في 2022.. هل يمكن أن تُلغى الرقابة على الأعمال الفنية في مصر؟




الشيماء أحمد فاروق


نشر في:
الأحد 2 يناير 2022 – 5:21 ص
| آخر تحديث:
الأحد 2 يناير 2022 – 5:21 ص

كلمة رقابة هي كلمة مثيرة للجدل دائماً، بين مؤيد ومعارض وآخر يمسك بالعصا من المنتصف، ويظل هذا النقاش يستوعب الكثير من الآراء حول أهمية الرقابة أو ضرورة التخفيف من سلطاتها أو إلغاءها تماماً.

في نهاية 2021 اختتمت دولة الإمارات العربية العام الرقابة على الأعمال الفنية من خلال تصنيفات تنبيه المشاهدين على حسب الفئات العمرية، فيما أدرجت تصنيف “+21″، في 19 ديسمبر، عبر تغريدة على تويتر، قال مكتب تنظيم الإعلام في وزارة الثقافة والشباب الإماراتية، إنه أدرج فئة “+21” ضمن فئات التصنيف العمري للأفلام السينمائية، وأوضح المكتب أنه “حسب هذا التصنيف، سيتم عرض الأفلام في دور السينما حسب نسختها الدولية، ويتم منحها التصنيف بناء على معايير المحتوى الإعلامي في الدولة”.

وفي مصر لازالت جلسات مجلسي النواب والشيوخ تناقش قضايا الرقابة على المصنفات الفنية، سواء على مستوى مجال الغناء والموسيقى، وطرح فكرة الضبطية القضائية لنقابة المهن الموسيقية، والتي قوبلت بعدم الموافقة من مجلس النواب، أو النقاشات الخاصة بالرقابة على السينما والدراما، وكانت آخر الجلسات التي عقدتها لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار بمجلس الشيوخ في بداية ديسمبر برئاسة النائبة سها سعيد، وكيل اللجنة، وبحضور خالد عبد الجليل رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية بقطاع الرقابة.

وتحدث خلال هذه الجلسة النائب الفنان يحيي الفخرانى، عضو اللجنة، مؤكداً أهمية دور الرقابة والرقيب، وأنه منذ سنوات خرجت موجه تطالب بإلغاء الرقابة وهذا الأمر أثار الخوف لديه بشدة لأن الرقابة تحمى الفنان قبل الجمهور، على حد قوله، وأضاف الفخراني: “الرقيب له دور مهم لحماية الفنان ولكن لابد أن يكون هناك تدقيق لاختيار الرقباء وأن يكون الرقيب مصرى قوى، ويعرف المجتمع بشكل جيد ويعرف الشعب المصري وتقاليده”.
ولكن هل يمكن أن يكون إلغاء فكرة الرقابة بمفهومها الدارج في مصر شيء قابل للتطبيق ونحن على أعتاب عامٍ جديد…

الفن والرقابة.. جدل ممتد على مر التاريخ الفني
لقد حمل الفن منذ نشأته قوانينه الخاصة التي تصطدم دائماً بقوانين الرقابة بأشكالها المتعددة، سواء دينية أو سياسية أو أخلاقية، والغاية واحدة هي التزام المبدع بما تمليه هذه الرقابة عليه، ويقول رابح بدير في كتابه “تحت حد السيف سينما على باب الرقيب”: عانى المبدعون وتعرض الكثير منهم لحملات شرسة قد تصل إلى حد العزلة، او الكف النهائي عن الإبداع.. والسينما من أكثر الفنون شهرة في اصطدامها بالرقابة منذ نشأتها قبل مائة عام… وهناك دائماً ثمة رقابة شئنا أم أبينا سواء كانت رقابة أجهزة أو مؤسسات أو رقابة جماهيرية أو حتى رقابة المبدع ذاته، رقابة تفترض في ذاتها القدرة على الحكم على مستوى العمل الفني، ومدى ارتقائه بالمشاعر والأحاسيس”.

ويقول الناقد سمير فريد أن تاريخ الرقابة على المسرح والسينما في مصر يعود إلى بداية القرن العشرين، عندما تعرض المسرح المصري إلى الثورة العرابية التي وقعت أحداثها عام 1881، وانتهت بهزيمة الثورة والاحتلال البريطاني العسكري لمصر، ومنذ استخدام المطبعة العربية في مصر أيام محمد علي كانت هناك رقابة على الكلمة المطبوعة يتولاها محمد علي بنفسه، ويتولاها بعض كبار رجال الدولة، ومنذ استخدام الفيلم السنيمائي في العروض العامة خضع للرقابة شأنه في ذلك شأن العروض المسرحية والصحفية والمطبوعات خاصة أثناء العرب العالمية الأولى.

ذكرت الباحثة أمل عريان فؤاد في كتابها “سلطة السينما.. سلطة الرقابة”: “الأمر المؤكد أن الفن السينمائي في مصر وعلى مدى تاريخه لم يتمتع بالحرية المطلقة، فقد ظلت العوامل السياسية والإجتماعية والفكرية حواجزاً مانعة لإنعتاق السينما نحو تألقها بعيداً عن قيد وهكذا فإن الأشرطة السينمائية التي يمكن عرضها في زمن سياسي معين لا تتناسب مع زمن سياسي آخر”.

أشارت في كتابها أيضاً إلى التاريخ الطويل لوضع قوانين الرقابة وتفاصيلها، ونذكر منها: “هناك تنقلات ومراحل مختلفة لقوانين الرقابة تبعاً للمتغيرات السياسية والتاريخية، أثناء فترة الإستعمار كانت هناك لائحة المسارح –التياترات- وتعليمات عام 1974 التي صدرت أثناء عهد الملكية والتي تتناقض مع ما جاءت به الثورة بعد الملكية حيث إن قانون الرقابة رقم 430 لعام 1955 هو الذي أصبح سارياً بعد تلك الفترة السياسية والتاريخية، ولأن التاريخ لا يتوقف والحال السياسي خاضع لإختلاف فقد أصبح هذا القانون غير ملائم بعد موجة الأفلام السياسية في النصف الأول من عقد السبعينات حيث صدر قانون آخر بشان الرقابة الذي يحمل رقم 220 لعام 1976 حيث أكد على القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية… وشهد عام 1992 تعديلاً للقانون 430 لسنة 1995 فيما يخص الرقابة على المصنفات الإبداعية وكان على المبدع أن يواجه كل تلك المتغيرات بمتغيرات أخرى كي يكسب رهانه “.

في 2022.. هل يمكن أن تُلغى الرقابة في مصر ؟
يمر العمل الفني في مصر بعدة مراحل قبل التصوير لكي يحصل على موافقات كتابية وتصاريح من الرقابة، حيث يتقدم صاحب العمل بكشف أسماء طاقم العمل لغرفة صناعة السينما، ثم كشف أسماء طاقم العمل لنقابة المهن السينمائية، وأن تقوم النقابة بتبليغ جهاز الرقابة على المصنفات الفنية لموافقتها على طاقم العمل، فيما بعد يتنازل كاتب السيناريو عن العمل للمنتج في الشهر العقاري، ويُقدم السيناريو للرقابة على المصنفات، وبعد الحصول على موافقة الرقابة، يتم تبليغ قطاع العلاقات العامة بوزارة الداخلية، وذلك في حالة احتياج الفيلم لتصاريح بالتصوير الخارجي.

على أن تقدم جميع الوثائق الخاصة بالفيلم لوزارة الداخلية، واستخراج تصريح صالح لمدة 20 يومًا قابلة للتجديد وذلك للتصوير الخارجي، وذلك مقابل مبلغ مادي، وفي حالة وجود مواقع تصوير تابعة للدولة يتم استصدار تصاريح من الوزارات المسؤولة عن كل موقع، وبعد الانتهاء من الفيلم، يتم تقديمه للرقابة مرة أخرى لاستخراج تصريح بالعرض العام.

في نقاش عن الرقابة في مصر، تحدثت الشروق إلى الناقدة حنان شومان، والتي قالت: “إلغاء الرقابة في مصر أمر يوجد به صعوبة شديدة، إذا كان بعض الفنانين يقفون في صف وجود الرقابة، ومنهم الفنان يحيى الفخراني وهو فنان مثقف جداً وعظيم، يرى أن الرقابة مهمة، إذاً فكيف يتم التغيير، المشكلة الأخرى المرتبطة بقضية الرقابة، أنها كلمة غير معرفة الملامح ومطاطة للغاية، والرقابة في أغلب دول العالم يرتبط مفهومها بالفئة العمرية وتصنيفات المشاهدة، الشيء الآخر أنه يجب الاعتراف والاتفقا على أن هناك حرية ما يجب أن يمارسها الفنان والمعيار في ذلك إقبال الجمهور أو عدمه”.

أضافت: ” ولكن الأسهل لدينا في المجتمع يحتاج من الآخر أن يقوم على تربيته، وهي ثاني مشكلة في هذا الشأن وتكمن في الجمهور ذاته، لأنهم يحملون الرقابة ما لا يجب أن تفعله، ويطلبون من الفنانين أن يقوموا على تربية أبناءهم، أغلب مجتمعنا المصري يلقي على الآخر المسئولية واتهام الآخر بفساد أخلاقه أو أولاده، فنجد رب الأسرة بدلاً من أن يمنع ابنه من مشاهدة عمل لا يناسب فئته العمرية، يطالب الرقابة بمنع العمل ككل، وأسهل شيء على المجتمع إلقاء اللوم على الفنان أو المبدع، لذلك المشكلة معقدة جداً”.

بينما قالت الناقدة علياء طلعت: “الرقابة على المصنفات الفنية من المفترض ألا يكون دورها المنع، ولكن اللجوء إلى التقييم العمري للأعمال، لتحديد من يستطيع مشاهدة هذه الأعمال، لأن الأعمال عندما تقيم بهذه الطريقة تمنع الأعمار غير المتفقة مع التقييم من مشاهدتها عند دخولهم للسينما أو المشاهدة عبر منصة، وبالتالي الرقابة سوف تكون على جانبين، من خلال التصنيف العمري المراقب لمشاهدتها والثاني الرقابة على دور العرض السينمائية لكي لا تسمح بدخول أعمار سنية غير ملائمة للتقييمات الموضوعة، ولكن ليس الحل هو إلغاء عرض العمل تماماً، خاصة في الوقت الحالي الذي أصبحت فيه كل الأمور متاحة عبر الإنترنت”.

الرقابة في مصر لا تتسم بشكل محدد، أو ترتبط بجانب سياسي فقط أو أخلاقي فقط بل تتعدد، وتقول عن ذلك أمل عريان فؤاد في كتابها: “خلال المشوار الطويل الذي قطعته السينما في ظل الصراعات والمنازعات المتتالية مع الرقابة لم تكن السلطة السياسية هي المؤثر الوحيد على قرارات الرقيب، فقد كانت هناك سلطة لا تقل تأثيراً وهي عامل الدين، وما فرضته السلطات الدينية من شروط وتحفظات على ما يقدم من إبداع سواء كان فكرياً أو سينمائياً”.

#في #هل #يمكن #أن #تلغى #الرقابة #على #الأعمال #الفنية #في #مصر

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد