- الإعلانات -

- الإعلانات -

وزير التجارة التونسي السابق: سعيد أنقذ البلاد من الانحدار.. ويجب تقوية علاقاتنا الاقتصادية مع الخليج

تحدث وزير التجارة التونسي السابق، وعضو المكتب السياسي لحزب حركة الشعب التونسي، محمد مسيليني، عن إنقاذ الرئيس التونسي قيس سعيد لبلاده من الانحدار، بعدما أصبحت نموذجاً ديمقراطياً ناجحاً ظاهرياً، ومشوهاً داخلياً، بعد الالتفاف على المطالب الشعبية.

وفي حوار خاص مع «الرؤية»، أوضح كيف يمكن لتونس أن تخرج من أزماتها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، الحالية، ومطالباً بتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين تونس ودول الخليج العربي، والتعاون بشكل عام بين الدول العربية، لأن الأمن القومي والوطني لأي دولة عربية مرتبط، بحسبه، بأمن الإقليم كله.. وإلى نص الحوار :

بعد ما عرف بـ«ثورات الربيع العربي» كانت تونس النموذج الأنجح.. لكنها تعيش مرحلة سياسية مختلفة انطلقت بعد 25 يوليو 2021.. فكيف يمكن وصف ما يحدث بها الآن؟

كانت تونس تُقدَّم كنموذج ناجح ما بعد 2011، وكان النجاح يُجسَّد في قدرة التونسيين، باختلاف مشاربهم وتوجهاتهم، على إيجاد أرضية للتفاهم، ولكن في الحقيقة كان نموذجاً سليماً ظاهرياً، ومشوهاً داخلياً، لأنه كانت هناك إرادة لتقديم مثال ناجح. لكن كان هناك تشوه في الداخل، لأسباب عديدة؛ منها أولاً بداية الالتفاف على المطالب الشعبية، التي كانت المحرك الأساسي لثورة 17 ديسمبر 2010، لأن الحكومات المتعاقبة، نتيجة تحالفات بين الإسلام السياسي ممثَّلاً في حركة النهضة، وبعض حلفائها من النظام القديم، كرست مبدأ التحالف مع الفساد، فأصبح منتشراً في البلاد.

كما فشلت عملية البناء الاجتماعي والاقتصادي، ولم يبقَ في البلاد إلا عملية سياسية مفرغة من أي مضمون اجتماعي، ولا تضع على طاولة أجندتها مطالب الشعب، ومستحقات الثورة، ولذلك تطورت الأمور إلى مزيد من التطاحن، والصراع السياسي، والتدخل الأجنبي المفضوح تقريباً في كل مسالك الحياة في تونس، وتدفق المال الفاسد والخارجي، عن طريق الولاءات الداخلية لبعض الأطراف الإقليمية والدولية، ما أدى إلى أن العملية السياسية بحد ذاتها شهدت انسداداً، كان يهدد الاستقرار، ومؤسسات الدولة، ولذلك حصل ما حصل في 25 يوليو 2021، والذي كان عملية تراكمية لنضالات متعددة منذ 2012، وكان لرئيس الدولة، السيد قيس سعيد، الجرأة، والإرادة، والشجاعة، لأنه أنقذ البلاد من مزيد من الانحدار نحو الأسفل.

هل يستطيع سعيد العبور بالبلد إلى الاستقرار وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها؟

الرئيس وضع جملة من الإجراءات، للعودة إلى الحياة الطبيعية؛ من خلال مراجعة الدستور ومنظومة الانتخابات، وتنظيم انتخابات تشريعية خلال سنة، في يوم 17 ديسمبر 2022، ولكن أعتقد أن هذا لا يكفي، لأن البلاد تعيش وضعاً اقتصادياً واجتماعياً صعباً. فالناس يرون النور في آخر النفق، ويرون أن هذه الحكومة تختلف عن الحكومات السابقة، وأن هذا الحكم الجديد يختلف عن 10 سنوات من المعاناة، ولذلك فالحكومة يجب أن تقوم، من خلال قوانين المالية، والإجراءات الاقتصادية والاجتماعية، التي ننتظر صدورها، بجملة من الإجراءات، لتحسين وضعية الطبقات الاجتماعية، والشرائح الضعيفة والمتوسطة، ولذلك فالرئيس مطالب بالقيام بعملية مشاركة مع الأطراف السياسية، والاجتماعية، والمدنية، التي ساندت مسار 25 يوليو، ونطلب توجهاً عاماً يشعر الشعب من خلاله بأن هذه السلطة والحكومة تختلف عن السلطات والحكومات التي شهدناها منذ 10 سنوات.

بعد حلِّ البرلمان، لا تتوافر تونس على موازنة لعام 2022 ولا 2023.. ألم يكن ممكناً تنظيم الانتخابات التشريعية مبكراً لتفادي هذه المشاكل؟

أعتقد أن المسألة غير ممكنة لاعتبارات عديدة، لأن كَمَّ الخراب الذي طال مؤسسات الدولة في كل مستوياتها؛ المؤسسة الأمنية، والعسكرية، والقضائية، والإدارة، وكل مؤسسات الدولة، يتطلب وقتاً كثيراً، من أجل عودة هذه المؤسسات إلى نشاطها الطبيعي على الأقل. وأنا لي تجربة في هذا المجال، وكنت وزيراً للتجارة، وأعرف جيداً مداخل الدولة والإدارة، علاوة على أن الرئيس قرر استشارة الشعب في ما يتعلق بكل التعديلات الدستورية، والشعب سيكون صاحب الكلمة الأخيرة، من خلال الاستفتاء الشعبي، لأنه لا يمكن أن تنظم انتخابات بنفس المنظومة الانتخابية السابقة، التي يتداخل فيها الإعلام، والمال الفاسد، ما أدى إلى تمكين الفاسدين، والمهربين، والملاحقين قضائياً، من أن يكونوا في مجلس النواب.. وقد يكون الوقت طويلاً، ولكن تلك هي الوضعيات الاستثنائية، بعد 10 سنوات من التخريب والخراب.

وفي ما يتعلق بالموازنة، فالرئيس ترأس اجتماعاً لمجلس الوزراء، الخميس 23 ديسمبر، للنظر في مشروع الموازنة، الذي سيصدر بمرسوم، كما أن الرئيس يستطيع أيضاً أن يصدر موازنة عام 2023 بمرسوم، بما أنه سيكون لا يزال يتحكم إلى غاية ذلك التاريخ في السلطة التشريعية، وأعتقد أن ذلك لا ضرر فيه، وهو ممكن حتى من خلال الدستور القائم.

كيف هي التوجهات الشعبية اليوم في تونس؟ هل يمكن أن نشهد تصدر حركة النهضة للانتخابات المقبلة؟

أولاً، حسب استطلاعات الرأي، وحسب ما نراه في الشارع، فهناك التفاف كبير إلى حد الآن حول قرارات الرئيس، وهناك ثقة كبيرة جداً فيه، وآخر أرقام الاستطلاعات تقول إنه لو تقدم الآن إلى الانتخابات، فسيفوز بأكثر من 80% من الأصوات، وهذا مريح كثيراً، وقليل أن نجده في أية ديمقراطية، وهناك تراجع كبير لحركة النهضة، علاوة على مشاكلها وصراعاتها الداخلية، ولا يمكن أن تتصدر المشهد السياسي في المستقبل، لأنها خرجت من قلوب التونسيين، قبل أن تخرج من السلطة، نتيجة 10 سنوات كانت مسؤولة خلالها مسؤولية مباشرة عن كل هذا الكم من الخراب، الذي عاشته البلاد.

ومن جهة أخرى، نجد عزوفاً عن كل الأحزاب السياسية، وهذا خطر يهدد أية ديمقراطية، ولذلك فالمسؤولية ملقاة على الأحزاب، لكي تثبت مرة أخرى أنها ليست كلها متساوية، وليست كلها منخرطة في منظومة الفساد، وعليها أن تقنع الشعب بوجودها، وتعود إلى الساحة، وتعود إلى قدرتها على حشد الناس من أجل أن تكون في صفها.

كيف تابعتم تفاعل الدول الإقليمية والعربية مع أحداث تونس الأخيرة؟

نحن دعاة وحدة، وأخوة، ومصلحة قومية، قبل أن نكون دعاة صراع، وأتمنى من الإخوة العرب أن يقفوا إلى جانب تونس في هذه الظرفية الصعبة، وأن يساعدوها، ويحموا مصالحها، ولا أرى أي مبرر لاتهام بعض الدول العربية بأنها هي من تقف وراء ما يجري في تونس، لأن ما يجري تقف وراءه وضعية تونسية، وقرار تونسي، قد يؤخذ بعين الاعتبار الوضعان الإقليمي والدولي.

لكن لا يمكن أن يكون المعطى الدولي والإقليمي هو الفاعل الرئيسي في ما يجري، ولذلك نحن كنا نقول دائماً للذين يتهمون دولاً عربية بوقوفها وراء هذا العمل أو ذاك، كفوا عن هذا الجدل العقيم، وأن هذا نتيجة لفشلكم في الداخل لا أكثر ولا أقل، ومع ذلك تونس تمر بوضعية ليست سهلة، وننتظر من الإخوة، خاصة في الخليج، أن يكونوا إلى جانب الشعب التونسي، لأن فشل هذه التجربة سيؤدي إلى الفوضى والمجهول.

وأغلب البلدان والأقطار العربية تفاعلت إيجابياً مع ما أقدم عليه رئيس الجمهورية من إجراءات يوم 25 يوليو، ولم نسمع انتقاداً أو عداء واضحاً.

تعيش تونس حالياً وضعاً صعباً على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. ما الذي أوصل البلاد إلى هذا الوضع؟

طبعاً هناك جانب موروث من قَبل ثورة 17 ديسمبر، ومع النظام بعد الثورة، والفشل الذريع الذي جسدته حركة النهضة وأتباعها، لم نرَ أي إصلاح اقتصادي واجتماعي، واستهلكت حتى المؤسسات التي كانت موجودة، إلى جانب اتفاقيات شراكة غير مفيدة لتونس، أو اتفاقيات تجارية، والتوريد العشوائي، والفوضى العارمة في ما يتعلق بالاقتصاد الموازي، وارتباطه بالتهريب، وبعصابات التهريب، ما أثر سلبياً على موارد الدولة، فكان اللجوء إلى الاقتراض، وأصبح مستوى الدين يتجاوز 100 % أو 110 % تقريباً من الناتج الوطني، ما أدى إلى هذا الوضع الاقتصادي الصعب، وتراجع الخدمات المقدمة للمواطنين.

وهناك كثير من المؤسسات التي تعاني إشكاليات، علاوة على أنه لا يوجد منذ سنوات برنامج استراتيجي في كثير من القضايا الحيوية؛ مثل الماء، والطاقة، والصحة، والتعليم، والزراعة، التي كانت ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي، إضافة إلى هجرة العقول لأن البلاد في بعض الحالات لم تعد جاذبة، ومستوى العيش فيها لم يعد جاذباً، وبالتالي أعتقد أننا في حاجة إلى مشروع وطني استراتيجي.

كيف هو التعاون الاقتصادي والتجاري بين تونس ودول الخليج حالياً؟

ما زال محدودا، وأدى إلى ذلك الذين حكموا تونس وارتباطهم بالمحاور الإقليمية، ودعمهم لحركة الإخوان في المنطقة، علاوة على أنه يبدو أن الرئيس الراحل باجي قائد السبسي، كان طرفا أيضا في هذا الموضوع، ولكن العلاقات هذه يمكن الآن أن تتطور ونتمنى أن تتعدل الأمور في المرحلة المقبلة. فتونس لا مصلحة لها أن تكون في أي محور من المحاور، بل مصلحتها أن تكون طرفا وفاقيا مع كل الأقطار العربية، ولكن الرعونة السياسية للإخوان في المنطقة، ومحاولتهم السيطرة على الإقليم، أدى إلى زرع حالة من الريبة حول العلاقات مع الكثير من الأقطار العربية، وأتمنى من الرئيس سعيد أن يسعى إلى تجاوز هذا الموضوع.

هل تقصد أنه يجب السير نحو تقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تونس ودول الخليج؟

طبعاً.. نحن مع تقوية هذه العلاقات، وفرص الاستثمار في تونس ممكنة، وتونس بلد جميل، ويمكن أن يتحسن أكثر، وأعتقد أنه لا بد أن نعمل دائماً على إخراج الجانب الاقتصادي من الجانب السياسي، والاقتصاد يجب أن يُوحِّد من تفرق بينهم الخلاقات السياسية، وهذه مصلحة للجميع.

والتجارة البينية بين الأقطار العربية، التي تجمعها اتفاقية أغادير، أو اتفاقيات في إطار الجامعة العربية، أو الاتفاقيات المشتركة الثنائية بين الدول، ضعيفة جداً إلى حد الآن، وبالإمكان عن طريق الجامعة العربية، أو عن طريق اتفاقية أغادير التي تضم مجموعة من الدول العربية، وعن طريق الاتفاقيات المشتركة، تحويل هذه المنطقة إلى منطقة تنمية ونمو مشترك لمصلحة الجميع.

وأعتقد أن الأمن القومي والأمن الوطني لأية دولة عربية مرتبط بالضرورة بأمن الإقليم، وليس أمامنا من حل إلا التعاون، وتوقيع اتفاقيات مشتركة تنمي هذه المنطقة، لأن الطاقات الأحفورية غير دائمة، ولذلك لا بد من التفكير في مسائل تفيد الجميع، وتجعل ثروات، ومكتسبات، ومقدرات، هذه الشعوب تعود بالفائدة عليها، ونحن في النهاية عرب وسنبقى عرباً.

#وزير #التجارة #التونسي #السابق #سعيد #أنقذ #البلاد #من #الانحدار #ويجب #تقوية #علاقاتنا #الاقتصادية #مع #الخليج

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد