صفية العمري: الجمهور ليس مهتماً بالفن… ومصطلح «السينما النظيفة» مُهين

انطلاق «المهرجان الدولي للفيلم» بمراكش: تكريم ميكلسن وعرض «قاتل مستأجر»

انطلقت (الجمعة) في مراكش، فعاليات الدورة الـ20 لـ«المهرجان الدولي للفيلم»، بتكريم الممثل الدنماركي مادس ميكلسن، وعرض الفيلم الأميركي «قاتل مستأجر» لريتشارد لينكلاتر.
جرى الافتتاح وسط غياب المظاهر الاحتفالية التي طبعت الدورات السابقة لهذه التظاهرة الفنية التي أبصرت النور عام 2001، في مبادرة شكلت، حينذاك، حدثاً في تاريخ السينما المغربية، وهدفت إلى الارتقاء بالأعمال السينمائية الجيدة، والمساهمة في رفع المستوى الفني للسينما العالمية، وتطوير الصناعة السينمائية في المغرب، مع الترويج لصورته عبر العالم.
دورة «هادئة وأكثر رصانة» أقامها المهرجان هذا العام (الجهة المنظّمة)
وكانت إدارة المهرجان ألغت، قبيل انطلاق الدورة، فقرة «عروض ساحة جامع الفنا»، التي شكلت على مدى الدورات السابقة لحظة متعة حقيقية، من خلال برمجة أفلام حظيت بمتابعة كبيرة، بحضور صنّاعها. ولم تخرج ببيان يشرح سبب الحدّ الكبير للمظاهر الاحتفالية، وإلغاء السجاد الأحمر في الافتتاح، في وقت ربطت تقارير إعلامية ذلك بالأحداث المأساوية التي تشهدها غزة، إلى الزلزال الذي ضرب الأطلس الكبير، مع نقل تصريحات لمسؤولين في الإدارة عن إقامة دورة «هادئة وأكثر رصانة»، يجري خلالها «التخلّي عن كل الاحتفاليات».
وكتب رئيس مؤسسة المهرجان الأمير مولاي رشيد، في كلمة تقديمية للدورة، أنّ «عودته تتطلّب منا تذكُّر ضحايا الكارثة المأساوية الطبيعية التي ضربت المغرب قبل أكثر من شهرين». وأضاف: «في عالم تتوالى فيه الكوارث والتوترات، تقف السينما معقلاً شامخاً للسلام، يسعى إلى التقارب بين الثقافات واكتشاف الآخر»، مشيراً إلى أنّ «مهرجان مراكش» يعمل على «تخليد هذا التقليد، فيصبح كل عرض ولقاء دعوة للتعرّف إلى الآخر، ومناسبة لإذكاء روح التعاطف وتقاسم الخبرات والمعارف».
وتحدّث رشيد عن تميّز دورة هذه السنة بوجود مهنيين مرموقين يواصلون بمواهبهم كتابة تاريخ السينما، مشيراً إلى تكريم شخصيتين استثنائيتين: مادس ميكلسن، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي. كما تحدّث عن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية المؤلَّفة من أسماء عالمية، برئاسة الأميركية جيسيكا شاستين، بينما تحضر شخصيات مشهود لها بالتميّز في عالم الفن السابع، ضمن فقرة «حوار مع».
جرى الافتتاح وسط غياب المظاهر الاحتفالية التي طبعت الدورات السابقة (الجهة المنظّمة)
فن التغيير الإيجابي
انطلق الافتتاح بصور ومَشاهد تستحضر «زلزال الأطلس الكبير»، والفعل التضامني الذي عبَّر عنه المغاربة مع المتضرّرين. كما استُعرِض برنامج الدورة، مع قائمة الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، قبل تقديم لجنة التحكيم، التي تضمّ، إلى رئيستها؛ الممثلة الإيرانية زَر أمير، والممثلة الفرنسية كامي كوتان، والممثل والمخرج الأسترالي جويل إدجيرتون، والمخرجة البريطانية جوانا هوك، والمخرجة الأميركية دي ريس، والمخرج السويدي المصري طارق صالح، والممثل السويدي ألكسندر سكارسجارد، والكاتبة الفرنسية – المغربية ليلى سليماني.
في السياق، شكرت شاستين الملك محمد السادس وشقيقه الأمير مولاي رشيد، كما شكرت مستشارة رئيس مؤسسة المهرجان ميليتا توسكان دي بلانتيي «للقدرة على المضي قدماً». وقالت إنه، على مر التاريخ، استُخدِم الفن وسيلة للتواصل وزيادة الوعي حول القضايا الاجتماعية، وللتأثير من أجل التغيير الإيجابي.
انطلقت الدورة الـ20 لـ«المهرجان الدولي للفيلم» بتكريم الدنماركي مادس ميكلسن (الجهة المنظّمة)
ميكلسن… الموهوب
من جهته، عبَّر الممثل الأميركي ويليم دافو عن سعادته بتقديم نجمة التكريم لميكلسن، الذي قال عنه إنه «ممثل متعدّد المواهب، يضفي العمق والذكاء بلمسته على الأدوار». وأضاف: «مادس الذي قال مرة: (يدهشني الأشخاص الذين يقومون بأشياء غير مفهومة)، له حضور قوي، ووجه لا مثيل له وصوت عميق، تعرّف إليه عشاق السينما في أفلام عدة، مثل (جيمس بوند)، و(حرب النجوم)، و(مارفل)، و(هاري بوتر)، و(إنديانا جونز)، بالإضافة إلى دور البطولة في سلسلة (هانيبال). ومع ذلك، ظلَّ مخلصاً لسينما المؤلّفين الدولية والأوروبية».
وتحدّث دافو عن علاقته بميكلسن: «عملنا معاً مدة وجيزة في فيلم (بوابة الخلود) لجوليان شنابل. قبوله لدور في مشهد واحد، صُوِّر في يوم، دليل على تواضعه وكرمه. كان المشهد محادثة بين قسٍّ وفنسنت فان غوخ؛ كُتِب بشكل جميل، إلا أنه كان من الممكن أن يتحوّل إلى جدال لفظي. حاور مادس، بعطف وبروح الدعابة، القسّ الذي كان يحاوره، مما حسّن المشهد. كان شريكاً مرحاً بتشخيصه الطبيعي للأدوار، وسيظلّ ذلك اليوم ذكرى جميلة بالنسبة إليّ».
مادس ميكلسن يتسلّم «النجمة الذهبية» من ويليم دافو (الجهة المنظّمة)
من جهته، شكر ميكلسن الملك محمد السادس والأمير رشيد: «شكراً لاستضافتي في بلدكم الجميل، ومدينتكم البديعة، ومهرجانكم الرائع».
وأضاف: «زرتُ مراكش قبل سنوات بمناسبة تكريم خصّه المهرجان للسينما الإسكندنافية. هنا، قابلتُ للمرة الأولى بطلاً من أبطالي من عالم السينما، صنع روائع لا حصر لها، غيّرت إحداها رؤيتي إلى الأبد عن الأفلام والشخصيات وعلاقتها بالمتلقّي. كنت في الثامنة عشرة عندما شاهدتُ فيلم (سائق التاكسي)، وكنت في الخمسين عندما قابلتُ مخرجه مارتن سكورسيزي. رافقني الفيلم منذ ذلك الحين. ثم قابلت سكورسيزي، وبدا بالضبط كما توقّعت لقاءه. لكل هذا، سأبقى ممتناً للمهرجان الذي كرَّم مؤخراً بطلي الآخر من الفيلم عينه، روبرت دنيرو. كنت أشاهد أفلامه لساعات من دون انقطاع، وتخطّى ذلك الإعجاب. حينذاك نسيتُ أمري، وأنّ الرجل ممثل على الشاشة. دنيرو يجعلنا ننسى أننا نشاهد فيلماً».
لجنة التحكيم المؤلَّفة من أسماء عالمية برئاسة الأميركية جيسيكا شاستين (الجهة المنظّمة)
ثم تحدّث ميكلسن عن علاقته بدافو: «عندما كنتُ شاباً، شاهدتُ إنتاجاً مسرحياً تجريبياً أتى أصحابه من أميركا إلى دولتنا الصغيرة، الدنمارك. لم تراودني آنذاك أحلام بأن أكون ممثلاً. لكنني ذهبت، لرغبتي في رؤية هذا الممثل الذي كان سطع نجمه، وأصبح أكثر الشخصيات جنوناً وإثارة في الأفلام الشهيرة. تابعته في ذلك اليوم بكوبنهاغن، وأصبتُ بالانبهار. قبل 5 سنوات عملتُ معه، فانبهرتُ ثانية. اليوم، وفي هذه الليلة بمراكش، يتحدّث عني بكلمات مؤثرة. ليس بوسعي إلا التأثُّر، خصوصاً أنني كنتُ شاباً من كوبنهاغن لم يحلم بالتمثيل، ومع ذلك كان لديه أبطال شاهدهم مراراً، فأدخلوه في عوالم القصص الإنسانية. المهرجان منحني فرصة مقابلة أبطالي ومشاركتهم خشبة المسرح».
إدارة المهرجان ألغت فقرة «عروض ساحة جامع الفنا» (الجهة المنظّمة)
«قاتل مستأجر»
ثم كان الموعد مع عرض فيلم الافتتاح، «قاتل مستأجر» (2023)، وهو مزيج الحركة بالكوميديا الرومانسية بإيقاع سريع لريتشارد لينكلاتر، وبطولة كلين باول، يُنتظر أن يكون واحداً من أكبر النجاحات السينمائية في نهاية السنة. تدور أحداثه حول ضابط شرطة من مدينة هيوستن، بموهبة غير عادية في تلبُّس شخصيات مختلفة. يغامر بدخوله منطقة مشبوهة، فيستسلم لسحر امرأة جميلة بنزعة إجرامية، لتتمخض عن علاقتهما الحميمية مواقف تنطوي على مخاطر تتزايد حدّتها.
برمجة غنية
برمج المنظّمون في الدورة المستمرة 9 أيام، 75 فيلماً من 36 دولة، موزّعة على فقرات «العروض الاحتفالية»، و«العروض الخاصة»، و«القارة الحادية عشرة»، و«بانوراما السينما المغربية»، و«عروض الأفلام للجمهور الناشئ»، و«التكريمات»، فضلاً عن «المسابقة الرسمية»، التي تتوزّع جوائزها بين «الجائزة الكبرى»، بمنحة مالية تناهز 50 ألف دولار يتقاسمها المخرج والمنتج، و«جائزة لجنة التحكيم»، و«جائزة الإخراج»، و«جائزة أفضل دور نسائي» و«جائزة أفضل دور رجالي»، تتنافس عليها 10 أفلام هي الأولى لمخرجيها، و8 من توقيع مخرجات سينمائيات.
حوار سينمائي
إلى برنامج العروض السينمائية، تُقدّم فقرة «حوار مع…» فرصة لقاء أهم الأسماء في السينما العالمية، من خلال استضافة 11 شخصية تخوض نقاش الممارسة المهنية، والتجارب. تضم القائمة: المخرجة اليابانية نعومي كاواسي، والممثل الدنماركي مادس ميكلسن، والممثل والمخرج الأميركي – الدنماركي فيجو مورتنسن، والممثلة الأسكوتلندية تيلدا سوينتون، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي أندري زفياجينتسيف، والممثل والمخرج الأسترالي سيمون بيكر، والممثل والمخرج الأميركي مات ديلون، والمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، والمخرج الفرنسي برتراند بونيلو، والممثل الأميركي ويليم دافو، والمخرج والمنتج الهندي أنوراغ كاشياب.

#صفية #العمري #الجمهور #ليس #مهتما #بالفن.. #ومصطلح #السينما #النظيفة #مهين

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد