تونس: أهالي قرية يبنون طريقاً بأيديهم ليذهب أبناؤهم إلى المدرسة

أنشأ الأهالي طريقاً من الصخور والحجارة بطول 2 كلم (العربي الجديد)

لم تبال السبعينية منجية العميري، من منطقة بولعابة النائية التي تبعد 25 كلم عن محافظة جندوبة، شمال غرب تونس، بأكوام الحجارة التي حملتها فوق ظهرها، ولا بالشمس الحارقة ولا بتقلبات الطقس، لأنّ هدفها كان المساعدة في إنشاء طريق يسهّل عبور تلاميذ المنطقة المهمّشة نحو المدرسة.

وتمكن الأهالي، بمجهودات ذاتية، من تشييد الطريق وفكّ العزلة عن التلاميذ وتجنيبهم التغيّب عن دراستهم كلّما هطلت الأمطار، ومنجية هي واحدة من عشرات النساء والأطفال والشيوخ والرجال الذين آمنوا بأنّ الفقر ونقص الإمكانيات وعدم تحرّك السلطات لن تكون حاجزاً نحو العبور والأمل في واقع أفضل.

وكانت معاناة أطفال المنطقة تزداد كلما هطلت الأمطار، حيث يعيشون “رحلة كفاح” للوصول إلى مدرستهم، وإن وصلوا يكونون في حالة مزرية بعد أن “غرقوا في الوحل”، وفي حالات كثيرة بضطرون للمكوث في بيوتهم لعجزهم عن العبور إلى المدرسة.

وبحكم أنّ “الخالة منجية”، كما كانوا يلقبونها، تملك محلاً صغيراً في مسار رحلتهم، كان التلاميذ يستبدلون لديها الأحذية الملطّخة والمتّسخة بأخرى نظيفة نسبياً ليدخلوا بها القسم.

تلاميذ منطقة بولعابة النائية يعانون في موسم الأمطار للوصول إلى المدرسة (العربي الجديد)

لقد كانت هذه السبعينية شاهدة على معاناة عشرات أطفال القرية كل صباح ومساء، وتستقبل يومياً، أيام الشتاء، تلاميذ المنطقة بوجه مبتسم ليغيّروا أحذيتهم البلاستيكية ويعودون مساءً لارتدائها ليخوضوا مجدداً رحلة العودة إلى البيوت، وهو ما شجّعها على السعي لتشييد “طريق العبور”.

طُرحت أولا فكرة إنشاء طريق من الصخور والحجارة بطول 2 كلم، فجمع الأهالي الحجارة ورصفوها حجراً حجراً بأياديهم، في مشهد جسّد قصة كفاح مجموعة من السكّان البسطاء من أجل مساعدة أبنائهم على الوصول إلى المدرسة في ظروف أفضل.

وتؤكّد الناشطة بالمجتمع المدني من بولعابة، سلسبيل الكوكي، في تصريح لـ”العربي الجديد”: “تجتمع حوالي 10 عائلات في المنطقة الريفية، وهناك عدد كبير من التلاميذ بينهم، بينما لا يوجد أي طريق يعبرونه للوصول إلى المدرسة، فقط مجموعة من الأراضي الفلاحية التي يضطرون لقطعها للوصول إلى فصولهم الدراسية”.

وأشارت الكوكي إلى أن فلاحين من المنطقة تبرعوا بالمساحة التي يمرّ عليها الأطفال يومياً لإنشاء الطريق، مؤكدة أنّ “التراب أحمر وسرعان ما يتحوّل إلى طين بسبب مياه الأمطار”.

وذكرت الناشطة بالمجتمع المدني أن “الأهالي توجّهوا مرارا إلى السلطات الجهوية من أجل المطالبة بطريق، ولكنهم لم يجدوا تجاوبا بمبرر عدم وجود موازنة، فاتفقوا في ما بينهم على جمع الحجارة وإنشاء الطريق بأنفسهم، ووفق إمكانياتهم”.

وأوضحت الكوكي أنّ “منزل الخالة منجية على جانب الطريق، وقد كانت من أكثر النساء حماسة للفكرة، وحملت الحجارة في كيس على ظهرها، وتولّت مع العديد من النساء والشباب العمل على إنشاء هذا الطريق. وبعضهم حمل الحجارة في علب أو أكياس، والجميع ساهم بمجهوده الخاص”.

وأكّدت أنّ “مبادرة الأهالي أعجبت البلدية التي قررت أن تساعد في إنشاء الطريق، عن طريق المساهمة بجرارات لتجهيز المكان، ما سهّل تعبيده”.

وقالت المتحدثة ذاتها إنّ “الأهالي اقتنوا الحجارة من مقاول بسعر رمزي، وتولّوا وضعها باليد حجراً حجراً”.

وأضافت أنّ “العمل على الطريق استغرق أكثر من شهر، ولا تزال مساحة بضعة أمتار غير مكتملة، بسبب نفاد الحجارة، وضرورة تأمين كمية أخرى منها”، مبرزة أنّ “هذا الطريق ساعد أطفال المنطقة كثيراً للوصول إلى مدرستهم وعدم الانقطاع عنها أيام المطر”.

#تونس #أهالي #قرية #يبنون #طريقا #بأيديهم #ليذهب #أبناؤهم #إلى #المدرسة

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد