وثيقة تكشف استعداد جنوب أفريقيا لاعتقال بوتين لدى دخوله أراضيها

انتهاء اتفاق «البحر الأسود» للحبوب يزيد أوجاع «القارة السمراء»

ألقى انتهاء العمل باتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، المعروف باتفاق «البحر الأسود» بظلال قاتمة من القلق على القارة الأفريقية، التي تعاني أزمة غذاء حادة منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، ومن المتوقع أن يفاقم ارتباك تصدير الحبوب من مخاوف الأفارقة من حدوث أزمات غذائية تصل إلى المجاعة في بعض الدول التي تعاني وضعاً هشاً.
وبينما اتفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» على «التأثير السلبي» لتجميد العمل باتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود؛ إلا أنهم أشاروا إلى «إمكانية استخدامه كأداة سياسية لتعظيم النفوذ من جانب قوى متنافسة في أفريقيا، وبخاصة روسيا والولايات المتحدة».
تاجر غلال يفحص (السبت الماضي) كمية من القمح المستورد من أوكرانيا في إحدى أسواق مقديشو (رويترز)
وأعلنت روسيا، الاثنين، تعليق مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الذي يسمح بتدفق الحبوب من أوكرانيا إلى دول في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.
جاء القرار الروسي على لسان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في مؤتمر صحافي عن بُعد، مؤكداً أن روسيا «ستعود إلى الاتفاق بعد تلبية مطالبها».
الأكثر تضرراً”.
وفي يوليو (تموز) من العام الماضي، وقَّعت روسيا وأوكرانيا اتفاقية الحبوب برعاية أممية ووساطة تركية بهدف ضمان شحن الحبوب الأوكرانية العالقة في الموانئ عبر البحر الأسود بسبب الحرب، فيما وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الاتفاق بأنه «منارة أمل».
وجرى تمديد الاتفاق عدة مرات، بهدف تخفيف حدة أزمة الغذاء العالمية، إذ تعد روسيا وأوكرانيا من الموردين العالميين الرئيسيين للقمح والشعير وزيت عباد الشمس وغيرها من المنتجات الغذائية ذات الأسعار المعقولة التي تعتمد عليها الدول النامية، حيث يعتمد 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم على الحبوب الأوكرانية، وفقاً لأرقام «برنامج الغذاء العالمي».
عامل يُعِدّ مخبوزات بقمح أوكراني (الأحد الماضي) في مخبز بمقديشو بالصومال (رويترز)
وجاءت القارة الأفريقية في مقدمة المتضررين جراء تراجع صادرات الحبوب من روسيا وأوكرانيا، حيث تستورد دول القارة نحو 40 في المائة من احتياجاتها من القمح من البلدين المتحاربين، وترتفع تلك النسبة في بعض مناطق القارة، ومنها دول أفريقيا جنوب الصحراء التي تتميز بكثافة سكانية عالية، بالنظر إلى اعتمادها على استيراد القمح بنسبة 85 في المائة منه من روسيا وأوكرانيا”.
وتمثل الأغذية والحبوب أعلى نسبة استهلاك لدى سكان أفريقيا جنوب الصحراء، يليها الوقود، إذ تستورد كينيا نحو 30 في المائة من الحبوب من روسيا وأوكرانيا، وتتزود الكاميرون بـ44 في المائة من الأسمدة الروسية، بينما تمثل واردات القمح من روسيا 50 في المائة من إجمالي ما تتزود به الكونغو وتنزانيا والسنغال والكونغو الديمقراطية.
وتستورد السنغال 65 في المائة من الحبوب من روسيا وأوكرانيا.
وتمثل واردات القمح نحو نصف الحركة التجارية بين البلدان الأفريقية وأوكرانيا البالغة 4.5 مليار دولار عام 2021. كما تساوي 90 في المائة من مبادلاتها مع روسيا التي تبلغ 4 مليارات دولار.
* الاتجاه الخاطئ
من جانبه، وصف كاميرون هادسون، خبير الشؤون الأفريقية في مجموعة الأزمات الدولية، القرار الروسي تجميد مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب بأنه «قرار في الاتجاه الخاطئ»، مبرراً ذلك بأن القرار يأتي قبل أيام من انعقاد القمة الروسية – الأفريقية قبل نهاية الشهر الحالي.
وأضاف هادسون لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يحاول إقناع أكبر عدد من رؤساء الدول الأفريقية بحضور القمة الروسية – الأفريقية في سانت بطرسبرغ، فإن مضاعفة سعر وارداتهم من الحبوب ليست طريقة للقيام بذلك».
في المقابل يرى رامي زهدي، الخبير في الشأن الأفريقي، القرار الروسي من زاوية مغايرة، إذ يعتقد أنه «يصب في مصلحة موسكو»، مشيراً إلى أن القيادة الروسية «ربما أرادت أن تزيد اعتماد الدول الأفريقية عليها بطريقة غير مباشرة».
وأوضح زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن «الجميع يدرك حجم وعمق المعاناة التي واجهتها الدول الأفريقية جراء تراجع واردات الغذاء نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية»، لافتاً إلى أن «هناك مخاوف جادة ومبررة جراء تجميد اتفاق تصدير الحبوب، ومن ثم يمكن لروسيا أن تقدم نفسها بما تملكه من قدرات إنتاجية وبخاصة من محصول القمح كبديل مقبول للدول الأفريقية، وهو ما يمكّنها من تعزيز نفوذها وتعاونها مع القارة في ملف يمثل أولوية قصوى لدى معظم دولها».
* الحبوب الروسية مجاناً
وحول إمكانية أن تتحول الأزمة الراهنة إلى أداة سياسية لاستمرار التنافس الدولي على القارة، قال هادسون إنها «ستتحول بكل تأكيد إلى فرصة لمن يستطيع ملء الفراغ»، متوقعاً أن «تسارع الولايات المتحدة إلى التحرك»، وهو ما أبدى رامي زهدي اتفاقاً بشأنه، مؤكداً أن واشنطن «تستطيع تحقيق المكاسب إذا تحركت بسرعة وقدمت بدائل حاسمة»، لكنه استدرك ليؤكد أن «مصداقية التحركات الأميركية لا تبدو في أحسن حالاتها حالياً لدى شعوب القارة الأفريقية».
كان الرئيس الروسي قد قال، في مارس (آذار) الماضي، إن روسيا ستقبل تمديد اتفاق الحبوب إذا نُفِّذ بالكامل، لافتاً إلى أن «موسكو ستزوِّد الدول الأفريقية بالحبوب مجاناً، في حالة عدم تمديد اتفاق نقل الحبوب عبر موانئ البحر الأسود في مايو (أيار) الماضي».
وإضافةً إلى وجود دول أفريقية عدة على لائحة الأكثر استيراداً للقمح عالمياً، مثل مصر والجزائر والمغرب وليبيا وتونس ونيجيريا وإثيوبيا والسودان وجنوب أفريقيا، إذ تستورد تلك الدول 80 في المائة من وارداتها من القمح وعباد الشمس من روسيا وأوكرانيا… يوجد في القارة الأفريقية كذلك الكثير من الدول الأكثر فقراً وهشاشةً فيما يتعلق بالوضع الغذائي، وتعتمد في توفير احتياجات قطاعات واسعة من غذاء سكانها على ما تقدمه برامج الإغاثة العالمية”.
وتَحول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بشكل كبير إلى الاعتماد على الحبوب الأوكرانية لإطعام المستفيدين من خدماته في البلدان التي تعاني من الصراعات والطقس القاسي، وبخاصة في أفريقيا بما في ذلك الصومال التي تأتي بين الدول الأكثر اعتماداً على البرامج الإغاثية لتوفير احتياجات مواطنيها من الغذاء.
وسبق أن حذَّر مدير برنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيزلي، في فبراير (شباط) الماضي، من أن عدم تجديد اتفاق تصدير الحبوب «سيكون كارثياً في ظل وجود ملايين على شفا المجاعة في أفريقيا».
وقال بيزلي في مقابلة مع وكالة «رويترز» على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، إن إغلاق الموانئ سيكون كارثياً، لا سيما لأفريقيا، حيث يواجه ملايين الأشخاص المجاعة، مؤكداً أن «أفريقيا هشّة للغاية في الوقت الحالي، 50 مليون شخص على شفا المجاعة»، وحذّر من أن يكون عام 2024 «الأسوأ الذي نشهده منذ مئات السنين» بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف الوقود والتضخم”.
وحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإنه من المتوقع أن يصل استهلاك القمح في أفريقيا إلى 76.5 مليون طن بحلول عام 2025، وأن تلجأ البلدان إلى استيراد 48.3 مليون طن، ما يساوي 63.4 في المائة من الاستهلاك.

#وثيقة #تكشف #استعداد #جنوب #أفريقيا #لاعتقال #بوتين #لدى #دخوله #أراضيها

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد