تونس.. الخلاف بين الرئاستين يزيد المشهد السياسي تعقيدا ويهدد “طاولة الحوار”

في ظل الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمتهما جائحة كورونا، يزداد المشهد السياسي في تونس تعقيداً، بعد أكثر من شهرين على الخلاف بين رئيس البلاد، قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، المدعوم من حركة النهضة وحزب قلب تونس، اللذين يسيطران على مجلس النواب.

وفي ظل بعض التظاهرات والتحركات في الشارع التونسي، تسعى الأطراف السياسية إلى إيجاد مخرج للأزمة، يتمثل بحوار وطني جامع، ولكن لم يتم الإجماع على الجهة المنظمة له وأطره العامة والمشاركين به.

وفي وقت أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، بأنه “لم يتلق رداً واضحاً” من سعيد حول مبادرة الاتحاد بتنظيم حوار وطني، قال رئيس البلاد إنه على “استعداد للإشراف على تنظيم حوار وطني بمشاركة واسعة من الشباب عبر وسائل الاتصال الحديثة”.

وأكد سعيد، بعد لقائه وزير المالية بنزار يعيش السابق منذ يومين، على أهمية “توفر الإرادة الصادقة لاتخاذ قرارات جريئة للخروج سريعا من هذه الأزمة”.

“لا حوار في الأسابيع المقبلة”

ويعتبر رئيس تحرير “جريدة الأنوار” التونسية، نجم الدين العكاري، في حديث لموقع “الحرة”، أن “جميع المؤشرات تفيد أنه لا يمكن إجراء حوار وطني خلال الأسابيع القادمة”.

وأشار العكاري إلى أن “موقف اتحاد الشغل قد تغير من رئيس البلاد الذي تأخر في دعوة الأطراف الى طاولة الحوار”.

وتوقع أن “يتجه اتحاد الشغل لحوار مع بعض الأحزاب السياسية لا يعرف منها إلى حد الآن غير حزب النهضة، الذي ضاق الطوق حوله، والذي يريد تجاوز رئيس الجمهورية”، مستبعداً “مشاركة حزب قلب تونس في ذلك”.

ورأى الصحفي والكاتب التونسي، أن “عدم إجراء حوار قد يدفع الاتحاد لوضع خطة اقتصادية يفرضها على الحكومة التي لا يريدها سعيد”.

“رؤية الرئيس غامضة”

وفي سياق متصل، قال الكاتب والمحلل السياسي، بولبابة سالم، إن “الحوار الوطني بالصيغة التي طرحها رئيس الجمهورية لم يلق تجاوبا من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي دعا إلى حوار وطني شامل تحضر فيه الأحزاب السياسية”.

واعتبر سالم، في حديث لموقع “الحرة”، أن “رؤية الرئيس غامضة وهو يهاجم الأحزاب ويريد حوارا مع الشباب وخصوصا من التنسيقيات التي ساندته في الحملة الانتخابية”.

وأضاف: “طبيعة الحوار تكون بين المختلفين، لكن قيس سعيد أصبح مصطفا مع المعارضة ضد الحكومة الحالية، ودائما يهاجم الأحزاب المساندة لها، علماً أنه رمز وحدة الدولة ورئيس الجميع وفوق الصراعات الحزبية”.

واقترح المحلل السياسي أن “البدائل التي تفضي إلى حل لأزمة البلاد تتمثل بتطوير مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل التي قبلها الجميع وقابلها رئيس الدولة ببرود وتأخير”، مشددا على أن “الحوار يجب أن يضم الجميع لتكون مخرجاته ملزمة لأن إقصاء أطراف وازنة اختارها الشعب يجعلها تتنصل من أي اتفاق”.

الحوار واستقالة الحكومة

في المقابل، قال عضو المكتب السياسي  في”حركة الشعب”، والمكلف بالإعلام، أسامة عويدات، في حديث لموقع “الحرة”، إن “الرئيس ليس مصطفا مع المعارضة بل له رؤيته التي لم تتغير من وقت الحملة الانتخابية والتي يشترك فيها مع حركة الشعب”.

وأضاف عويدات: “نقاط وركائز رؤية الرئيس جامعة ومنها السيادة الوطنية، العدالة الاجتماعية الدور الاجتماعي للدولة، محاربة الفساد، ولذلك نجد شريحة واسعة من الشعب تتبنى طرحه”.

وأشار إلى أن “الحل يتمثل بالاستعداد الجدي لكل الأطراف بالدخول في حوار وطني، والابتعاد عن منطق المشاحنات، حرصا لعدم تأجج الوضع الاجتماعي الاقتصادي وقيام ثورة جياع”.

وأكد عويدات أن “الحوار المطلوب هو الذي يتضمن حلولا اقتصادية بمشاركة الشباب وتطلعاتهم للمستقبل، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير سياسي يتمثل بتغيير الحكومة”.

وختم بالقول: “نحن في حركة الشعب، شرطنا الوحيد للدخول في حوار وطني هو استقالة الحكومة التي تسبب رئيسها بهذه الأزمة الخانقة في البلاد”.

أزمة “التعديل الوزاري”

وبدأت الأزمة منذ أن تجاهل المشيشي الرئيس، في 16 يناير الماضي، ولم يشاوره في التعديل الوزاري، كما لم يشاور إلا الأغلبية البرلمانية المتمثلة في تحالف النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة. 

وشمل التعديل الوزاري الذي نال موافقة البرلمان 11 وزيرا، من بينهم وزراء جدد للعدل والداخلية والصحة، بعد أن استبعد رئيس الحكومة وزراء مقربين من الرئيس سعيد، الذي رفض أداء اليمين الدستورية لعدد من الوزراء الجدد، وقال إن بعضهم تتعلق بهم شبهة فساد وتضارب مصالح.

وأضاف سعيد أن التعديل غير دستوري من الناحية الإجرائية، مستنكرا عدم وجود نساء بين الوزراء الجدد.

وما يزيد الأزمة تعقيدا هو غياب المحكمة الدستورية للبت في هذه الخلافات، حيث كان من المفترض تشكيلها منذ المصادقة على الدستور الجديد في 2014 إلا أن التجاذبات السياسية منعت مواصلة عملية اختيار أعضائها.

وتعاني تونس، أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، حيث شهدت البلاد مظاهرات بمطالب معيشية واقتصادية، خلال الفترة الماضية، لاسيما بعد ازدياد معدلات الفقر والبطالة جراء جائحة كوفيد – 19.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد