رياض الشعيبي: لا صفقة سياسية بين سعيّد والغنّوشي واستقالة المشيشي لن تحل مشاكل تونس

منذ ساعتين

حجم الخط

تونس – «القدس العربي»: نفى رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة التونسية، وجود “صفقة سياسية” بين رئيسي الجمهوري والبرلمان، مشيراً إلى أن اللقاء يهدف لإذابة الجليد الذي أصاب العلاقة بينهما منذ ستة أشهر، كما جدد دعم الحركة لرئيس الحكومة هشام المشيشي، معتبراً أنه لا فائدة للتونسيين في استقالة حكومته، لكنه حمل -في المقابل- الرئيس قيس سعيد مسؤولية “التعطيل الممنهج” لعمل الحكومة بسبب رفضه للوزراء الجدد.ونفى، من جهة أخرى، وجود نية للحركة في التحالف مع الحزب الدستوري الحر الذي ترأسه البرلمانية المثيرة للجدل عبير موسي، مشيراً إلى أن “التهالك الأخلاقي والسياسي” لحزب موسي يمنع هذا التحالف، كما فند ما ذكرته بعض الأطراف حول ممارسة حركة النهضة “ضغوطاً” على القضاء لإطلاق سراح نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس، داعياً إلى إبعاد القضاء عن الصراع السياسي والإعلامي.وقال د. رياض الشعيبي، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “جاء لقاء الأستاذ راشد الغنوشي مع رئيس الدولة بهدف إذابة الجليد الذي أصاب العلاقة بينهما طوال حوالي ستة أشهر، ولتجاوز سوء الفهم الذي يمكن أن يكون قد حدث حول أهم الملفات الوطنية المطروحة على البلاد في هذه المرحلة. وفي إشارة لتمسك حركة النهضة بالحوار أسلوباً لحل كل الخلافات السياسية، وتجنباً لكل ما يمكن أن يشوش على هذا التمشي، فقد أجل الأستاذ راشد الغنوشي حواره الإعلامي كما تبنت كتلة حركة النهضة مقترحاً لتأجيل الجلسة البرلمانية العامة التي كان من المفترض أن تناقش سبل الرد على رفض رئيس الدولة ختماً على تنقيح القانون الأساسي الخاص بالمحكمة الدستورية وامتناعه عن اتمام التحوير الوزاري الذي صادق عليه المجلس منذ مدة طويلة”.وأضاف: “ربما ليس المأمول اليوم الوصول إلى توافق بين الأغلبية البرلمانية ورئيس الدولة، لكن ذلك لا يغني عن تشجيع أي مبادرة للحوار وخاصة بين مؤسسات الدولة السيادية؛ والموجه في ذلك هو الدعوة لاحترام القانون وعدم إخلال أي مؤسسة بواجباتها حتى لا تتعطل دواليب الدولة ويستمر المرفق العام”.وأوضح أكثر بقوله: “إذن، كان هذا اللقاء مناسبة لاستعادة الانسجام بين مؤسسات الدولة ولرفع أي التباس وللتمييز بين ما يحمله رئيس الجمهورية من قناعات شخصية يمكن أن يعبر عنها ضمن ما يمنحه الدستور من صلاحيات وبين إتمام الواجبات التي يفرضها القانون على الجميع. البلاد تمر بظرفية صحية واقتصادية خطيرة ومن واجب الجميع إعطاء الأولوية لهذه المخاطر وتأجيل الصراع السياسي والدستوري وخاصة بين مؤسسات الدولة العليا، كما أن القانون هو الحكم في كل خلاف بين مؤسسات الدولة وواجب على الجميع احترامه وإتمام واجباتنا وفقاً لما يفرضه علينا جميعاً، وعلى رأس تلك الواجبات المنوطة برئيس الجمهورية ختم قانون المحكمة الدستورية وإتمام التحوير الوزاري؛ تلك كانت أهم الرسائل التي ذهب بها الأستاذ راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب ورئيس حركة النهضة لرئيس الدولة”. وأثار لقاء سعيد والغنوشي جدلاً سياسياً كبيراً دفع بعض الأطراف للحديث عن “صفقة سياسية” بين الطرفين، تفضي أساساً إلى التخلي عن رئيس الحكومة هشام المشيشي واختيار شخصية أخرى تختارها النهضة أو الرئيس لتشكيل حكومة سياسية.وعلق الشعيبي على ذلك بقوله: “ليس هناك أية صفقة سياسية مع رئيس الجمهورية، ولا يمكن أن يحصل أي تفاهم على حساب الدستور والقانون وإلا تحول العمل السياسي إلى عبث وعشوائية. نحن لدينا حكومة تشتغل في ظروف صعبة، وتعاني من مشاكل ككل الحكومات في العالم في مواجهة هذه الجائحة؛ لا شك يمكن تحسين أدائها والرفع من مستوى تجاوبها مع الأزمة الحالية، لكن لا فائدة للتونسيين في تغيير رئيسها السيد هشام المشيشي. وربما تكون أول خطوة لهذا التحسين للأداء الحكومي في إتمام اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية لـ11 وزيراً وقع المصادقة عليهم داخل مجلس النواب ولم يتسلموا مهامهم بسبب هذا التعطيل الممنهج. لذلك إذا كانت الحكومة تواجه صعوبات إضافية في عملها فلا شك أن عدم اشتغالها بكل فريقها أحد الأسباب الرئيسية لذلك؛ وللأسف رئيس الدولة وحده من يتحمل المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية عن هذا التعطيل إلى حد الآن”. واستدرك بقوله: “طبعاً، هذا الأمر لا يتعارض مع التحسين المستمر لتركيبة الحكومة كلما بدا خلل في الأداء هنا أو هناك. وحركة النهضة تدعم اليوم -ضمن حزام سياسي- حكومة هشام المشيشي وهي بسبب ذلك تتحمل مسؤولية سياسية عن أدائها نجاحاً أم فشلاً، وهو ما يمنحها الحق في المشاركة في تحديد سياساتها الاقتصادية والصحية وأن تساهم في تنزيل هذه السياسات، وهذا ضمن خطوات متتالية لتحسين أدائها في إدارة ملفاتها الكبرى خاصة”.وفيم يتعلق بخطاب “التهدئة” الذي اعتمده الغنوشي عقب اللقاء، مقابل مواصلة سعيد لخطابه السياسي “الحاد” ضد خصومه، قال الشعيبي: “طبعاً، من مصلحة الجميع نجاح محاولات فتح قنوات الحوار مع رئيس الدولة، لأن الوضع في البلاد لا يحتمل مزيداً من التعطيل. وللأسف هناك محاولات لصب الزيت على النار وتأجيج الخلاف سواء من خلال التحريض الإعلامي وتحميل عبارات النقد السياسي المتاح شحنة مبالغ فيها من الضغينة والتوتر، وهنا نلاحظ تحول بعض وسائل الإعلام إلى أدوات للشحن والتحريض وتحميل هذا التصريح أو ذاك فوق ما يحتمل من تأويل مغرض. ثم أيضاً بالنظر إلى أن بعض الأطراف السياسية تستفيد من الأزمة الحالية ولا ترغب في حلها، رغم كلفتها الباهظة على حساب المصالح العليا للدولة. لذلك جاء بلاغ مكتب رئيس الحركة للدعوة للتهدئة بما يسمح باستمرار الحوار وبما يشجع على التقدم فيه”.وأضاف: “إن رئيس الدولة حافظ على نسق خطابه نفسه مغتنماً كل فرصة للتهجم وتجريح كل الطبقة السياسية ومؤسسة البرلمان خاصة. عموماً نأمل أن نستطيع أن ننجح في سياسة التهدئة واستعادة الثقة لأن لا حل آخر خارج قيم التعايش والعمل المشترك رغماً عن كل الاختلافات”.وكان حديث الشعيبي قبل أيام عن إمكانية “التحالف” مع الحزب الدستوري الحر “إذا اقتضت مصلحة البلاد ذلك”، أثار جدلاً سياسياً كبيراً، دفع البعض لاتهام حركة النهضة بـ”الانقلاب” على مبادئ الثورة التي يرفض الدستوري الحر الاعتراف بها.وأوضح هذا الأمر بقوله: “أولاً، لم يكن ذاك التصريح إلا للتعبير عن قبول النهضة بالتعايش مع الجميع بعيداً عن كل دعوات الإقصاء. وأن المحدد في موقفها ليس الموقف الأيديولوجي أو الأغراض الشخصية، إنما مصلحة تونس وتقدمها وازدهارها. ثانياً، كان ذاك الحديث مبنياً على فرضيات أولها المصلحة الوطنية وثانيها الالتقاء حول خيارات سياسية واقتصادية مشتركة وثالثها الالتزام بالقيم الديمقراطية. وهي القاعدة العامة لأي تحالف يمكن أن تدخله النهضة”.وأضاف: “ثالثاً وواقعياً، فواضح وبيّن الآن التهالك الأخلاقي والسياسي للحزب الدستوري الحر، الأمر الذي يمتنع معه تحقق تلك الشروط ما يفضي واقعياً لاستحالة حصول هذا التحالف. لذلك كان موقفي مبنياً على فرضيات وقواعد عامة لا يتحقق أي تحالف إلا بتحقق تلك القواعد”.وحول اتهام الحركة بممارسة الضغوط على القضاء لإطلاق سراح رئيس قلب تونس، نبيل القروي، قال الشعيبي: “الحركة ليس لها أي تدخل في القضاء ولم تمارس عليه أي ضغط في هذا الخصوص. وإن التشكيك في المؤسسة القضائية على هذا النحو يضعف ديمقراطيتنا ويهز الثقة في مؤسساتها. لذلك لا يجب حشر هذه المؤسسة المستقلة في الصراع السياسي والإعلامي”.وكان محمد عبو، الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، اتهم حركة النهضة باتباع أسلوب حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي عبر السيطرة على وزارة الداخلية والقضاء، فضلاً عن “الإثراء غير المشروع” والتسبب في “إفساد الأخلاق وانتشار الإلحاد في تونس”.وعلق الشعيبي على تصريحات عبّو بقوله: “المشكل أن محمد عبو لم يميز بين الهزيمة السياسية التي هي من جوهر المنافسة الديمقراطية وبين المسؤولية القانونية عن جرائم مفترضة. فكل الاتهامات التي يسوقها ضد حركة النهضة لم يستطع إلى حد الآن تقديم دليل واحد على جديتها”.وأضاف: “من جهة ثانية، حاول التيار الديمقراطي تلافي هزيمته في الانتخابات التشريعية وعدم حصول محمد عبو على عدد محترم من الأصوات في الرئاسيات، حاول تلافي هذه النتائج المتواضعة من خلال المشاركة في الحكومة. لكنه وجد نفسه مرتهناً لرئيس حكومة يواجه شبهات حقيقية وغير قادر على تحقيق الوفاق السياسي. حقيقة من المؤسف أن يبلغ اليأس بناشط سياسي إلى الحد الذي يجعله يتنكر لما يؤمن به من قيم دستورية، وأن يدعو للذهاب لإجراءات استثنائية فقط من أجل تصفية خصومه السياسيين”.

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد