كل شىء هادئ فى كازاخستان

 

بعد محاولة فاشلة لإشعال «ثورة ملونة»، الشهر الماضى، صارت الأوضاع هادئة فى كازاخستان. وأمس الأول الخميس، تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى اتصالًا تليفونيًا من نظيره الكازاخستانى قاسم جومارت توكاييف، جرى خلاله تبادل وجهات النظر حيال الملفات الإقليمية، وبحث سبل تعزيز التعاون الثنائى بين البلدين والتنسيق وتبادل المعلومات بين الأجهزة المعنية. وأعرب الرئيس توكاييف عن اعتزاز بلاده بعلاقات التعاون الوثيقة والبناءة التى تربطها بمصر ذات الثقل الإقليمى والمكانة المتميزة.

سنة ٢٠٠٣ تفجرت «الثورة الوردية» فى جورجيا، وسنة ٢٠٠٤ وقعت «الثورة البرتقالية» فى أوكرانيا، التى أعيد إنتاجها سنة ٢٠١٤، وشهدت قيرغيزيا سنة ٢٠٠٥ «ثورة السوسن»، وقامت فى مولدوفا، أو مولدافيا، «ثورة العنب» سنة ٢٠٠٩ و…. و…. وبات بإمكانك أن تعطى ثورة كازاخستان المزعومة، اللون الأسود، لون الحداد والخلفية التقليدية لكلمة النهاية فى الأفلام القديمة، بعد تأكيد الرئيس الروسى، قولًا وفعلًا، أن بلاده لن تسمح بحدوث «ثورات ملونة» أخرى فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق.

طبعات، أو نسخ، الثورات الملونة قد تختلف فى التفاصيل، لكنها تتشابه فى الأعراض، ويكون هدفها الوحيد هو الانقلاب على السلطة، مع تصوير ذلك على أنه جاء نتيجة احتجاجات جماهيرية عفوية، فى حين أنها تكون عن سبق إصرار وترصد، ويتم إشعالها بخطط سابقة التجهيز، باستعمال تيارات أو تنظيمات طامعة فى الحكم، بزعم التحول الديمقراطى. ولعلك تعرف أن طبعة أو نسخة مزيدة ومنقحة، من تلك الثورات المزعومة، وصلت إلى تونس سنة ٢٠١١ باسم «ثورة الياسمين»، وأطلقت شرارة ما يوصف بالربيع العربى.

المهم هو أن الدولة الغنية بالنفط، وصاحبة أكبر اقتصاد فى آسيا الوسطى، شهدت فى يناير الماضى اضطرابات وأعمال شغب واسعة النطاق، تم خلالها إحراق والاستيلاء على مبانى الحكم المحلى فى عدة مدن كبرى و… و… ووقتها، أكد الرئيس توكاييف أن قوات إرهابية منظمة، تضم فى صفوفها إسلاميين ومخربين، استغلت احتجاجات المواطنين السلمية، وحاولت قلب نظام الحكم، وطلب المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعى. 

بالفعل، أرسلت المنظمة، فى ٦ يناير، قواتها لحفظ السلام، التى تضم ٢٠٣٠ عنصرًا من القوات المسلحة لروسيا وبيلاروسا وأرمينيا وطاجيكستان وقيرغيزستان، ثم غادرت البلاد بشكل هادئ، فى ١٩ يناير، بعد استقرار الأوضاع، وقامت بتسليم البنى التحتية والمبانى التى كانت تؤمن حمايتها إلى السلطات الكازاخستانية. وكان لافتًا أن أندريه سرديوكوف، قائد القوات الجوية الروسية، الذى قاد عملية انتشار تلك القوات فى كازاخستان، هو نفسه الذى قاد، سنة ٢٠١٤، عملية ضم شبه جزيرة القرم.

أحداث كازاخستان كانت «مثالًا واضحًا على كيفية استغلال قوى تخريبية، على نحو منسق وسريع جدًا، للمظاهرات السلمية فى تدبير الثورات الملونة»، وما بين التنصيص قاله سيرجى ناريشكين، مدير المخابرات الخارجية الروسية، لجريدة «موسكوفسكى كومسوموليتس»، فى ١٠ فبراير الجارى، مؤكدًا أن تلك القوى التخريبية لا تتردد فى استخدام مسلحين، كما سبق أن فعلت فى أوكرانيا، سنة ٢٠١٤، وأوضح أن الخطوات التى اتخذتها دول «منظمة معاهدة الأمن الجماعى» فى كازاخستان، أظهرت أن «تبنى قرارات سريعة ومسئولة يتيح السيطرة على الاضطرابات والهجمات الإرهابية ووضع حد لها». وفى الحوار نفسه، أشار «ناريشكين» إلى استمرار توافد مسلحى تنظيم «داعش»، وغيره من الجماعات الإرهابية، إلى دول آسيا الوسطى. 

وتبقى الإشارة إلى أن كازاخستان، التى استقلت عن الاتحاد السوفيتى السابق، سنة ١٩٩١، تشترك مع روسيا الاتحادية بواحدة من أطول الحدود فى العالم: حوالى سبعة آلاف كيلومتر. وفى الفترة الأخيرة، شكك عدد من نواب البرلمان الروسى، فى هذه الحدود، غير أن الرئيس الكازاخستانى وصف روسيا بأنها «جارة أتت هدية من السماء»، وقال إن تصريحات هؤلاء النواب «غير معقولة» ولا يؤيدها الكرملين أو السلطات الروسية. وما أكد ذلك، هو أن ميخائيل ميشوستين، رئيس الوزراء الروسى، وصل إلى كازاخستان، أمس الأول، للمشاركة فى أعمال «المجلس الحكومى الدولى الأوراسى»، وبحث مع الرئيس توكاييف، أمس، تطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والإجراءات المشتركة لمواجهة تبعات الأزمة الأوكرانية. 

#كل #شىء #هادئ #فى #كازاخستان

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد