كأس العرب – سلطنة عمان.. بلاد ما وراء علي الحبسي

كأس العرب – سلطنة عمان.. بلاد ما وراء علي الحبسي

مباشرة إلى السؤال.. ماذا تعرف عن سلطنة عمان؟ إن سبق لك زيارتها أو كنت متبحرا في الشأن العربي لهذه الدرجة فالسؤال ليس لك بطبيعة الحال، بل لنا.. نحن من لا يعرف عنها سوى السلطان قابوس وعلي الحبسي.

ثورات تعصف بالمنطقة العربية كاملة بدرجات متفاوتة، خلافات سياسية حادة تصل إلى المقاطعة، ولكن بين الإمارات والسعودية واليمن تقع دولة هادئة لا علاقة لها بكل ما يحدث، تعيش في سلام تام تحت النظام السلطاني الذي انقرض من العالم أجمع باستثناء عمان وبروناي، ورجاء لا تسألني عن بروناي فنحن بالكاد نتعرف على من يشاطرنا اللغة.

في يوم الجمعة العاشر من يناير 2020 طغى اسم سلطنة عمان على كافة أخبار المنطقة السياسية، إذ توفي السلطان قابوس بن سعيد بعد 50 عاما في سدة الحكم، لم تخطئ قراءة الرقم ولم نخطئ كتابته، نصف قرن كامل من الزمان.

هواة قراءة التاريخ يعرفون عادة ماذا يعني وفاة حاكم قوي أوحد استمر لفترة كهذه، ولكن عمان؟ اجتمع مجلس العائلة الحاكمة في اليوم التالي (11 يناير) وقرر الاحتكام لوصية السلطان الراحل وأعلن هيثم بن طارق سلطانا عاشرا للبلاد، وسرعان ما عادت السلطنة الهادئة إلى سيرتها الأولى.

دولة يقوم اقتصادها على البترول والسياحة والصناعة والزراعة والثروة السمكية، لا تثير الأزمات السياسية في المنطقة ولا تثار بها، أو على الأقل هذا ما يعرفه رجل الشارع. لكن مثل هذه الأمور لا تهمنا كثيرا كمتابعين لكرة القدم، ما يهمنا هو كرة القدم، وتماما كما كان كل ما نعرفه عن عمان سياسيا هو رجل واحد، كان كل ما نعرفه عن عمان كرويا هو رجل واحد أيضا..

علي الحبسي

من نادي المضيبي ثم النصر في عمان، غادر الحبسي بلاده في 2003 صوب تجربته الاحترافية الأولى بصفوف لين أوسلو النرويجي، الذي فاز معه بجائزة أفضل حارس في النرويج عام 2004 الذي نال خلاله وصافة الكأس المحلي، ومع الوقت فتحت أمامه أبواب أقوى دوريات العالم: البريميرليج.

في يناير 2006 انتقل الحبسي إلى بولتون واندررز في صفقة كانت إحدى العلامات الرئيسية لما عرف باسم “تحقيق ستيفينز” بشأن الفساد في الكرة الإنجليزية، حيث أبرز التقرير النهائي وجود تضارب مصالح في هذه الصفقة بين النادي ووكيل اللاعبين كريج ألاردايس.. ألا يبدو اسم الوكيل مألوفا بعض الشيء؟

بالطبع، وهل يخفى القمر؟ مدرب النادي في ذلك الوقت كان سام ألاردايس. لا، هذا ليس تشابه أسماء فهو ابنه. هذا الشبل من ذاك الأسد، الأسد الذي تولى تدريب منتخب إنجلترا لبرهة من الوقت في 2016، في ولاية تم تدميرها على يد صحفي أقنعه أنه مستثمر ينوي شراء أحد الأندية، فطلب منه العم سام مبلغا ماليا نظير بعض النصائح للالتفاف حول القواعد.

لم يلعب الحبسي مباراة واحدة تحت قيادة ألاردايس الذي رحل قبل نهاية موسم 2006-2007، وأخيرا أتت الفرصة في سبتمبر 2007 ضد فولهام في كأس الرابطة، بداية تساوي انتصار، وتقود لظهور تاريخي أمام بايرن ميونيخ في كأس الاتحاد الأوروبي.

ومن بولتون إلى الغريم ويجان في 2010، حيث فاز بجائزة لاعب العام في النادي بنهاية موسمه الأول، ليتوج معه لاحقا بأقدم كأس في العالم، كأس الاتحاد الإنجليزي عام 2013 الذي انتزعه فريقه من أنياب مانشستر سيتي.

وبعد إعارة بلا قيمة في صفوف برايتون، وخروج من ويجان بعد نهاية العصر الذهبي، أعاد الحبسي اكتشاف ذاته في ريدينج ليتم اختياره كلاعب العام مرتين على التوالي في موسمي 2015-2016 و2016-2017.

ظهر الحبسي وكأنه يسدل ستار رحلته خارج الوطن العربي عائدا عبر بوابة الهلال السعودي الذي فاز معه بالدوري وكأس السوبر عام 2018، ولكن في الأيام الأخيرة لسوق صيف 2019 عاد أسطورة عمان إلى الكرة الإنجليزية في صفوف وست بروميتش ألبيون، وقضى موسمه الأخير دون أن يلعب، لينتهي عقده في قلب جائحة كورونا بنهاية يونيو 2020.

يقول سلافان بيليتش مدرب وست بروميتش آنذاك إنه كان يريد تجديد عقده حتى نهاية الموسم الذي تم استئنافه لاحقا، ولكنه كان قد عاد إلى عمان مما يعني أنه يجب عليه الخضوع للعزل لمدة 14 يوما قبل أن يتمكن من التدرب مع الفريق. الأزمة التي تبعها قرار الحبسي باعتزال الكرة في أغسطس 2020 أوقفت مصادفة كانت في علم الغيب بذلك الوقت، ففي ديسمبر من العام ذاته، سيتولى سام ألاردايس تدريب وست بروميتش.

عن إنجازاته مع منتخب عمان حدث ولا حرج، فهو بطل أول لقب في تاريخ الكرة العمانية: كأس الخليج عام 2009، وحقق وصافة البطولة ذاتها عامي 2004 و2007، كما توج كأفضل حارس في “خليجي” 5 مرات عن أعوام 2003 و2004 و2007 و2009 و2011.

هذا هو درة تاج الكرة العمانية، التي تأسس لها أول منتخب رسمي عام 1974، وتأسس اتحادها عام 1978، وانضم إلى فيفا في العام التالي، ومنذ ذلك الوقت لم يتوج بأي شيء سوى كأس الخليج مرتين عامي 2009 و2018.

منتخب عمان لا يملك أي مشاركة في كأس العالم، ولا إنجاز يذكر في كأس آسيا سوى التأهل إلى دور الـ16 في النسخة الماضية عام 2019، ولكنه يملك قصة شهيرة في كأس العرب ترجع إلى 55 عاما.

تاريخه في كأس العرب: فضيحة غير معترف بها

شهد كأس العرب ظهورا وحيدا لمنتخب عمان في نسخته الثالثة عام 1966 التي أقيمت بالعراق، حيث تواجد المنتخب الأحمر في المجموعة الثانية مع سوريا وليبيا وفلسطين واليمن الشمالي.

خاض “الفريق العماني” مباراته الأولى ضد ليبيا، والتي حملت رقما قلما سمعنا به في كرة القدم عموما، حيث وصلت النتيجة إلى 21-0 لصالح ليبيا، حيث سجل أحمد بن سويد 9 أهداف في هذه المباراة، تلاه علي البسكي بـ 7 أهداف ومحمود الجهني بـ4 أهداف وأخيرا محمود زند بهدف وحيد.

وكأن الرقم ليس غريبا بما فيه الكفاية، فإن هذه المباراة لم تشهد نهاية اعتيادية، حيث انسحب “الفريق العماني” في الدقيقة 80.. لا، ليس خجلا من النتيجة، بل اعتراضا على ركلة جزاء.

كانت هذه هي المباراة الأولى والأخيرة لهذا الفريق، الذي اتضح لاحقا أنه لم يكن “منتخب عمان”، حيث تأسس أول منتخب رسمي عام 1974 كما سلف الذكر، فمن كانوا هؤلاء؟

بحسب الاتحاد العماني لكرة القدم، كان هذا تجمعا للجالية الطلابية، مكون من طلبة عمانيين خارج البلاد قرروا تشكيل فريق للمشاركة في البطولة تحت مسمى “إمامة عمان”، وليس “سلطنة”. لفظ الإمامة يرتبط بمرحلة طويلة للغاية من تاريخ عمان، ولكنه لم يعُد له أدنى وجود منذ عام 1959، أي قبل تلك البطولة بـ7 سنوات.

طريق التأهل

لعب منتخب عمان مباراته في التصفيات المؤهلة إلى دور المجموعات ضد الصومال على ملعب جاسم بن حمد في الدوحة عاصمة قطر.

كاد محسن الغساني أن يفتتحها مبكرا بكرة اصطدمت بحارس الصومال مصطفى يوسف ثم بالعارضة في الدقيقة الثامنة، ولكن سرعان ما سجل الغساني أول الأهداف في الدقيقة 12 من متابعة لتسديدة عبد العزيز المقبالي.

مرة ثانية بفضل شراكة المقبالي والغساني، تصل تمريرة الأول إلى الثاني في منطقة الجزاء ليراوغ الحارس فيعرقله ويتحصل الأحمر على ركلة جزاء سجل منها صلاح اليحيائي الهدف الثاني في الدقيقة 36.

وفي الدقيقة 55 سجل منتخب الصومال هدفه الوحيد برأسية المدافع أبيل جيلي الذي يلعب مع فريق فانو في الدرجة الرابعة الإيطالية، بعد عرضية من محمد عبد الله، وبطبيعة الحال لم يكن هذا الهدف كافيا لإيقاف الخناجر العمانية.

طريق البطولة

يقع منتخب عمان في المجموعة الأولى مع البلد المضيف قطر والعراق والبحرين. بطبيعة الحال لم يواجه أي منهم من قبل في كأس العرب، إذ تعتبر هذه هي مشاركته “الرسمية” الأولى، أما مشاركته السابقة فكما أوضحنا اقتصرت على مباراة واحدة ضد ليبيا.

يستهل الخناجر طريقهم بمواجهة العراق في الثلاثين من نوفمبر على ملعب الجنوب بالوكرة ، ثم قطر في الثالث من ديسمبر على ملعب المدينة التعليمية بالريان، وأخيرا البحرين في السادس من الشهر ذاته على ملعب “أحمد بن علي” بالريان.

في حال تأهل منتخب عمان إلى ربع النهائي بالمركز الثاني سيلاقي متصدر المجموعة الثانية المكونة من تونس والإمارات وسوريا وموريتانيا، أما إذا انتزع الصدارة فسيلاقي وصيف المجموعة ذاتها.

صحيح أن منتخب عمان لم يسبق له مواجهة منافسيه في المجموعة داخل كأس العرب، إلا أنه يجمعه بهم تاريخ طويل في المنافسات القارية والخليجية، حيث يعد منتخب البحرين هو أكثر منتخب واجهه طوال تاريخه الكروي بـ44 مواجهة، والنتيجة 14-13 لصالح البحرين مع 17 تعادلا.

أما منتخب قطر فهو الثاني على هذه القائمة بـ35 مباراة، ولكن التفوق القطري أكثر عمقا بـ19 انتصارا مقابل 6 لصالح عمان و10 تعادلات.

أخيرا يأتي المنتخب العراقي في المركز الخامس بـ26 مواجهة، وتميل له الكفة بـ13 انتصارا مقابل 6 لصالح عمان و7 تعادلات.

المدرب

بدأ الكرواتي إيفانكو برانكوفيتش -67 عاما- مسيرته التدريبية بتدريب أندية فارتيكس وسيجيستا ورييكا المحلية بين عامي 1991 و1998، ثم تولى وظيفته الأولى مع المنتخبات كمدرب مساعد لمنتخب كرواتيا الذي احتل المركز الثالث لكأس العالم 1998 تحت قيادة المدرب ميروسلاف بلازيفيتش.

وبعد تجربة مقتضبة مع هانوفر الألماني في دوري الدرجة الثانية خلال موسم 1999-2000 عاد مرة أخرى للعمل مع المنتخبات كمدرب مساعد مع بلازيفيتش للمرة الثانية، هذه المرة في إيران، البلد الذي تدرج خلاله من المدرب المساعد للمنتخب الأول إلى مدرب المنتخب الأولمبي صاحب ذهبية دورة الألعاب الآسيوية “بوسان 2002″، ثم مدرب المنتخب الأول اعتبارا من سبتمبر 2003.

في هذه التجربة حقق برانكوفيتش المركز الثالث لكأس أمم آسيا عام 2004، وتأهل معه إلى كأس العالم 2006 للمرة الثالثة في تاريخ البلاد، ليختتم هذه التجربة بعد المونديال عائدا إلى بلاده من البوابة الكبرى: دينامو زغرب.

فاز برانكوفيتش مع هذا النادي بالدوري الكرواتي مرتين على التوالي 2006-2007 و2007-2008، وكأس كرواتيا عام 2007 وقبلهما السوبر الكرواتي عام 2006، ثم انتقل إلى شاندونج لونينج الصيني وفاز معه بالدوري عام 2010.

بعد تجارب مقتضبة في الوطن العربي مع الاتفاق السعودي ثم الوحدة الإماراتي، وولاية مؤقتة في دينامو عام 2013، عاد برانكوفيتش إلى إيران مرة أخرى ولكن في قيادة نادي بيرسيبوليس عام 2015 و حتى 2019، وهنا عاش الرجل عصره الذهبي في آسيا..

فاز برانكوفيتش بالدوري الإيراني 3 مرات على التوالي من 2016-2017 وحتى 2018-2019، وفاز بالكأس عام 2019، وأكمل هذه الثلاثية بالسوبر الذي فاز به 3 مرات أيضا، كما خسر نهائي دوري أبطال آسيا 2018 على يد كاشيما أنتلرز الياباني.

رحل الكرواتي صوب الأهلي السعودي في يونيو 2019، ولكن بعد 5 مباريات فقط (انتصارين وتعادل وهزيمتين) أقيل لسوء النتائج، ليصل إلى محطته الحالية في التاسع عشر من يناير عام 2020، حين تم إعلانه مدربا لمنتخب عمان.

فترة رائعة حتى الآن في قيادة “الخناجر العمانية” بكل المقاييس، حيث خاض الرجل 19 مباراة حقق خلالها 12 انتصارا و3 تعادلات و4 هزائم، حيث نجح باجتياز المرحلة الثانية لتصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم، ويبقى له 4 مباريات في المرحلة الثالثة، حيث يبعد عن مراكز التأهل المباشر بفارق 5 نقاط، بينما يبعد عن المرحلة الرابعة (الملحق) بـ4 نقاط.

أبرز النجوم

يخوض برانكوفيتش البطولة بأفضل ما يجود به الدوري العماني، حتى ثنائي المحترفين فايز الرشيدي وزاهر الأغبري من “مس رافسنجان” الإيراني، لم يسمح ناديهما بمشاركتهما نظرا لعدم إقامة كأس العرب داخل الأجندة الدولية، ليبقى محترف وحيد في صفوف الخناجر، وهو جميل اليحمدي من المرخية القطري.

ظفار هو النادي الأكثر تتويجا بالدوري العماني ولكنه لا يملك سوى 3 لاعبين بالقائمة، أما السيب بطل آخر نسخة منتهية حتى الآن (2019-2020) نظرا لإلغاء الموسم التالي بسبب الجائحة، فهو صاحب نصيب الأسد من هذه القائمة بـ10 لاعبين، أبرزهم المهاجم العائد محسن الغساني والذي غاب عن توقف نوفمبر بداعي الإصابة.

وعلى خطى علي الحبسي وإن كان في نطاق أضيق بعض الشيء، حارس المرمى محترف في الخارج: فايز الرشيدي لاعب رافسنجان الإيراني، ولكن كما سلف الذكر لن نراه في كأس العرب. أما أبرز أفراد كتيبة السيب في المنتخب العماني فهناك الظهير الايمن أمجد الحارثي صاحب الهدف في شباك الصين، و”مايسترو الوسط العماني” صلاح اليحيائي.

أبرز مفاجآت القائمة كانت استبعاد الظهير الأيسر علي البوسعيدي لاعب السيب، وعبد العزيز المقبالي أحد أهم نجوم مباراة التأهل لكأس العرب لأسباب فنية.

قد تكون أسماء لا نعرفها جيدا، ولكننا على موعد مع التعرف عليها دون أدنى شك. هذا المنتخب لا يملك أي أسماء براقة في سماء أوروبا، ولكن هذا لا يعني أنه سيكون لقمة سائغة. تشتهر عمان بيننا بعلامتين فارقتين سياسيا ورياضيا، تُرى هل حان وقت تسجيل العلامة الثالثة؟

#كأس #العرب #سلطنة #عمان #بلاد #ما #وراء #علي #الحبسي

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد