- الإعلانات -

- الإعلانات -

خطة تونسية لبناء اقتصاد معدوم الكربون رغم تحدي التمويل |

تونس – تسعى تونس من خلال استراتيجية طموحة إلى الالتحاق بركب من سبقها من دول العالم، وخاصة في المنطقة العربية مثل المغرب والسعودية والإمارات صوب بناء اقتصاد معدوم الكربون، رغم صعوبات التمويل التي تعترضها في ظل الوضع الاقتصادي المتعثر.

وتعي السلطات تماما أنه لم يعد هناك متسع من الوقت لتأجيل الإصلاحات الهيكلية في اقتصاد البلاد المنهك وإعطاء نفس جديد لكافة القطاعات لتسريع دوران عجلة النمو التي تسير ببطء شديد.

ومن المتوقع أن تعلن السلطات الخميس المقبل عن تفاصيل خطتها للحدّ من آثار التغيرات المناخية، ضمن مساهمتها التي ستقدمها إلى المنصة الأممية للاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، حيث يشكل تحويل القطاعات الإنتاجية إلى اقتصاد أخضر الركن الأساسي فيها.

محمد الزمرلي: تونس قادرة على بلوغ أهدافها والعمل يجري بوتيرة سريعة

وحتى الآن لا تزال تونس متأخرة في مجال الاقتصاد الأخضر بالمنطقة المغاربية قياسا بالمغرب، على سبيل المثال، على الرغم من محاولاتها المستميتة للدخول في هذا المسار منذ عدة سنوات.

وتقترح تونس في مساهمتها، التخفيض من الكثافة الكربونية بنسبة 45 في المئة بنهاية العشرية الحالية بدل 41 في المئة التي كانت قد حددتها سابقا.

ولدى العديد من المحللين والأوساط الاقتصادية المحلية قناعة بأن تنفيذ الخطة أمر معقد لكنه ليس مستحيلا، حيث سيكون رهينا بتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص والحصول على تمويلات من المانحين الدوليين.

وتبنت البلاد منذ اتفاق باريس للمناخ وحتى قبل ذلك سياسة انتقال طاقي لرفع مساهمة الطاقات البديلة في المزيج الطاقي ولاسيما في إنتاج الكهرباء إلى نحو 30 في المئة بحلول 2030، لكنّ الأزمتين الصحية والاقتصادية التي تسببت بها الجائحة أبطأت هذه السياسة وعرقلت سيرها.

وكانت تونس قد حددت احتياجاتها من الموارد المالية بحوالي 20 مليار دولار لتنفيذ تعهداتها المتعقلة بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 41 في المئة والتأقلم مع تغيرات المناخ، ولكن حتى الآن لم تتمكن من تعبئة الدعم المالي الدولي اللازم لتنفيذ خططها.

وتعيش تونس اليوم أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها الحديث بعد الاستقلال، حيث شملت مظاهر الأزمة تسجيل أكبر نسبة انكماش غير مسبوقة العام الماضي في ظل الأزمة الصحية وتراجع جاذبية تونس للاستثمارات وخاصة الأجنبية وعجز كبير في المالية العامة إلى جانب ارتفاع مستويات البطالة والفقر.

وتريد السلطات تنفيذ مخططها الذي يستهدف كافة القطاعات الاستراتيجية دون استثناء، والذي يأتي في مقدمتها، الطاقة والصناعات المعملية والزراعة وكذلك في مجال تدوير النفايات وقطاعات أخرى.

وقال محمد الزمرلي، الذي يمثل نقطة اتصال تونس بالاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ في لقاء نظمته مؤخرا سفارة بريطانيا بتونس إن “الخطة تشمل التركيز على مجالات جديدة مثل الاقتصاد الدائري والأمن الغذائي والأمن المائي والتنمية الاجتماعية لخلق الثروة وتوفير فرص العمل”.

وبحسب مساهمة تونس، ستتركز جهود التخفيض على قطاع الطاقة الذي يمثل وحده 75 في المئة من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون المساهمة في كثافة الكربون.

تونس نحو بناء اقتصاد معدوم الكربون
تونس نحو بناء اقتصاد معدوم الكربون

وتشير التقديرات إلى أن الخطة التي تستهدف قطاع الطاقة تحديدا ستقلل من كثافة الكربون بالبلاد بنسبة 46 في المئة بحلول العام 2030.

ويرى خبراء أن قمة المناخ المرتقبة والذي تنظمها بريطانيا بالشراكة مع إيطاليا في مدينة غلاسكو الأسكتلندية في الفترة الفاصلة بين الحادي والثلاثين من أكتوبر وإلى غاية الثاني عشر من نوفمبر المقبلين فرصة لتفعيل الدبلوماسية المناخية وللقاء المانحين وتسويق مشاريع محلية لتحقيق أهداف البلاد الطموحة.

ونسبت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إلى الزمرلي المكلف بملف المناخ بوزارة البيئة، قوله إن تونس “قادرة على الوصول إلى أهدافها بشأن تخفيض الكثافة الكربونية وأن العمل على ذلك يجري بوتيرة متسارعة”. وأشار إلى أن البعثة التونسية ستنظم على هامش مؤتمر غلاسكو، لقاء جانبيا حول مسألة الحياد الكربوني.

ويعني الحياد الكربوني الحصول على بصمة “صفر كربون” في العديد من القطاعات الاقتصادية عبر الحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبط مثلا بالنقل وبإنتاج الطاقة والعمليات الصناعية، وأيضا من خلال إنتاج الوقود الخالي من الكربون.

مليار دولار احتياجات تونس لتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 41 في المئة

وشرعت تونس في 2014 في إعداد استراتيجية للاقتصاد الأخضر وتم تحديد الأنشطة التي من شأنها التأسيس للتحول إلى هذا النموذج الاقتصادي الجديد بصفة تدريجية، إلى جانب بلورة التوجهات الاستراتيجية وإعداد مخطط العمل المزمع انتهاجه للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر.

وتهدف الاستراتيجية إلى تطوير القطاعات الاقتصادية الراهنة وتركيز أنشطة جديدة صديقة للبيئة في مجالات تتقدمها الزراعة البيولوجية والسياحة والبناءات الخضراء والنقل المستدام والبنية الأساسية المستدامة والاتجاه نحو اعتماد الطاقات البديلة لإنتاج الكهرباء وغيرها.

وترتكز كل تلك الأنشطة أساسا على الخيارات القائمة على التحولات التكنولوجية بما يقلص من نسب التلوث والتبعية الطاقية والغذائية ويحمي البيئة ويسهم في النمو الاقتصادي الشامل والمتوازن مع دعم سوق العمل.

ويعد إنعاش سوق العمل من أهم التحديات التي تواجه تونس، حيث أظهرت بيانات معهد الإحصاء شبه استقرار في نسبة البطالة في الربع الثاني للعام الحالي عند مستوى 17.9 في المئة مقارنة مع 17.8 في المئة في الربع الأول من إجمالي تعداد سكان يبلغ نحو 11.7 مليون نسمة.

ورغم غياب أرقام واضحة تقيم نسبة تنفيذ الأهداف المرسومة سابقا ورغم صعوبة الوضع الاقتصادي، فإن البلاد تبدو ماضية قدما في وضع استراتيجياتها وفي “دبلوماسيتها المناخية” وفي تعزيز شراكاتها الإقليمية والدولية للاستفادة من كل الإجراءات، على الصعيد الدولي، التي تهم ظاهرة الاحتباس الحراري.

#خطة #تونسية #لبناء #اقتصاد #معدوم #الكربون #رغم #تحدي #التمويل

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد