير والقوانين الدولية. في غضون ذلك، ما زالت الاحتياجات الإنسانية في شمال شرق سوريا آخذة في التزايد نتيجة انعدام الأمن الغذائي، وأزمة المياه، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وانعدام الاستقرار السياسي، وتسييس المساعدات القادمة من دمشق، والقتال المستمر، وهي عوامل تسهم مجتمعةً في تهديد الاستقرار وتراجع منسوبه في المنطقة. من هنا، يقع على عاتق الدول أن تعمل على إعادة مواطنيها الذين يعيشون في الهول، ودعم السلطات المحلية، واتخاذ الخطوات الفورية اللازمة لضمان رفاه المقيمين في المخيم وحمايتهم واحترام حقوقهم الإنسانية الأساسية. كما يتعيّن على الدول المعنية الاستثمار في استراتيجيات طويلة المدى لمعالجة الوضع في مخيم الهول على نحو يتوافق مع المعايير والقوانين الدولية.

التوصيات:

على الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية:

  • تكثيف الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي طويل الأمد لوضع حّد للاعتقال التعسفي للأشخاص في مخيم الهول وغيره من مرافق الاحتجاز والمخيمات في شمال شرق سوريا.

  • الاستثمار في حلول وتدابير لضمان توفّر إمكانية وصول الأشخاص المحتجزين تعسفيًا في مخيم الهول وغيره من مرافق الاحتجاز والمخيمات في شمال شرق سوريا إلى الإجراءات القانونية، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة والحق في الطعن أمام قاض في شرعية الحبس وضرورته.

  • تقديم الدعم اللازم للسلطات المحلية وقوى الأمن للتأكّد من امتلاكها لقدرة ضمان سلامة الأشخاص المحتجزين في مخيم الهول وأمنهم، بطريقة تحترم المعايير والقوانين الدولية، وبما يتضمن حماية حرية التنقل لجميع المقيمين في المخيم وكفالة توفير مستوى ملائم من الاستجابة الإنسانية.

  • تعزيز القدرة على تقديم المساعدة الإنسانية لتلبية الاحتياجات الأساسية للمقيمين، بسُبُلٍ منها زيادة التمويل المساعدات الإنسانية، ودعم المفاوضات الرامية إلى السماح بالوصول الإنساني إلى المخيم من دون شروط ولا عوائق.

على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوى الأمن:

  • اتخاذ خطوات فورية لضمان السلامة والأمن الجسدي لجميع الأشخاص المحتجزين في مخيم الهول من خلال الاستثمار في تدابير تتلاءم مع المعايير والقوانين الدولية، وذلك للحدّ من العنف والنشاط الإجرامي، بوسائل منها تحسين الظروف المعيشية للمقيمين في المخيم؛ وضمان حقوقهم الأساسية، منها الحق في الحياة والحرية والأمن.

  • السماح بوصول المقيمين في المخيم إلى مرافق الرعاية الصحية الثانوية خارج المخيم لحالات الطوارئ الصحية، دون عوائق ولا شروط، وفي الوقت المناسب، وبكرامة، والعمل على تيسير هذا الوصول، بما في ذلك أثناء الليل، مع السماح إلى مقدمي الرعاية بمرافقة ذويهم الذين يحتاجون إلى إحالات خارجية.

  • إنهاء ممارسة فصل المراهقين الذكور عن أولياء أمورهم في الملحق، والعمل بالتعاون مع مقدمي المساعدات لضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية للأفراد، والحرص على استمرار الروابط الأسرية بين الأطفال المنفصلين عن أسرهم، وبين أفراد الأسرة الآخرين.

على حكومة سوريا:

  • اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتيسير العودة الطوعية للمواطنين السوريين إلى مناطقهم الأصلية، وزيادة الجهود الرامية إلى إرساء مصالحة مجتمعية تحول دون تعرّض العائدين إلى الوصم والتهميش.

  • ضمان معاملة العائدين بما يتماشى مع المعايير والقوانين الدولية، بما في ذلك حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

 على المانحين الدوليين والوكالات الإنسانية ومنظمات الحماية:

  • زيادة المساعدة الإنسانية المستقلة بشكل كبير في جميع مناطق الهول، وتنفيذ تدخلات متوسطة إلى طويلة الأجل، لا سيّما في مجال الرعاية الصحية وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.

  • تعزيز نطاق مسارات الحماية خارج مخيم الهول.

  • مواصلة وزيادة الجهود والدعوة إلى ضمان اتباع الإجراءات القانونية السليمة، والأطر طويلة الأجل لجميع المحتجزين في الهول، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الدعوة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة، والحلول البديلة للاجئين العراقيين، ومغادرة السوريين الذين ينحدرون من مناطق خارجة عن سيطرة الإدارة الذاتية، وتمويل الاستجابات المنسّقة المتعدّدة التخصصات وتفعيلها، والنظر في احتياجات الرعاية الصحية والحماية والتعليم.

 على حكومة العراق ودول الرعايا الأجانب المحتجزين في مخيم الهول وغيره من مرافق الاحتجاز والمخيمات في شمال شرق سوريا:

  • اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية مواطنيها من خلال تسريع جهود السماح لرعاياها المحتجزين في مخيم الهول بالعودة إلى وطنهم، ومعاملة جميع الأفراد العائدين بما يتماشى مع المعايير والقوانين الدولية، ما يتضمن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

    • ضمان حصول المحتجزين على معلومات شفافة ومكثّفة حول عملية الإعادة لتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة.

    • الامتناع عن إبقاء العائدين في أماكن تقييدية، مثل المخيمات المغلقة، وزيادة الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة المجتمعية تفادياً لوصم العائدين وتهميشهم.

[1] U.S. Committee for Refugees World Refugee Survey 2003 – Syria, 1 June 2003, https://www.refworld.org/docid/3eddc4869.html

[2]  الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية العقيد طلال سلّو في حوار مع “المونيتور”:

 https://www.al-monitor.com/ar/contents/articles/originals/2015/12/syrian-democratic-forces-goal-liberation-isis.html

[3] Humanitarian Response in Al Hol camp, Situation Report No. 3 – As of 1 May 2019, OCHA, https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/syria-humanitarian-response-al-hol-camp-situation-report-no-3-1-may-2019

[4] ‘When am I Going to Start to Live? The urgent need to repatriate foreign children trapped in Al Hol and Roj Camps’, Save the Children, 2021, https://resourcecentre.savethechildren.net/document/when-am-i-going-start-live-urgent-need-repatriate-foreign-children-trapped-al-hol-and-roj

[5] Camp Profile: Al Hol, September 2021, https://www.impact-repository.org/document/reach/e0ca138e/REACH_SYR_Factsheet_NES_CampProfile_AlHol_September2021-2.pdf

 [6] وفقاً لأحدث الأرقام الواردة من إدارة المخيم في شباط/فبراير 2022

[7] Remember the Armed Men who Wanted to Kill Mum”: The hidden toll of violence in Al Hol on Syrian and Iraqi Children’, Save the Children, April 2022, https://resourcecentre.savethechildren.net/pdf/children_conflict_al_hol_camp_syria_2022.pdf/

[8] Transcript: Col. Myles Caggins, CJTF-OIR spokesperson, holds a press conference with Syrian Democratic Forces’, Operation Inherent Resolve, 30 July 2020, https://www.inherentresolve.mil/Releases/Article/2295015/transcript-col-myles-caggins-cjtf-oir-spokesperson-holds-a-press-conference-wit/

[9] لتحليل هذه المسألة يمكن الرجوع مثلاً إلى:

Diakonia International Humanitarian Law Centre, Legal Brief: The legal status of ISIS-affiliated foreign nationals held in detention in North-East Syria, August 2019, pp 14-19.

[10] نظراً إلى الغرض من هذا القسم، لم يتم تضمين المزيد من التحليل حول تصنيف النزاع المسلح هنا. لمزيد من المعلومات في هذا الشأن، يمكن الاطلاع، على سبيل المثال، على:

the Rule of Law in Armed Conflicts project (RULAC) of the Geneva Academy of International Humanitarian Law and Human Rights, Syria, at https://www.rulac.org/browse/countries/syriahttps://www.rulac.org/browse/countries/syria (all links in this document were accessed on 2 July 2022); Terry D. Gill, Classifying the conflict in Syria, International Law Studies, US Naval War College, Volume 92, 2016; Diakonia International Humanitarian Law Centre, Legal Brief: The legal status of ISIS-affiliated foreign nationals held in detention in North-East Syria, August 2019, p. 10

[11] https://ihl-databases.icrc.org/applic/ihl/ihl.nsf/Article.xsp?action=openDocument&documentId=BAA341028EBFF1E8C12563CD00519E66

[12] يجب على وجه الخصوص مراعاة العناصر الموضوعية والخاصة، مثل البيئة، والحالة الجسدية والعقلية للشخص، وعمره أو خلفيته الاجتماعية أو الثقافية أو الخلفية السياسية أو الخبرات السابقة. وتوفر الأدلة العسكرية ومدونات السلوك ووثائق السياسة التي وضعتها الدول أمثلة على المعاملة الإنسانية، التي تشمل العلاج مع إيلاء الاعتبار الكامل لجنس الشخص، وتوفير الغذاء الكافي، ومياه الشرب والملابس، وضمانات الصحة والنظافة، وتوفير الرعاية الطبية المناسبة، والاتصالات المناسبة مع العالم الخارجي. (انظر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تعليق عام 2016 على الاتفاقية (1) لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان المؤرخة في 12آب/أغسطس 1949، جنيف، الفقرات 553، 558:

 https://ihl-databases.icrc.org/applic/ihl/ihl.nsf/Comment.xsp?action=openDocument&documentId=59F6CDFA490736C1C1257F7D004BA0EC#_Toc465169892

[13]  الفقرة  1(a)  و 2 من المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949.

[14]قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القواعد 118, 121, 122, 123, 126 و128، على الموقع:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1

[15]  يُقصد بالاعتقال حرمان الشخص من الحرية بمبادرة / أمر من السلطة التنفيذية – وليس السلطة القضائية، دون توجيه تهم جنائية ضد الشخص المعتقل؛ ويشار إلى الاحتجاز لأسباب أمنية في حالات النزاع المسلح.”  الاعتقال هو المفهوم الوحيد الذي يبدو محصوراً لوقت النزاع المسلح:

(See paras 3063-3064 of the ICRC Commentary of 1987 to the 1977 Protocol Additional to the Geneva Conventions of 12 August 1949, and relating to the Protection of Victims of International Armed Conflicts (Protocol I); ICRC Commentary of 2016 to the Convention (I) for the Amelioration of the Condition of the Wounded and Sick in Armed Forces in the Field, Geneva, 12 August 1949, para. 718, at https://ihl-databases.icrc.org/applic/ihl/ihl.nsf/Comment.xsp?action=openDocument&documentId=59F6CDFA490736C1C1257F7D004BA0EC#_Toc465169892).

[16] Jelena Pejic, Procedural principles and safeguards for internment/administrative detention in armed conflict and other situations of violence, International Review of the Red Cross, Volume 87 Number 858, 375-392, June 2005, pp 380-383

[17]قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 119 على الموقع:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1

[18] قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 134 على الموقع:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1

[19] قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 135 على الموقع:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1

[20] قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 120 على الموقع:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1

[21] قاعدة بيانات القانون الدولي الإنساني، القانون الدولي الإنساني العرفي، القاعدة 105 على الموقع:

https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1

[22] القرار رقم 2427 الذي اتخذه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، S/RES/2427 (2018)، الفقرة 20

[23]  يُلزم القانون الدولي لحقوق الإنسان الدول باحترام وضمان حقوق الإنسان لجميع الأفراد الموجودين داخل أراضيها والخاضعين لولايتها القضائية. لن يحلل هذا القسم مسألة ما إذا كانت الجماعات المسلحة من غير الدول ملزمة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا مسألة ما إذا كان القانون الدولي لحقوق الإنسان ينطبق أثناء النزاع المسلح. يركز هذا القسم فقط على الحقوق والالتزامات المختلفة المرتبطة بهذا التقرير. للاطلاع على مناقشة هذه الأسئلة، انظر، على سبيل المثال:

https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Publications/HR_in_armed_conflict.pdf; Katharine Fortin, The Accountability of Armed Groups under Human Rights Law, Oxford Scholarship Online, 2017; Tilman Rodenhäuser, The legal protection of persons living under the control of non-State armed groups, International Review of the Red Cross, Volume 102 Number 915, 991-1020, 2020.

[24]  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادتين 4(2) و7. متاحة على:

https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/international-covenant-civil-and-political-rights

وتجدر الإشارة إلى أن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب قد وجد أن ظروف المخيم تصل إلى الحد القانوني للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، بموجب القانون الدولي.

) Position of the United Nations Special Rapporteur on the promotion and protection of human rights and fundamental freedoms while countering terrorism on the human rights consequences of citizenship stripping  in the context of counter-terrorism with a particular application to northeast Syria, February 2022, Section II, at  https://www.ohchr.org/en/special-procedures/sr-terrorism/return-and-repatriation-foreign-fighters-and-their-families).

[25]  تتعلق حرية الشخص بالانعتاق من الحبس البدني وليس حرية الأفعال في عمومها فحسب […] ويعني سلب الحرية فرض قيود أشد على الحركة داخل مساحة أضيق، وليس مجرد تقييد حرية التنقّل وفقاً لما ورد في المادة 12.2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو حرمان الشخص من حريته الشخصية من دون إذنه. التعليق العام رقم 35 المادة 9 (حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه(*، CCPR/C/GC/35، 16 كانون الأول 2014، الفقرات 3, 5-6.

[26] يتعلق الأمن الشخصي بعدم الإصابة بالضرر العقلي، أو كفالة السلامة الجسدية والعقلية”. ويُلزم الحق في الأمن الشخصي الدول الأطراف أيضاً باتخاذ تدابير مناسبة للتصدي إلى تهديدات القتل التي توجّه إلى أشخاص في مجال العمل العام، وبشكل أعم اتخاذ تدابير لحماية الأفراد من المخاطر المتوقعة التي تهدد حياتهم أو سلامتهم البدنية من قبل أي أطراف فاعلة أو حكومية”(المرجع نفسه، الفقرتين 3 و9)

[27]  https://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/

[28] المرجع نفسه، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المادة 20 (1)، اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية الدورة الرابعة والأربعون (1992) التعليق العام رقم 21 المادة 10 (المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم) الفقرة 4

[29] Human Rights Committee, General Comment No. 29 “States of Emergency (Article 4)”, CCPR/C/21/Rev.1/Add.11, 31 August 2001, para. 11.

[30] اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية الدورة الرابعة والأربعون (1992) التعليق العام رقم 21 المادة 10، الفقرة 3

[31]  العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، المادة 11(2) و 12(1)، متاح على:

https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/international-covenant-economic-social-and-cultural-rights

[32]  اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، المادة 12، متاحة على:

https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/convention-elimination-all-forms-discrimination-against-women

[33] اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، المادة 3 (1)، متاحة على:

 https://www.ohchr.org/en/instruments-mechanisms/instruments/convention-rights-child

[34] المرجع نفسه، المادة 37 (ب)؛ الجمعية العامة للأمم المتحدة A / RES / 45/113 (1990) ، قواعد الأمم المتحدة لحماية الأحداث المجردين من حريتهم، الملحق، القسم الأول، الفقرة. 2.

[35] المرجع نفسه، المادة 37 (ج)

[36] المرجع نفسه، المادة 37 (أ)

[37] المرجع نفسه، المادة 37 (ج)

[38] المرجع نفسه، المادة 9

[39] المرجع نفسه، المادة 24 و28 و37 (ج). يمكن الرجوع أيضًا إلى لجنة حقوق الطفل، التعليق العام رقم 24 حول حقوق الأطفال في نظام قضاء الأطفال، CRC/C/GC/24*، 18 سبتمبر/أيلول 2019، الفقرات 95 (ج)-(هـ)

[40]  المرجع نفسه، المادة 7 (أ)

[41] تجدر الإشارة إلى أن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب “مع ثلاثة عشر آخرين من أصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة وفريقين عاملين، حددوا أساسًا موثوقًا به لإثبات أن ترتبط انتهاكات الحقوق بـ [الأطفال] […] هذه الشروط تفي بعتبة التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة بموجب القانون الدولي، ولا ينبغي أن يتحمل أي طفل إياها. […] وبدلاً من ذلك، يلاحظ المقرر الخاص ممارسات الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان “.

(Position of the United Nations Special Rapporteur on the promotion and protection of human rights and fundamental freedoms while countering terrorism on the human rights of adolescents/juveniles being detained in North-East Syria, May 2021, pp 1, 3, 4 at  https://www.ohchr.org/en/special-procedures/sr-terrorism/return-and-repatriation-foreign-fighters-and-their-families).

[42]  الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين 1951، المادة 1(A)(2),، متاحة على:

https://www.hlrn.org/img/documents/Refugee%20Convention%201951%20ar.pdf

[43]  المرجع نفسه، اتفاقية 1951، المواد 20 إلى 23 و26

[44] OCHA Guiding Principles on Internal Displacement, Introduction, para. 2, at https://www.internal-displacement.org/publications/ocha-guiding-principles-on-internal-displacement.

[45] المرجع نفسه، القسم 1، المبدأ 1، الفقرة 1.

[46]‘Displaced people and families of mercenaries arrive in Al-Hol camp’, ANHA, 25 February 2019, https://www.hawarnews.com/ar/haber/d986d8a7d8b2d8add988d986-d988d8b9d988d8a7d8a6d984-d984d984d985d8b1d8aad8b2d982d8a9-d98ad8b5d984d988d986-d985d8aed98ad985-d8a7d984d987d988d984-h15112.html

[47] Life inside Syria’s al-Hol camp’, Vera Mironova, Middle East Institute, 9 July 2020, https://www.mei.edu/publications/life-inside-syrias-al-hol-camp

[48] ‘Syrian Arab Republic: North East Syria: Al Hol camp (as of 26 July 2020)’, https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/syrian-arab-republic-north-east-syria-al-hol-camp-26-july-2020

[49] Mortality data for Al Hol Camp: 2021 Summary’, World Health Organization, 21 February 2022

[50]  واستناداً إلى بيانات إدارة المخيم – 69.7 في المائة من الحالات كانت من العراقيين، و29.6 في المائة من السوريين و4.65 في المائة من الرعايا الأجانب

[51] Health response and priorities in Northeast Syria’, Health Sector Syria, 14 March 2022, https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/health_response_and_priorities_in_northeast_syria.pdf

[52] مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، 14 سبتمبر/أيلول 2022 https://www.ohchr.org/en/press-releases/2022/09/dont-look-away-syrian-civilians-face-prospect-new-escalation

[53] Unidentified gunmen killed two civilians in al Hawl IDP Camp in Hasaka on November 12’, Syrian Network for Human Rights, 13 November 2021, https://news.snhr.org/2021/11/13/unidentified-gunmen-killed-two-civilians-in-al-hawl-idp-camp-in-hasaka-on-november-12/

[54] Basic Principles on the Use of Force and Firearms by Law Enforcement Officials, Eighth United Nations Congress on the Prevention of Crime and the Treatment of Offenders, 7 September 1990

[55] ‘Syria: Fatal shooting of a child in al-Hol camp must be a call to international action’, Amnesty International, 8 February 2022, https://www.amnesty.org/en/latest/news/2022/02/syria-fatal-shooting-of-a-child-in-al-hol-camp-must-be-a-call-to-international-action/

[56] Abandoned to torture: Dehumanising rights violations against children and women in northeast Syria, Rights and Security International, October 2021 https://www.rightsandsecurity.org/action/research/entry/abandoned-to-torture-dehumanising-rights-violations-against-children-and-women-in-northeast-syria

[57] “They have erased the dreams of my children”: children’s rights in the Syrian Arab Republic”, Conference Room Paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 13 January 2020, UN Doc A/HRC/43/CRP.6

[58] Mortality data for Al Hol Camp: 2021 Summary’, World Health Organization, 21 February 2022.

[59] Truck accident killing one child and injuring 2 shows dangers of NE Syria camps for Children”, Save the Children, 1 December 2021, https://www.savethechildren.net/news/truck-accident-killing-one-child-and-injuring-2-shows-dangers-ne-syria-camps-children#:~:text=December%202021%20%2D%20Syria-,TRUCK%20ACCIDENT%20KILLING%20ONE%20CHILD%20AND%20INJURING%202%20SHOWS%20DANGERS,Save%20the%20Children%20said%20today.

[60] “Speed up repatriations or foreign children could be stuck in North East Syria camps for up to 30 years, warns Save the Children”, Save the Children, 23 March 2022, https://www.savethechildren.net/news/speed-repatriations-or-foreign-children-could-be-stuck-north-east-syria-camps-30-years-warns

[61] Review of 2021 referral statistics for Al Hol camp’, Health Cluster Syria, 15 February 2022

[62]  في سبتمبر / أيلول 2019، عالجت منظمة أطباء بلا حدود أربع نساء مصابات بأعيرة نارية من جراء إطلاق النار على احتجاجات من النساء والأطفال في الملحق، وقوبلت بقوة من السلطات الأمنية في المخيم.

. “Women treated for gunshot wounds amidst violence and unrest in Al-Hol camp”, MSF, 20 September 2019, https://www.msf.org/women-treated-gunshot-wounds-amidst-violence-and-unrest-al-hol-camp-syria

[63] يُفترض أن منظمة الصحة العالمية تعتمد نظاماً مخصصاً لتعيين مقدّم رعاية للأطفال غير المصحوبين بذويهم في المستشفى التي تتم إحالتهم إليها، لكن منظمة أطباء بلا حدود أشارت إلى أن هذا النظام غير سارٍ.

[64] A new batch of displaced Syrians leaves Al-Hol camp towards Manbij and its countryside’, North Press Agency, 13 December 2021, https://npasyria.com/89253/

[65] https://www.rudawarabia.net/arabic/kurdistan/020620196 – The scope of the tribal sponsorship procedures was limited to returns to northeast Syria only (Deir Ez-Zor, Raqqa, Hassakeh, Tabqa and Manbij)

[66] https://coar-global.org/2020/10/12/self-administration-vows-to-empty-al-hol-camp/

[67] New measures for SDF in Al-Hol camp in Al-Hasakah countryside’, Sadaa al Sharqieh, 14 February 2022, https://sadaalsharqieh.com/%D8%A5%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-

Print This Post

#تقرير #لمنظمة #أطباء #بلا #حدود #بين #نارين. #خطر #ويأس #في #مخيم #الهول #في #سوريا

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد