- الإعلانات -

- الإعلانات -

يعودون في تونس للبذور الأصيلة – الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

[تونس] في منطقة عين الكرمة بولاية توزر جنوب تونس، المعروفة بطقسها الصحراوي الجاف، وفي مشهد غير مألوف، حصد الفلاح عمر الأحمدي في بداية شهر نوفمبر الماضي محصوله من القمح المزروع من بذور تونسية أصلية.

الأحمدي يعمل ضمن مجموعة من المزارعين التونسيين على إعادة استخدام البذور المحلية، في الوقت الذي يهيمن فيه استخدام البذور الهجينة والمستوردة على النشاط الزراعي في تونس.

جاءت تلك المبادرة من الخبير الفلاحي حسن الشتيوي، الذي يعمل منذ أكثر من 25 عامًا على جمع ما ندر من البذور المحلية للحبوب من أماكن مختلفة، وإتاحتها لمجموعة من الفلاحين، حتى صار لديه اليوم ”أكثر من 50 صنفًا من البذور التونسية، بعضها نادرٌ جدًّا“، على حد قوله لشبكة SciDev.Net.

وانضم إلى الشتيوي عددٌ من الخبراء والفلاحين المتحمسين، وكوَّنوا فريقًا لاستعادة البذور الأصلية مكانتها في المشهد الزراعي بتونس، بعد عقود من هيمنة البذور الهجينة والمستوردة.

قام الفريق بحملات لتوزيع تلك البذور مجانًا على مئات الفلاحين في مختلف المناطق، كان آخرها مهرجان البذور الأصلية الذي أقيم في مدينة تَمَغْزَة جنوبي تونس حيث جرى توزيع 200 كيلوجرام من هذه البذور.

يقول الشتيوي لشبكة SciDev.Net: ”أثبتت البذور قدرتها على مقاومة الآفات وتحمُّلها للجفاف إلى جانب مردوديتها العالية، ما يُسهم في تحقيق الأمن الغذائي بالبلاد“.

ويستطرد: ”وكانت عملية الحصاد تتويجًا للمرحلة الأولى من تجربة زراعة 10 أصناف من البذور المحلية للقمح والشعير والذرة، على مساحة ألف متر مربع في بداية شهر أغسطس الماضي“.

”وشمل الحصاد محصول ثلاثة أنواع بعد اكتمال نموها في أقل من أربعة أشهر“، وفق الأحمدي.

”نتائج التجربة الأولى كانت مشجعةً جدًّا، لقد أثبتنا أن البذرة التونسية قادرة على الاستجابة للعوامل المناخية والإنتاج بمردودية عالية دون استخدام أي نوع من الأسمدة الكيميائية“.

يؤكد الشتيوي أن ”الهدف من التجربة كان حصاد القمح مرتين في السنة بعملية بَذر واحدة، مرة في شهر نوفمبر ومرة في موسم الحصاد العادي في يونيو“.

الحصاد في نوفمبر يتم قبل جفاف النبتة كليًّا، وذلك حتى يتمكن الجذر من النمو من جديد بعد سقيه، لينتج سنابل جديدة تُحصد في بداية الصيف الموالي.

يقول الصادق الهمامي، أحد الفلاحين الذين اقتنوا البذور الأصلية مجانًا، وأصبح يعتمد عليها كليًّا في زراعة حقله: هذه البذور الأصلية ”تتميز بقدرتها على التأقلُم مع جميع أنواع التربة وبتحمُّلها لقسوة المناخ، إضافةً إلى كونها أقل تعرُّضًا للأمراض الفطرية“.

ويضيف الهمامي لشبكة SciDev.Net: ”الأصناف التونسية الأصلية تتميز عن الأصناف الأخرى بمردودية تتراوح بين 40 و50 قنطارًا في الهكتار الواحد مقابل 30 إلى 40 قنطارًا للبذور الهجينة أو المستوردة، مع حاجة الأخيرة إلى تكاليف إضافية تتعلق بالمواد الكيمائية لمقاومة الفطريات والأعشاب الطفيلية“.

وأغلبية الأصناف المحلية القديمة معروفة بتأقلمها الجيد مع التربة والمناخ بتونس، كما يقول بوزيد نصراوي، أستاذ علم الأمراض الفطرية للنبات في المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بجامعة قرطاج في تونس، إذ يشير إلى أنها تتحمل حرارة الطقس وبرودته ونقص المياه وفقر التربة، وتقاوم بكفاءة عديد الأمراض والآفات الزراعية.

ويرى نصراوي -وهو أيضًا نائب رئيس الجمعية العربية لوقاية النبات- أن هذه الأصناف ”يمكن أن يستغلها الفلاح الصغير أو المتوسط الذي تكون تربته فقيرة أو لا يقدر على توفير كميات كافية من الماء لريها“.

في الماضي، كان إنتاج تونس من الحبوب يحقق لها فائضًا يزيد عن حاجتها في بعض السنوات، عندما كانت تعتمد زراعة البذور الأصلية.

”وقد وصل في ثمانينيات القرن الماضي إلى 30 مليون قنطار، لكنه تراجع حاليًّا مع مواصلة اعتماد البذور الهجينة إلى مستوى أقصاه 24 مليون قنطار، وقد يتدنى أحيانًا إلى 8 ملايين فقط“، وفق الشتيوي.

تعتمد زراعة الحبوب في تونس على البذور المحلية المحسَّنة في المختبرات والمستوردة، وتستورد البلاد ثلثي احتياجها تقريبًا من الحبوب من الخارج، في ظل تذبذُب الإنتاج المحلي نتيجة العوامل المناخية، وفق المرصد التونسي للفلاحة.

وبعد أن منعت وزارة الفلاحة التونسية في أبريل الماضي المزارع حافظ كرباعة -أحد رواد إنتاج البذور الأصلية للخضراوات والحبوب- من توزيعها، أعلنت اعتزامها وضع خطة عمل للنهوض بقطاعات البذور الممتازة للحبوب.

وتعتمد الخطة على تحديث الإطار القانوني للمحافظة على البذور الأصلية التونسية والتنوع البيولوجي والموروث الجيني، مع أخذ تحقيق الاكتفاء الذاتي بعين الاعتبار، وفق بيان للوزارة صدر في شهر أغسطس الماضي.

من ناحيته، سيعمل الفريق في مرحلة تالية على توسيع نطاق تجربته، على أمل أن يُسهم ذلك في تحقيق الأمن الغذائي بتونس ويحد من حاجتها إلى استيراد بذور دخيلة، في ظل الأزمة الغذائية التي يشهدها العالم اليوم، بسبب حرب الروس والأوكران التي أغلقت ’دائرة النار‘ حول المنطقة.

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

#يعودون #في #تونس #للبذور #الأصيلة #الشرق #الأوسط #وشمال #أفريقيا

تابعوا Tunisactus على Google News

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد