- الإعلانات -
دهشور والفيوم وكفر الشيخ.. الريف المصري يتحول إلى للسيّاح

مشكلات عديدة لا تزال تواجه السياحة الخضراء في مصر، منها أن المناطق الريفية ليست مهيأة للإقامة الطويلة، ولا يوجد فيها فنادق باستثناء قرية تونس في الفيوم، كما أن الترويج لها ليس كافياً.
“سياحة الريف”.. تريند جديد للسياحة الخضراء في مصر
“قطعة من الجنة”، هكذا وصفت الفتاة الكندية ماري لاتيلا مدينة دهشور المصرية، التي تبعد عن القاهرة 35 كم جنوباً. لاتيلا التي وقعت في حب تلك المنطقة الريفية وزارتها 4 مرات حتى الآن.
تطلق ماري لاتيلا على حسابها في انستغرام اسم “Queen Of Giza” أي ملكة الجيزة، ويمتلئ حسابها بصور تذكارية ومقاطع فيديو لها أغلبها في منطقة دهشور التي أحبّتها بشكل كبير منذ قرّرت الانتقال للعيش في مصر عام 2019.
سياحة في الريف المصري
قبل أعوام لم يكن متعارف أن تكون المناطق الريفية في مصر مزاراً سياحياً، فالمناطق الأثرية التي تحتوي آثاراً قبطية وفرعونية وإسلامية تجذب السياح بشكل أكبر، تليها الشواطئ مثل سيناء، أو السياحة لغرض العلاج مثل الدفن في الرمال أو الملح في سيوة.
لكن ظهرت على استحياء سياحة في عدد من المناطق التي يشتهر أهلها بالزراعة والرعي مثل دهشور والفيوم وكفر الشيخ ورشيد، ونجحت في جذب سياح مصريين وعرب وأجانب، مثل ماري لاتيلا التي وقعت في حب دهشور التي أعلنتها اليونسكو عام 2011 كمحمية تراثية عالمية. هي مدينة بسيطة ستشعر فيها كأنك عدت بالزمن إلى الوراء، تحديداً قبل أكثر من 4500 عام، حيث أهرامات دهشور بألوانها المميزة خاصة الهرم الأحمر.
خالد القزاز مسؤول في مبادرة “دهشور توداي Dahshur Today”، يقول إن القرية مليئة بالجو الريفي البسيط البعيد عن صخب الحياة في المدن الكبرى، فلا ضجيج ولا أبواق سيارات ولا عوادم تسد الأنوف وتملأ الجو، وزيارتها ستجعل القاصدين يندمجون مع الطبيعة.
في الريف المصري يمكن للزائر أن يسمع أصوات الكناريا والكروان ويستنشق هواءً نقياً بلا ملوّثات، ويتناول طعاماً صحياً من خير الطبيعة اعتاد المصريون القدماء على تناوله وطهوه منذ آلاف السنين، مثل الفطير المشلتت والذي سُمي قديماً “الملتوت” وقُدّم كقربان للآلهة، والجبن القريش الذي عمره أكثر من 3 آلاف عام، وأكلات أخرى مصرية وأصيلة مثل المحشي والملوخية والبط المحمّر وغيرها.
أهرامات في دهشور
داي يوز في الغيط
يعتمد برنامج الزيارة وفقاً للقزاز، على عدة أنشطة، منها المشاركة في خبز الرقاق والخبز المصري والفطير، وصناعة السلال من الخوص، والتجوّل داخل الأراضي الزراعية، وركوب الحمير أو الخيل، وإطعام المواشي والدواجن وحلب الأبقار، وتناول الطعام الذي يكون أحياناً بتنفيذ مبادرة “نوايا” الهادفة لحماية تراث الطعام المصري من الاندثار.
يقول خالد القزاز لـلميادين. نت إن المبادرة بدأت في عام 2017 وكانت تستهدف السائحين الأجانب قبل أن تستهدف المصريين والعرب بعد جائحة كورونا، حيث إن دهشور منطقة جاذبة للسياح لزيارة آثارها، لكن لم يكن يستفيد المجتمع المحلي من وجودهم ففكّروا في الترويج لمنطقتهم الزراعية منذ عام 2011 ونشروا صوراً للطبيعة فيها.
تفاجأ القزاز أنه حتى المصريين الذين ولدوا وعاشوا في الريف كانوا أيضاً من زوّاره، كما أنهم صمّموا برنامجاً للاحتكاك بالمجتمع المحلي وتعلّم طهو بعض الأكلات.
تغيّر برنامج الزيارة على مدار السنين وأضاف إليه القيّمين إليه بعض التعديلات، ما ساهم في زيادة فرص العمل داخل المنطقة، وذلك بعد طلب السيّاح للهدايا والقطع الرمزية الخاصة بدهشور، فاستغل العاملون في القرية وجود نبات الحلفا وصنعوا منه مشغولات يدوية. بدأوا مشروعهم بعشر سيدات ثم وصلوا إلى أكثر من 150 سيدة تقوم بصناعة مشغولات من الحلفا.
الطريف أنهم اكتشفوا أن المتحف المصري يعرض صندلاً مصنوعاً من الحلفا عمره 3500 عام وكان مصنوعاً في منطقة دهشور، الأمر الذي جعلهم يعقدون بروتوكولاً مع وزارة السياحة والآثار لعمل محاضرات حول فكرة إحياء التراث وصنع منتجات عصرية منها. كذلك بروتوكولات مع الاتحاد الأوروبي لدعم السياحة الريفية الداخلية.
ووفقاً لدراسة صادرة عن كلية التخطيط العمراني في جامعة القاهرة عام 2018، فإن فكرة السياحة الريفية بدأت تجذب الاهتمام عالمياً منذ عام 2003 بعد أن لاحظت منظمة السياحة العالمية اتجاهات السياح، والتي كشفت عن الحاجة إلى الهرب من صخب المدينة، مع كل مشاكلها إلى هدوء الطبيعة، وأكدته الجمعية الدولية للسياحة البيئية في تقريرها عام 2006، وشهدت زيادة سنوية تتراوح بين 20 و34%، مقارنة بـ7% للسياحة التقليدية.
لكن مشكلات عديدة لا تزال تواجه هذا النوع من السياحة، منها أن المناطق الريفية ليست مهيأة للإقامة الطويلة، فهي تعتمد على استضافة الزوار في بيوت السكان المحليين، ولا يوجد فيها فنادق باستثناء قرية تونس في الفيوم، كما أن الترويج لها ليس كافياً.
كذلك وجود بعض المشاريع الاستثمارية التي تنافس تلك الأصيلة، بعضها ليس داخل نطاق الريف من الأساس مثل طريق مصر- إسكندرية الصحراوي.
فيما أكد وزير السياحة المصري أحمد عيسى، في وقت سابق أنّ حركة السياحة الوافدة إلى مصر في شهري كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2023، شهدت نمواً بنسبة 35%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مضيفاً أن مصر استقبلت 11.7 مليون سائح في عام 2022.
- الإعلانات -
الريف المصري
موسم جني الثمار
يستمتع زوّار المكان بالمشاركة في قطف الثمار، برغم أن انتقادات عديدة توجّه عبر منصات التواصل الاجتماعي لهذا النوع من الفاعليات، مثل فاعلية “يوم لجمع القطن- يوم لجمع الياسمين- يوم لجمع البلح”، يقولون إنها وظيفة شخص آخر يتقاضى عليها لكن لماذا يدفع الزائر لعمل ذلك؟ فيجيب القزاز بأن مساهمة الزائر بسيطة في عملية الجمع ولا يقوم بها لساعات طويلة.
ماري لاتيلا هي إحدى زوّار دهشور، قالت لـلميادين نت إنها كانت تتابع عبر إنستغرام صور دهشور التي كان ينشرها القزاز عبر حسابه الخاص، وبحسب قولها: “وقعت في حب المزرعة فوراً. هي قطعة من الجنة”، وزارتها 4 مرات وكلما جاءها صديق تحضره فوراً إليها وجميعهم أحبوها.
وتضيف لاتيلا أن الفارق بين الريف في مصر وبلدها هو دفء السكان المحليين خاصة خالد المتفاني في مزرعة عائلته، والزراعة المستدامة والسياحة البيئية، أما الزراعة في كندا والولايات المتحدة فهي تختلف عن مصر، لأن “دهشور اليوم” هي مزرعة عائلية. عادة في الولايات المتحدة، تدار المزارع بشكل أكبر كشركات تجارية عادية، أو من قبل مجموعات عمالية.
وتابعت أن مزارع دهشور تتمتع بإحساس عائلي حقيقي، حيث يتم إعداد الوجبات من قبل النساء والأب وأبناء العم في الحقول، وهو أمر مريح للغاية.
موسم جني البلح
أما عن الأنشطة التي مارستها، فتناولت الطعام المحلي وشاهدت حصاد البلح وطريقة إعداد الخبز، وركبت التوك توك وتمشت في الطبيعة.
آية منير، أيضاً، شابة مصرية، اشتركت في عدة فاعليات، منها حصاد البلح في أيلول/سبتمبر الماضي في دهشور، ورغم حرارة الجو وقتها إلا أنها استمتعت بالرحلة والتي بدأت بالإفطار الفلاحي ثم بالمشي داخل الغيطان.
آية ابنة ريف بالأساس فهي تنتمي لمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وكانت تستمتع وهي صغيرة بزيارة ريف مدينتها وتشاهد جدها وأقاربها، حتى وهي تقيم حالياً في القاهرة لكنها لا تزال تعتمد على المنتجات الريفية سواء الغذائية أو الصناعية، وتعتبر هذه الرحلات بمثابة تجديد الحنين لطفولتها، لذلك لم يكن الأمر جديداً عليها، لكن الجديد كان أن تزور الريف كسائحة وشاهدت وقتها سحر الطبيعة في تدرّج ألوان البلح على الأرض.
كما استمتعت بتجربة الخَبز في أفران قديمة يصنعها الفلاحون من الطمي، وسط جو يعمّه الغناء والبهجة مع الفلاحات في دهشور، كما تعلّمت صناعة مشغولات يدوية بسعف النخيل.
ليست دهشور فحسب، فقد كرّرت آية الزيارة لقرية تونس في محافظة الفيوم، واستمتعت بالطبيعة وتعرّفت إلى أناس تركوا حياة المدينة واستقرّوا وسط الطبيعة.
#دهشور #والفيوم #وكفر #الشيخ. #الريف #المصري #يتحول #إلى #للسياح
تابعوا Tunisactus على Google News
- الإعلانات -
