- الإعلانات -

- الإعلانات -

نص كلمة رئيس الحكومة هشام مشيشي في البرلمان

 حقائق أون لاين- ألقى رئيس الحكومة هشام مشيشي اليوم الثلاثاء كلمة خلال جلسة عامة بالبرلمان مخصصة لمنح الثقة للوزراء الجدد المقترحين في التحوير الوزاري.   وفيما نص الكلمة:  السيّد رئيس مجلس نوّاب الشعب الموقّر، السيّدات والسادة نوّاب الشعب المحترمين، الحضور الكريم من وسائل إعلام وممثّلين عن المجتمع المدنيّ،   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،     قال تعالى :”فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ”     من هذه المؤسسة الدستورية المحترمة، كانت الحكومة التي أترأّسها نالت الثقة، ومن نفس هذا المنبر كنت قد توجّهت إلى السيّدات والسادة نوّاب الشعب الموقّرون منذ شهر بمناسبة المصادقة على قانون المالية لسنة 2021، لأؤكّد على عزمي الشخصيّ وعزم فريقي الحكومي أن يكون الإنجاز هدفنا والصدق مبدأنا. ومرة أخرى ومن نفس هذا المنبر أتوجّه إليكم عارضا على حضراتكم لا فقط تحويرا في تركيبة الحكومة راجيا أن ينال السّادة الوزراء المقترحون فيه ثقتكم، بل أيضا خارطة طريق لبرنامج عملنا في الفترة المقبلة. بقطع النّظر عن النقاشات العقيمة حول إجبارية عرض التّحوير الوزاري على أنظار مجلس النوّاب، اخترنا أن نتوجّه إلى هذه المؤسّسة التي اختارها شعبنا لتكون مصدر الشرعية، ونلنا فيها الثّقة، وإليها نعود لمزيد ترسيخ التقاليد الديمقراطية الفضلى، وتدعيم جسور التواصل بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وتعزيز الثقة بين مكوّنات الدولة ومؤسّساتها الدّستورية، محافظة على تجربتنا الدّيمقراطية الرّائدة التي انخرطت فيها تونس منذ 2011، والّتي قطعت نهائيّا مع منظومة الحزب الواحد والرأي الواحد والزعيم الأوحد.   إنّ التحوير الوزاري المقترح، والذّي أغتنم فرصته لأتقدّم بجزيل الشّكر والإمتنان إلى كافة أعضاء الفريق الحكومي على ما بذلوه من مجهودات وما قدّموه من تضحيات في ظروف صعبة وشديدة التّعقيد على كافة المستويات، هذا التحوير الوزاري المقترح يأتي بعد تقييم موضوعي قمت به كرئيس للحكومة طبقا لما يخوّله لي الدّستور من صلاحيات للهيكلة الحكومية وللأداء على رأس الوزارات، آخذا بعين الإعتبار دقّة الظّروف التّي تحمّلت فيها هذه الحكومة مسؤولية قيادة البلاد وإدارة شؤونها، وتعقيدات المشهد السياسي الذّي تعيشه بلادنا.   كما زادت الأزمة الصحية التّي اجتاحت كلّ دول العالم في تعقيد الوضع الذّي تمرّ به بلادنا منذ بضع سنوات. وقد تصدّرت هذه الجائحة أولويات عملنا وسخّرنا لها كلّ مجهوداتنا وكلّ إمكانياتنا بالرّغم من النقائص والصّعوبات الهيكلية الّتي يعرفها قطاعنا الصحّي نتيجة سنوات من ضعف الاستثمار فيه ومن هجرة الأطباء ومن غياب أي رؤية استراتيجية.     تحدّينا صعوبة الوضع بكلّ شجاعة وعززنا في قدرات مؤسّساتنا الاستشفائية على مجابهة الوباء، حيث قمنا في بضعة أسابيع بتوفير ما لم يتم انجازه في سنوات من أسرّة إنعاش التّي تضاعف عددها من 95 سرير إلى 314 ومن أسرّة أكسيجين التّي تضاعف عددها من 400 سرير إلى 2000 فضلا عن تعزيز الإمكانيات البشرية ب 300 طبيب و أكثر من 800 إطار طبي. ولا تزال معركتنا مع هذا الوباء متواصلة، معركة تستوجب رصّ الصّفوف وانخراط كلّ القوى الحيّة في المجهود الوطني لمحاصرة الوباء وتحصين مواطنينا ضدّه والحدّ من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية على بلادنا. وبهذه المناسبة، أجدّد شكري وامتناني لكلّ الإطارات الصحية والأمنية والعسكرية، والسلطات الجهويّة والمجتمع المدني وكلّ من ساهم ويساهم في مقاومة هذا الوباء، ستتذكّر الأجيال المتعاقبة أنّكم كنتم من خير جنود المعركة وأنّكم استبطنتم المفهوم الحقيقي للنّضال. كما لا يفوتني أن أترحّم على كلّ ضحايا كوفيد-19 وأواسي عائلاتهم وأتقاسم أحزانهم.   إنّ الحرب على الوباء لا تزال طويلة لذلك جهّزنا لها كلّ عناصر الانتصار وأهمّها انخراطنا في البرامج والمنظومات الدّولية الكفيلة بضمان حصّة بلادنا من الّلقاح فضلا عن تعاقدنا المباشر مع المخابر الدّولية التي تحصلت على رخص الترويج في العالم وفي تونس بعد إثبات فاعلية لقاحاتها وسلامتها وجودتها. كما قمنا بإرساء استراتيجية وطنية للتلقيح حدّدت، اعتمادا على المعطيات العلمية والاحصائية، الفئات ذات الأولوية، ووضعت خارطة للمراكز التّي سيتمّ بها التلقيح وتجهيزها. استراتيجية سننطلق في تنفيذها بداية من فيفري بتلقيح العاملات والعاملين في قطاع الصحة في خط المواجهة مع الوباء ثم تلقيح بقية الفئات مجانا حسب الأولوية والاختيار الطوعي. أمام هذا التحدي الصحي وما يصاحبه ويسبقه من صعوبات اقتصادية واجتماعية وسياسية، اخترت أن أتحمّل مسؤوليتي كاملة أمام الشعب وأمامكم كنواب. فمنذ نيل الحكومة لثقة مجلسكم الموقّر وأنا على وعي بحجم الصعوبات وبحدّة التجاذبات وعمق الأزمة في بلادنا، ولكنّي على يقين أنّ على هذه الأرض ما يمكن إصلاحه وما يستحقّ التضحية من أجله. وأولى خطوات الإصلاح هي العمل على تعزيز مواطن القوة في الحكومة والإقرار بالتقصير الذي لا يخلو منه عمل بشري وتعديله دون مكابرة.   أعود إذا إلى هذا المجلس لإدخال تعديلات على التركيبة الحكومية بهدف إضفاء أكثر نجاعة وفعاليّة والترفيع في الكفاءة والأداء. في الفترة القصيرة الفارطة، تعاملنا مع كلّ مؤسسات الدولة بمرونة واحترام، وذلك لأنّني شخصيّا أؤمن بالدّولة وبمؤسّساتها، وأعتمد على التشاركية كمبدأ وطريقة عمل. أؤمن أنّ اختلافنا هو نقطة قوّة ولا ينبغي أن يكون بأيّ حال من الأحوال نقطة ضعف تشتّتنا وتبرّر الإقصاء والاستئصال فنحن جميعا شركاء في الوطن، وكما قلت سابقا من نفس هذا المنبر: نحن شركاء في نجاحات هذا الوطن ولكن أيضا مسؤولون عن انتكاسته لا قدر الله.                           السيّد رئيس مجلس نواب الشعب المحترم، السيّدات والسادة نوّاب الشعب الأفاضل،   التحدّيات التي نواجهها اليوم تحدّيات حقيقيّة وعميقة، والصّعوبات التّي تعرفها بلادنا على درجة من الخطورة أصبحت تهدّد ديمومة وكيان الدّولة. ولن يكون من الهيّن تجاوزها في ظرف وجيز. فنحن نعاني من أزمة هيكليّة تفاقمت على امتداد السنين وتشعّبت بدرجة معقّدة وتأخّرت فيها إرادة الإصلاح الحقيقية والمسؤولة لتفسح المجال أمام الخطاب الشعبوي الّذي يسعى أصحابه إلى تسويق الأوهام وتسجيل النقاط السياسوية وافتعال المعارك الزّائفة التي فصلها الدستور والتي لم تعد تعني لشعبنا ولا لشبابنا شيئا، شبابنا أصبح ينفر العمل السياسيّ والجمعيّاتي ووجد لنفسه تعبيرات بديلة، تدلّ على نفاذ صبره وعلى تأخّر تحقيق إنتظاراته المشروعة لا سيما في التشغيل والتنمية، تعبيرات آن الأوان لكي نفكّ شفراتها بكلّ تواضع وموضوعيّة  لنلبّي تطلعاته دون انتظار أو تأخير .   أين نحن من استحقاقات ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي التّي احتفلنا منذ أيّام على مرور عشرة سنوات على اندلاعها ؟ ثورة حرّرت أصواتنا بدماء شهدائها الزكيّة والذّين نترحّم عليهم ونحسبهم في جنّات الخلد، فأصبحنا نصدع بما كانت تخفيه صدورنا، واسترجعنا حقوقنا في المواطنة، وقطعنا مع سياسة الخضوع وطأطأة الرأس المذلّة. ثورة قامت من أجل الشغل والحرية والكرامة الوطنية، لكن وبالرّغم من مناخ الحرّية الذّي أصبحنا نعيشه إلاّ أنّنا لم نتناول مشاغل ومطالب الشعب بعمق، ولم تتحقّق مطالب الشباب وطموحاته المشروعة من شغل وتنمية وعدالة إجتماعية، فالقدرة الشرائية للمواطن تراجعت والطبقة الوسطى انهارت وازدادت الجهات المهمّشة تهميشا، وإتّسعت رقعة الفقر والعمل الهش.   طغت منذ عشر سنوات التجاذبات السياسية والسياسوية التّي زادت في عمق الهوة بين التونسيين والنخبة الحاكمة، فتعمّق بذلك الشعور لدى التونسيين بالتهميش وبتخلي الطبقة السياسية عن قضاياهم وعن مشاغلهم وطموحاتهم. لذا فإنّ المطلوب منّا اليوم، وقبل فوات الأوان، هو الإصغاء لصوت الشّباب الغاضب بصدق، والعمل بجدّ وبعقيدة صادقة، على إيجاد الحلول الجذرية والمستدامة لمشاكله، التحريض على التدمير والفوضى واستعمالها كوسيلة ضغط من جهة، والتجاهل للمطالب وإنكارها من جهة أخرى، كلها لا تنفع شيئا بل تدمر بلدا أفنى روّاده أعمارهم في بنائه.                                         السيّد رئيس مجلس نواب الشعب الموقّر،   السيّدات والسادة نوّاب الشعب المحترمون،   لا خيار لنا إلاّ الإصلاح، والطّريق أمامنا لا يزال طويلا، ولا يزال محفوفا بالعراقيل والعوائق. فالأوضاع السياسية لا تزال مضطربة، والعديد من تشريعاتنا منقوصة وغير محيّنة ومكبّلة   وكلّ هذا يلقي بضلاله على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.   واليوم،  ورغم كلّ ذلك فإنّ الأمل لايزال قائما والتدارك ممكنا، لا مكان للاستسلام والإحباط عندما يتعلّق الأمر بإنقاذ البلاد، لا تزال لنا فرصة لاستخلاص الدروس من  الماضي وتجاوز أخطائنا وهناتنا، ولا تزال الفرصة متاحة لبناء مستقبلنا ومستقبل أبنائنا على أسس سليمة، يبقى ذلك رهينة توفّر إرادة العمل والبناء والإصلاح عند الجميع، فإذا توفّر الصدق في العمل والإخلاص للوطن، وإذا تم القطع مع الشعبوية المقيتة التي تبيع الوهم وتستثمر في آلام النّاس، واستبدالها بروح المسؤولية الشّجاعة التي تقدّم الحلول الحقيقية حتّى وإن كانت موجعة، عندها سنتوفّق في الإجابة على إنتظارات شعبنا وننطلق فعليّا في إنقاذ تونس من الأزمة الحادّة التي تمرّ بها حاليّا. تلك قناعتنا وذلك هو عزمنا.   إنّ وقوفي أمامكم اليوم، لا يأتي فقط لعرض السّادة الوزراء المقترحين في التحوير على ثقة مجلسكم الموقّر، إنما أيضا لطرح خارطة طريق لأولويّات عمل الحكومة والبرامج التي نتعهد بإنجازها خلال الفترة المقبلة.   هذه الحكومة، أردنا لها منذ البداية أن تكون حكومة إنجاز وحكومة فعل لا قول، لذلك يأتي هذا التحوير المعروض عليكم كخطوة إضافيّة في هذا الإتّجاه، حيث نهدف من خلاله إلى إضفاء أكبر قدر من التناسق صلب الفريق الحكومي. تناسق يضفي لعملنا أكثر نجاعة وفرص أكبر للنجاح فيما نصبو إليه.   التحوير المعروض عليكم شمل أولا إعادة هيكلة بعض الوزارات، حيث أعدنا تفعيل وزارة التكوين المهنّي والتشغيل وأضفنا لها محور الاقتصاد الاجتماعي التضامنيّ، وذلك إيمانا منّا بأهميّة التكوين المهنيّ وارتباطه الوثيق بموضوع الشباب المنقطع عن الدراسة والشباب الحامل للشهائد العلميّة والذّي لا يجد فرصا للتشغيل. واخترنا أن نراهن على الاقتصاد الاجتماعي التضامنيّ لأنّنا مقتنعون أنه يمثل لا فقط جزء من الإجابة على مشاكل البطالة في تونس، وخاصة بين الشباب، بل سيكون ركيزة مهمّة لنموّ اقتصادي مستدام وشامل، يثمّن ما تزخر به بلادنا من كفاءات، حان وقت التعويل عليها والإيمان بطاقاتها الإبداعية وتشجيعها.     وتم فصل وزارة الطاقة عن وزارة الصناعة، إيمانا منّا أنّ هاذين القطاعين من القطاعات الواعدة التي ينبغي أن نستثمر فيها وأن نراهن عليها في خلق فرص التشغيل وإحياء الأمل لدى الشباب المفعم بالحيويّة ولكنّه لم يلق حظّه في الشغل وبقي عاطلا عن العمل. آن الأوان أيضا لقطاع الطاقة أن يتحرّر وأن يخلق الثروة،     التونسيّون والتونسيّات ينتظرون إعادة عجلة الاقتصاد، وإيجاد حلول للتشغيل، و نحن نؤكد اليوم أنّ ذلك يمرّ عبر التنمية الجهويّة المتضامنة باعتبارها الضمان الوحيد للقضاء على التفاوت الجهوي ومحاربة الفقر والتهميش، والدولة هي القاطرة لتحقيق هذه التنمية. طبعا الدولة لن تعمل بمفردها ولكننا نتعهّد بدعم المستثمرين بوصفهم شركاء أساسيّين في دفع مؤشرات التنمية. ويمثل تحسين مناخ الأعمال وتحفيز المبادرة الخاصة أحد أبرز الأولويات التي تحرص الحكومة على تجسيمها خلال السنة الحالية.   تحرير الاقتصاد من المكبّلات التشريعية والترتيبية الّتي يعاني منها كفيل بإطلاق العنان لكلّ المبادرات التي تخلق الثّروة وتدفع الاستثمار حتّى يجد كلّ من يرغب في الإبداع والابتكار الطريق ممهّدة للنفاذ إلى السوق، وسنعمل بداية من السّداسي الأوّل لسنة 2021 على إلغاء أو مراجعة أكبر عدد من العوائق والتراخيص أمام كلّ الأنشطة الاقتصادية، كما سنعمل على تسهيل النفاذ الى منظومة الحوافز المالية والجبائية خاصة من خلال التخفيض في نسبة التمويل الذاتي المستوجبة للانتفاع بالحوافز.   الغاية الأساسية من كلّ ذلك هي دفع المستثمرين وخاصة الشباب منهم إلى خلق الثروة والتّعويل على قدراتهم واستنهاض روح المبادرة لديهم.   هذه الحكومة تملك رؤية استراتيجية واضحة للإصلاح ولتغيير منوال التنمية الذي طالما تحدّثنا عنه، لابدّ من إعادة النظر فيه لوضع البلاد على طريق النجاح وخلق الثروة الحقيقيّة، الثروة التي يكون مأتاها العقل التونسيّ المستنير والمنفتح على العالم وعلى التطوّر التكنولوجي والرقميّ،   نحن نؤمن إيمانا راسخا ومبدئيّا أنّه لا يمكن صناعة اقتصاد جديد بآليات وأدوات قديمة، ولذلك فنحن نعوّل على تطوير قطاعات المستقبل والحفاظ على خبراتنا في القطاعات الأخرى.   الرؤية التنمويّة يجب أن تتجسّد أوّلا في المجال الرقمي بمختلف مكوّناته وأبعاده، لا يمكن اليوم الإنكار أنّ عالم التكنولوجيات الحديثة أصبح يمثّل رافعة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وخلق مواطن شغل. وإيمانا منّا بهذا التحدي الرقمي، فإنّ الحكومة ستواصل العمل على تنفيذ المخطط الوطني الاستراتيجي “تونس الرقمية” كرافد للتّنمية، وأيضا كآلية فعالة لإحكام التصرف في الأزمات، ولنا في ذلك مثال حيّ حيث ساهمت الرقمنة في إيجاد الحلول الكفيلة والناجعة في وقت قياسي لتأمين استمراريّة إسداء المرافق العموميّة في فترة انتشار فيروس كوفيد-19. هذه الحكومة تعمل وفق مقاربة تشاركيّة مع مختلف الفاعلين في مجال الرقمنة، من قطاع عام وخاص ومجتمع مدني، وذلك قصد وضع استراتيجية وطنية للتحوّل الرّقمي 2021-2025 تهدف بالأساس إلى تحسين مساهمة القطاع في النّاتج المحلّي الإجمالي (4,3% في سنة 2019) ليبلغ 6 % في موفّى 2025 والتّرفيع في نسبة قيمته المضافة من مجموع الأنشطة المسوّقة.   الانتقال الطاقي أيضا ركيزة من ركائز الاقتصاد الجديد، حيث أنّه يعتبر عنصرا أساسيا للتنمية المستدامة والتطور الاقتصادي والاجتماعي وحماية البيئة والمحيط.   لذلك، سيكون الاستثمار في مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة المبرمجة خلال الثلاث سنوات القادمة إحدى أهم الوسائل التي ستساهم في إنعاش اقتصادنا بشكل فعّال وتمكّننا من إسترجاع استقلاليتنا الطاقية لا سيّما عبر الترفيع في نسبة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 30% والتخفيض من الطلب على الطاقة بـ30% بحلول سنة 2030.   القطاع الفلاحي بدوره يمثل ركيزة أساسية من ركائز اقتصادنا الوطني، فإضافة إلى مساهمته المباشرة في تعزيز أمننا الغذائي، فهو يمثل مقوّما أساسيا من مقومات الإقلاع الاقتصادي لبلادنا، ونحن عازمون على تطويره وتذليل كل العوائق التي تعرقل نموّه، من خلال حوكمة المنظومات الفلاحية ودعم قدراتها وتثمين منتجاتها، وتحسين مناخ الاستثمار والقدرة التنافسية للمنتجات الفلاحية في الأسواق المحلية والعالمية، وتعصيره عبر تيسير اكتساب التكنولوجيا الحديثة.  إضافة إلى دعم التنظم المهني للفلاحين بما يكسبهم قدرة أكبر على الاستثمار والإنتاج ويحسن من مستويات عيشهم.             السيّد رئيس مجلس نواب الشعب المحترم، السيّدات والسادة نوّاب الشعب الأفاضل،   إنّ المرحلة القادمة تتطلّب أكثر من أيّ وقت مضى، الإنطلاق في مسار الإصلاحات في القطاع العمومي والمنشئات العمومية، والهدف من الإصلاح هو أوّلا وقبل كلّ شيء تطوير جودة الخدمات العمومية، إذ ينبغي أن بكون المرفق العموميّ في خدمة المواطن بدعمه ومرافقته وأن يكون أداة للتيسير لا للتعسير، للتسريع لا للتعطيل. ولأنّني أدرك تمام الإدراك حجم الفرص الّتي تمّ إهدارها نتيجة غياب الجرأة في إصلاح الإدارة والبحث عن الإثارة من خلال القيام بإجراءات استعراضية لم تساهم سوى في تعميق أزمة الإدارة العمومية وفي القضاء على كلّ روح للمبادرة صلبها ولدى كفاءاتها. وسننطلق في معالجة المشاكل الحقيقية للإدارة بتدعيم الرقمنة والحدّ من الإجراءات البيروقراطية، هدفنا من خلال ذلك الحدّ من نسبة الوثائق بنسبة 80 % من الحجم الإجمالي للوثائق الّتي تطلبها الإدارة في موفّى 2021.   من جهة أخرى، لم يعد من الممكن التأخير في النّظر في وضعية المنشآت والمؤسّسات العمومية، وقد سبق أن قلت في هذا الصدد أنّ إصلاحها وإعادة النظر في حوكمتها أصبحت من الأولويّات المستعجلة، ولا وجود لخطوط حمراء في هذا المجال، سنشرع في عملية إصلاحها أخذا بعين الاعتبار الوضعية الخصوصيّة لكلّ مؤسّسة ومنشأة على حدة، بالشراكة مع المنظّمات الوطنيّة وفي مقدّمتها الإتحاد العام التونسي للشغل وفق آليات حوار بنّاء ومسؤول. هذا الإصلاح سيمكننا من تخفيف عبء المؤسسات العمومية على ميزانية الدّولة.   في هذا الإطار، سيتمّ إحداث وكالة وطنية تتولّى الإشراف على هذه المؤسسات ومراجعة حوكمتها وإحكام إدارتها بالإضافة إلى صيغ المصادقة على أعمال التصرف فيها وتعزيز متابعة مؤشراتها وتوجيه التدخلات لفائدتها بحيث تستعيد هذه المؤسسات دورها الاستراتيجي في معاضدة جهود الدّولة ودعم الاقتصاد الوطني وفق مبادئ الحوكمة الرشيدة والقيمة المضافة وخلق الثروة.   كما سنتناول في الفترة القادمة مسألة ترشيد منظومة الدّعم وتوجيهه إلى مستحقّيه في إطار سياسة اجتماعية قوامها الإنصاف وتحسين المقدرة الشرائية للتونسي، ونحن نضع أواخر السداسي الثاني من السنة الجارية كمدى للإنتقال من نظام دعم للمواد إلى نظام دعم للمداخيل. وسيمكّننا هذا الإصلاح من تراجع معدّل الفقر بحوالي 25 %.   إصلاح منظومة الدعم سيمكننا أيضا من القضاء تدريجيا على ظاهرتي التّهريب واستعمال المواد المدعَّمة في غير أغراضها وتفادي التّبذير.   شرعنا في تطوير رقمنة الدفوعات والتحصيل الحكومي بالشراكة مع البنك المركزي التونسي. هدفنا من ذلك إضافة إلى تحقيق الشمول المالي والشفافية في المعاملات الحكومية، دمج جميع الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم حسابات أو خدمات بنكية، في المنظومة المالية بشكل كبير ممّا يحسن جودة حياتهم. أيضا، من بين أهداف هذه الحكومة، هو تحقيق الإدماج الرقمي من خلال مواصلة تطوير البنية التحتية وتعميم خدمات الانترنات ذات التدفق العالي في مختلف الجهات، وسنقدّم كل التحفيزات الممكنة من أجل دفع التونسيّين والتونسيّات للانخراط في منظومة الخدمات الماليّة وخدمات الدفع الإلكتروني.                           السيّد رئيس مجلس نواب الشعب المحترم، السيّدات والسادة نوّاب الشعب الأفاضل،   إن واجب الإصلاح يقع علينا سلطة تنفيذية وتشريعية، أحزابا ومستقلين فهو السبيل نحو خلق فرص شغل وآفاق نجاح لشبابنا ونحو استرجاع تعزيز المقدرة الشرائية الطبقة الوسطى والفئات الهشة لمقدرتها الشرائية وتحسين ظروف عيشها من نقل وصحة وتعليم. أعتبر نفسي المسؤول الأول كرئيس للحكومة عن هذا الإصلاح ولكن الطريق إليه سيكون أسهل وأسرع بفضلكم وفي ظل مناخ سياسي ومؤسّساتي مستقر وناضج. كذلك لا يمنعنا فخرنا بمؤسساتنا التي أرساها دستور الثورة من الوعي بأن نجاعتها رهينة نضج الطبقة السياسية وعقلنة العلاقات بينها. ما لم يتحقّق الاستقرار السياسيّ وما لم تنضج الحياة الديمقراطية، وما لم تلتزم كلّ المؤسّسات الدستورية بنواميس الدّولة وضوابطها، وبحدود صلاحياتها الدّستورية بعيدا عن الإستعراض والإثارة، لن نخرج من الأزمة التي نعيشها. إدارتنا للشأن العام في مرحلة انتقال ديمقراطي تجعلنا مسؤولين لا عن حاضر هذا الوطن فقط بل عن مستقبله ومستقبل الأجيال القادمة. مسؤوليتنا إذا مضاعفة. لنكن الجيل الذي يقطع مع عقود من توريث الديون واجترار الفشل لنكون جيل الثورة الاجتماعية والاقتصادية تتويجا لثورة الحرية والكرامة التي قادها شبابنا، شباب رائد ومتطلع لمستقبل أفضل. كما اجتمع التونسيات والتونسيون حول هدف مشترك في ديسمبر 2010 – جانفي 2011 فلنجتمع اليوم حول ما ينفعنا في حاضرنا ومستقبلنا.   هذه الحكومة تنطلق من البرنامج الذي عرضته على مسامعكم، وكلّي ثقة أنّكم ستدعمونها وتدفعون معها نحو حاضر أفضل لتونس، لكلّ بناتها وأبنائها، وأيضا من أجل ضمان حقّ الأجيال القادمة في دولة مزدهرة ومجتمع منفتح.   هذه حكومة الانطلاق الفعليّ في الإنجاز، حكومة التناسق والبرنامج،   والسلام عليكم ورحمة الله
المصدر

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد