تونس: الفوضى تكبّد قطاع الدعاية خسائر باهظة

الأزمة الاقتصادية أثرت سلبا على سوق الدعاية (Getty)

لم تعد شركات الدعاية والإشهار المرخصة قادرة على كبح انفلات السوق في تونس الذي يشكو من تدهور عام في الاستثمارات الإعلانية وتنامي سوق الدعاية في وسائل التواصل بمختلف أشكالها.

كذلك، لم تفلت سوق الدعاية من تأثيرات الأزمة الاقتصادية في البلاد بسبب تقليص الشركات والمتعاملين الاقتصاديين لنفقات الإشهار، والذهاب نحو وسائل دعائية تسمح بالوصول إلى الجمهور بأقل كلفة على “فيسبوك” و”يوتيوب” وغيرهما.

وتشكو وكالات الدعاية المنظمة في تونس من فوضى السوق، ويطالب العاملون في القطاع بشكل منظم بفتح ملفات ضريبية لصناع المحتوى والمؤثرات من أجل مزيد من حوكمة القطاع على غرار دول عربية تمكنت من توفير إيرادات ضريبية من نشاط الدعاية الرقمية وقامت بضبط أسواق الدعاية.

يقول صاحب وكالة دعاية وإشهار، قيس بن مراد، إنّ السوق التونسية تعيش فوضى غير مسبوقة، مؤكداً تنامي النشاط الموازي بشكل لافت ما تسبب في هبوط حاد في إيرادات القطاع المنظم.

وأفاد بن مراد في تصريح لـ”العربي الجديد” أنّ المتعاملين في القطاع المنظم يدفعون الضرائب لفائدة الدولة ويعانون صعوبات عمل كبيرة بسبب الأزمة الاقتصادية، فيما يجني آخرون من العاملين في وسائل التواصل أموالاً من دون مطالبتهم بواجب ضريبي وبتكلفة أقل.

واعتبر أنّ سوق الدعاية تشهد تحولات متسارعة وكبيرة، مؤكداً أنّ كلّ الوكالات أو وسائل النشر الورقية التي لم تنجح في التحول الرقمي لن تتمكن من البقاء طويلاً.

وأوصى بن مراد بضرورة مراجعة القوانين التي يحتكم إليها القطاع من أجل الحد من فوضى قطاع الدعاية الذي يفرض عليه صناع المحتوى السيطرة بشكل متسارع. وكشف أنّ أغلب صناع المحتوى يبرمون عقود دعاية لفائدة علامات تجارية كبرى دون التصريح بتلك العقود لدى مصالح الضرائب، ما تسبب في ضرر كبير للوكالات المنظمة.

نهاية عام 2020، كشفت دراسة لمؤسسة “سيغما كوانساي” انخفاض الاستثمارات الإعلانية في السوق التقليدي خلال ذلك العام بنسبة 13 بالمائة، في المقابل قفزت الاستثمارات الإعلانية على الإنترنت بنسبة 31.1 بالمائة في عام 2020 مقارنة بأرقام 2019.

وتعدّ سنة 2017 بحسب الدراسة السنة المرجعية على امتداد السنوات العشر الماضية من حيث الرقم المحقق في قطاع الدعاية وذلك ببلوغ 241.1 مليون دينار (الدولار = 2.9 دينار).

وينافس الإشهار على شبكات الإنترنت في صعوده، قنوات التلفزيون والإذاعات الكبرى في تونس فقد حققت التلفزيونات عام 2019 نمواً بـ13 بالمائة باستثمارات تقدر بـ18 مليون دينار مقابل نمو الاستثمارات الدعائية على المحطات الإذاعية بـ9 بالمائة بما قيمته 27.2 مليون دينار.

في المقابل تسجل الصحف الورقية هبوطاً كبيراً في هذا المجال على صفحاتها، فقد تراجعت الاستثمارات الدعائية في الصحف والوسائل الورقية المطبوعة بـ17 بالمائة العام الماضي، ولم يتعدَّ نصيبها 4.1 ملايين دينار، من بينها 2.1 مليون دينار تحصلت عليها الصحف اليومية.

نهاية عام 2020، كشفت دراسة لمؤسسة “سيغما كوانساي” انخفاض الاستثمارات الإعلانية في السوق التقليدي خلال ذلك العام بنسبة 13 بالمائة

ويعتبر الخبير الاقتصادي خالد النوري، أنّ تونس تعد من الدول المتأخرة في ركب الانتقال الرقمي، مقارنة بالعديد من الدول الأخرى التي أدمجت كلّ قطاعاتها الاقتصادية ضمن هذا التحوّل.

وقال النوري في تصريح لـ”العربي الجديد” إنّ التحوّل الرقمي في تونس ما زال بطيئاً، ما يفسّر عدم تقبّل العديد من الوسائل الإعلامية ضرورات التغيير، وبقاءها حبيسة نموذج إعلاني قديم يقوم على الدعاية عبر الطباعة.

واعتبر الخبير الاقتصادي أنّه لا يمكن الحديث عن اقتصاد في مجال الدعاية بسبب ضعف إيرادات القطاع وتشتت الإطار التشريعي الذي ينظمه والذي يعود في جزء منه إلى عام 1974 تاريخ صدور مجلة الصحافة التي نظمت الإشهار على المحامل الورقية.

وأكد النوري أنّ مجلة الاتصالات (قانون الاتصالات) لم تتطرق في فصولها إلى الإشهار الرقمي وليست لها أي سلطة لمراقبة هذا المحتويات أو النشر على الوسائل الحديثة باعتبار أنها مواقع أجنبية في حين أن ما ينشر عليها موجه للجمهور التونسي.

وأكد أنّ شركات التسويق الرقمي بدأت في مصر مثلاً في سداد ضريبة 18 بالمائة على الحملات الإعلانية المنشورة على مواقع التواصل لصالح العملاء الأجانب خارج مصر.

ويجيد التونسيون عموماً استعمال الوسائل الحديثة، إذ يستخدم 74 في المائة منهم الإنترنت، وفق دراسة حديثة.

#تونس #الفوضى #تكبد #قطاع #الدعاية #خسائر #باهظة

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد