مطلوب منها إعادة البناء في ظروف استثنائية.. تحديات خطيرة تواجه الحكومة التونسية المقبلة – بوابة الأهرام

توفيق مجيد: العملية معقدة وكل حزب له حساباته الخاصة
عبد الله القلالى: التدخلات الخارجية فى الشئون السياسية لا تساعد على حل المشكلات
د. أروى الكعلى: يجب أن تكون الشخصية التى تقود الوزارة متمكنة اقتصاديا

يؤكد كل المراقبين والمحللين، أنه برغم إشكالية تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، التى لم يعرف حتى الآن على أى أساس سيتم اختيار أعضائها، فإن هناك تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة تواجهها.

يؤكد توفيق مجيد – صحفى تونسى: نحن أمام عدة تساؤلات مهمة متى سيتم تشكيل هذه الحكومة؟ ومن سيكون رئيسا للحكومة؟ ومن سيقبل بالعمل فى هذه الحكومة؟  والسؤال الأهم هو أن تشكيل هذه الحكومة سيكون وفق أى نظام سياسى؟ فإذا كانت وفق النظام السابق، فلا بد أن تخضع لمصادقة البرلمان، والذى تم تجميده بالفعل وفق القرارات التى تم اتخاذها من الرئيس فى 25 يوليو الماضى، أيضا ما الأسس التى سيتم اختيار أعضاء الحكومة على أساسها، فهى لابد أن تكون شخصيات مستقلة ولا تنتمى لأى حزب، خصوصا بعد المهازل التى تسببت فيها الأحزاب الفاسدة، والتى عانى منها المواطن التونسى، فكل حزب له حسابات خاصة، لذا فالعملية معقدة جدا لكل الحكومات السابقة، التى جاءت خلال العشر سنوات الماضية، فكلها تعرضت لهذا الإشكال وليست الحكومة الجديدة فقط، والسؤال المطروح الآن: هل الديمقراطية التونسية ناضجة لدرجة أن تكون الحكومة تحت مظلة نظام برلمانى؟

يتابع: تونس منذ عام 1956 حتى 2011، كانت تحت النظام الرئاسى، وفجأة انتقلنا مباشرة للنظام البرلمانى ولمدة 10 سنوات وسط تناقضات كثيرة، فكان المواطن التونسى يقول: لقد مللنا من النظام الرئاسى لأن به محسوبية وديكتاتورية، وتم القضاء على نظام بن على، والآن المواطن التونسى، بسبب معاناته طوال العشر سنوات الماضية، أصبح يتمنى العودة للنظام الرئاسى، لذا فهناك تحديات كبيرة تنتظر الرئيس قيس سعيد، لأنه رغم شعبيته الطاغية الآن، فإنه فى حاجة لوضع خطة معينة وخارطة طريق تبدأ بالذهاب نحو استفتاء شعبى لتغيير الدستور أو على الأقل تعديله، ثم إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وفى رأيى إذا صرح الرئيس بنيته فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأنه ينتوى الترشح سيفوز بها دون منازع.

ويرى مجيد، أنه على الحكومة الجديدة طمأنة رجال الأعمال والمستثمرين الذين عانوا الأمرين خلال الفترة الماضية، من خلال محاسبة الفاسدين لإعادة الثقة مرة أخرى، لأن التحديات الاقتصادية، هى الأهم حاليا بعد تصريح الرئيس بأن هناك من نهب ثروات البلاد، وبالتالى فالشعب يطالب الآن باسترجاع هذة الثروات وتنميتها لتحسين الوضع الاقتصادى والاجتماعى للمواطن التونسى، وأنه لابد من خطة وبرنامج معين للمرحلة المقبلة.

أما عبد الله القلالى – أستاذ القانون بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس – فيقول: إن الطبيعى هو اختيار رئيس للحكومة، وبدوره يختار التشكيل الأمثل من الوزراء، ووفقا للظروف الاستثنائية التى تمر بها تونس، فالأمر يسير بطريقة عكسية، فالرئيس عين بعض الوزراء مثل وزير الداخلية ووزير الصناعة، وأعفى عددا آخر من الوزراء، وتأخر الرئيس فى الإعلان عن رئيس الحكومة، وإن كان هذا المصطلح لم يعد ينطبق على الوضع الحالى فى تونس والمصطلح الأقرب هو وزير أول، على أساس أننا نسير حاليا وفق نظام رئاسى وليس نظاما برلمانيا، فالمفترض أن يوافق البرلمان على التشكيل الحكومى، لكن البرلمان مجمد حاليا وفق قرارات الرئيس فى 25 يوليو، وللأسف الرؤية غير واضحة، فالرئيس لم يحل البرلمان، وإنما قام بتجميده، وهذا لا ينص عليه الدستور سواء الحالى أم السابق، إنما هو مصطلح سياسى يتطابق مع وضع تونس الحالى، لكن المشكلة أنها لا تخضع لأى دستور فهى حكومة رئيس الدولة، فلا توجد جهة تستطيع تقييم أدائها أو محاسبتها فى ظل عدم وجود برلمان.

وقال: بالتأكيد الحكومة المقبلة أمام اختبار صعب لأنها مطلوب منها إعادة البناء فى ظل ظروف استثنائية تمر بها البلاد، خصوصا فى الملف الصحى والسعى لتجاوز أزمة كورونا، أيضا الملف الأمنى، يعد الأخطر حاليا ويجب أن تكون له الأولوية حتى لا تنزلق تونس فى أى منحدر، لذا يجب العمل على محورين، أولا العمل على منع التدخلات الخارجية التى كانت سببا فى تأخر العديد من الدول عن السير فى طريق الإصلاح، فالتدخلات الخارجية فى السياسة والشئون الداخلية للدول لا تساعد على حل المشاكل، إنما على زيادتها، وهذا هو الخطر الحقيقى، أيضا الأمن الداخلى فمثلا حزب النهضة وأنصاره وبعد أن كانوا على رأس السلطة إلا أنهم لا يعتبرون أنفسهم مهزومين، وإنما هناك مراجعات وتفككات أصابت الحزب، واليوم فى تونس هناك توافق شبه كلى على أخطاء حزب النهضة، ولا يوجد الآن من يدافع عن هذا الحزب، وأنه يجب أن يحاسب على أخطائه هو وقياداته، وأعتقد أن هذا المطلب ليس من النخبة السياسية فقط أو من جانب أنصار الرئيس فقط، وإنما هو مطلب لأنصار الحزب نفسه، وهذا هو الانطباع العام السائد حاليا فى تونس.

الدكتورة أروى الكعلى – الباحثة بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس – تقول: إن رئيس الجمهورية قيس سعيد، أكد أنه سيعلن عن تركيبة الحكومة الجديدة، لكن لم يتم الإعلان، حتى الآن، عنها، لكنه فى الحقيقة كلف العديد من الوزراء بمهام تسيير الوزارات التى قرر إعفاء من كانوا على رأسها ضمن تركيبة الحكومة السابقة، وملامح هذه الحكومة لم تتحدد بعد، ولا يمكن الجزم بخصوصها، ولكن من المفترض أن يختار الرئيس شخصية مستقلة بعيدة عن أية تجاذبات، وتكون نظيفة اليد لا تحوم حولها أية شبهات أو علاقات بشخصيات متورطة فى الفساد، وأضافت أن الرئيس ومنذ انتخابه اختار رئيسى حكومة لم يكونا موفقين، وبالتالى فإنه لا خيار أمامه هذه المرة، إلا أن ينجح فى وضع الشخصية الأنسب على رأس الحكومة، خصوصا أن هذه الحكومة تنتظرها تحديات عديدة، أهمها من وجهة نظرى الملف الاقتصادى، لأن البلاد كانت ولا تزال تمر بظروف اقتصادية صعبة، لذلك يرجح دائما أن تكون هذه الشخصية التى تقود الحكومة متمكنة من هذا الملف، ولديها حلول يمكن فعلا أن تخرج البلاد من وضعها الحرج، أيضا الملف الصحى لا يزال مطروحا وبقوة، خصوصا أن هناك تراجعا فى المؤشرات الخطرة، لكن هناك تحديا حقيقيا يتمثل فى تطعيم نصف السكان بحلول شهر أكتوبر لضمان السيطرة على الوضع الوبائي، والنسبة الحالية نحو 20% من السكان، لذلك سيكون هذا الملف غاية فى الأهمية بالنسبة إلى الحكومة المقبلة.

والآن الملف الرئيسى قد لا يكون الحكومة فى حد ذاتها بل النظام السياسى برمته، الرئيس قيس سعيد طبعا لم يكن راضيا تماما عن أداء البرلمان، وهو دائما ما يتحدث عن نظام سياسى كما يطلبه الشعب، لكن أيضا ملامح هذا النظام غير معروفة، والعديد من المراقبين رجحوا أنه سيتجه نحو إعلان تنظيم مؤقت للسلطة، والذهاب نحو تعليق العمل بالدستور، لكن فى الوقت نفسه يتمسك الرئيس بدستورية الإجراءات التى اتخذها فى 25 يوليو، وبأنه يعمل فى إطار الدستور، وبالتالى فإن المخرج القانونى الذى سيختاره الرئيس قيس سعيد هو الذى سيحدد المرحلة المقبلة برمتها، لكن إن عين رئيس حكومة الآن فسيكون تحت إشرافه بمرتبة وزير أول، كما قال منذ أكثر من شهر عندما أعلن إجراءاته، أى إنه سيأتى لتنفيذ قرارات الرئيس، ولن يتمتع باستقلالية تامة.

#مطلوب #منها #إعادة #البناء #في #ظروف #استثنائية #تحديات #خطيرة #تواجه #الحكومة #التونسية #المقبلة #بوابة #الأهرام

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد