- الإعلانات -

- الإعلانات -

جريدة المغرب | بعد أن بلغ صراع أجنحة السلطة منعرجا خطيرا: كلمات قبل الدمار !

يبدو أننا دخلنا بصفة فعلية في مرحلة كسر العظام والتدافع بالأيدي في حرب الصلاحيات..حرب لا قواعد

فيها ولا حكم، بل كرّ دون فرّ،حرب يقصد منها إبادة الخصم لا مجرد هزمه فقط ..الاستعداء المتبادل لا ينتج سوى هذا : حرب الإبادة السياسية وقطع الطريق أمام كل المناطق الرمادية ..وهذه الحرب الشاملة التي تلوح في الأفق لا تغذيها فقط رغبة أهم المتنافرين فقط بل وكذلك الجماهير الحافة بحلبة الصراع الراغبة في جلّها في رؤية الدم ولانتصار أبطالها بالضربة القاضية وبالطعنة القاتلة،اعتقادا منها أن النهاية المأساوية للعدو هي مفتاح النجاة وبداية الإنقاذ ..كلمة أولى نقولها للفرقاء المتصارعين : إن الضربات الجراحية أكذوبة كبرى،فكل حرب مهما كانت محدوديتها تحصد الأبرياء بل الأطراف المتصارعة والآثار «الجانبية» للضربات «الجراحية» لا تمّيز عادة بين الصديق والعدو ..بعبارات واضحة ومباشرة لن يولد صراع أجنحة السلطة إلا دمارا للبلاد،لاقتصادها ولسلمها الأهلية ولمناعتها الوطنية .. مرحلة الصراع هذه والتي ستطول حتما لان لا أحد يملك حسمها مهما كانت الأدوات التي بحوزته اليوم،وبطولها سيزداد الاقتصاد تراجعا والبطالة تفاقما وسنجعل من بلادنا مرتعا لكل المخابرات الإقليمية والدولية وسنفقد الحدّ الأدنى من الحفاظ على سيادتنا الوطنية..كلمة ثانية للجماهير المتحمسة للفرز الفوري والكلي ولرؤية الدم ولرائحته،ترى ما الذي ستجنيه بلادنا من هذا الصراع ؟ طرد «الخوانجية» من البلاد أو وضعهم في غياهب السجن ؟عزل رئيس الدولة وتفكيك الدولة إلى دويلات ؟ القضاء على «الثورة المضادة» ؟ هل تكمن مصلحة البلاد في أحد هذه الحلول ؟ وهل أن إقصاء عدو بعينه عملية متحكم فيها أم أنها ستنتقل من «عدو» إلى آخر لكي لا يبقى سوى التشبيه المماثل ؟كلمة إلى الأحزاب المتصارعة اليوم والتي تبشر بغد جديد مشرق على جثث خصومها وقد كان بعضهم حلفاء بعض في ماض قريب للغاية ..نقول لهذه الأحزاب : ما هو الأفق السياسي الذي تقترحونه للبلاد؟ إنّه العودة إلى الاستبداد ولكن تحت مسميات جديدة ؟ ديمقراطية «انتقائية» ينتفي منها الخصوم؟ ولكن والأهم من كل ذلك هل أنكم تتحكمون في أوراق اللعبة ؟ أم أن جلّكم حطب فيها؟ هل أنتم قادرون على قلب الأوضاع رأسا على عقب ؟ أم أنكم ستحتمون عندما تبلغ المعركة أشدها بقوة أخرى محلية أو دولية؟ ما النهاية الطبيعية لشيطنة الخصم ؟ أم أنكم من أنصار المقولة الشهيرة : اليوم خصم وغد أمر ؟ !لا يناقش أحد في سوء أوضاع البلاد وفي فشل الحكومات المتعاقبة في تحقيق الحدّ الأدنى من العيش الكريم .. ولا يناقش أحد في المساوئ الكبرى لحكم النهضة المباشر وغير المباشر على امتداد هذا العقد ..ولكن هل يكون الحلّ بالقضاء على كل شيء ؟ وبالتبشير بحكم فردي جديد نعلم بداياته ولكن لا أحد يعلم خواتيمه أم أن تجذير الديمقراطية سياسيا واجتماعيا وإعادة بناء الثقة بين كل مكونات الشعب التونسي هي وحدها الوسائل الكفيلة للخروج من الأزمة من فوق لا من أسفل ؟ !تونس تتدحرج كل يوم وبسرعة متفاقمة وهي لا تجد إلى حد الآن ما يكفي من أصوات الحكمة والعقل لإيقاف هذه الكارثة المحدقة ..كارثة زُيّنت للعديدين بأنها مخرجنا الوحيد من الأزمة ..انهض يا ابن رشد ، لقد غاب العقل في هذه البلاد.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد