وضعيات المؤسسات الإعلامية المصادرة تفاقم أزمة قطاع الإعلام في تونس | خالد هدوي

والمؤسسات الإعلامية المصادرة هي التي كانت على ملك أقرباء الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وأعضاء مقربين من نظامه، صادرتها الدولة إلى جانب باقي أملاكهم، وفشلت الحكومات المتعاقبة إلى اليوم في تسوية وضعياتها أو التفويت فيها للخواص.

وتتهم أطراف نقابية السلطات التونسية بالتخلي عن مسؤولياتها وعدم اكتراثها بمشاكل قطاع الصحافة والمؤسسات الإعلامية وحقوق الصحافيين بما فيها خلاص الأجور، علاوة على المستحقات الاجتماعية.

أميرة محمد: لا بدّ من محاسبة كل من أوصل شركة كاكتوس إلى الإفلاس

وأفادت أميرة محمد، نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، بأن “المطلب الأساسي من الاحتجاج هو خلاص مستحقات الصحافيين في مؤسسة كاكتوس برود لمدة سبعة أشهر وغياب التغطية الاجتماعية، فضلا عن توضيح مستقبل مؤسسة إذاعة ‘الزيتونة للقرآن الكريم’ وخلاص أجور العاملين فيها”.

وأضافت في تصريح لـ”العرب”، “مؤسسة كاكتوس تضم 150 عائلة ومصيرها مهدد، وهناك شبهات فساد من مسؤولين تتعلق بسوء التسيير وإبرام عقود، علاوة على طريقة التعاقد والانتدابات، ولا بدّ من محاسبة كل من أوصلها إلى الإفلاس”.

وتابعت قائلة إن “مصير إذاعة الزيتونة غير واضح، ومشاكلها المادية تتزايد، وجلّ المؤسسات الإعلامية مهددة في ديمومتها مع وضعيات صعبة للصحافيين، على غرار إذاعة ‘شمس.أف.أم’ و’دار الصباح’، ومن واجب الدولة أن تنظر في وضعيات هذه المؤسسات”.

وأشارت إلى أن “الدولة عموما لا تريد فتح ملف الإعلام، ولكن عليها أن تتحمل مسؤوليتها عن توضيح الرؤية بخصوص هذه المؤسسات”.

وعادت مسألة تعاطي الحكومة مع وسائل الإعلام المصادرة إلى الواجهة إثر صدور تعيينات في مراكز إدارية عليا في البعض منها مثيرة جدلا بشأن جدية الدولة حيال هذا الملف والأهداف غير المعلنة التي يمكن أن تخفيها هذه القرارات التي اعتبرها البعض بداية لمرحلة جديدة تهدف إلى ترويض المنابر الإعلامية وإخضاعها إداريًا و تجفيف منابعها المالية.

نصرالدين النصيبي: ملف الإعلام معقد جدا ويتطلب مشاورات واسعة وحيزا من الزمن

وتعتبر “دار الصباح” من أعرق المؤسسات الإعلامية التونسية، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1953 وتصدر ثلاث صحف، اثنتيْن يوميّتيْن وواحدة أسبوعية، وتعاني من فوضى غير مسبوقة.

كما تعاني مؤسسة “كاكتوس برود” من تردي الأوضاع الاجتماعية والإدارية حيث لا يتمتع الصحافيون والعاملون فيها بالتغطية الاجتماعية مع عودة المضايقات والتوعّد بالطرد التعسفي لمجرد الاختلاف في الآراء مع المتصرف القضائي، إضافة إلى غياب الشفافية في طريقة التعيينات في مؤسسة مصادرة تحت إشراف الدولة.

والمتصرف القضائي هو مدير عام يُعيّنه القضاء للإشراف على المؤسسات المصادرة، لأنّه لم يتم الحسم في وضعيّتها القانونيّة بعد عملية المصادرة.

أما إذاعة “الزيتونة للقرآن الكريم” فتعاني هي الأخرى من فوضى تسيير العمل، وتم الاتفاق في وقت سابق بين النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) على إلحاقها بالإذاعة العمومية (الرسمية)، لكن ذلك لم يتحقق.

وتستنكر وجوه إعلامية تواصلَ سياسة المماطلة بشأن الملف من قبل السلطات، ودعت إلى ضرورة إيجاد حلول له عبر فتح باب حوار هادف.

وليد بورويس: هناك 150 صحافيا وموظّفا يعيشون وضعيات كارثية

وقال وليد برويس (صحافي ورئيس تحرير بشركة كاكتوس برود) إن “الوقفة الاحتجاجية كانت تحت شعار (من حقي نعيش)، والمؤسسة متوقفة عن العمل منذ ستّة أشهر بعد وضع تجهيزاتها في المزاد العلني، وهو ما جعل إمكانية مواصلة العمل بها مستحيلة”.

وأضاف لـ”العرب”، “هناك 150 صحافيا وموظّفا وضعيتهم كارثية ويعانون من مشاكل سكن وديون مع البنوك”، موضّحا “نفذنا وقفات احتجاجية سابقة، ولكن قوبلت بالتسويف والمماطلة، ولا وجود لنية حقيقية لفتح هذا الملف”. وأشار إلى أنهم “ينفذون الوقفة الاحتجاجية اليوم لمطالبة كل من رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة بحقوقهم الأساسية كمواطنين والمتمثلة في الراتب الشهري، لاسيما وأن الدولة تملك نسبة 51 في المئة من رأس مال الشركة، وتسبب في خرابها المسؤولون الذين عينتهم الدولة على رأسها”. وأكّد أن “السلطة الحاكمة تريد أن تظلّ هذه المؤسسات في وضعيات هشّة، ومازلنا فاتحين باب الحوار، لكن الدولة ستفاوض الصحافيين في حقوقهم، وهذا أمر مؤسف في قطاع يضم 2600 صحافي فقط”.

ولاحظ بورويس أن “إعدام المؤسسة الصحافية هو إعدام للصوت الحرّ، لكن لدينا ثقة في القضاء وسنلتجئ إلى التصعيد في الاحتجاجات إذا لم تفتح السلطات هذا الملف”.

في المقابل قال الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير التشغيل والتكوين المهني نصرالدين النصيبي “سيتم قريبا جدا عقد جلسات بين الأطراف المعنية لإيجاد حل جذري للمؤسسات الإعلامية المصادرة”. واعتبر أن “ملف الإعلام معقد جدا ويتطلب مشاورات واسعة وحيزا من الزمن”.

ومطلع مايو الجاري أعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” الدولية تراجع تونس في التصنيف العالمي لحرية الصحافة 21 نقطة، لتحتل المركز 94، بعد أن كانت في المرتبة 73 خلال عام 2021.

#وضعيات #المؤسسات #الإعلامية #المصادرة #تفاقم #أزمة #قطاع #الإعلام #في #تونس #خالد #هدوي

تابعوا Tunisactus على Google News
[ad_1]

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد