قرصنة الأعمال الدرامية خسارة لصُنّاع الفن.. والمشاهدين أيضاً

مع حلول الموسم الأبرز لمتابعة المسلسلات، وهو شهر رمضان المبارك، اعتبر صُنّاع دراما أن وعي الجمهور وارتفاع الذائقة الفنية لدي المشاهدين من أهم أسلحة مواجهة قرصنة الأعمال الدرامية، مشيرين إلى أن هذه الظاهرة التي تتسبب في خسارة لأطراف عدة – من المنتجين إلى الشاشات العارضة إلى المتابعين – تشهد في الفترة الحالية تراجعاً ملحوظاً.
وأكّد الفنانون والمختصّون – الذين استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم – أن هذه الظاهرة تحت السيطرة في الإمارات، بما توليه الدولة من اهتمام كبير بحقوق الملكية الفكرية، وما تمتلكه من بنية تشريعية وقانونية متطوّرة وقادرة على التصدي لمختلف أشكال التعدي على حقوق الملكية الفكرية.

تسريب متعمد
وقلل المنتج والفنان الإماراتي الدكتور حبيب غلوم، من خطورة ما يُسمى بقرصنة الأعمال الدرامية، معرباً عن اعتقاده بأنه لا يشكل خطراً حقيقياً. وأرجع ذلك إلى أن القرصنة عن طريق الإنترنت تجعل العمل فاقداً لكثير من جودته وجمالياته عند العرض، وبالتالي ينصرف المشاهد عنه سريعاً.
وعلى الخلاف السائد، كشف الدكتور غلوم أن بعض صُنّاع الفن يتعمدون نشر أخبار عن تسريب أعمالهم وتعرّضها للقرصنة، أو حتى تسريب حلقة أو حلقتين من الأعمال الجديدة لديهم قبل عرضها للفت الأنظار إليها وسط الازدحام وتصدر «التريند» على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يؤدي انتشار أخبار تسريب العمل إلى إثارة فضول المشاهد للبحث عنه ومشاهدته، وبذلك يصب التسريب في مصلحة العمل الفني وصُنّاعه.
ملاحقة قانونية
من جانبه، قال مؤسس قناة «العاصمة سينما»، المخرج والمنتج ناصر التميمي، إن «مكافحة القرصنة من خلال الملاحقة القانونية، قد تسهم في تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية والمعاقبة على الانتهاكات القانونية. ولكن في الوقت نفسه لابد من تعزيز التعاون بين الفنانين، والمؤسسات الثقافية، وشركات الإنتاج لتبادل المعلومات وتطوير استراتيجيات مشتركة لمواجهة القرصنة، إضافة إلى توعية الجمهور لرفع الوعي حول أخطار القرصنة وتأثيرها السلبي في صناعة الفن، ما يشجع على دعم المحتوى الشرعي والقانوني».
وأضاف التميمي: «لاشك أن القرصنة تؤثر في صناعة الفن بشكل كبير، إذ تتسبب في خسائر مالية للفنانين والمؤسسات، نتيجة لتداول الأعمال بشكل غير قانوني وغير مشروع، بما يؤثر في إيرادات صُنّاع الأعمال الفنية، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، والتأثير في الإبداع والابتكار، وتقليل فرص صُنّاع الدراما والسينما في الحصول على دعم مالي. وللأسف من الصعب تحقيق القضاء الكامل على ظاهرة القرصنة، لأنها ترتبط بتحديات تقنية وقانونية، ولكن يمكن تقليل تأثيرها بشكل كبير عبر تنفيذ استراتيجيات متعددة، ولكن القضاء الكامل قد يكون صعباً بسبب التطور التكنولوجي، وصعوبة التعقب الرقمي، والاختلاف في التشريعات بين الدول، ما يجعل التعاون الدولي ضرورياً للتصدي للقرصنة».
وعن تأثير الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، أوضح التميمي أن «هذا التطوّر يمكن أن يكون تأثيره متناقضاً في ما يتعلق بظاهرة القرصنة، حيث يمكن أن يستخدم القراصنة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتطوير أساليب أكثر تطوّراً لانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وتوزيع المحتوى بشكل غير قانوني، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوات فعّالة لمكافحة القرصنة، مثل نظم التعرف إلى الصور والصوت لتحديد الانتهاكات وتتبع المحتوى غير المشروع، والتحدي يكمن في استخدام التكنولوجيا بشكل ذكي لتعزيز الأمان الرقمي والمراقبة، وفي تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية حقوق الملكية الفكرية».
تجربة شخصية
من جانبه، أكّد المخرج والكاتب الإماراتي حسين الأنصاري، أن قرصنة الأعمال الدرامية والفنية عموماً في الإمارات تحت السيطرة إلى درجة كبيرة، بفضل التشريعات التي سنتها الدولة في هذا المجال، كما اهتمت دول مختلفة بإغلاق الحسابات الشهيرة التي تقوم على القرصنة للحدّ من هذا النشاط غير المشروع.
وكشف عن تجربة شخصية له في مجال قرصنة الأعمال الفنية عندما تم تسريب فيلم جديد له على منصّة «يوتيوب»، مضيفاً: «فوجئت بتسريب الفيلم على (يوتيوب) فسارعت بتقديم شكوى إلى هيئة تنظيم الاتصالات مرفقة بكل الوثائق والمستندات التي تثبت ملكيتي للفيلم، وفي اليوم الثاني تمت إزالته من الموقع، عقب ذلك عرضت بعض المواقع التي تعتمد على قرصنة الأفلام الفيلم، فقدمت شكوى جديدة في الهيئة وتم حذفه على الفور».
ورأى أن «قرصنة الأعمال الدرامية ونشرها على الإنترنت يمكن أن تتسبب في ضرر للإنتاج المحلي، لأن المؤسسات تسعى إلى الحصول على عائد مالي يغطي كلفة الإنتاج عن طريق الرعاية والدعاية، وقرصنة الأعمال ونشرها على الإنترنت يؤثران سلباً في تسويق العمل، ويسببان خسارة كبيرة للمؤسسة العارضة والمنتج».
البحث عن الجودة
فيما قال الكاتب والمخرج سلطان بن دافون، إن «مواقع القرصنة في الوقت الحاضر لم تعد لها الأهمية نفسها مثل السنوات الماضية، كما تراجعت أعمال القرصنة بشكل عام بسبب تعدد منصّات العرض الرقمية، وتزايد المنافسة بينها، ما جعل الاشتراك في المنصّات المعروفة متاحاً في معظم البيوت، والاشتراكات أصبحت سهلة، وهذا الأمر أسهم في تقليل الإقبال على القرصنة، وتراجع المعتمدين عليها».
وأضاف: «اليوم أصبحت المؤسسات الإعلامية الكبرى في الدولة لديها منصّات رقمية تبث عبرها ما تعرضه من محتوى درامي وبرامج مختلفة على قنواتها التلفزيونية، كذلك باتت الأفلام السينمائية بعد انتهاء فترة عرضها في دور السينما تتحوّل إلى النشر على منصّات عرض معروفة ومشهورة، لذلك لم تعد مواقع القرصنة خياراً مفضلاً للمشاهدين». وأوضح أن «المشاهد بشكل عام، وفي الإمارات بشكل خاص، أصبح أكثر وعياً واهتماماً بالجودة، فهو يهتم بجودة النسخة التي يشاهدها من العمل الفني من حيث نقاء الصوت ووضوح الصورة حتى تتحقق المتعة أثناء المشاهدة، وهي جزء رئيس من مكونات العمل الفني ورسالته».
أرباح
أشارت دراسة نُشرت نتائجها في «بلومبرغ» في عام 2021، إلى أن مواقع وتطبيقات قرصنة المحتوى الترفيهي تحقق أرباحاً سنوية تتخطى 1.3 مليار دولار بسبب الإعلانات. وهو ما يشير إلى أن خطر مواقع القرصنة لا يهدد صناعة الترفيه فحسب، ولكن يمتد كذلك إلى الأشخاص الذين ربما يمسهم الضرر – حسب التقرير الذي نشرته «بلومبرغ» وأجرته منظمة «ديجيتال سيتزنز أليانس» غير الربحية، بالتعاون مع شركة مكافحة القرصنة «وايت بوليت سولوشنز» – فإن بعض الإعلانات الموضوعة على مواقع القرصنة تحوي روابط يستخدمها المتسللون لسرقة المعلومات الشخصية أو شن هجمات إلكترونية. كما لفت التقرير إلى أن عدد هذه المواقع يصل إلى 84 ألف موقع ترفيه غير قانوني.
آلية جديدة

أعلنت وزارة الاقتصاد، الأسبوع الماضي، عن آلية جديدة لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية للأعمال الإبداعية على المنصّات الرقمية، وتوفير بيئة آمنة من الانتهاكات لأصحاب الحقوق الحصرية، وفق أفضل الممارسات المتبعة عالمياً في هذا الصدد، وذلك بالتعاون مع هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية. وترتكز الآلية الجديدة على التعامل مع أي انتهاك لحقوق الأعمال الإبداعية، من مصنفات فكرية أو وسائط متعددة من مقاطع مرئية وغيرها، وكذلك التوعية بضرورة مراعاة حقوق الملكية عند استخدام منصّات عرض المواد المختلفة، إضافة إلى توعية أصحاب الحقوق بأدوات الوزارة وخدماتها التي تساعدهم في حماية حقوقهم من الانتهاك والقرصنة.

#قرصنة #الأعمال #الدرامية #خسارة #لصناع #الفن. #والمشاهدين #أيضا
تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد