مشاركون في البرنامج يتحدثون لـ «الاتحاد»: «المرشد الثقافي» مبادرة هادفة للشباب العربي

سعد عبد الراضي (أبوظبي)

«المرشد الثقافي العربي» برنامج ثري يسعى إلى رفع المشاركة الإيجابية لدى الشباب العربي، من خلال إعداد مرشدين ثقافيين نوعيين، وذلك بتأهيلهم، وإكسابهم خبرات ومؤهلات متكاملة تواكب احتياجات مرتادي المتاحف والمواقع الثقافية والتاريخية، وتتماشى مع مقاييس الإرشاد الثقافي العالمية، باعتبار أن السياحة الثقافية تُعد رافداً مهماً من روافد السياحة والاقتصاد.
 «الاتحاد» استطلعت آراء مجموعة من المشاركين في البرنامج بعد نجاح الورشة التدريبية العلمية الافتراضية لبرنامج «المرشد الثقافي العربي»، الذي أطلقته الشيخة اليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان سفيرة الثقافة العربية في شهر أبريل الماضي تحت شعار «بالماضي نعبر للمستقبل» بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وقد اختتمت مؤخراً الورشة التدريبية العلمية الافتراضية للبرنامج، التي شارك فيها 76 من المرشدين الثقافيين، ومسؤولي المتاحف بالدول العربية يمثلون 15 دولة عربية من الإمارات والسعودية وسلطنة عُمان والبحرين والعراق واليمن وفلسطين ومصر والسودان وسوريا والأردن والمغرب وتونس والجزائر وليبيا.   

في البداية، قال المدير العام للمنظمة العربية للتربي والثقافة والعلوم «الألكسو» الدكتور محمد ولد أعمر: أشكر صحيفة «الاتحاد» على اهتمامها بأنشطة وبرامج المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وخاصة الأنشطة والفعاليات التي تندرج ضمن برنامج سفيرة الثقافة العربية لـ«الألكسو» الشيخة اليازية بنت نهيان، وأضاف: يُعد البرنامج أحد أبرز هذه الأنشطة، وهي مبادرة وردت علينا في إطار برنامج السفيرة الثقافية لسنة 2022، وتفاعلنا معها بشكل إيجابي جداً لإدراكنا أهمية هذا المجال والرسائل الحضارية التي يؤديها؛ لأن المرشد الثقافي هو بمثابة الوسيط بين ما يكتنزه تراثنا من كنوز خالدة والجمهور المتلقي من مختلف الفئات والأعمار، ومن هنا تأتى هذه الأهمية، وهذه الخطورة في الآن نفسه.
ويضيف: رغم أنها الدورة الأولى لهذا البرنامج، وكما يقال أصعب الأمور بداياتها، إلا أننا نجحنا في إشراك غالبية البلدان العربية وتحفيز الشباب والمهتمين بهذا المجال إلى الانخراط في هذا البرنامج والنتائج كانت طيبة جداً. وأضاف: في المحصلة، يعتبر برنامج المرشد الثقافي برنامجاً رائداً، وقد أصابت الشيخة اليازية بنت نهيان في اختيار هذا الموضوع للاشتغال عليه لرفع الإيجابية لدى الشباب العربي، وتحفيزهم لزيارة المتاحف والتصالح مع تراثهم والافتخار به.

تعزيز الزيارات المتحفية
من جهته، قال الدكتور عبدالرحمن عثمان السيد، عضو المجلس الدولي للمتاحف: لا شك في أن متاحفنا العربية، رغم ثرائها الثقافي وعددها الكبير الذي يتجاوز 1000 متحف، ووفقاً لكثير من الإحصائيات قد شهدت عزوفاً كبيراً من زوارها، وخاصة من مجتمعاتها المحلية، وقد خلصت تلك الدراسات إلى وجود كثير من العوامل المؤثرة في ضعف الزيارات المتحفية سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو جغرافية، أو تلك التي تتعلق بطريقة العرض المتحفي، وأخيراً طريقة تفسير وشرح المقتنيات المعروضة، ولعل وظيفة التفسير هي عماد مهام المرشد المتحفي؛ لذا فإنه يقع عليه العبء الأكبر من تلك العوامل. 
ويضيف: خلال هذا المشروع الثقافي المهم، أُتيحت لي الفرصة أن أتشارك مع مجموعة متميزة من المرشدين الثقافيين من دول عربية عدة  موضوع الإرشاد المتحفي الرقمي، حيث لعبت التكنولوجيا الرقمية دوراً مهماً في مساعدة المرشد المتحفي التقليدي لتعزيز الزيارات المتحفية، كما لعبت دوراً كبيراً خلال جائحة «كورونا» حينما أغلقت المتاحف أبوابها أمام الزوار، ولكنها لجأت إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية كمساعد قوي للمرشد التقليدي في تلك الأزمة الصحية العالمية، وركزت محاضرتي، خلال الورشة، على التعرف على أشكال الإرشاد المتحفي الرقمي داخل المتاحف وأهميتها في تعزيز الزيارات المتحفية، واختتمت باستعراض تأثير تلك الجولات المتحفية التفاعلية عن بعد على مخرجات التعلم لدي الزائر، وكيفية وآلية قياس معامل التأثير لتلك الجولات. 

بالماضي نعبر للمستقبل
أما غيثة الرابولي، محافظة متحف سيدي محمد بن عبد الله بالصويرة المملكة المغربية، فقالت: هذا البرنامج الذي أطلقته الشيخة اليازية بنت نهيان سفيرة الثقافة العربية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وبشراكة مع المنظمة العربية للمتاحف، ومشاركة عدد من المهتمين من الدول العربية الشقيقة والصديقة، له أهمية كبرى وقالت: إن فكرة «برنامج المرشد الثقافي» في دورته الأولى والتي نظمت تحت شعار «بالماضي نعبر نحو المستقبل»، فكرة رائدة تؤسس لإعادة بناء المفاهيم وبناء الإنسان، خاصة في ظل التحولات السوسيواقتصادية التي يعرفها العالم. فالمرشد الثقافي مبادرة ثقافية انخرطت في بلورتها على أرض الواقع شخصيات ومؤسسات، كيف لا والبرنامج أهدافه نبيلة لمهمة وغايات أنبل.. فالجوهر هو خلق تصالح مع المعالم التاريخية والمؤسسات المتحفية داخل وطننا العربي.

ومن جانبه، يقول عز الدين حجاج، متخصص في إدارة حفظ التراث الثقافي: يعتبر برنامج المرشد الثقافي إضافة نوعية للشباب من المنطقة العربية الذين شاركوا في هذا البرنامج، وتكمن أهميته في أنه تم تنظيمه من قبل سفيرة الثقافة العربية، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والمنظمة العربية للمتاحف، وهي مؤسسات لها خبرة طويلة في القضايا التي تتعلق بإدارة وحفظ التراث الثقافي.
وأضاف: ركز البرنامج على مواضيع مهمة تنوعت بين المهارات التي يجب اكتسابها في الإرشاد المتحفي، والطريقة المثلى لتحقيق الاندماجية بين المتاحف من جهة والعائلة والأطفال من جهة أخرى، بالإضافة إلى الجولات المتحفية التفاعلية، وهذه القضايا تشغل حيزاً كبيراً من الدراسة والنقاش في الفترة الحالية لدى المتاحف العالمية والمؤسسات المعنية بإدارة التراث الثقافي، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، الشيء الذي يحتم على هذه المتاحف البحث عن طرق حديثة تساعد في إيصال رسالة المتحف لأكبر قدر ممكن من الجمهور.
ويعد برنامج المرشد الثقافي فضاء جديداً يساهم في تبادل الرؤى والأفكار بين الشباب العاملين في حقل التراث الثقافي وبين المؤسسات المعنية بإدارة التراث، وبالتالي يساعد في بلورة استراتيجيات وخطط آنية ومستقبلية لضمان استدامة التراث الثقافي المادي وغير المادي، ويساهم في تحقيق التفاعل بين كافة أفراد المجتمع لحفظ التراث الثقافي وحمايته وعرضه.

مبادرة متميزة
يقول الدكتور الشرقي دهمالي، نائب رئيس المنظمة العربية للمتاحف، عضو المجلس الاستشاري للمجلس الدولي للمتاحف، المملكة المغربية: سعدنا كثيراً في المنظمة العربية للمتاحف بالانضمام كشركاء في الدورة الأولى لبرنامج المرشد الثقافي كمبادرة متميزة للشيخة اليازية بنت نهيان سفيرة الثقافة العربية التي أطلقت هذه الفعالية الثقافية تحت شعار «بالماضي نعبر للمستقبل». وأضاف: هذا البرنامج مهم جداً بالنسبة للمتاحف العربية، حيث يسلط الضوء على إحدى أهم مهام المؤسسة المتحفية، وهي وظيفة الإرشاد المتحفي، ونحن في المنظمة العربية للمتاحف نهتم كثيراً بتكوين فئة المرشدين المتحفيين وتنمية قدراتهم المعرفية والعملية للحفاظ على فعالية أدائهم المهني، عبر الاطلاع على أحدث التقنيات والمعارف في هذا المجال المهم.