ضحايا “ثورة الياسمين”.. جرح تونس الذي لم يندمل بعد

خرج شباب تونسيون الشهر الماضي للاحتفاء بذكرى اندلاع انتفاضة 2011 التي أسقطت نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وكان من بين المحتجين، رجال ونساء، بعضهم على كراس متحركة، والآخر يحمل رجله الاصطناعية كشاهد على آثار “ثورة الياسمين” التي كانت شعلة الثورات العربية الأخرى.

ورغم أن السنوات التي انقضت منذ ثورة 2011 قلصت من حجم التجمعات الاحتجاجية، لكنها لم تقلل من إلحاح مطلبهم، وهو أن تعترف تونس بالقتلى أو المصابين في تلك الانتفاضة من خلال نشر قائمة رسمية.

الربيع العربي بعد عشرة أعوام

قبل عشر سنوات/ 2011، وفي مثل هذا اليوم 25 يناير، كنت أطلب من صديقي أن يأخذني إلى مطار الرياض؛ من أجل العودة إلى مدينة الإسكندرية التي كان قد مضى على استقراري فيها قرابة أربعة أشهر؛ بعد أن جعلتها على خط عودتي من بريطانيا خريف 2010. في ذلك الخريف الحَالِم بهدوئه المريب، جرت الرياح بما اشتهت السفن؛ وقليلا ما تفعل.

صحيفة واشنطن بوست، نقلت مأساة وليد كسراوي، 31 عامًا، الذي كان من بين المتظاهرين  الذين أطلقوا شرارة الانتفاضة، في ديسمبر عام 2010، والتي أدت لاندلاع الثورة الشعبية العارمة التي استمرت حتى فبراير من سنة 2011 .

وليد الذي أضحى مبتور القدم قال إن  العقد الماضي نقله من حلقة قاتمة من الاحتجاج والفقر والألم، إلى صراع مرير للعثور على عمل “وعشرين عملية جراحية وبتر” ساقه.

وحاول العشرات من الأشخاص الذي أصيبوا خلال الاضطرابات وأفراد من عائلاتهم خرق حظر التجول الذي فرضته السلطات بسبب وباء كورونا، والتجمع في شارع الحبيب بورقيبة، لكن قوات الأمن منعتهم من ذلك.

ويطالب جرحى الثورة منذ عشر سنوات بإدراج أسمائهم بشكل رسمي في الجريدة الرسمية كاعتراف من الدولة بما قدموه للثورة، والحصول على التعويضات المترتبة على ذلك.

وردد المحتجون “هذا حجْر سياسي وليس حجرا صحيّا”.

ودعت منظمة “العفو الدولية” قوات الأمن التونسية والقضاء إلى التعاون من أجل محاكمة من تسبب في قمع المحتجين في الانتفاضة الشعبية.

وتجول بعض الصحافيين والمصورين في الشارع الذي تجمع فيه في 14 يناير 2011 آلاف المحتجين المطالبين برحيل زين العابدين بن علي، حيث اعتاد التونسيون العودة إليه كل سنة في مثل هذا التاريخ، غالبا للتذكير بمطالب الثورة.

10 أعوام على “25 يناير” في مصر.. ماذا تبقى من “ائتلاف شباب الثورة”؟

قبل عشر سنوات تدفق المحتجون على شوارع مصر بعد أن شجعتهم انتفاضة الربيع العربي التي شهدتها تونس.

مسلم قصدالله (31 عاما) كذلك، فقد ساقه خلال مواجهات مع الشرطة التونسية ولا يزال يخوض حتى اليوم معركة الاعتراف به رسميا كضحية من ضحايا ثورة 2011، ما يمكن أن يؤمن له تعويضا معنويا وماديا.

ويقول مُسلم: “ما لم تعترف الدولة بالضحايا والجرحى لا يمكن الحديث عن ثورة”.

وبعد عشر سنوات من اندلاع انتفاضات الربيع العربي، انتهت الثورات في أماكن أخرى من العالم العربي بالفشل، بينما أسست تونس “ديمقراطية هشة تتأرجح بفعل الأزمات الاقتصادية المتتالية”، وفقا للصحيفة الأميركية.

ولم تحقق التعددية والديمقراطية ما سعى إليه المحتجون التونسيون، إذ لا يزال الفساد والتنمية غير المتكافئة يبتليان البلاد، ولا تزال البطالة مرتفعة. 

وهاجر الآلاف من التونسيين المحبطين بشكل غير قانوني إلى أوروبا أو انضموا إلى جماعات متطرفة. 

وكانت الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء تونس، الشهر الماضي، من أكثر الاحتجاجات استدامة وانتشارًا منذ الثورة، مما يعكس الغضب من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والفزع من السياسيين المتهمين بتجاهل المواطنين الفقراء، كما نقلت “واشنطن بوست”.

كما قلبت التنازلات التي قدمتها السلطة لاستيعاب مجموعات من القوى، بما في ذلك الأحزاب السياسية الإسلامية، نتائج ثورة 2011، وفق الصحيفة ذاتها. 

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد